هل كان النبي (ص) أُمياًّ؟ - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: القرآن الكريم والعترة الطاهرة صلوات الله عليهم :. ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام

إضافة رد
كاتب الموضوع خادم الزهراء مشاركات 1 الزيارات 2227 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

خادم الزهراء
الصورة الرمزية خادم الزهراء
.
رقم العضوية : 10
الإنتساب : Mar 2007
الدولة : رضا الزهراء صلوات الله عليها
المشاركات : 6,228
بمعدل : 0.94 يوميا
النقاط : 10
المستوى : خادم الزهراء تم تعطيل التقييم

خادم الزهراء غير متواجد حالياً عرض البوم صور خادم الزهراء



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي هل كان النبي (ص) أُمياًّ؟
قديم بتاريخ : 16-Aug-2009 الساعة : 04:12 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


سماحة آية الله المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي

هل كان النبي صلوات الله عليه وآله يقرأ قبل البعثة أم أنه كان جاهلاً بالقراءة والكتابة؟

الجواب :
أولاً: اننا لا نستطيع وصف رسول الله [] بالجهل، فإنه تعبير مرفوض ومدان..

وليكن التعبير في السؤال كما يلي: هل كان رسول الله [] يقرأ ويكتب قبل البعثة، أم لم يكن يقرأ ويكتب؟

ثانياً: قال تعالى: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَرْتَابَ الْمُبْطِلُونَ)..

إن هذه الآية الشريفة تعطي: أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يقطع دابر أية فرصة للإساءة إليه []، وإلى نبوته، فيزيل أي ريب أو شبهة يمكن أن تثار حول نبوة نبيه الأكرم []، وتتأثر بها نفوس الضعفاء.

وما يوجب الريب هو أن يكون [] قد قرأ كتب السابقين عند البشر، أو تعلم منهم، وأخذ عنهم.. فإذا تحقق لدى الناس أنه لم يقرأ قبل بعثته عند أحد، فإذا جاء بهذا الدين، وصار يعرف القراءة والكتابة بصورة إعجازية، من دون معلم، فإن ذلك يضطرهم إلى الإيمان والتسليم..

فالمهم إذن هو أن لا يكون قد تعلم شيئاً عند أحد، فإذا حصلت له هذه العلوم كفى ذلك لتحقق مصداق قوله تعالى: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ)، ولا بد لهم في هذه الحالة من الإيمان والتصديق به بمجرد أن يبعث، ويرونه قد أصبح عارفا بالقراءة والكتابة، وبكل هذه العلوم والمعارف والتشريعات، التي يعجز البشر عن نيلها.

ولا حاجة بعد ذلك إلى أن يبقى النبي [] عاجزاً عن القراءة والكتابة بنظرهم وإلى أن يموت، فإن ذلك سيكون من حالات النقص في شخصيته عندهم. وقد ثبت بالبراهين والأدلة العقلية والنقلية، أنه منزه عن كل عيب ونقص.

ثالثاً: إن من الواضح: ان القراءة والكتابة لا تقصد لذاتها، وإنما هي من العلوم الآلية التي يكون القصد إليها للتوصل إلى غيرها. وهو نيل المعارف عن طريقها..

فإذا كانت المعارف والعلوم حاضرة لدى الرسول [] ويراها رأي العين. وهو يخبرهم بها، ويرون صدقه بصدقها، فإن البحث عن وسيلة أخرى عاجزة عن إحضارها لديه، وعن إراءتها له.. بل هي توجد له حالة تخيل وتصور لها لا أكثر، قوله تعالى: ( وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَرْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) ـ إن البحث عن هذه إشارة إلى الوجود اللفظي والكتبي الذي يلزم منه حضور صورة الشيء في الذهن، لا حضور نفس الشيء لدى العالم.

وإشارة إلى ذلك حالة التخيل لأمور يسمع بها، ولم يكن قد رآها. فهي حاضرة حضوراً تخيلياً لا يصل إلى درجة حضور صورة الشيء في الذهن، فضلاً عن حضور نفس الشيء لدى العالم.

ولكي نوضح ما نرمي إليه نقول: إنه ليس كل عدم نقصاً، وليس كل وجدان كمالاً..

فإن معرفتنا نحن بالأمور والعلم بها كمال بالنسبة لنا، فإذا توقف ذلك على امتلاك أدوات وعلوم، فإن حصولنا على العلوم الآلية والأدوات الموصلة لها كمال لنا أيضاً، وفقدانها نقص، لأنه يوجب حرماننا من كثير من المعارف التي نعجز عن الوصول إليها بدونها. أما إذا كانت المعارف حاضرة بنفسها لدى العالم، ولا يحتاج إلى تلك الآلات الموصلة، كان ذلك عين الكمال..

الوسيلة العاجزة ـ، يصبح سفها غير مقبول.. ويكون بذلك كالذي يجد حبيبه إلى جنبه، ثم يطلب النوم لعله يراه في عالم الرؤيا. أما الأدلة على أنه [] لم يكن يقرأ ويكتب، فهي غير دالة على مطلوبهم، ونحن نذكر أجوبتها فيما يلي:

الدليل الأول:
ونقول: إن الاستدلال بالآية: لا يصح لأنها إنما تدل على أنهم كانوا فمن يستطيع الوصول إلى أي مكان في العالم بمجرد إرادته، فإن ركوبه للدابة، والسعي إلى ذلك المكان، وتحمل المتاعب، وصرف الساعات والأيام، أو الأشهر في الطريق، يعد سفهاً.

فعدم اقتنائه للدابة أو السيارة لا يعد عيباً ولا نقصاناً، ما دام أن عدم اقتنائه لها لا لأجل عجزه عن اقتنائها، بل لغناه عنها مع توفر القدرة عليها في كل حين.

وهذا هو حال الأنبياء والأوصياء [] في ما يرتبط بعلومهم، فهم يعلمون بالأمور من خلال حضورها عندهم، ورؤيتهم لها بما أعطاهم الله من تفضلات ومزايا، فلا يحتاجون إلى قراءة النقوش المكتوبة ليمكنهم الحصول على صورة ذهنية لها، وهذا هو عين الكمال لهم، وسواه هو النقص.

