اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
آية الله الشيخ العارف حسن حسن زاده آملي ( كتاب السير إلى الله )
الأدب مع الله تعالى في كل حال، وقد كان بعض مشايخي وهو العالم المتنزه والحكيم العارف الموحد البارع الآية السيد محمد حسن القاضي الطباطبائي التبريزي الشهير بالإلهي أعلى الله تعالى مقاماته ورفع درجاته وجزاه عني خير جزاء المعلمين كثيرا ما يوصيني فيما يوصي بالمراقبة لله تعالى، والأدب معه، ومحاسبة النفس لا سيما بالأولى منها، ولا أنسى نفحات أنفاسه الشريفة وبركات فيوضاته المُنيفة.
قال عيسى روح الله وكلمته : (لا تقولوا العلم في السماء، من يصعد فيأتي به، ولا في تخوم الأرض، من ينزل فيأتي به، العلم مجعول في قلوبكم، تأدبوا بين يدي الله بآداب الروحانيين ، وتخلقوا بأخلاق الصديقين، يظهر من قلوبكم حتى يعطيكم ويغمركم)
قال الإمام الجواد كما في الباب 49 من إرشاد القلوب للديلمي في الأدب مع الله تعالى: ((ما اجتمع رجلان إلا كان أفضلهما عند الله آدبهما فقيل: يا ابن رسول الله قد عرفنا فضله عند الناس فما فضله عند الله؟.. فقال بقراءة القرآن كما أنزل، ويروى حديثنا كما قلنا، يدعو الله مغرما)).
وفي ذلك الباب: قد روي أن الله تعالى يقول في بعض كتبه: ((عبدي أمِنَ الجميل أن تناجيني وتلتفت يمينا وشمالا ويكلمك عبد مثلك تلتفت إليه وتدني؟.. وترى من أدبك إذا كنت تحدث أخا لك لا تلتفت إلى غيره فتعطيه من الأدب ما لم تعطني فبئس العبد عبد يكون كذلك)).
وفيه أيضا: روي أن النبي وسلم خرج إلى غنم له وراعيها عريان يفلي ثيابه فلما رآه مقبلا لبسها، فقال النبي وسلم: امض فلا حاجة لنا في رعايتك، فقال: إنا أهل بيت لا نستخدم من لا يتأدب مع الله ولا يستحي منه في خلوته.
والأدب مع الله بالاقتداء بآدابه وآداب نبيه وسلم وأهل بيته وهو العمل لطاعته، والحمد لله على السراء والضراء والصبر على البلاء، ولهذا قال أيوب {رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين} فقد تأدب هنا من وجهين أحدهما أنه لم يقل أنك أمسستني بالضر، والآخر لم يقل ارحمني بل عرض تعريضا فقال: وأنت أرحم الراحمين وإنما فعل ذلك حفظا لمرتبة الصبر.
وكذا قال إبراهيم : {وإذا مرضتُ فهو يشفين} ولم يقل إذا مَرّضتني حفظا للأدب.
وقال أيوب في موضع آخر: {إني مسني الشيطان بنصب وعذاب}، أشار بذلك إلى الشيطان لأنه كان يغري الناس فيؤذونه وكل ذلك تأدب منهم مع الله تعالى في مخاطبتهم.
قلت: وتأدب آدم و زوجه بقولهما: {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} وترك إبليس الأدب معه تعالى بقوله: {فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم}.