|
أديب وشاعر
|
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
صفوان بيضون
المنتدى :
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
إضاءات قرآنية ( د لبيب بيضون )
بتاريخ : 10-Mar-2011 الساعة : 06:18 PM

اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
إضاءات قرآنية
(2) الفرق بين ( الآل ) و ( الأهل ) :
الأهل : الأقارب والعشيرة ، وقد تدخل الزوجة . وأهل البيت : الذين يسكنون البيت .
وشرط أن تعتبر الزوجة والابن مِن الأهل أن يكونا مؤمنَين ، فإذا كفرت الزوجة أو الابن خرجا مِن كونهما مِن الأهل . وخير مثال على ذلِكَ ( كنعان ) الذي ربّاه نوح (ع) حين تزوج مِن أمه ( واغلة ) ، فعندما كفر لم يعتبره القرآن مِن أهله . قال نوح : { ربِّ إنّ ابني مِن أهلي ، وإنّ وعدَك الحقُّ وأنت أحكم الحاكمين } فأجابه سبحانه بقوله : { يا نوحُ إنه ليس مِن أهلك ، إنه عملٌ غير صالح ... } . ومثله أبو لهب عم النّبي ، فحين كفر خرج عن كونه مِن أهل النّبي (ص) ، بينما سلمان فقد اعتبر مِن أهل البيت لشدة إيمانه وإخلاصه . يقول الشاعر :
لعمرك ما الإنسان إنْ يَدْنُ دينه !
فلاتتركِ الإسلام اتكالاً على النسبْ
لقد رفع الإسلامُ سلمانَ فارسٍ
وقد خُصّ بالجهل النسيبُ أبو لهب
ويقول أبو فراس الحمداني في قصيدته الميمية ( الشافية ) :
كانت مودة سلمان لنا رحماً
ولم يكن بين نوح وابنه رحمُ
أما لفظة ( الآل ) فلها معان مختلفة ، وفق المجال الذي تطبّق فيه . ففي البيت آل الرجل أسرته وأهله الذين يسكنون معه . وفي الحيّ آل الرجل أقرباؤه وأصحابه الذين يلوذون به ، وفي المنطقة آله عشيرته . وقد يمتد معنى ( الآل ) ليشمل الأتباع والأنصار .
ويتعين معنى ( الآل ) مِن السياق الذي يحدّد المجال الذي يطبَّق فيه . ولتوضيح المعنى نضرب مثالين مِن آيتين :
الأولى : قوله تعالى : { إنّ اللهَ اصطفى آدمَ ونوحاً وآلَ إبراهيمَ وآلَ عمرانَ على العالمين } " آل عمران 33 ". فقد ذُكر في الآية آل إبراهيم وآل عمران ، ولما كان سياق الاصطفاء للأنبياء يتكلم عن ذرية معينة وقع عليها الاختيار مِن الله تعالى ، دلّ ذلِكَ على أن الآل المذكورين في الآية هم الأبناء والأحفاد مِن الذرية على وجه التخصيص ، وليس معنى آخر .
الثانية : قوله تعالى : { إنما يريد اللّـهُ لِيذهبَ عنكمُ الرِّجسَ أهلَ البيت ، ويطهّركم تطهيراً } " الأحزاب 33 " . فعندما نرجع إلى أسباب نزول هذه الآية ندرك أنها نزلت في خمسة أشخاص محددين ضمّهم كساء النّبي (ص) هم : محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (ع) . وكانت الحادثة في بيت أم سلمة ، فلما استأذنتْ بالدخول معهم قال لها النّبي (ص) : اذهبي أنت إلى خير . وكانت أم سلمة مِن أخلص نساء النّبي (ص) بعد خديجة (ع) . مما يدل على عدم دخول نساء النّبي في آية التطهير ، وإن كانت الآية موضوعة بين الآيات التي نزلت في تهديد نساء النّبي بالطلاق إن هنّ لم يطعن الله ورسوله .
والمتتبع لحقيقة اصطفاء الأنبياء يرى أن المقصود ( بالآل ) فيها هو السلالة والذرية على نحو التخصيص دون الأتباع أو الأصحاب . يقول تعالى : { إنْ اللهَ اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمرانَ على العالمين * ذرّيةً بعضها مِن بعض ... } . وقوله { ذرية } يدل على أن مقصوده بالاصطفاء هو النسل المتصل . وما آية التطهير إلا استمرار لمعنى الآية السابقة ، لأن النّبي محمّد (ص) هو مِن آل إبراهيم ، وعترته هم مِن نفس الذرية المصطفاة ، ولأن الآية تتكلم عن التطهير الذي هو شرط الاصطفاء . ومعنى الآية أن الله اختار ذرية متصلة معينة مِن كلّ ذريات البشرية ، لحمل مقاليد الأمانة والرسالة ، وهي الذرية ذات الأفضلية على غيرها ، وهي تبدأ بآدم ثمّ نوح ثمّ إبراهيم ونسله ، ثمّ محمّد ونسله ، وهي شجرة نسَبيّة متصلة ، لذلك قال تعالى { ذرّيةً بعضها مِن بعض } . وواضح مِن هذا المفهوم أن زوجات الأنبياء لا علاقة لهم بهذا الاصطفاء ، فقد يكنّ مؤمنات وقد يكنّ كافرات . ومن هذا المنطلق بعينه كانت زوجة نوح كافرة ، وزوجة لوط كافرة ، فضرب اللّـهُ بهما المثل على الكافرات ، في قوله تعالى { ضربَ اللّـهُ مثلاً للّذين كفروا امرأةَ نوح وامرأة لوط ، كانتا تحت عبدَين مِن عبادنا صالحَين فخانتاهما ، فلم يُغنيا عنهما مِن الله شَيْئاً ، وقيل ادخلا النار مع الداخلين } " سورة التحريم 10 ".
وفي هذا بيان أن زوجة النّبي إذا أخطأت لا يخفِّف مِن عقوبتها كونُها زوجة للنبي ، بل يزيد ذلِكَ مِن إثمها وعقوبتها ، كما أن ضلال الزوجة وكفرها لا يوهن من قيمة النّبي ونزاهته ، فكل شخص يحاسب عن نفسه ، واللّـهُ يقول :
{ كلّ امرئ بما كسب رهين } " المدثر 38 ".
... يتبع ..
|
|
|
|
|