اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
قراءة في كتاب
رسالة عاشوراء بين أهمية الدعوة ولغة الخطاب
المؤلف: الشيخ حبيب الخباز
الناشر: دار المحجة البيضاء، بيروت – لبنان
الطبعة: الأولى سنة 2009
المقاس: 22*14سم
المحتويات: إهداء، تمهيد، مقدمة، ثلاثة فصول وتحتها عدة أبواب، وعدة ملاحق.
الإهداء: أهدي هذه السطور إلى سيدي ومولاي الحسين الشهيد(ع) وأصحابه.
التمهيد: العدالة الإنسانية: من الصعب أن يتفهم العالم ما جرى على الحسين(ع) في يوم عاشوراء، وبالكيفية التي وقعت وكانت عليها، إلا إذا وضعت في مسارها الصحيح، والتي تتمثل في قضايا الإنسان العادلة، وهي التي تهتم وتتطلع إليها شعوب العالم في هذا العصر، وتسعى لتحقيقها بكل السبل المشروعة، وتتجلى هذه القضايا في: -1- الاهتمام والتأكيد على حرية المعتقد والتعبير عنه. -2- حفظ الكرامة الإنسانية في الحياة والعيش. -3- السعي نحو تحقيق مقومات المجتمع المدني مثل الشورى والمساواة وتوزيع الثروة.
المقدمة: النهضة الحسينية من أهم الأحداث التاريخية والتي تحاول هذه الثقافة أن ترصد أهم جوانبها والتعبير عنها بما يخدم مصلحة الإنسان وقضايا الأمة وعبر الوسائل الناجعة ومن أهمها: -1- الاهتمام بالإعلام ووسائله المتعددة. -2- تفعيل دور الإنسان وبناء المؤسسات المدنية. -3- بناء كيان الأمة ووحدتها. ودور الثقافة الإسلامية على مستوى هذا الهدف الاستراتيجي هو: -1- إعادة صياغة المفاهيم الوحدوية وتقوية الكيان. -2- المبادرة في طرح المشاريع الإسلامية على المستوى العالمي. -3- الاهتمام بالثقافة الإسلامية الشاملة للبناء والتقليل من تأثيرات الواقع السلبي وسياساته. -4- إيجاد محاور استقطاب لكل الطاقات والإمكانات عند أبناء الأمة لتحقيق أهداف هذا المشروع. -5- تقديم الدراسات التي تهتم وتكشف عن ما أصاب الأمة من أمراض وعيوب مختلفة، والتي ترتبط بمصير ومسار الأمة للوقوف عند الحقائق والاستفادة منها. -6- الاهتمام بدور التواصل والتقارب بين أبناء الأمة وعلى مختلف الصعد والمستويات. -7- الاهتمام بالدعوة والخطاب المعتدل الذي يعزز هذا التواصل ويبرز تلك المفاهيم ويسهل تطبيقها. -8- تقديم فرص البناء والتعاون والتبادل في الإمكانات والقدرات وتسخير ذلك بما يخدم المشروع الحضاري. -9- الاستفادة من معطيات العصر ومن الوسائل والتقدم، للمساهمة في تقليص كل التأثيرات السلبية، وتجاوز العقبات وتذليل الصعوبات وتعزيز القدرات التي تساعد على تحقيق البنية الصحيحة في العلاقة والبناء.
الفصل الأول: رسالة عاشوراء: صفحة(22) للأسف نجد العالم يبرز دور الأحداث والمآسي العالمية، بغية عدم تكرارها وتجنب أسبابها، إذا لماذا لا يكون هذا الاهتمام والتركيز على بقية الأحداث والمآسي التاريخية، مثل مأساة كربلاء. فهو حدث يرفض نفسه على مر التاريخ والزمان، وله جذور وعمق يتصل بالإنسان وحضارته والدين والمبادئ والقيم التي يحتاجها الناس في كل العالم، مثل الحرية والعدل والمساواة ومحاربة الظلم والفساد، فلا نجد ذلك التفاعل والاهتمام حتى في حياة الأمة – المسلمين والعرب. والجواب هناك عوامل وأسباب مختلفة منها موضوعية وأخرى مقصودة، نذكر أهمها: أول: تعمد التضليل والتجاهل والتغطية للحدث. ثانيا: الشيعة وعدم تقديم الصورة الحضارية. ثالثا: التخلف العام والجهل بالإسلام.
