النبي محمد (ص) - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: القرآن الكريم والعترة الطاهرة صلوات الله عليهم :. ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
منوعات قائمة الأعضاء مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
كاتب الموضوع جارية العترة مشاركات 1 الزيارات 1825 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

جارية العترة
الصورة الرمزية جارية العترة
المدير العام
رقم العضوية : 12
الإنتساب : Mar 2007
الدولة : لبنان الجنوب الابي المقاوم
المشاركات : 6,464
بمعدل : 0.98 يوميا
النقاط : 10
المستوى : جارية العترة will become famous soon enough

جارية العترة غير متواجد حالياً عرض البوم صور جارية العترة



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي النبي محمد (ص)
قديم بتاريخ : 09-Apr-2010 الساعة : 10:09 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم




النبي محمد (ص)

هو من أرفع بيوت قريش وأسناها وأسماها شرفاً ومحتداً ونسباً ومكانة وفضلاً.
أبوه عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي وينتهي نسبه الشريف إلى اسماعيل بن إبراهيم إلى آدم .
توفي أبوه عبدالله قبل أن يولد. وكان في زيارة لأخواله بني النجار وتوفي ودفن هناك في المدينة.
أمه آمنة بنت وهب من بني زهرة ومن أشراف القبائل، وتلتقي في النسب مع قريش.
ولادته:
ولد النبي (ص) عام الفيل في السابع عشر من شهر ربيع الأول، وكانت لولادته علامات باهرة سبقتها بشائر تحدث عنها أهل الأديان والمعرفة والعلماء حتى شاعت وذاعت وعرفها الكثير من الناس وقد ذكرها المؤرخون في تواريخهم بشكل مفصل.
رضاعه:
ارتضع في بني سعد أرضعته حليمة السعدية. جرياً على ما هو المتعارف بين أشراف مكة حيث كانوا يرضعون أولادهم من القبائل المعروفة في البادية لنقاء الجو وطيب المناخ، وقد رأت الخير العميم وأفيضت عليها النعم الوافرة، وبارك الله لها فيما أتاها ببركة النبي (ص).
نشأته:
نشأ النبي (ص) في ظل أمه آمنة بنت وهب وجده عبد المطلب، ولما تم له ست سنوات توفيت أمه في مكان يسمى«الأبواء» بين مكة والمدينة، وكانت في زيارة لأهلها، وكان مع أمه وكانت معهما حاضنته أم أيمن، فعادت به أم أيمن إلى جده، وتعهد به جده عبد المطلب وقام برعايته الرعاية الكاملة لما يعلمه من شأن محمد، وما يصير إليه. ولما أتم سنواته الثماني توفي جده عبد المطلب، فكفله عمه أبو طالب بعهد من جده عبد المطلب، وقد اهتم به أبو طالب اهتماماً بالغاً ورعاه رعاية فائقة، فكان ينيمه إلى جنبه ويفديه بأولاده، وكان لا يفارقه أبداً، بل كان شغله الشاغل لما يعلم من شأنه وما يكون من أمره في مستقبل الأيام، وفي الثانية عشرة من عمره ذهب مع عمه أبي طالب إلى الشام للتجارة، وفيها التقى بحيرا الراهب. وفي سن العشرين تقريباً حضر حلف الفضول، وهو حلف انعقد في مكة لنصرة المظلوم وأخذ الحق له من ظالمه، وفيه قال (ص) كلمته المشهورة عنه وهي:
ولقد حضرت في دار عبدالله بن جدعان حلفاً ما يسرني أن لي به حمر النعم ولو دعيت إلى مثله لأجبت.(1)
وكان (ص) يرعى الأغنام ويعمل بيده. كل ذلك ليكون قدوة كريمة في الاجتهاد والعمل وعدم الاتكال على الآخرين.
ولقد كان (ص) في كل أحواله على الإيمان والهدى والحق والصدق والصفات الكريمة والخصال الحميدة، وكان له عقل وافر ورأي سديد، وكانت له هيبة ومكانة، حتى إن قريشاً وغيرها من القبائل كانت تنظر إليه نظرة التقدير والإكبار والإعجاب، وكان مورد حبهم له وثقتهم به، لصدقه وأمانته، ولذلك كانوا يسمونه بالصادق الأمين، قبل البعثة وبعدها. وكانت قريش تلجأ إليه في المهمات والملمات والمعضلات من المشاكل. ومنها قصة بناء الكعبة لما جرفها السيل فأعادت بناءها، ثم اختلفت القبائل فيمن يضع الحجر الأسود في مكانه. فاحتكموا إلى أول داخل إلى الحرم وكان أول داخل هو النبي (ص). فعرضوا عليه خلافهم، فما كان منه إلا أن أخذ الحجر ووضعه في ردائه وأمر رؤساء القبائل أن يأخذ كل واحد منهم بطرف الرداء. وعندما صاروا عند موضع الحجر أخذ النبي (ص) الحجر ووضعه في مكانه. فكان هذا الأمر موضع إكبار وتقدير ورضى وقبول من القبائل ولم يعترض أحد منهم على ما جرى بل رأى أنه الحق وأنه قد ساهم في وضع الحجر الأسود في مكانه ولم ينقص من حقه شيئاً.
