هذا، ولا ننسى الذين تأثروا ** درب الجهاد، وقد مضى الشهداء
نهضوا لإحدى الحسنيين يقودهم ** حامي الحمى؛ والعزة القعساء
أنعم بنصر اللَّه إن أباه من ** أخذ اللواء، وأمَّه الزهراء
نادى: إليَّ، فأقبلوا للتو، لم ** يقعد بهم ريث ولا إبطاء
أللَّه أيدهم، وأنجز وعده ** بالانتصار، فكان كيف يشاء
يا لَلْفوارس حين جالوا في الوغى ** بخيول ثأر ضمَّختها دماء
قدموا على متن الخطوب، وأسرعوا ** من كربلاءَ، فمن هنالك جاؤوا
لبنانُ يا وطني الحبيبَ، تحي ** ومودة لا تنقضي ودعاءُ
يوم انتصارك للقلوب محجة ** ولكل مظلوم هوىً ورجاء
عادت كرامات الأُلى، واسترجعت ** آمالنا، والرتبة العلياء
فعلى الوجوه، وفي القلوبِ مَسَرَّة ** وبكل نفس عز وإباء
يومٌ من الأيام لكنْ ذكرُه ** متواصل، متواتر، معطاء
الوردُ، يومَ الانتصار، مُجرر** قد فُتِّحتْ أكمامه البيضاءُ
فاحت روائح عطرها تلك الربى ** وتكلمت آياتها العجماء
وربوعها للفاتحين تهيأت ** وأزيَّنت جناتها الفيحاء
أنّى ذهبت رأيت عرساً قائماً ** زُفَّت به لعريسها الحسناء
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله ** عرساً، فضِحْك تارةً، وبكاء
يا يومَ تحرير الجنوب، فإنّه ** شمس توهج نورها، وضياء
رفعت قيود الاحتلال، وحُطمت ** أغلاله، وتحرر السجناء
والأرض عادت بعد طول غيابها ** والمبعدون إلى الديار أفاؤوا
تتواصل البشرى به من قرية ** لمدينة، وتزغرد الأنحاء
سالت شعاب جنوبنا من بعدما ** شحَّت منابعها، وغيض الماء
فاليومَ، عرسُ الانتصار ومنتدىً ** في ظله يتنافس الشعراء
هل بعد فرحتنا به من فرحةٍ ** أو بعد أمنية هناك رجاءُ
لم يرحلوا طوعاً، ولكنْ بعدما ** عصفت بهم وتوالتِ الأنواء
دخلوا علينا قادمين لنزهة ** وتراجعوا عنا وهم أشلاء
خفَّ العدو إلى الفِرار، وجيشه ** قد أثقلته هزيمة نكراء
أدركت منه الثأر يوم فراره ** يعدو، ويلهث خلفه العملاءُ
فليخرجِ المحتل من باقي الثرى ** أولا، فهذا الموت والبأساء
الفاتحة لأرواح شهداء المقاومة الإسلامية
