اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
حكمة الإبتلاء
لماذا الإبتلاء؟
إن الانسان عندما يولد، تولد معه فرصتان متساويتان ككفتي الميزان اللتين لا رجحان لأحداهما على الأخرى؛ فرصة الخير، وفرصة الشر.. فرصة الدخول الى الجنة، وفرصة الدخول في النار. ثم يدخل الانسان بعد ذلك في سلسلة لا تنتهي من الامتحانات، وهذه الامتحانات تتعمق وتصبح أكثر صعوبة عند البلوغ، وفي بعض الأحيان تغدو امتحانات عسيرة شديدة.
وكلما إزدادت هذه الاختبارات شدة وصعوبة، إزداد نقاء جوهر الانسان. والدليل على ذلك إن أصل كلمة (فتنة) مقتبس من وضع الذهب في النار، لأن هذا المعدن يختلط بسائر المعادن. فلكي يصفى وتذهب عنه تلك الشوائب، فانه يحتاج الى (الفتنة)؛ أي الى أن يعرض للنار ليذوب فيها وتزول الزوائد منه. وقد استخدم القرآن الكريم هذا المصطلح في مواضع عديدة، منها سورة (البروج) حيث يقول عز من قائل: { إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ } (البروج/10)
فما هو - يا ترى - معنى الفتنة للمؤمنين في هذه الآية الكريمة ؟
إنها تعني؛ أن في داخل المؤمن خليطاً من رواسب الشرك والذنوب والخطايا.. فالكثير من الناس كانوا يعانون في مقتبل أعمارهم من إنحرافات، كالكذب والغيبة، والنظر أو الاستماع الى ما حرمه الله تعالى، وما الى ذلك من ذنوب. وهذه الذنوب تظل في أعناقنا بالتأكيد، لأنها مسجلة في اللوح المحفوظ، وقد أحصتها الملائكة علينا. كما أنه كل شيء يشهد على الانسان، كالأرض التي ارتكب الذنب عليها، والجوارح التي مارست بها هذا الذنب. أضف الى ذلك، إن الذنوب تترك آثاراً على قلب الانسان، فهي ترين عليه، وتحيط به.
نعوذ بالله تعالى من جهد البلاء وشدته، ومن التعرض الى الفتن العظيمة التي لا طاقة للانسان بها والتي تؤدي الى تهيبه وتراجعه، وبالتالي سقوطه في الامتحان الإلهي.