وفي سن الخامسة والعشرين من عمره الشريف ذهب بتجارة إلى الشام لخديجة بنت خويلد وكانت القبائل ورؤساؤها يتاجرون بأموالها، وكانت تجارة مباركة ربح فيها أرباحاً طائلة، وفي تلك الرحلة ظهرت له كرامات ومعاجز كانت مبعث تقديس وتعظيم له من الجميع ومن خديجة بالذات.
وفي تلك السنة تزوج بخديجة وبقي معها مدة حياتها. وقد ولدت له أولاده الذكور والإناث. أما الذكور فالقاسم والطاهر، وقد ماتا في الصغر. والبنات زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة . وأما إبراهيم فأمه مارية القبطية.
وفي هذه المرحلة من حياته (ص) كان يعيش معالم تتسارع وتتسامى به إلى عالم النبوة فكان يرى الرؤيا الصادقة وكأنها فلق الصبح. وكان يخلو بغار حراء يتعبد ويتحنث هناك ويمضي شهر رمضان فيه يكتفي بالقليل من الطعام الذي كانت تأتيه به زوجته خديجة. وكان يعيش هذه الفترة في ذلك المكان بعيداً عن عالم الناس منفرداً ومتجهاً إلى الله بعقله وقلبه، متأملاً في هذا الوجود وفي ملكوت السماوات والأرض وما جعل الله فيهما.
كان يرى الوجود الإنساني عالماً آخر بعيداً عن الواقع الذي يجب أن يكون فيضاً من الخير والإحسان والصلاح والصفاء والنقاء والطهارة والأخوة والمحبة. ويرى أن هذا الوجود يجب أن يشع بأنوار الحق وتتجلى عليه هداية الإنسان ليكون منبعاً لكل خير.
ويتسع قلب النبي الكريم (ص) لحقائق الوجود والإنسان، وتمتلئ روحه الزكية الطاهرة بالنور الدافق وجلال الحق والواقع بكل أنحائه والذي هو على خلاف ما يعيشه المجتمع المكي بل المجتمعات كلها. رب واحد لا إله إلا هو. وخير وصلاح للإنسان بغير صوره المشوهة التي يعيشونها وهدى ونور وعلم غير ما يقولون.
وحين اكتملت للنبي (ص) أربعون سنة جاءه جبرائيل يناديه بصوت الوحي. صوت لا ينفذ إلا إلى قلب محمد. اقرأ يا محمد، ويقول ما أنا بقارئ، فقال له: {اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اِقْرَأْ وَرَبُكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمَ}العلق. /1-2-3-4
وبتلك الكلمات المقدسة والآيات البينات التي أوحى الله بها إليه، كانت البعثة وكانت الرسالة، واختار الله محمداً نبياً ورسولاً وهادياً ونذيراً وبشيراً للعالمين.
وعاد محمد (ص) إلى بيته وهو يحمل أعظم رسالة إلى البشرية طالما انتظرها الناس بعد انقطاع للوحي عنها دام فترة ستمائة سنة من عهد عيسى .
تلك الرسالة التي ستكون خيراً للإنسان وبركة بمفاهيمها التي فيها الخير والسعادة والتي تعتمد على التوحيد وتنـزيه الإله عن كل ما لا يليق به تعالى، ورفض الأضداد والأنداد.
وبدأ دعوته للخاصة من أهله كما ذكر ابن هشام في سيرته يقول: «فجعل رسول الله وسلم يذكر ما أنعم الله عليه وعلى العباد سراً إلى من يطمئن إليه من أهله» ولذلك كان أول من آمن به وصدقه ولبى نداء الدعوة، علي بن أبي طالب ثم زوجته خديجة. وعن علي في حديث جاء فيه: «لم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله وخديجة وأنا ثالثهما أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة» وآمنت بعد خديجة فاطمة بنت أسد أم علي بن أبي طالب.
ثم بعد ذلك دخل زيد بن حارثة في الإسلام. وبعده دعى من كان يتوسم فيه الاستجابة من الناس حتى صار عددهم أربعين شخصاً. وبقي الأمر طي الكتمان لا يعلمه غير هؤلاء. فالله سبحانه لم يأذن بإعلان الدعوة إلى الإسلام جهاراً في تلك المرحلة وكان المسلمون يلتقون الرسول ويتعلمون القرآن وما يؤكد العقيدة والإيمان في نفوسهم وقلوبهم وضمائرهم. ويمارسون العبادات التي شرعها الله في ذلك الحين سراً ويتعاهدون شؤون دينهم وإيمانهم فكانوا القاعدة المتينة والأساس القوي للإسلام.