يعلمون أنه لم يتعلم القراءة والكتابة عند أحد قبل أن يبعث، وأنه لم يكن يقرأ كتباً، ولا كتب شيئاً منها، أو عنها..

وهذا لا يمنع من أن يبعثه الله نبيا فيفاجئهم بعلوم الأولين والآخرين، وهو لم يطلع على كتب أحد..
ويفاجئهم بأنه في نفس هذه اللحظة قد أصبح يعرف القراءة والكتابة بكل الألسن واللغات، ومن جملتها منطق الطير، وتسبيح الحصى، وغير ذلك مما ذكر في الروايات الآتية، هذا.. مع علمهم به، ومشاهدتهم له، وعيشهم معه طيلة حياتهم، بصورة جعلتهم عالِمين بعدم اتصاله بأحد، وأنه لم يتعلم شيئاً عند أي كان من الناس..

فطريق حصوله على المعارف والعلوم منحصر بالطريق الغيبي والوحي، وسيكون هذا الأمر من أظهر الشواهد على نبوته، واتصاله بالغيب.

فيقينهم بعدم معرفته بالقراءة والكتابة قبل النبوة، وسام عظيم له. وهو خير وأوضح دليل على نبوته، ولكن علمهم باستمرار عجزه عن القراءة والكتابة حتى بعد النبوة، سيجعلهم ينظرون له بعين النقص، وسيرى الكتّاب والعارفون بالقراءة أن لهم عليه امتيازا وفضلا ظاهراً..

وسيكون علمه بالقراءة والكتابة بصورة إعجازية وعن طريق جبرائيل أدعى للطمأنينة، وأوفق وأشد أثراً في رسوخ اليقين والإيمان.

الدليل الثاني:
إن الآيات القرآنية قد وصفت النبي [] بالأمي، قال تعالى:
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ)

وقال: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ)

والأمي هو الذي بقي كما ولدته أمه، لا عهد له بعلم، ولا بقراءة، ولا كتابة.

ونقول في جوابه:
ألف: إن نفس ما أوردناه لرد الاستدلال بالآية السابقة يرد به الاستدلال بهذه الآية. وأما وصفه بالأمية واعتبارها وساماً له، فإنما هو بلحاظ ما قبل البعثة، أما بعدها فلعل العكس هو الصحيح، أي أن استمرار الأمية هو الذي يعد نقصاً بنظر الناس.

ب: إن كلمة أمي كما تأتي بمعنى من لا يعرف القراءة والكتابة، كذلك هي تأتي لبيان الانتساب إلى أم القرى، وهي مكة. وسيأتي عن أبي جعفر [] أن المقصود بالأمي هو هذا المعنى..
ولهذه الكلمة أيضاً معان أخر، لا تلائم معنى عدم معرفته القراءة والكتابة، مثل كونه منسوباً إلى أمة لم تنزّل عليها كتب سماوية، ونحو ذلك.

الدليل الثالث:
ما جرى في الحديبية:

بقي أن نشير إلى أن ما جرى في الحديبية قد يعتبره البعض صالحا للاستدلال به على استمرار أمية الرسول []، على اعتبار أن النبي [] طلب من علي أن يمحو وصف «رسول الله» من الكتاب، فلم يرض [] بذلك، فقال له الرسول []: ضع يدي عليها. فوضعها، فمحاها [] بيده(راجع: كشف الغمة للاربلي ج1ص210 والإرشاد للمفيد ج1 ص120 واعلام الورى ص97 وبحار الأنوار ج20 ص359 و363 وراجع ص357.).

فلو كان [] عارفا بالقراءة لقرأ هو [] الكتاب، ووجد الكلمة، ومحاها من دون الحاجة إلى الاستعانة بعلي..

ويروى أن تميم بن جراشة قدم على النبي [] في وفد ثقيف وسألوه أن يكتب لهم كتاباً يحل فيه لهم الربا والزنى، فكتب لهم خالد بن سعيد بن العاص كتاباً، ثم ذهبوا به إلى النبي []، فقال للقارئ: اقرأه.

فلما انتهى إلى الربا قال: ضع يدي عليها في الكتاب، فوضع يده فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا)( سورة البقرة الآية 277) الآية، ثم محاها.

وألقيت علينا السكينة فما راجعناه. فلما بلغ الزنى وضع يده عليها وقال: (وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً) الآية. ثم محاه(أسد الغابة ج1 ص216).

ونقول في الجواب:
إن هذا الاستدلال لا يصح، وذلك لما يلي:

أولاً: روى النجدي ما جرى في الحديبية فقال: «فأخذ رسول الله [] الكتاب فكتب: هذا ما قاضى محمد بن عبد الله»( صحيح البخاري ج2 ص73 ط سنة 1309).

وفي نص آخر قالوا: «فأخذ النبي [] الكتاب، وليس يحسن أن يكتب، فكتب مكان رسول الله: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله: أن لا يدخل الخ..»( صحيح البخاري ج3 ص37 ط سنة 1309 هـ. ق. ومسند أحمد ج4 ص 298 والكامل في التاريخ ج2 ص204. وخصائص علي بن أبي طالب [] للنسائي ص150و151 والأموال ص233 وسنن الدارمي ج2 ص238 والسنن الكبرى ج8 ص5 وراجع: التراتيب الإدارية ج1 ص173).

فهذه الرواية تدل على أن النبي [] قد كتب بنفسه ذلك، على سبيل الإعجاز.. لا أنه طلب من علي []، أن يضع يده على الكلمة، فمحاها، ثم كتب علي، كما ذكرته الرواية الأخرى.

ثانياً: قد ذكرنا في بحث لنا سابق(البحث هو بعنوان: «موقف علي [] في الحديبية»، صادر عن المركز الإسلامي للدراسات) عدم صحة قولهم: إن علياً [] قد امتنع عن محو اسم النبي [] من الصحيفة. بل النصوص تدل على أنه [] قد امتثل كل ما أمره به الرسول [], فراجع.

