اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
تضمّنت وصايا الإمام العسكري () ورسائله، بيان الأحكام الشرعية ومسائل الحلال والحرام كما اشتملت على خطوط للتعامل مع الآخرين وكان ذلك بمثابة منهاج سلوكي ليسير عليه شيعته ويقيموا علائقهم وفقاً له فيما بينهم وبين أبناء المجتمع الذي يعيشون فيه وإن اختلفوا معهم في المذهب والمعتقد ، ومن هذه الوصايا: 1 ـ قوله (): «اُوصيكم بتقوى الله والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث وأداء الأمانة الى من ائتمنكم من بر أو فاجر، وطول السجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد (صلى الله عليه وآله)، صَلّوا في عشائركم، واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم، وأدّوا حقوقهم، فإنّ الرجل منكم اذا ورع في دينه، وصدق في حديثه، وأدّى الأمانة، وحسَّن خلقه مع الناس قيل: هذا شيعي فيسرّني ذلك، اتّقوا الله وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً، جُرّوا إلينا كلّ مودّة، وادفعوا عنّا كلّ قبيح فإنّه ما قيل فينا من حُسْن فنحن أهله وما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك . لنا حقٌّ في كتاب الله وقرابة من رسول الله وتطهيرٌ من الله لا يدّعيه أحد غيرنا إلاّ كذّاب . أكثروا ذكر الله وذكر الموت وتلاوة القرآن والصلاة على النبي ()، فإنّ الصلاة على رسول الله عشر حسنات، احفظوا ما وصّيتكم به واستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام»[1].
2 ـ وقال (): «أمرناكم بالتختّم في اليمين ونحن بين ظهرانيكم والآن نأمركم بالتختم في الشمال لغيبتنا عنكم إلى أن يظهر الله أمرنا وأمركم فإنه أول دليل عليكم في ولايتنا أهل البيت» .
وقال () لهم: «حدثوا بهذا شيعتنا»[2].
3 ـ وكتب الإمام الحسن العسكري() وصيّته إلى أحد أعلام أصحابه، هو علي بن الحسين بن بابويه القمي جاء فيها:
«أوصيك... بتقوى الله وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة فإنّه لا تقبل الصلاة من مانع الزكاة، واُوصيك بمغفرة الذنب وكظم الغيظ، وصلة الرحم، ومواساة الإخوان، والسعي في حوائجهم في العسر واليسر والحلم عند الجهل، والتفقّه في الدين، والتثبت في الأمور، والتعاهد للقرآن، وحسن الخلق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الله تعالى: ( لا خير في كثير من نجواهم إلاّ من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس )واجتناب الفواحش كلها، وعليك بصلاة الليل فإنّ النبي (صلى الله عليه وآله) أوصى علياً() فقال: ياعلي عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل، ومن استخفّ بصلاة الليل فليس منّا، فاعمل بوصيتي وأمر جميع شيعتي بما أمرتك به حتى يعملوا به، وعليك بالصبر وانتظار الفرج فإنّ النبي () قال: أفضل أعمال اُمّتي انتظار الفرج...»[3] .
وبذلك رسم الإمام الحسن العسكري () منهجاً واضحاً لشيعته للسير عليه وهو يتضمن مبادئ وأحكام الشريعة الاسلامية وما تدعو إليه من خلق رفيع، وحسن تعامل مع الناس سواءاً كانوا موافقين لشيعته في المبدأ أو مخالفين لهم، وتلك هي أخلاق الإسلام التي دعى إليها رسول الإنسانية محمد بن عبد الله ().
4 ـ وصوّر الإمام الحسن العسكري () الواقع الذي كان يعيشه وما كان يحتويه من اختلاف الناس ومواليه بتوقيع خرج عنه () إلى بعض مواليه حيث طلب من الإمام () إظهار الدليل، فكتب أبو محمد (عليه السلام):
«وإنما خاطب الله عز وجل العاقل وليس أحد يأتي بآية ويظهر دليلاً أكثر مما جاء به خاتم النبيين وسيد المرسلين، فقالوا: ساحر وكاهن وكذّاب، وهدى الله من اهتدى، غير أن الأدلة يسكن إليها كثير من الناس وذلك إن الله عز وجل يأذن لنا فنتكلم، ويضع ويمنع فنصمت، ولو أحب أن لا يظهر حقاً ما بعث النبيين مبشرين ومنذرين يصدعون بالحق في حال الضعف والقوة، وينطقون في أوقات ليقضي الله أمره وينفذ حكمه.
الناس في طبقات شتى، والمستبصر على سبيل نجاة متمسك بالحق، متعلق بفرع أصيل غير شاك ولا مرتاب، لا يجد عنه ملجأ، وطبقة لم تأخذ الحق من أهله، فهم كراكب البحر يموج عند موجه، ويسكن عند سكونه، وطبقة استحوذ عليهم الشيطان شأنهم الرد على أهل الحق، ودفع الحق بالباطل، حسداً من عند أنفسهم فدع من ذهب يذهب يميناً وشمالاً فالراعي إذا أراد أن يجمع غنمه جَمعها في أهون السعي، ذكرت ما اختلف فيه موالي فإذا كانت الوصية والكبر فلا ريب ومن جلس مجالس الحكم فهو أولى بالحكم، أحسن رعاية من استرعيت وإياك والإذاعة وطلب الرياسة فإنهما يدعوان إلى الهلكة