عاجل العصاة لكان البرهان على قدرته اوضح ، والامر في نهيه اوكد ، والحجة في قبح خلافه ابين ، ولكان بذلك الخلق عن معاصيه ازجر ، وان لم يجب ذلك عليه ولا في حكمته وتدبيره لعلمه بالمصلحة فيه على التفضيل ، فالقول في الباب الاول
مثله على انه لا معنى لظهور الامام في وقت يحيط العلم فيه بأن ظهوره منه فساد ، وانه لا يؤول إلى اصلاح ، وانما يكون ذلك حكمة وصوابا إذا كانت عاقبته الصلاح . ولو علم

ان في ظهوره صلاحا في الدين مع مقامه في العالم أو
هلاكه وهلاك جميع شيعته وانصاره لما ابقاه طرفة عين ، ولافتر عن المسارعة ، إلى مرضاة الله جل اسمه ، لكن الدليل على عصمته كاشف عن معرفته لرد هذه الحال عند ظهوره في هذا الزمان بما قدمناه من ذكر العهد إليه ، ونصب الدلائل والحد والرسم المذكورين له في الافعال .
فقال : لعمري ان هذه الاجوبة على الاصول المقررة لاهل الامامة مستمرة ، والمنازع فيها - بعد تسليم الاصول - لا ينال شيئا ولا يظفر بطائل .
فقلت : من العجب انا والمعتزلة نوجب الامامة ، ونحكم بالحاجة إليها في كل زمان ، ونقطع بخطا من اوجب الاستغناء عنها في حال بعد النبي (

) ، وهم دائما يشنعون علينا بالقول في الغيبة ومرور الزمان بغير ظهور امام ، وهم انفسهم يعترفون
بأنهم لا امام لهم بعد أمير المؤمنين (

) إلى هذا الزمان ، ولا يرجون اقامة امام في قرب هذا من الاوان ، فعلى كل حال نحن اعذر في ( القول بالغيبة ) واولى بالصواب عند الموازنة للاصل الثابت من وجوب الامام ، ولدفع الحاجة إليها في كل أوان .