لكن قد ذكرت الروايات أن علياً [] إنما واجه ذلك المشرك الذي اعترض وحاول أن يفرض أمرا غير مرضي ولا مقبول. وقد كان موقف النبي [] هو التأييد لعلي [] والتسديد له في موقفه هذا، فراجع ذلك البحث تجد تفصيل ذلك..

وبذلك يكون ما ذكروه من أن النبي [] قد طلب منه أن يضع يده على الكلمة التي يريد أن يمحوها ليس له أساس يصح التعويل عليه..

ثالثاً: إن قوله []: ضع يدي عليها، لا يستلزم عدم معرفته بالقراءة والكتابة، إذ قد يكون مجلسه بعيداًَ عن مجلس علي بحيث لا يتمكن من قراءة ما في الصحيفة بصورة مباشرة، فيقول له من بعيد: ضع يدي عليها، لأن علياً [] هو المتمكن من قراءة الصحيفة.

ولو قيل: لماذا لم يستعمل النبي [] في هذه الحالة أيضاً قدراته الغيبية والإعجازية.. فالجواب هو أن ذلك يتبع المصالح التي تقتضي ذلك، وهو [] أعلم بها وأعرف بمواقعها.

رابعاً: روي عن ابن عباس: أنه قال للحرورية [الخوارج] في جملة حديث له معهم وهو يحتج عليهم بفعل رسول الله [] في الحديبية؛ ويحدثهم بما جرى: «قالوا: لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك, ولكن اكتب اسمك واسم أبيك.

فقال: اللهم إنك تعلم أني رسولك. ثم أخذ الصحيفة، فمحاها بيده، ثم قال: يا علي اكتب: هذا ما صالح عليه الخ»( الرياض النضرة ج2 ص277 وإحقاق الحق [الملحقات] ج8 ص522. وراجع: مسند أحمد ج1 ص342 وخصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للنسائي ص148 و149 وغير ذلك..).
خامساً: لنفترض: أن ذلك لم يقنع الباحث، فإنه سيجد نفسه غير قادر على الاستدلال بهذه الرواية التي رويت بصور مختلفة ومتناقضة نعلم بتعمد التصرف فيها، والتلاعب بمضامينها، فلا بد له من البحث عن أدلة أخرى، وهي متوفرة ولله الحمد، وسيطلع القارئ الكريم على شطر منها في ضمن الفقرات التالية في هذا البحث..

آراء علمائنا:
وبعدما تقدم نقول:

إننا إذا رجعنا إلى ما قاله علماؤنا الأبرار فإننا نلاحظ: أن عددا منهم رضوان الله تعالى عليهم قد صرح بأنه [] كان يعرف القراءة والكتابة بعد بعثته.

ويظهر من الشيخ الطوسي [رحمه الله]: أن ذلك هو مذهب علمائنا. رحمهم الله كافة؛ فإنه قال: «والنبي عليه وآله السلام ـ عندنا ـ كان يحسن الكتابة بعد النبوة، وإنما لم يحسنها قبل البعثة»( ج8 ص120 وراجع تفسير التبيان ج8 ص216).

وقال السيد جواد العاملي: «والنبي معصوم مؤيد بالوحي: وكان عالماً بالكتابة بعد البعثة، كما صرح به الشيخ، وأبو عبدالله الحلي، واليوسفي، والمصنف في التحرير. وقد نقل أبو العباس، والشهيد في النكت، عن الشيخ، وسبطه أبي عبد الله الحلي الساكتين عليه»( مفتاح الكرامة ج10 ص10).
وعلى كل حال، فإن الأدلة قد دلت على أن النبي [] كان يقرأ ويكتب، قبل البعثة وبعدها.

أما بالنسبة لعدم قراءته وكتابته [] قبل البعثة بصورة فعلية، فإن ذلك لا يعني عدم قدرته على ذلك، بل كان قادراً على ذلك، لكنه لم يظهر ذلك للمشركين ولا لغيرهم بصورة فعلية؛ وذلك كي تقوم الحجة عليهم، وليدركوا الإعجاز الإلهي في ذلك..

ولعل علماءنا الأبرار قد استندوا في ما ذهبوا إليه في هذا الأمر إلى ما صرحت به بعض النصوص من أنه [] قد مارس القراءة أحيانا والكتابة أحياناً، فلاحظ مايلي:

فما دل على أن النبي [] كان يقرأ:
1 ـ ما رواه الشعبي من أنه [] قد قرأ صحيفة لعيينة بن حصن، وأخبر بمضمونها(المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج8 ص98 عن تفسير النقاش).

2 ـ عن أنس قال: قال []: رأيت ليلة أسري بي مكتوبا على باب الجنة: الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر(سنن ابن ماجة ج2 ص812 والمفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج8 ص97 عنه).

ومما دل على أن النبي [] كان يقرأ ويكتب:
ولكن نصوصاً أخرى قد صرحت بأنه [] كان يقرأ ويكتب بعد بعثته، وذلك مثل:
3 ـ ما روى الصدوق [رحمه الله] بسنده عن جعفر بن محمد الصوفي، عن أبي جعفر الجواد[]: « فقلت: يابن رسول الله، لم سمي النبي الأمي؟!

فقال: ما يقول الناس؟

قلت: يزعمون: أنه إنما سمي الأمي؛ لأنه لم يحسن أن يكتب.

فقال []: كذبوا عليهم لعنة الله، أنّى ذلك، والله يقول في محكم كتابه: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)( سورة الجمعة الآية3).
فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن؟. والله، لقد كان رسول الله [] يقرأ ويكتب باثنين وسبعين لساناً، أو قال: بثلاثة وسبعين لساناً، وإنما سمي الأمي، لأنه كان من أهل مكة. ومكة من أمهات القرى، وذلك قول الله عز وجل: (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا)» (علل الشرايع ص124 والبحار ج16 ص132 وبصائر الدرجات ص245 والبرهان [تفسير] ج4 ص332 ونور الثقلين ج2 ص 78 وج5 ص322 ومعاني الأخبار والإختصاص).