وبعد مضي ثلاث سـنوات من الدعوة سراً أمر الله نبيه بإعلان الدعوة. بقوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}الحجر:94وكانت بداية الإعلان دعوة عشيرته والأقربين إليه.
قال تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشـيرَتَكَ الأَقْرَبين* وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤمِنينَ، فَـإِنْ عَصَوُكَ فَـقُلْ إِنّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعمَلُون}الشعراء /214-216
ودعاهم وعرض عليهم أمر الدين قائلاً: يا بني عبد المطلب، إن الله بعثني إلى الخلق كافة وبعثني إليكم خاصة فقال: { وَأَنْذِرْ عَشـيرَتَكَ الأَقْرَبين} وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان ثقيلتين في الميزان تملكون بها العرب والعجم وتنقاد لكم بها الأمم وتدخلون بها الجنة وتنجون بها من النار، شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فمن يجيبني إلى هذا الأمر ويؤازرني عليه وعلى القيام به يكن أخي ووصيي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي. ولم يجبه أحد إلا علي. وكرر الأمر ثانية وثالثة ولم يجبه سوى علي، عندئذ قال لعلي اجلس فأنت أخي ووصيي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي.
ثم إن رسول الله (ص) دعا قريشاً إلى الإسلام جهاراً. حين جاء الأمر من الله بذلك حيث قال تعالى: { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}فقد جاء إلى الصفا وصعدها وصاح يا صباحاه يا صباحاه. وهذا نداء يستعمله العرب إذا أرادوا الاجتماع لأمر مهم. فاجتمعت إليه قريش فقالوا مالك؟ فقال: أرأيتم إن أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم أم كنتم تصدقونني؟ قالوا: بلى.
فقال: إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، يا بني عبد المطلب، يا بني عبدمناف، يا بني زهرة، أنقذوا أنفسكم من النار فإني لا أغني عنكم من الله شيئاً، إن مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو فانطلق يريد أهله أن يسبقوه إليهم.
وقاطعه أبو لهب بقوله: تباً لك ألهذا دعوتنا؟
فأنزل الله سـبحانـه: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ* مـَآ أَغْنَى عَنْهُ مَـالُـهُ وَمَـا كَسـَبَ* سـَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ* وَامْـرَأَتُهُ حَمَّالَـةَ الحَطَـبِ* فِي جِيـدِهـا حَبْـلٌ مِـنْ مَسَدٍ} سورةالمسد.
ولكن هذا الإعلان لم يذهب سدى فقد استجاب للنبي (ص) الكثير من أهل مكة وانضووا تحت راية الإسلام. وكثر عدد المسلمين، وأحدث ذلك تحولاً كبيراً في المجتمع المكي، وأيقظ في نفوسهم وعقولهم الصحوة والإيمان، وأدركوا أن الإسلام دين يتلاءم والفطرة والعقل، ويؤكد الحرية والعدل، ويرتفع بالإنسان إلى المستوى الذي يؤكد إنسانيته، وأصبح الإسلام يشكل قاعدة واسعة ومهمة وصلبة أيضاً عجزت قريش بكل وسائلها وأساليبها التي استعملتها لمحاربة النبي (ص) والإسلام والمسلمين أن تنال منه شيئاً أو توقف مسيرته، وانطلقت بجبروتها وتعنتها إلى استعمال التعذيب والإيذاء للمسلمين كما فعلوا بعمار بن ياسر، وبلال الحبشي، وخباب بن الأرت، فقد عذبوا تعذيباً قاسياً هم وغيرهم ممن دخل في الإسلام، وحتى القتل استعملوه معهم، كما فعل أبو جهل بسمية وياسر أبوي عمار حيث قتلهما بحربة لما رفضا التخلي عن الإسلام والعودة إلى الكفر، ولكن هذا التعذيب لم يزد المسلمين إلا عزيمة وتصميماً وإيماناً واحتساباً، وكان النبي (ص) يحث أصحابه على الصبر برغم الأذى الشديد و الضر القاسي الذي ينـزل بهم حتى يأتي الله بنصره، فقد ورد عن الخباب قوله: أتيت رسول الله (ص) وهو متوسد ببردة في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شـدة، فقلت: ألا تدعو الله لنا؟ فقعد وهو محمر الوجه، فقال: قد كان من قبلكم، ليمشط بأمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنتين ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمِّنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله عز وجل والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون.
ولما رأى النبي شدة الأمر على المسلمين وقسوة قريش عليهم وتعنتهم الشديد، أمر بعضاً من المسلمين بالهجرة إلى الحبشة حيثُ مَلِكها المعروف بالعدل. (ويسمى النجاشي). وهاجر أحد عشر رجلاً وأربع نسوة. وعاد بعضهم إلى مكة لما بلغه أن قريشاً أسلمت، ثم هاجر آخرون وكان عددهم ثمانين رجلاً وثماني عشرة امرأة وكان معهم جعفر بن أبي طالب وزوجته أسماء. وقد أحسن النجاشي جوارهم واطمأنوا إليه، وراحوا يمارسون دينهم بكل حرية واطمئنان لم يجدوه في بلادهم ووطنهم.
وأقلقت الهجرة قريشاً وخافت عاقبتها. وحاولت أن ترجع المسلمين إلى مكة وكانوا قد أرسلوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد إلى النجاشي ليحملوه على التخلي عن جوار المسلمين، ولكن النجاشي لم يقتنع بما جاء به هذان وأرسل إلى المسلمين يستعلم الحقيقة، وحقيقة الدين الذي انتشر في مكة فأطلعه جعفر بن أبي طالب على الحقيقة وعلى واقع ما جاء به محمد بن عبدالله من دين، فيه هدى للناس وصلاح، وخير، ونظام، وأخلاق.
قال له النجاشي: وهل عندك شيء مما جاء به، أي من القرآن: فتلا عليه جعفر سورة مريم، فخشع النجاشي والأساقفة وأخذوا بالبكاء. وقال النجاشي إن هذا والذي جاء به عيسى يخرج من مشكاة واحدة.
وباءت محاولة قريش بالخيبة، وطرد النجاشي الرسولين لقريش، وأعاد إليهم هداياهم، وبقي المسلمون في الحبشة في أحسن جوار وأعز مقام.
ولم تجد قريش بعد محاولاتها الخائبة التي استعملتها ضد المسلمين إلا القسوة مع النبي وايذاءه، لأن قريشاً كانت تنظر إلى النبي (ص) وإلى دعوته كما كانت تنظر إلى الكهان والرهبان والحكماء. وأن دعوته ودينه ما أسرع ما يتلاشى أمام صمودهم وجبروتهم، ولكنهم وجدوا أن هذه الدعوة غير ما يتحدث به الكهان والحكماء، إنها تسمو على ما عند هؤلاء، إنه دين يدعو إلى الإقرار بإله واحد أحد فرد صمد، وترك عبادة الأصنام والأوثان، ويدعو إلى عبادة خاصة تمتاز عن العبادات الأخرى التي يمارسونها، وكذلك وجدوا عند محمد أخلاقاً يدعو إليها مثل حسن الخلق، وصلة الرحم، وأداء الأمانة، والوفاء بالعهد، وترك الفواحش، وقول الزور، وترك الظلم.
وقررت قريش أولاً وهي تواجه عزيمة النبي وإصراره على الاستمرار في دعوته ومواقفه أن تتفاوض مع النبي. لأنها تعلم علم اليقين أنها لن تستطيع أن تتصدى للنبي كما تصدت للمسلمين، ولا أن تستعمل معه العنف الذي استعملته معهم، لعلمها ويقينها أن أبا طالب شيخ البطحاء حامي النبي (ص) وناصره لن يسمح بذلك مهما كلف الثمن ولا بالنيل منه. وأبو طالب كان مرهوب الجانب وله سطوة ونفوذ كبيران. ليس في بني هاشم وحدهم وإنما في القبائل الأخرى التي في مكة أيضاً، ولذلك كان يُعتبر أبو طالب الكهف الحصين والركن الوثيق للدعوة إلى الله وانتشار دينه، ولم يكن ذلك عن حمية لابن أخيه، وإنما عن علم بنبوة محمد ودينه، ولذلك كان أبو طالب مؤمناً بالنبي منذ البداية، ولكنه كان يكتم إيمانه نصرةً لمحمد ودين الله.
وجاءت قريش إلى أبي طالب قائلة له: يا أبا طالب إن ابن أخيك سفه أحلامنا وسب آلهتنا وأفسد شبابنا وفرق جماعتنا فإن كان الذي يحمله على ذلك العدم جمعنا له مالاً حتى يكون أغنى رجل في قريش ونملكه علينا. وعرض أبو طالب مقالة قريش على النبي (ص) فكانت إجابة النبي قاطعة لا تردد فيها ولا مساومة ولا تواني قال (ص):
«يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه». البحار ج18/ص182
فقال له أبو طالب امض في أمرك يا ابن أخي. وقد قال في ذلك شعراً في ذلك:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم ******حتى أوسـد في التراب دفينا



وحين عرفت قريش رد النبي (ص) وعرفت عزم أبي طالب على المضي في نصرته وإصراره على التزام جانب ابن أخيه والذود عنه مهما بلغت التضحيات، صممت هي أيضاً بعد اجتماع عقدوه في دار الندوة على مقاطعة بني هاشم مقاطعة كلية شاملة. وكتبوا ذلك في وثيقة تنص على عدم مبايعة بني هاشم والشراء منهم وعدم التزوج منهم وتزويجهم، وعلقوا الوثيقة في جوف الكعبة وصُدِّرَتُ الوثيقةُ بـ باسمك اللهم.
ودخل بنو هاشم شعب أبي طالب. حماية لأنفسهم من شر قريش. وحُصِّن الشِعب ووضعت عليه الحراسة الشديدة ليل نهار، وقد عانـى بنو هاشم من هذا الحصار الأذى وبلغ بهم الضيق كل مبلغ حتى أجهدوا لأنه لم يصلهم الطعام إلا ما يأتيهم سراً وكان لا يكفيهم، حتى مضت ثلاث سنوات عاشها بنو هاشم أجمع في شعب أبي طالب معزولين عن المجتمع المكي في أشد حصار وفي أقسى وضع عرفته البشرية في مقاطعة دينية.
وانتهت المقاطعة بعد أن سلط الله سبحانه «الأرضة»(1) على الوثيقة فأكلتها بأجمعها إلا كلمة «باسمك اللهم». وأخبر الله سبحانه نبيه بذلك فأخبر النبي (ص) عمه أبا طالب بالأمر، وخرج أبو طالب إلى قريش وأخبرهم بما وقع. وقال لهم إن كان صحيحاً ما يقول محمد فالمقاطعة باطلة وإن كان كذباً سلم إليهم محمدا فلما رأت قريش أن الصحيفة كما قال محمد قد أكلتها الأرضة أسقط ما في أيديها وانتهت المقاطعة وبطل ما كانوا يعملون.
وهكذا انتصر دين الله وتمت كلمة الله في دينه، فسار في أرض الجزيرة مسيرة البرق في آفاق السماء. وانتعشت به النفوس، واستيقظت به العقول، وطهرت به الضمائر، ولم تستطع قريش أن تنال من النبي ماتريد وتوقف مسيرته مادام أبو طالب يحميه وينصره ويقف في وجه قريش وما دامت خديجة تمده بالمال الوافر. وهكذا استمر التأييد الإلهي والنصر الإلهي يرفرفان على رأسه من قبل الله تعالى حتى توفي أبو طالب ثم لحقته خديجة بعد مدة بسيطة، وحزن النبي (ص) عليهما حزناً شديداً وسمى ذلك العام عام الحزن.
ورأت قريش أن النبي (ص) أصبح وحيداً لا ينصره أحد ولا يسانده أحد فازدادت في عدائها ومحاربتها للنبي (ص) وصممت على قتله، واجتمعوا في دار الندوة واختاروا عشرة لقتله، ولكن الله سبحانه أمره عندئذ بالخروج من مكة وأعلمه بما تضمر قريش، وأبات علياً على فراشه في الليلة التي عزموا فيها على قتله. وكانوا متحلقين حول البيت ينتظرون الفجر كي يهجموا عليه فخرج النبي (ص) من بينهم إلى الغار متخفياً فيه منهم، وبقي ثلاثة أيام فيه، ثم غادر إلى موطن هجرته المدينة الطيبة، وكان قبل ذلك التقى بجماعات من أهلها في أكثر من مرة عند العقبة الأولى والثانية، وبايعوه على النصر والتأييد والدفاع دونه، وكانت الهجرة بعد البعثة بثلاث عشرة سنة أقامها في مكة.
والهجرة، المرحلة الجديدة للإسلام، وتعني التطبيق العملي للإيمان والعقيدة التي ترسخت في النفوس، وتمكنت في القلوب، واستيقنت بها العقول، وانتظمت بها أحوال الناس واستشعروا بها الحياة، وتأكدوا أن لا حياة لهم إلا في ظل الإسلام وعقيدته وأحكامه، فانطلقوا يتعاملون مع دينهم ويجسدونه بالعمل والالتزام بالتشريعات التي بدأت بالتدريج، والأحكام الأخرى التي تحدد سلوكهم وأخلاقهم وعباداتهم ومسار حياتهم ومع كل شيء في هذا الوجود.
وهكذا اجتمعوا بعد تفرق وتمزق، وتآلفوا وتوحدوا بعد أن أكلتهم الأحقاد والأضغان، وآمنوا بالإسلام وقووا به بعد أن كانوا عرضة للسبي والاسترقاق والنهب، وتكالبت عليهم الشعوب والأمم من كل مكان.
وكان أهل الأديان والملل ينتظرون ظهور هذا الدين، لما سبقه من تبشير الأنبياء السابقين به حتى امتلأت الكتب المنـزلة من الله بها وبذكر صفات النبي ومعالم أموره، وهكذا ظهر الإسلام في المدينة واجتمع الناس على الحق وتأكدت عظمة هذا الدين وأحقيته وتوافقه مع الفطرة وانسجامه مع كل التوجهات الإنسانية، وقد تأكد هذا الواقع عندما وجدوا النبي (ص) يعيش معهم كواحد منهم لا يميزه عنهم شيء، على خلاف ما كانوا يرون من كبرائهم وزعمائهم من الجبروت والقسوة والجفوة والتمايز، ومن يتتبع حياة النبي (ص) وسيرته في جميع الشؤون يجد الحقيقة فيما نقول وفوق ما نقول، وأنه جسد تعاليم الإسلام والقرآن في كل صغيرة وكبيرة حتى كان الفرد الأكمل للإنسان وللإنسانية السامية. وقد حكى القرآن الكريم واقع الإنسانية بقوله تعالى: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}الحجرات: من الآية13. فالتمايز لا يمكن أن يكون بغير التقوى والعلم والأخلاق، لأن البشر كلهم مخلوقون من أب واحد وأم واحدة آدم وحواء، وآدم من تراب فالخلق كلهم من تراب فكيف يكون التمايز بالتراب.
وبـلغ النبي (ص) القمـة في الفضائـل والمكارم والأخلاق حتى مدحـه الله تعالى بـقولـه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}القلم:4
وقال تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}آل عمران: من الآية159
هذا الواقع الإسلامي الإنساني الذي كان يجسده النبي (ص) بالتزاماته وتعامله مع الأحكام ويعيشه في حياته عملياً مع الناس، جعل الإسلام ينتشر وجعل كلمته تعلو على الأديان كلها ويسمو على كل شيء في عالم الإنسان.
لقد جاء محمد بن عبدالله بدين كامل متكامل في كل شيء لجميع أفراد البشرية، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً} سـبأ: من الآية28 وهو في واقعه ينبع من الواقع الإنساني لأنه جاء لصالح الإنسان فالذي خلق الإنسان يعرف ما يصلح الإنسان ويكمله ويحفظه، فهو دين كما قلنا يتماشى مع منطق الفطرة والعقل والأخلاق، وكل ما فيه الخير والصلاح والنجاح والكمال والرفعة والرقي للإنسان.
وإذا كانت هناك بعض التصرفات الشاذة التي تصدر من بعض المسلمين فهذا لا يعني أن الإسلام فيه شذوذ أو خروج عن الواقع الإنساني. وإنما هي نزوات الإنسان غير الواعي وغير المتفهم لواقعه، والشواهد على ذلك كثيرة وليس هذا محل ذكرها وسأذكر بعض النماذج المهمة في الإسلام التي تؤكد عظمته.

(1) انعقد هذا الحلف لإيقاف التجاوزات والاعتداءات التي كانت تصدر من فتيان قريش ضد الوافدين إليها في سلب أموالهم واغتصاب حقوقهم والاعتداء على أعراضهم، ومن جملة ما ذكر من الاعتداءات أن رجلاً من خثعم قدم إلى مكة حاجاً ومعه ابنته وكانت من النساء الجميلات فاغتصبها منه رجل من مكة يدعى نبيه بن الحجاج وغيبها عنه: فقال أبوها من يعديني على هذا الرجل. فقيل له عليك بحلف الفضول. فذهب إلى رجالات الحلف واستجارهم فاجتمعوا على الغاصب وأجبروه على إرجاعها لأبيها فأرجعها. وغيرها من الحوادث التي وقف الحلف في دفعها. وقد بقي هذا الحلف بصورته الطيبة الحسنة الإنسانية إلى ما بعد ظهور الإسلام بزمن طويل ثم ألغي، أمام تجاوز الأمويين وغيرهم، وتأكيداً لذلك ذكر أن الوليد بن عتبة بن أبي سفيان لما كان والياً على المدينة. اغتصب حقاً للحسين (ع) بقوة السلطان فقال له الحسين: أقسم بالله لتنصفني من حقي أو لآخذن سيفي. ثم لأقومن في مسجد رسول الله وأدعو لإحياء حلف الفضول. وقد تعاضد مع الحسين مجموعة من وجهاء المسلمين وشيوخهم. وأحس الوليد بالخطر من هذا التكتل لإحياء حلف الفضول فأنصف الحسين ورد إليه أمواله.وكان من الطبيعي ذلك لأن الحلف يشكل خطراً على الأمويين.

(1) وهي حشرة صغيرة تأكل الأخشاب والتراب بل تؤثر حتى في الأشياء الصلبة فضلاً عن الطرية الهشة.





نقلا عن كتاب الهداية
السيد علي السيد حسين مكي العاملي

توقيع جارية العترة

للمشاركة بلعن قتلة الحسين وأهل بيته وأنصاره سلام الله عليهم تفضلو هنا
اللَّهُمَّ خُصَّ أَنتَ أَوَّلَ ظَالِمٍ بِاللَّعْنِ مِنِّي وَ ابْدَأْ بِهِ أَوَّلاً ثُمَّ الْعَنِ الثَّانِيَ وَ الثَّالِثَ وَ الرَّابِعَ‏ اللَّهُمَّ الْعَنْ يَزِيدَ خَامِساً وَ الْعَنْ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ وَ ابْنَ مَرْجَانَةَ وَ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ وَ شِمْراً وَ آلَ أَبِي سُفْيَانَ وَ آلَ زِيَادٍ وَ آلَ مَرْوَانَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ



لمتابعة صفحة باسميات - أحزان وأفراح منبرية للملا الحاج باسم الكربلائي




آخر تعديل بواسطة جارية العترة ، 09-Apr-2010 الساعة 10:13 PM.


الرضية
عضو مميز
رقم العضوية : 8540
الإنتساب : Mar 2010
الدولة : لبنان الجنوب السكن دمشق القديمة
المشاركات : 151
بمعدل : 0.03 يوميا
النقاط : 189
المستوى : الرضية is on a distinguished road

الرضية غير متواجد حالياً عرض البوم صور الرضية



  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : جارية العترة المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 15-Apr-2010 الساعة : 11:53 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


اللهم صلي على محمد وال محمد شكرا لك اختنا الكريمة جارية العترة

توقيع الرضية




إضافة رد



ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc