[عبـد الرضا]

عرِّجِ بحزنكَ لطوسٍ قاصداً غريبها ... حيث إليها أقصي عن موطنِ الأحبابِ

وثير الدمع من مقلةٍ لكَ فإنهُ بها قضى ... بسمِّ مأمونِ الشرورِ برمانٍ مزجهُ خالط الأكوابِ

فلقد سقاههُ من جملة ما سقاه من لوعة الدهر والسبا ... يريد به الفتكَ بعد لمةِ المحبين حولهُ والأنجابِ

لما دعاهُ عن أهلهِ مدبراً مكائد الغيظ لمةً ... فيبعدهُ عن أحبتهِ في طيبةً وعن الأهلِ والأقرابِ

فجاؤوا بهِ مرغماً عالماً في خفايا الأمور إلا أنهُ ... لأمر الله سلمَّ التسليمَ والرضا رافعاً عن أهلهِ غمة العذابِ

فتجمع الناس حوله من كل فجٍّ يبايعوهُ سَلماً ورضا ... فكان الرضي المرتضى من قبلِ الأعداءِ والأصحابِ

وكال ابن هاون في مكيال أبيه لما رأى الناس حول ابن محمدٍ ... تجمعوا تحت لواهُ للعلم منهُ غرفاً وفي مدرسةِ تقاهُ طلابِ

فقامَ يحيك الشر في خيط المكرِ والدهى فدهى ... لأعوانهِ اغتيال ابن موسى إثر انشغاله الصلاة وإمامة الناس في المحرابِ

فتعطل المكر ورد الكيد لمكيدهِ فانثنى الرجسُ باحثاً ... عن حيلةٍ أخرى فلم يجد غير السمِّ يدسهُ في الشرابِ

فدعا ابن محمدٍ إليه وقدمَ له الرمانَ بعد عصره فأعصر القضا ... وعصرَ الكبد الشريف عصيرهُ وخرَّ قتيلاً بهِ وعند الله الإحتسابِ

فهاجت طوسٍ بما بها تنعى الإمامَ وتلطم الرأس على ... وديعةِ أحمدٍ عندها وعلا من أفنية ديارها البكاءَ والإنتحابِ

وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى ... ليوراي الجسد الشريفِ في لحدِ الترابِ

فصلى عليه والعيون حولهُ كدرها ال ... ثم غاب عن الأبصارِ وعاد من حيث المآبِ

فقام المأمونُ يكمل غيهُ فوارى الهدى جنب الضلال ... أيا أسفي وهل تستوى الظلمة والنور في الإنتسابِ

حكم الظلامُ بظلمهِ على نور التقى وبرغم المغيب ... هذا ذكرهُ حيٌّ يختلج القلوبَ ويستهابِ

لكنَّ في الأخرى محكمة الإلهِ فيها يدلى ... بين الظالم والمظلوم حكم عدلٍ وفصل الخطابِ

يا أسفاهُ على نجمٍ في أرض الظلامِ طلعَ من وراء النور ... ليهدي القلوبُ فاغتيلَ نورهُ وأثكلوا بقتلهِ أم الكتابِ

مرضاة النفوس ومراثي في غريب طوس
لــ خادم الزهراء
إبراهيم قبلان العاملي
أيام الأحزان من ذي القعدة 1431 هجرية

عظم الله أجوركم بهذا المصاب الجلل


لا تنسونا من صالح دعائكم

يــــــ زهراء ـــــــا مـــــــدد