4 ـ عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال أبو عبد الله []: إن النبي [] كان يقرأ ويكتب، ويقرأ ما لم يكتب(البحار ج16 ص134 وبصائر الدرجات ص247 والبرهان ج4 ص333 ونور الثقلين ج5 ص322).

5 ـ وروى الصدوق بسنده عن علي بن اسباط وغيره، رفعه عن أبي جعفر [] قال: قلت: إن الناس يزعمون: أن رسول الله [] لم يكتب ولا يقرأ.

فقال: كذبوا لعنهم الله أنّى يكون ذلك، وقد قال الله عز وجل: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ
مُبِينٍ)( سورة الجمعة الآية2).

فكيف يعلمهم الكتاب والحكمة وليس يحسن أن يقرأ ويكتب؟!

قال: فلم سمي النبي الأمي؟

قال: لأنه نسب إلى مكة، وهو قول الله عز وجل: (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا)، فأم القرى مكة، فقيل أمي لذلك(البحار ج16 ص133 وعلل الشرايع ص125 وتفسير البرهان ج2 ص332 وج2 ص40 ونور الثقلين ج5 332 وبصائر الدرجات ص246 وتفسير العياشي ج2 ص78.).

6 ـ وعن الشعبي أنه قال: ما مات النبي [] حتى كتب(الجامع لأحكام القرآن ج13 ص352 والتراتيب الإدارية ج1 ص173 والبحار ج16 ص135).

وقال المجلسي: قال الشعبي وجماعة من أهل العلم: ما مات رسول الله [] حتى كتب وقرأ. وقد اشتهر في الصحاح وكتب التواريخ قوله []: ايتوني بدواة وكتف اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبداً (البحار ج16 ص135).

ونقول: إن استدلاله [رحمه الله] بالفقرة الأخيرة غير خال عن النظر والمناقشة فإن قوله: اكتب لكم يتلاءم مع أمره لبعض من حضر بذلك..

7 ـ ونقل السيوطي عن ابي الشيخ، من طريق مجالد، قال: حدثني عون بن عبدالله بن عتبة, عن أبيه قال: ما مات النبي [] حتى قرأ وكتب. فذكرت هذا الحديث للشعبي. فقال صدق. سمعت أصحابنا يقولون ذلك(الدر المنثور ج3 ص131).

8 ـ عن أبي عبدالله [] قال: «كان علي [] كثيرا ما يقول: اجتمع التيمي والعدوي عند رسول الله []، وهو يقرأ: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ) بتخشع وبكاء، فيقولان: ما أشد رقتك لهذه السورة.

فيقول رسول الله []: لما رأت عيني، ووعى قلبي، ولما يرى قلب هذا من بعدي.

فيقولان: وما الذي رأيت، وما الذي يرى؟!

قال: فيكتب لهما في التراب: تنزل الملائكة والروح الخ..( الكافي ج1 ص249 ونور الثقلين [تفسير] ج5 ص323 و633).

فإن ظاهر هذه الرواية أنه [] قد مارس الكتابة فعلاً..

وقد ظهر مما تقدم: أنه لا مجال للقول بأنه [] لم يكن يقرأ ويكتب. وأن الصحيح هو خلاف ذلك، سواء قبل بعثته [] أو بعدها. ولكن ذلك قد كان بصورة إعجازية، على النحو الذي أوضحناه في ثنايا هذا البحث..

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.


توقيع خادم الزهراء

قال الرسول صلوات الله عليه وآله : ( إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة ، وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم ، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة ) .

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه : يا سلمان نزلونا عن الربوبية ، وادفعوا عنا حظوظ البشرية ، فانا عنها مبعدون ، وعما يجوز عليكم منزهون ، ثم قولوا فينا ما شئتم ، فان البحر لا ينزف ، وسر الغيب لا يعرف ، وكلمة الله لا توصف ، ومن قال هناك : لم ومم ، فقد كفر.
اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك
اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك
اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني
قال إمامنا السجاد زين العابدين صلوات الله عليه:
إني لأكتم من علمي جواهره * كيلا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا
وقد تقدم في هذا أبو حسن * إلى الحسين وأوصى قبله الحسنا
فرب جوهر علم لو أبوح به * لقيل لي : أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا

للتواصل المباشر إضغط هنا لإضافتي على المسنجر




منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.85 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : خادم الزهراء المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 16-Aug-2009 الساعة : 07:02 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم .

ممكن أضيف كما ذكر عبد اللطيف البغدادي في كتابه لصفات النبي

الأمية صفة خاصة لنبينا

وصف الله سبحانه وتعالى رسوله الأعظم وسلم في الآية الكريمة (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمي… ) بكونه أمياً، وهي صفة خاصة به دون غيره من الأنبياء والمرسلين. وهذه هي الصفة الثالثة التي وصفه الله تعالى بها في الآية الكريمة.

أقوال المفسرين في المراد منها

وقد اختلف المفسرون في المراد من قوله تعالى (الأمي): فقيل نسبه الله تعالى إلى مكة، وذلك من قوله تعالى مخاطباً إياه(وَكَذَلِكَ أَوْحيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) [سورة الشورى: 8].

وقوله تعـالى(وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) [الانعام/ 93].

و(أم القرى) هي مكة المكرمة كما يقول المفسرون، ودعيت مكة بأم القرى لأنها أول قرية وبقعة من الأرض خلقها الله تعالى، ثم دحاها من تحت الكعبة – أي بسطها على وجه الماء – فخلق منها بقية القرى والأراضي، فلذلك دعيت بأم القرى، ويقال لأهلها (أميون) نسبة لها.

وهذا التفسير مروي أيضاً عن بعض أئمة الهدى().



هل كان النبي يقرأ ويكتب ؟

وقيل: (الأمي) هو الذي لا يكتب ولا يقرأ والنبي وسلم كان كذلك لا يكتب ولا يقرأ وكانت نبوته ورسالته – مع كونه أمياً – من جملة معاجزه العظام.

وبيان ذلك أن تعلم الكتابة والقراءة أمر سهل التناول، فإن أقل الناس ذكاء وفطنة يتعلم الخط كتابة وقراءة بأدنى سعي، وعدم تعلم الإنسان ذلك – بحسب العادة المطردة – يدل على نقص بين في الفهم والذكاء والعقل والعلم، والحال أن نبينا وسلم كان مع أميته أعظم الناس فهماً وأحدهم ذكاء وأكملهم عقلا وأغزرهم علماً، فكان الجمع بين هاتين الحالتين المتضادتين جارياً مجرى الجمع بين الضدين وذلك مستحيل حسب العادة، فلا بد إذن من الجزم والقطع بأن الله عز وجل هو الذي أفاض عليه ما أفاض وأعطاه ما أعطاه من الفهم والذكاء والعقل والعلم ما فاق به جميع العالم من الأولين والآخرين، ليكون ذلك برهانا بينا ومعجزا عظيماً على نبوته ورسالته.

ثم إنه(صلى الله عليه و آله) أتى أمته بالقرآن الكريم من عند الله عز وجل وهو معجزه الخالد، فلو كان يقرأ ويكتب لوجد الجاحدون والمبطلون طريقاً إلى الشك في معجزه هذا ولقالوا: إن هذا القرآن جمعه من كتب الأولين لأنه يكتب ويقرأ ونحن لا نكتب ولا نقرأ.

لأن أكثر العرب بل كلهم إلا قليلا منهم كانوا أميين ولكنه لما ساواهم في المولد والمنشأ وكان أمياً كما كانوا أميين، ثم أتى لهم بما عجزوا عنه وجب أن يعلموا علماً قطعياً أنه من عند الله عز وجل لا من عنده، إذ لم تجر العادة أن ينشأ إنسان بين قوم يشاهدون أحواله من صغره إلى كبره في حضره وسفره لا يتعلم شيئاً من غيره ولا يطالع كتاباً قط ثم يأتي من عنده بكتاب فيه تبيان كل شيء يعجز الكل عنه بل عن بعضه، ويقرأ عليهم قصص الأولين ويخبرهم بأنباء الآتين. هذا ما لا تجري به العادة، فإذن لا بد من أن يكون من عند الله تعالى لا من عنده وقد صرح القرآن الكريم بهذا المعنى، حيث قال عز من قائل مخاطباً رسوله الأعظم وسلم (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) [العنكبوت/49].

والآية كما ترى صريحة كل الصراحة على أنه(صلى الله عليه و آله) ما كان يقرأ ولا يكتب أي كتاب قبل إنزال القرآن عليه، وصرحت الآية أيضاً أن العلة في ذلك هي أنه لو كان يقرأ ويكتب قبل بعثته لحصل الريب – أي الشك – عند المبطلين من أهل الكفر والعناد في كون القرآن من عند الله تعالى، وتكون لهم بذلك شبهة.

هذا ما صرحت به الآية الكريمة وأجمعت عليه كلمة المسلمين أجمعين أنه ما كان يكتب ولا يقرأ قبل بعثته، أما بعد بعثته وإنزال القرآن عليه فاختلف المسلمون في أنه هل كان يعرف الكتابة والقراءة بتعليم إلهي أو لا يعرفهما ؟



النبي يعرف الكتابة والقراءة بعلم النبوة

الظاهر أن الذي عليه أكثر أهل السنة أنه لا يعرفهما، والذي عليه أكثر المحققين من شيعة أهل البيت أن النبي(صلى الله عليه و آله) كان يعرف القراءة والكتابة بعلم النبوة والرسالة من غير معلم، معجزة له، ولكنه لم يكتب بالفعل وبعضهم يتوقف في ذلك كالسيد المرتضى علم الهدى حيث قال، كما نقل عنه شيخنا الطبرسي: (هذه الآية تدل على أن النبي ما كان يحسن الكتابة قبل النبوة – فأما بعد النبوة فالذي نعتقده في ذلك التجويز لكونه عالماً بالكتابة والقراءة، والتجويز لكونه غير عالم بهما من غير قطع على أحد الأمرين. وظاهر الآية يقتضي أن النفي – أي (ولا تخطه بيمينك) قد تعلق بما قبل النبوة دون ما بعدها – ولان التعليل في الآية– أي: (إذن لارتاب المبطلون) يقتضي اختصاص النفي بما قبل النبوة لان المبطلين إنما يرتابون في نبوته(صلى الله عليه و آله) لو كان يحسن الكتابة قبل النبوة، فأما بعدها فلا تعلق له بالريبة والتهمة، فيجوز أن يكون قد تعلمها من جبريل بعد النبوة …) انتهى.



التحدي بالنبي الأمي

تحدى الله تبارك وتعالى بالنبي الأمي الذي جاء بالقرآن المعجز في لفظه ومعناه، إذ لم يتعلم عند معلم ولم يترب عند مرب ولم يتأدب عند مؤدب سوى الله عز وجل (أدبني ربي فأحسن تأديبي) (5).

تحدى الله تعالى به(صلى الله عليه و آله) الكافرين والمرتابين في رسالته بقوله تعـالى: (قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) [يونس/ 17].

نعم كان(صلى الله عليه و آله) وهو أحدهم في تلك البيئة الأمية لا يتصدى لأخذ العلم من أحد، ولم يأت بشيء من شعر أو نثر نحواً من أربعين سنة وهو ثلثا عمره الشريف، ثم أتى بما أتى به من القرآن بما عجزت عنه فحولهم، وكلت دونه ألسنة بلغائهم، ثم بثه إلى أقطار الأرض فلم يجترئ على معارضته أحد من عالم أو فاضل أو ذي لب وفطنة.

وإليك بيان حقيقة إعجاز القرآن وفاء بالوعد واقتضاء للمقام:


حقيقة إعجاز القرآن والتحدي به

لا ريب في أن القرآن الكريم تحدى بالإعجاز في آيات كثيرة مكية ومدنية، تدل جميعها على أن القرآن معجز خارق للعادة وخارج عن حد القدرة البشرية، فهو من عند الله عز وجل، حيث جعله الله دليلا قاطعاً وبرهاناً واضحاً على صدق نبيه وحجة على دعوته في رسالته.