صفحة(27) موقف الأمة من النهضة المباركة: بالرغم من أن النهضة هي جزء وحلقة من تاريخ الإسلام والأمة، وأنها تشكل منعطفا حيويا ومفصلا حضاريا بكل ما يحمل من إشراقات، نجد الأمة غير قادرة على استيعاب الحدث والاستفادة منه، أو الشعور بالمسؤولية، من أجل أن تتخطى حقب الظلام وكوارث الصراع والصدام ونفق الاختلافات التي ابتليت بها، والتي كان لها الكثير من السلبيات، حيث غذت النفوس بالكراهية والتعصب وثقافة الصراعات المذهبية والطائفية، والأسوأ أصبحت الأرضية محط الأطماع والانتهازيين والدخلاء من كل حدب وصوب.
روح المسؤولية والايجابية: والذي يهمنا في هذا الجانب هو عرض لتلك الآراء لأولئك القادة والمصلحين والمفكرين والناقدين، بما لهم من أراء ونظريات وتأثير في الناس، عبر كلماتهم وخطاباتهم وبياناتهم ومشاريعهم، نخلص إلى أهمها: أولا: تجاهل الحدث والغض عنه، باعتباره حدثا تاريخيا وبعيدا، والاهتمام به كما ترى يكرس ويساهم في الخلافات وتغذية المشاعر بالكراهية والتعصب ٍ ثانيا: التأكيد على هذه المناسبة، لأنها تبرز تلك المظلومية التي وقعت على أهل البيت(ع). ثالثا: ويرى البعض الآخر إن الإشكال ليس في إحياء المناسبة في كل عام فهذا شأن أللآخرين، لكن الإشكالات هي في طريقة العرض والأساليب المتبعة.
صفحة(30) كربلاء مناسبة ومأساة فرضت نفسها على الواقع: مهما قيل عن كربلاء، فإن الحدث فرض نفسه على صعيد الواقع والتاريخ، وهذا هو سر من أسرار هذه النهضة المباركة إما: -1- لأن الله سبحانه وعد في كتابه الكريم بأنه لا يضيع أجر العالمين والمحسنين. -2- أو لأن الله وعد بنصر من ينصره. وقد يسأل بعضهم كيف يتحقق هذا النصر والحسين(ع) ومن معه أصبحوا صرعى وحديثا ماضيا؟ والجواب: إن الانتصار لا يقتصر فيه على الجانب والبعد المادي، ولو كان الانتصار المادي هو الحاكم والمقياس، لخلد ذكر من يحسبون على هذا الاتجاه من الزعامات والجيوش والشخصيات، لكننا نرى العكس تماما، حيث نجد ن البقاء والخلود لمن يحمل مشعل القيم والهداية والحق.
صفحة(37) انتصار الحسين(ع) على الزيف: وبذلك نعرف سر هذا الانتصار الرباني من خلال استمرار الرسالات وتخليد ذكرى الرسل والأنبياء والرساليين، رغم أنوف الظالمين وكيد الباغين وعناد الحاسدين، الذين يحاولون إطفاء نور الله بكل الوسائل والمكائد والسياسات.
صفحة(40) انتصار الدم على السيف: فبعد أن فرضت المواجهة على الإمام الحسين(ع) لغرض أخذ البيعة للحاكم يزيد، فكر الحسين(ع) في كل الخيارات المتاحة والممكنة في مواجهة هذا الموقف، وأهمها هو حشد جماهير الأمة. لكن ذلك لم يكن بالسهل للعوامل المختلفة، ومنها هو سيطرة النظام الحاكم على مقاليد البلاد ورقاب الناس. جعل من هذا الخيار أمرا صعبا، والدليل على ذلك هو تخلي الكثير من الناس المحسوبين على أهل البيت من الموالين عن الحسين(ع) ونهضته، مع أنهم بعثوا الرسل والكتب، يحثون الإمام(ع) على الإقدام، وذلك خوفا من بطش يزيد وأعوانه. ولأهمية هذه المراسيل التي وصلت للحسين من أجل النهوض، نلخص أهم الجوانب فيها لإلقاء الضوء على هذه المسيرة: -1- إن الإمام الحسين(ع) هو المؤهل لقيادة الأمة. -2- إن أرضية الثورة مهيأة لممارسة هذا الدور. -3- إن الواقع الفاسد والظلم المفتش لم يترك خيارا إلا المواجهة. -4- إن مبايعة الحسين(ع) ليزيد أو سكوته سوف تزيد الوضع ارتكاساً وانحرافا، لأنه يمثل الشرعية الدينية.
صفحة(48) الحسين(ع) رمز للبطولة والفداء: كانت الأمة بحاجة ماسة إلى هزة في الأعماق ويقضه في الضمير وصرخة مدوية في النفوس والعقول وأمام العالم، حتى تستعيد عافيتها، من التخلف وسياسات الاستبداد، فكان الحسين(ع) هو وأهل بيته وأصحابه كبش الفداء.
الفصل الثاني: الأمة واستيعاب الحدث: صفحة(53) فالشيعة لا يختلفون عن غيرهم إلا بمقدار استفادتهم من هذه المناسبة والحدث، فهم الأقرب والأكثر إحاطة من غيرهم بسبب ولائهم وحبهم وإحياء أمرهم في كل الشؤون، مما يمكنهم من القدرة في تجيير هذه المأساة لصالحهم، وتحويلها إلى روح في كيانهم وتحقيق البناء والتقدم، والظهور أمام العالم بما يناسب النهضة المباركة، من اجل ترويجها وتكريس معالمها. وهنا نشير إلى أهم تلك الجوانب التي تساهم في الاستفادة من عاشوراء في كل عام: أولا: الحرص على تقديم الحقيقة للناس: وهذا يتطلب الموضوعية وليس المبالغة، من خلال البحث المتأني واستقصاء الحقائق مصادرها. ثانيا: احترام العقول والنقد البناء: بالاهتمام بالشيء النافع للناس وما يرتبط بحياتهم ومصيرهم ومستقبلهم وليس فقط على الإثارة للمشاعر والعواطف التي تؤثر على الناس بشكل جرعات مؤقت. ثالثا: دور القدوة: من أهم عوامل التأثير في الناس عبر الخطاب وفي أي جانب، هو مدى صدق الكلمة، من خلال تجسيد العملي في السلوك ومسرح الحياة. رابعا: الترشيد والتفعيل للطاقات: كلما طل الخطاب على نافذة الحياة الواسعة ومصادرها ومنافعها، شد الناس غلى فكره وخطابه، أما التجمد في زاوية حادة من الحياة وتكرار الأحاديث والمواضيع دون مراعاة إلى اختلاف التخصصات والمهمات والتطلعات، فهذا يفقد الحيوية والتفاعل من قبل الناس ويسبب النفور. خامسا: وحدة الأمة وكيانها: فمن دونها لا يمكن أن نبني امة ولا نشيد حضارة، لان مفهوم الأمة يعني الجماعة والمجتمعات والأمم، وليس الفرد، وإذا ورد في القرآن (أن إبراهيم كان أمة) فهو تأكيد وإشارة إلى تلك الصفات والمقومات للشخصية وليس الشخص. سادسا: النظرة إلى الشعوب: والإسلام دين الحضارة والرحمة، فهو يؤكد على الانفتاح والتعاون والمعرفة بين الناس والشعوب المختلفة، بشرط أن يكون ذلك من منطلق الاحترام المتبادل، وكذلك على أسس صحيحة من العدل والمساواة والسعادة والفضيلة. سابعا: التأكيد على قيم ومبادئ التمدن والحضارة: ليست المشكلة في مكتسبات هذا التقدم من العلم والتكنولوجيات والصناعات، كلا بل لابد أن نشيد بها ونستفيد منها، لأنها نعم الله سبحانه، وجهود بذلت وتضحيات في سبيل تحقيق ذلك، ولكن ما يؤخذ على ذلك هو تغييب البعد الروحي والمثل والقيم والمبادئ التي تسمو بالإنسان.
صفحة(151) الفصل الثالث: نهضة الحسين(ع) والقضية المركزية: نجد هناك اهتمام بارزا بشخصية ونهضة الحسين(ع) على إنها قضية مركزية، وهذا واضح من خلال التأكيد عليها في السنة والسيرة وفي كل المناسبات الإسلامية. وهنا نشير إلى تلك الأبعاد والجوانب التي انطوت عليها تلك النهضة المباركة فاستحقت المكانة والاستمرار والعظمة في النفوس والحياة، والتي تؤكد حيويتها وتأثيرها: أولا: الحسين(ع) وارث مشروع السماء: فلولا الحسين(ع) ونهضته المباركة لتعرضت مفاهيم الدين ومبادئه إلى المسخ والتشويه، وبذلك ذهبت تلك الجهود التي بذلها الرسل والأنبياء عبر الرسالات والتاريخ، حتى آخر الرسالات وهو على يدي خاتم الأنبياء محمد(ص)، لذلك أصبح غريبا كما بدا، وكما قال الأمام علي(ع) (لبس الإسلام ثوب الفرو مقلوبا) هذا في عهده، فكيف بالحال الذي وصل إليه في عهد يزيد بن معاوية. ثانيا: النهضة الحسينية والمثل العليا، فالنهضة المباركة حوت كل الفضائل وجسدت كل المآثر والمفاخر، مثل الشجاعة والإيثار والصبر والغيرة والأخلاق والبذل والعطاء والتعاون والمحبة والتعاطف، فكربلاء مدرسة شامخة بحق قدمت كل الدروس وفي كل المجالات وعلى كل الصعد الإنسانية والقيمية. ثالثا: المأساة الفريدة: التي ليس بعدها مأساة يمكن أن تقع مثلها ولن تقع، برغم المكانة والقدسية والطاهرة التي لا تخفي على احد، خصوصا لأهل العراقـ،، وقد حاول الإمام(ع) تذكير القوم بنسبة ومكانته وأهل بيته أكثر من مرة في خطاباته، وشرح لهم أهدافه وغاياته التي من اجلها خرج، ودعوتهم له بالمجيء، إلا أن ذلك لم يكن كافيا وحاجزا عن قتله، وقتل من معه وسبي نساءه.
صفحة(179) ملحق رقم(1) الحسين ورسالة السلام: الاهتمام بهذا الحدث والمأساة لا يمكن أن تكون خصوصية أو لجهات ضيقة، وكذلك لا يمكن أن تكون ضد مصلحة الناس والأمة، أو باعثا على الإخلال بالمبادئ السمحة ورسالة السلام أبدا. بل السلام يكمن في رسالة الحسين ومبادئه التي خرج من أجلها والتي تؤكد على: أولا: الدعوة للإصلاح والتغيير. ثانيا: دعوته إلى القيم العادلة والحضارية. ثالثا: الكرامة الإنسانية المفقودة.
صفحة(182) واجب الأمة اتجاه النهضة الحسينية والمأساة: -1- التعريف بهذه النهضة على مستوى العالم. -2- التأكيد على قيمة الدماء والعطاء والتضحيات في حياة الأمة، هي تأكيد على تلك الرسالة الحضارية، ومأساة كربلاء ما هي إلا حلقة في تاريخ الأمة ونضال الشعوب المغلوبة. -3- الإصلاح والتغيير من الداخل مهمة أساسية. -4- النهضة الحسينية وبشائر الخير والسلام، إن نهضة الإمام أعطت للأمة روحا وإضاءات في فهم الإسلام فهما عميقا وأصيلا.
صفحة(197) ملحق رقم(2) دليل السيرة والمصداقية في حياة أهل البيت: سيرة أهل البيت هو الدليل الذي لا يمكن تحريفه وتأويله، والذي يكشف بصدق عن مستوى قدراتهم وطهارتهم وعصمتهم، وأنه مهما قيل عنهم من كذب وافتراء وانتقاص، لا يمكن أن يحجب الحقيق الناصعة بأنهم الأجدر في تولي زمام الأمور والقيادة للأمة والبشرية، وللدلالة على مصداقية هذه السيرة العطرة نشير إلى أهم الأبعاد والمحاور في حياتهم، ونقتطف بعض الزهور ونلتمس بعض الضياء لأن حياتهم كلها نور وضياء: أول: السيرة الذاتية. ثانيا: الأخلاق والمسؤولية. ثالثا: المرجعية الرسالية والتاريخية. رابعا: مرجعية أهل البيت جهاد وتضحيات بلا حدود.
صفحة(219) ملحق رقم (3) كيف نكافئ الرسول(ص)، وندافع عن شخصيته؟ صفحة(225) هذا الأمر يقتضي البحث والدقة في الأجر الذي ابتغاه الرسول(ص) من الأمة كمكافئة لدوره ورسالته وحرصه لهداية الأمة وسعادتها، فما هو هذا الأجر: أولا: أهل البيت هم الامتداد للرسول والرسالة: فهل الأمر والطلب للمودة لأهل البيت(ع) مكافأة شخصية أو منطلق عاطفي يجسد حقيقة القرابة والشعور الطبيعي لتأثير الوراثة؟ كلا لأنه خلاف ديدن الرسل جميعا، كما أسلفنا، ولكن هذه القرابة تمثل حقيقتين: -1- القدسية التي أكد عليها القرآن في آية التطهير. -2- إن أهل البيت يمثلون الامتداد الرسالي. ثانيا: تحقيق مصلحة الأمة: من هنا عن مودة أهل البيت وطاعتهم هي في الحقيقة طاعة للرسول ولله سبحانه، وهو يضمن مصلحة الأمة ويحفظ مسيرتها. ثالثا: أهل البيت والمضمون الحضاري: إن التأكيد على مودة القربى هو تأكيد على مواصلة طريق الرسالة وتحقيق المضمون الرسالي في حياة الأمة، لأنهم يمثلون النهج الرباني الأصيل والمضمون الحضاري.
صفحة(232) الدفاع عن شخصية الرسول(ص): إذا كان الأعداء يحاولون استفزازنا من خلال تلك الأساليب، فيجب علينا أن نحرص على العودة الحقيقية في تأكيد العلاقة مع الرسول(ص) والحب إليه، ومن أمر بحبهم ومودتهم وموالاتهم وهم أهل البيت(ع).
بقلم: حسين نوح مشامع – عضو مركز آفاق للدراسات.