لم أنسى زينب في دجية ليل الفراق
حائرة الفكر ذاهلة الفؤاد مشحونة الآلام
كأن هذا الليل لباقي الليالي صندوق شجوٍ
تصب فيه لآلئ العين فتخزنها لقادم الأعوام
حتى إذا تفرع الصبح فأبدى لها حادثاً
هز كيانها رأيتها كالجبل الأشم قيدة الزمام
وقد أتوا بعد الحسين بنار الظلم
يبتغوا في ضرامها لها حرق الخيام
بعد أن داسوا الصدر الشريف بالصافنات
وأوغلوا في حرمة طه بالسلب والإجرام
ففرت كل النسا والأطفال تحت أقدام الخيول
تداس صرعى والنار شبت من كل ناح بالضرام
وشبت في أذيالها النار فلم ترى غير العليل
كيف تحفظ فيه نسل طه والإمامة والإسلام
فأتى الشمر والسوط ساطٍ على متونها
فلم تستكن راحت بروحها تفدي خير إمامِ
ولما جن الليل لم تنؤ في جمع العيال
تلطف لها حالاً وحالها أخفاها طي الظلام
حتى غدت على جسم الحسين تمشي إليه
والدمع هاوٍ في وجنة الحزن والفؤاد دام
تشكو إليه بئس الحال ولكن الصبر الذي
فيها فاق المقام وأعجز المجازة في الكلام
لما عضت على الرزء ومدت إلى الله ترفع الصوت
تقرب القربان أي فخرٍ وأي موقفٍ من الإعظام
لكن الذي يلهب الصدر لما غدت في الأسر تسبى
من طف العراق مكبلة على النياق تساق بغير لثام
ولم أنسى لما بها أتوا مسبية والأغلال تقيدها
وقد أدخلوها مجلس عقد على الخمر والحرام
قامت ورأس الحسين أمامها ترد القول ببلاغة
فقلبت الأمور وأزالت عن الحق غشاوة الإبهام
ثم مضت إلى الطف تودع قبر الحسين وترد إليه
رأساً فارق الجسم الذي ذبح بجنب النهر ظام
ثم عادت لمدينة جدها وثم أتت مرة أخرى
تحيي ذكرى الحزن فماتت بها ودفنت في الشام
المسيرة الزينبية
لـ خادم الزهراء
إبراهيم قبلان العاملي
رجب 1432 هجرية