والآيات المشتملة على التحدي مختلفة في العموم والخصوص، ومن أعمها تحدياً قوله تعالىقُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإنس وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) [الإسراء/89](6).

والآية مكية، وهي ظاهرة في عموم التحدي، لعموم الثقلين من الإنس والجن ولو بإعانة بعضهم لبعض.

ومعنى عموم التحدي أنه لم يكن خاصاً ببلاغة القرآن وجزالة أسلوبه فقط إذ لو كان التحدي بذلك فحسب لما تحدى به سوى العرب العرباء من الجاهليين، ولكن لما رأيناه يتحدى جميع الإنس والجن علمنا أن التحدي هذا في هذه الآية الكريمة لا يختص ببلاغة القرآن وجزالة أسلوبه فقط، بل هو تحد عام في كل صفة خاصة اشتمل عليها القرآن، وفي جميع ما يمكن فيه التفاضل في الصفات.

فالقرآن معجز للبليغ ببلاغته ن وللحكيم في حكمته، وللعالم في علمه، وللفيلسوف في فلسفته، وللاجتماعي في اجتماعه، وللمقننين في تقنينهم، وللسياسيين في سياستهم، وللحكام في حكومتهم، وبالتالي هو معجز لكل فرد من أفراد الثقلين الجن والإنس من عامة وخاصة، أو عالم وجاهل، أو رجل وامرأة، أو فاضل ومفضول.

وإنما تحدي القرآن عامة هذه الطبقات لان إفهام الناس لما كانت مختلفة اختلافاً ضرورياً – والكمالات فيهم كذلك – كان التحدي للعموم هو المقتضى، حتى إذا أدرك صاحب الفهم العالي والنظر الصائب حقيقة إعجاز القرآن في جميع الفنون والمعارف يرجع من هو دونه فهماً ونظراً إلى تلك الحقيقة، والفطرة حاكمة بذلك، والغريزة قاضية به، وبذلك يكون القرآن حجة قطعية على الجميع.

أما إذا كان التحدي خاصاً بذوي الافهام وأهل العلم والفضل أو أهل الفصاحة والبلاغة دون غيرهم من سائر الطبقات لكان بذلك مجال للجاهل أن يدعي ويقول: إن القرآن حجة على أولئك الذين وجه التحدي إليهم وخصهم به ولم يكن حجة على غيرهم.

ويجدر بنا الآن أن نتساءل ونقول:

هل يتأتى للقوة البشرية أن تأتي بمعارف إلهية مبرهنة تقابل ما أتى به القرآن وتماثله في تمام حقيقته ؟

وهل يمكنها أن تأتي بأخلاق مبنية على أساس الحقائق تعادل ما أتى به القرآن في الصفاء والمنزلة ؟

وهل يمكنها أن تشرع أحكاماً تامة فقهية تحصي جميع أعمال البشر، من غير اختلاف يؤدي إلى التناقض مع حفظ روح التوحيد وكلمة التقوى في كل حكم ونتيجة ؟

وهل يمكن أن يصدر هذا الإحصاء العجيب والإتقان الغريب من رجل أمي لم يترب إلا في بيئة قوم ليس لهم من حظوظ الإنسانية – على مزاياها الكثيرة – إلا أن يرتزقوا بالغارات والغزوات ونهب الأموال، وأن يئدوا البنات ويقتلوا الأولاد خشية الإملاق، ويفتخروا بالأباء وينكحوا الأمهات، ويتباهوا بالفجور، ويعادوا العلم، ويتظاهروا بالجهل، وهم بعد ذلك أذلاء لكل مستذل، وخطفة لكل خاطف، فيوماً لليمن، ويماً للحبشة، ويوماً للروم، ويوماً للفرس، فهذا حال عرب الجاهلية في الحجاز، كما أشارت إلى ذلك الصديقة الزهراء سلام الله عليها في خطبتها الشهيرة .

وهل يجترئ عاقل على أن يأتي بكتاب يدعيه هدى للعالمين، ثم يودعه أخباراً في الغيب فيما مضى ويستقبل من القصص والملاحم والمغيبات المستقلة، ثم لا يختلف شيء منها عن صراط الصدق ؟.

وهل يتمكن إنسان – مهما بلغ من التكامل – أن يتدخل في كل من شؤون العالم الإنساني، ويلقي إلى الدنيا معارف وعلوماً وقوانين وحكماً ومواعظ وأمثالا وقصصاً وأنباء في كل ما دق وجل، ثم لا يختلف حاله في شيء منها في الكمال والاستقامة فيما يلقي من تلك المعارف الدقيقة، بل يبقى على حال واحد مستقيم؟.

هذا ما لا تجري به القوة البشرية.

فالإنسان اللبيب القادر على تعقل هذه المعاني لا يشك في أن هذه المزايا الكلية وغيرها مما اشتمل عليها القرآن الكريم كلها فوق القوة البشرية، ووراء وسائل الطبيعة المادية.

فهذا ما تحدى به القرآن تحدياً عاماً لكل فرد في كل مكان وزمان وقد مضى على هذا التحدي أربعة عشر قرناً، وقد تقدم العلم وتقاربت البلدان وسهلت وسائل الاجتماع وكثر أعداء الإسلام كما هو المشاهد بالعيان.

فهل استطاعوا حتى الان أن يأتوا بمثل هذا القرآن ؟ …

(وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلا كُفُورًا) [الإسراء/ 90].

التحدي بعشر سور من القرآن

بعد أن تحدى القرآن الكريم في سورة الإسراء الإنس والجن على أن يأتوا بمثله، وأخبر أنهم (لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا)… خاطب العرب الذين زعموا أن القرآن افتراء محمد(صلى الله عليه و آله) وجاء به من عنده وادعى أنه من عند الله …

العرب الذين برعوا في البلاغة وامتازوا بالفصاحة، وبلغوا الذروة في فنون الأدب حتى عقدوا النوادي وأقاموا الاسواق للمباراة في الشعر والخطابة، وبلغ من تقديرهم للشعر أن عمدوا لسبع قصائد من خيرة الشعر الجاهلي وكتبوها بماء الذهب في القباطي وعلقت على الكعبة، فكان يقال هذه مذهبة فلان إذا كانت أجود شعره.

هؤلاء النابغون في الفصاحة والأدب، وهؤلاء الذين زعموا أن القرآن مفترى، خاطبهم يومئذ وتحداهم في أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات وأن يدعوا كل من يستطيعون دعوته من دون الله تعالى من أوثانهم التي يزعمون أنها آله تقضي لهم الحاجات والمهمات وغيرها من سائر المخلوقين حتى تتم لهم جميع الأسباب والوسائل، ولا يبقى أحد ممن يطمعون في تأثير إعانته أو يرتجون الانتفاع به في ذلك إلا استعانوا به أن كانوا صادقين.

قال تعالى (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (13) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [هود/ 14-15].

ولا يتوهم فيما قدمنا بأن خطاب الآية للعرب الذين برعوا في فنون الفصاحة والبلاغة والادب، وأن التحدي أيضاً خاص بفصاحة عشر سور وبلاغتها فحسب. بل الحقيقة أن التحدي بالإتيان بما يماثل تماماً عشر سور من القرآن من كبار السور أو من صغارها فيما اختصت به السور من الفصاحة والبلاغة، وما تضمنته أيضاً من المعارف الحقيقية والحجج والبراهين الساطعة والمواعظ الحسنة والأخلاق الكريمة والتشريعات الإلهية، وتجدد المعارف التي لم يكشف البشر حين النزول عن وجهها النقاب، وانتفاء الاختلاف فيهاوغير ذلك مما اختصت به السور القرآنية.

وهذا المعنى هو المتبادر إلى الذهن حينما يقال (هذا الشيء مثل هذا) أي هو مساو له في خصائصه ومماثل له في مزاياه، وهو غيره.

هذا، والخطاب وإن كان موجهاً حين النزول إلى العرب ولكنه لا يزال يخاطب كل من يزعم أن القرآن مفترى حتى قيام الساعة(فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [هود/ 15].

نعم إن الله تعالى هو وحده القادر على أن ينزله، وعلم الله وحده هو الكفيل بأن يكون على هذا النحو مما اختص به من دلائل العلم الشامل لسنن الكون وأحوال البشر وماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم وما يصلح لهم في نفوسهم وفي معاشرهم(لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).



التحدي بسورة من القرآن وبحديث مثله:

شاءت حكمة الله لاثبات الحجة على عباده أن يكرر النداء والمصارحة في الاحتجاج، والتحدي لجميع المنكرين والمرتابين، بكون القرآن من عند الله تعالى ومعجزاً لرسوله وسلم. فكرر التحدي عليهم ولهم مرة بعد أخرى، فتارة يتحداهم في أن يأتوا بمثله، وأخرى يتحداهم أن يأتوا ولو بسورة واحدة مثل سوره مما اختصت به السورة من بيان غرض تام جامع من أغراض الهدى الإلهي، مع الارتباط التام بين أهداف آياتها ومراعاة الفصاحة والبلاغة والسبك في ألفاظها.

فحينئذ لهم أن يختاروا للمعارضة والمماثلة أي سورة شاءوا، حتى ولو كانت أقصر سورة كسورة الكوثر أو الإخلاص أو العصر أو غيرها من سور القرآن، وآونة يتحداهم في أن يأتوا بحديث مثل حديثه. والتحدي بالحديث يعم التحديات الثلاثة السابقة، لان الحديث يعم السورة والعشر سور والقرآن كله، فهو تحد بمطلق الخاصة القرآنية.

هذا وقد جعل الله تعالى لهم إن استطاعوا أن يأتوا بشيء من ذلك أن تسقط عنهم هذه الدعوة، ويستريحوا من ثقلها الباهظ لضلالهم واتباع أهوائهم، كما جعل لهم المهلة والأناة ليعدوا عدتهم في المظاهرة والتعاون وهذا كله من باب المماشاة والمجاراة في الحجة، ولكن أنى لهم أن يأتوا بما هو مستحيل عليهم، قال تعالىوَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) [يونس/ 38-40].

وقال تعالى: (وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ) [البقرة/ 24-25].

وقال تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لا يُؤْمِنُونَ(33)فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ) [الطور/ 34-35].

وهكذا تكرر التحدي في القرآن الكريم، وتلقاه المنكرون عاجزين ووقفوا تجاهه صاغرين، وهكذا يقف أمامه كل أحد إلى يوم الدين تصديقاً لقوله تعالى (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ).



تفسير آية التحدي:

قوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا) أي فإن لم تأتوا بسورة من مثله وقد تظاهرتم أنتم وشركاؤكم وأعوانكم عليه وتبين لكم عجزكم وعجز جميع الخلق عنه وعلمتم أنه من عندي فلا تقيموا على التكذيب به.

وقوله تعالى: (وَلَنْ تَفْعَلُوا) أي ولن تأتوا بسورة مثله أبداً لان (لن) تنفي على التأبيد في المستقبل، فهذا الأخبار عن المستقبل أمر غيبي، وهو معجز خالد لصحة نبوة نبينا محمد وأن الكتاب الذي جاء به هو من عند الله عز وجل، إذ لم يأتوا حتى الآن بسورة من مثله.

وقوله تعالى: (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) أي احذروا إذن النار المعدة للكافرين بمحمد(صلى الله عليه و آله) ومعجزه الذي هو القرآن الكريم، لأنكم علمتم أنه من عند الله تعالى، فاتقوا النار إذن لتنجوا بأنفسكم من عذابها.

يقول أمير المؤمنين علي() وهو الأب الثاني لهذه الأمة بعد رسول الله والشفيق عليها والحريص كل الحرص على نجاتها، يقول في بعض خطبه:

(عباد الله، الله الله في أعز الانفس عليكم وأحبها إليكم، فإن الله قد أوضح لكم سبيل الحق، وأرانا طرقه، فشقوة لازمة، أو سعادة دائمة).



نصيحة توجيهية موجزة:

فيا أيها الإنسان العاقل الشفيق على نفسه التي هي أعز الأشياء عليه، فكر في مستقبل أمرك لدنياك وآخرتك، ولا تقصر تفكيرك لدنياك الفانية فقط، وأنت تعلم علم اليقين بأنك غير خالد فيها، وقد علمت بإقامة الحجة عليك، وأمامك مسؤولية كبرى بين يدي جبار السماوات والأرض، الخالق المنعم المتفضل.

تعصيه لا أنت في عصيانه وجل*** من العقاب ولا من منه خجل

فما يكون جوابك وعذرك غداً أمام تلك المحكمة الكبرى، وقد أتم الله عليك الحجة وأوضح المحجة ؟ …

فأمن يا أخي بالله وبخاتم الأنبياء وبكتابه وخلفاء أنبيائه من بعده وباليوم الآخر، واثبت على ذلك واطلب من الله تعالى العون، وجاهد نفسك – الأمارة بالسوء – بأن تعمل صالحاً وتتقي الله ما استطعت بإقامة الفرائض الواجبة وترك النواهي المحرمة لتحظى بخير الدنيا والآخرة(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأرض لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأرض وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [الأعراف/ 97].

لا تبق مصراً على التكذيب والتشكيك، لا تصر على ترك واجب وفعل محرم، لا تستمر مكبا على الذنوب والخطايا ليلا ونهاراً ومصبحاً ممسياً لا تندم ولا تتوب وباب التوبة مفتوح للتائبين (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأرض مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) [الأعراف/98-101].

قصيدة غراء للسيد الحيدري:

وبودي أن أختم هذه النصيحة باختيار المقطعين الأولين من مقاطع القصيدة العصماء التي ألقاها صديقنا العلامة الأستاذ الشاعر السيد محمد الحيدري معتمد مكتبة أهل البيت العامة في المهرجان العظيم الذي أقامته مدينة كربلاء المقدسة في ذكرى ميلاد سيد الأوصياء علي() سنة 1380هـ والتي اهتز لها الحفل وقوبلت باستحسان بالغ، وإليك المقطعين:


بـالـديــن تـبـلـغ مجدها الأوطان*** فـاخـتـر ســـبيلك أيـــها الإنسان

لا تـنـحـرف عــن منهج قد سنه*** لك فـي الـسـماء الـخالق الديان

فـكـر فـــإنـك قـــد خلقت مـفـكراً*** وزن الأمــور وعـقـلـك الميزان


وانظر بعقلك كيف كانت هذه الدنيا وقامت هذه الأكوان

وانظر بـعــيـنـك للسماء مفكـراً*** فـبــها العــــقـول تحار والأذهان

فانظر إلى هذي النجوم مضيـئة*** فــكـأنـهــا الـيـاقــوت والمرجان

ثم انحدر للأرض وانظر ما بـها*** فــلــسـوف يـــغمر قلبك الإيمان

فــالله مـا تــرك الـعـبـاد بـحــيرة*** هيــهـات وهـو الـمحسن المنان

بــل إنــه مــلا الـوجـود عــجائباً*** وهـي الـدلـيــل عليه والبرهـان

أ تـراه يـخـلـق ثـم يـتـرك خــلقه*** عبثاً ؟ فأين اللــطف والإحـسان

آيــات ربـك أيـنـمـا وجد الـورى*** ودلائــل الـتـوحــيــد أنـى كـــانوا

لـكـنـمـا الإنـســان دون بـصـيرة*** وعــقــيــدة يحــــلو لها النكران

لـيعيش في هـذي الحياة بعيـشة*** لا يــرتــضــيها العقل والوجدان

أهــدافــه سـحـق البلاد وقصـده*** مـحــق الرشاد وشأنه العصيان

لــم يـرع أنظمة الحياة بـأسرها*** فكــأنــه فــي طــبـعـــه (حيوان)

قــالــوا بـغــيــر تــدبــر وتـفــكر*** مــا تــقــشــعــر لـهــوله الأبدان

(الدين أفيون الشعوب) وليـتهم*** سكتوا ولكن أوضـحــوا وأبانوا

وبـدت لنـا أفـكـارهــم مكشـوفة*** لا يـعــتــريــهـا اللبس والكتمان

اثنان قد راموا القضاء عليهما*** وهـــمــا هـما الأديان والأوطان

وخـصومهم بين الشعوب ثلاثة***(الله) و(الإســلام) و(الــقــــرآن)

وتـجـلت الآراء وانكشف الغطا*** وهوى الضلال وزلزل الـطغيان

ورسـت قــواعـد ديننا وتوطدت*** أركــانــه وعـلا لـه ســـلــطــان

وتـعــززت أنـصــاره وتـــلألأت*** أنــــواره وتــــــركــز الإيـــمـان

نــادى وقد وقف الوجود بأسره*** يصــغـــي لتسمع صوته الأذان


ودعا الأنام إلى السلام فإنه الرمز الرفيع إليه والعنوان

وإلـــى العلـوم فكل شعب رازح*** فــي جهله فمصيره الخسران

وإلى التـطـــور والتحرر والعلا*** فــبــهـا يقوم المجد والعمران

وإلى العدالـة فهي روح نظامه*** وبـهـــا حقوق العالمين تصان

هــذا هـو الإســلام ديــن محمد*** فـعــلام بـيـن الـمسلمين يهان




نعم … هذا هو الإسلام، دين السلام والأمان، دين العلوم والمعارف، دين التطور والتحرر، دين العدالة التامة التي بها تصان حقوق العالمين أجمعين، وبالتالي فهو دين الحياة القويم الذي أمر بكل خير وحث عليه ونهى عن كل شر وحذر منه.

ولذا كان الدين الخالد الذي بشر به الأنبياء والمرسلون أممهم لتكون متمسكة به على علم وبصيرة وتكون بذلك(خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [آل عمران/110].

وعلى هذا نرى أن الله تعالى لما وصف نبيه محمداً(صلى الله عليه و آله) بالرسالة والنبوة والأمية التي بها ظهر برهان رسالته وتحقيق إعجاز كتابه.



إضافة رد


أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

بحث متقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc