|
عضو نشيط
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
موالية حيدر
المنتدى :
ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء )
ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء )
بتاريخ : 26-Nov-2011 الساعة : 12:47 PM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الغليان الدائم
هي ثورة بدأت ساخنة، واستمرّت محافظةً على سخونتها..
طالما ثَمّة ظلمٌ فوق هذا الكوكب، وطالما ثمّة فسادٌ في الحكم،
وطالما ثمّة عبثٌ في العقائد. وهي ثورة لن تبرد أبداً، بل هي في غَلَيان دائبٍ..
سيّما في هذا العصر، عصرِ الضَّنك والظلم والاضطهاد والترويع لشعوبٍ كثيرة،
حيث انتُهِكت الحريّات، وبان جليّاً العبثُ في العقائد والأديان،
بل واستغلال هذه الأديان في تثبيت المفاسد والانتهاكات البشريّة.
فالحسين عليه السّلام ثارَ مِن أجل الحقّ، والحقُّ لكلّ الشعوب.
والحسين عليه السّلام ثار مِن أجل مرضاة الله،
وما دام الله خالق الجميع، فكذلك ثورة الحسين لا تختصّ بأحدٍ معيّن،
بل هي لكلّ خَلْق الله...
المظلومون والمضطهدون والمقهورون والمروَّعون من كلّ المذاهب والبقاع..
يتوجّهون في كلّ رغباتهم إلى جوهر ثورة الحسين عليه السّلام،
ففي اتّجاههم الفطريّ ورودٌ إلى منبع الكرامة والإنصاف والعدل والأمان.
وما دامت قد تعيّنت ماهيّة ثورة الحسين عليه السّلام بهذه ( المعاني )..
أفَلا يَجدر اعتبار الحسين شهيداً: للإسلام والمسيحيّة واليهوديّة،
ولكلّ الأديان والعقائد الإنسانيّة الأخرى ؟!
قال قسّيس مسيحيّ:
لو كان الحسين لنا، لَرفَعْنا له في كلّ بلدٍ بَيْرقاً،
ولنصَبْنا له في كلّ قريةٍ مِنْبراً،
ولَدَعْونا الناس إلى المسيحيّة باسم « الحسين ».
حركة الحسين.. شهادة للإسلام الحقّ
جديرٌ بقدسيّة رسالة الحسين عليه السّلام، أن يقدّمها العالَمُ الإسلاميّ كأنصع ما في تاريخ الإسلام،
إلى العالَم المسيحي، وكأعظم شهادةٍ لأعظم شهيدٍ في سبيل القيم الإنسانيّة الصافية الخالية من أيّ غرضٍ أو إقليميّة ضيّقة،
وكأبرز شاهدٍ على صِدق رسالة محمّدٍ « صلّى الله عليه وآله » وكلِّ رسالات الأنبياء السابقين.
وليس أدلّ على ما لسحر شهادة الحسين عليه السّلام من قوةِ جذبٍ للشعور الإنسانيّ،
من حادثة رسول القيصر إلى يزيد، حينما أخذ يزيد ينكث ثغر الحسين الطاهر بالقضيب على مَرأىً منه،
فما كان من رسول القيصر إلاّ أن قال له مستعظِماً فِعلتَه: إنّ عندنا في بعض الجزائر حافرَ حمار عيسى،
ونحن نحجّ إليه في كلّ عام من الأقطار ونهدي إليه النذورَ ونعظّمه كما تعظّمون كتبكم، فأشهَدُ أنّكم على باطل!
فأغضب يزيدَ هذا القول، فأمر بقتله، فقام رسول القيصر إلى الرأس الطاهر وقبّله،
وتشهّد الشهادتين ( أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله )،
وعند قتله سمع أهلُ المجلس من الرأس الشريف صوتاً عالياً فصيحاً يردّد: لا حولَ ولا قوّة إلاّ بالله! ».
وحادثة أخرى دفعت براهبٍ مسيحيّ لأن يبذل دراهم مقابل تقبيل رأس الشهيد،
وكان ذلك عند نصب الرأس على رمحٍ إلى جانب صومعته، وفي أثناء الليل سمع الراهب تسبيحاً وتهليلاً،
ورأى نوراً ساطعاً من الرأس المطهَّر، وسمع قائلاً يقول: « السلام عليك يا أبا عبدالله »،
فتعجّب حيث لم يعرف الحال. وعند الصباح استخبر الراهبُ القومَ فقالوا له:
إنّه رأس الحسين بن عليّ ابن فاطمة بنت النبيّ محمّد، فقال لهم: تَبّاً لكم أيّتُها الجماعة! صَدَقتِ الأخبار في قولها:
إذا قُتِل تَمطُر السماءُ دماً!
وأراد منهم أن يقبّل الرأس فلم يُجيبوه إلاّ بعد أن دفع إليهم دراهم،
ولمّا ارتحلوا عن المكان نظروا إلى دراهم الراهب فإذا مكتوبٌ عليها:
وسَيَعلمُ الذينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلبون .
فبداهةُ القول: أنّ أيّ فكرٍ إنسانيٍّ يطّلع على السيرة العطرة لسيّد الشهداء،
لابدّ وأن تتحرّك في وجدانه نوازعُ الحبّ لهذا الشهيد المثاليّ،
كما تحرّكت شبيهةُ هذه النوازع في قلبَيْ كلٍّ من: رسول القيصر، والراهب. ففي أعماق كلّ إنسان
لواقطُ خفيّة تلتقط أدنى إشارات العظمة والقداسة خُفوتاً.. فكيف بأقواها تلك المتعلّقة بشخص سيّد الشهداء،
والمنبعثة ـ رغم السنين والقرون ـ مِن كلّ كلمةٍ في سِفْر حياته وكفاحه وشهادته،
والتي تستهوي أشدَّ القلوب ظلامةً للتفاعل معها، وتُوقظ أشدَّ الضمائر موتاً
لاستلهامها والسير على هُدى أنوارها السَّنيّة ؟!
المسيح.. في كربلاء
بعد ذلك يدخل أنطون بارا في أجواء كربلاء وأيّام عاشوراء،
فيستوحي المعاني من أعماق التاريخ،
ويتأمّل في مشاهد عديدةٍ من قصّة الشهادة العظمى
التي تَجلَّت في مواقف الإمام الحسين عليه السّلام
في أبعادٍ لا يمكن تصوّرها.
ثمّ يبقى هذا الكاتب المسيحيّ معجبَاً وهو يحلّل الوقائع حتّى ينغمر
في أجواء الطفّ وكأنّه مسلمٌ واعٍ ينتصر لسيّد الشهداء ويتنفّر من أعدائه وقتلته،
ثمّ يعود إلى التاريخ فيسطّر عنواناً نصُّه: « المسيح..
هل تنبّأ بالحسين ؟ »،
ليكتب هذه الفقرات:
أبشِـروا بالعـذابِ والتنكيـلِ أيُّها القاتلون ـ جهلاً ـ حسيناً
ودَ وموسى وصاحبِ الإنجيلِ قد لُعِنتُم على لسـان ابـن دا
لقد لعنَ المسيحُ قاتلي الحسين وأمر بني إسرائيل بلعنهم، قائلاً:
« مَن أدرك أيّامَه فليُقاتِلْ معه، فإنّه ( أي المقاتل مع الحسين )
كالشهيد مع الأنبياء مُقْبلاً غير مُدْبِر، وكأنّي أنظر إلى بقعته،
وما مِن نبيٍّ إلاّ وزارها وقال: إنّكِ لَبقعةٌ كثيرة الخير، فيكِ يُدفَن القمرُ الزاهر ».
في هذا النصّ ( والحديث ما زال للكاتب أنطون بارا ) ثلاثُ نقاطٍ ذات دِلالةٍ وأهميّة:
1 ـ لعنُ المسيح لقاتلي الحسين، وأمرُه لبني إسرائيل بلعنهم.
2 ـ الحثّ على المقاتلة مع الحسين، بإيضاح أنّ الشهادة في هذا القتال كالقتال مع الأنبياء.
3 ـ التأكيد على زيارة كلّ الأنبياء لبقعة كربلاء، بالجزم التامّ على أنّ ما مِن نبيّ إلاّ وزارها.
وتذكر بعض المصادر التاريخيّة أنّ عيسى بن مريم عليهما السّلام مرّ بأرض كربلاء،
وتوقّف فوق مطارح الطفّ، ولعن قاتلي الحسين ومُهْدِري دمه الطاهر فوق هذا الثرى.
من الخصائص الحسينية المتألّقة
ونظرة واحدة إلى الملايين المؤمنة من البشر، التي تؤمّ قبر الحسين ومزارات آل البيت في كلّ مكان،
لَكافيةٌ كي تدعم الرأي بتعاظم قوّة العقيدة وتمكّنها من النفوس،
ورغبةِ المؤمنين في أن يظلَّ لقتل الحسين حرارةٌ متأجّجة لا تبرد في قلوبهم أبداً..
طالما هم مؤمنون، وصراطهم مستقيم.
فكيف سيكون ما كان، لولا الذي كان من استشهاد سيّد شباب أهل الجنّة،
وإزهاق الباطل الذي عبّر عنه القرآنُ الكريم بقوله: إنَّ الباطِلَ كانَ زَهُوقاً ؟
وكيف كان وسيكون، مِن خَلْق هذا الشهيد لولا اختيار العناية الإلهيّة له،
ولولا تعهّدُ جَدّه النبيّ الأكرم بتنشئته تنشئةً نبويّة ؟
فارتقت إنسانيّته إلى حيث نبوّة الجَدّ « أنا مِن حسين »،
( واصطفّت ) نبوّة الجدّ إلى حيث إنسانيّته « حسينٌ منّي ».
ولا عجب في ذلك... فالحسين ـ في هذا ـ وَرِث خصائصَ جدّه من حيث الغَيرة على الدِّين،
والاستعداد لبذل ما هو غالٍ في سبيله. وقولة الرسول: «حسينٌ منّي وأنا مِن حسين »،
و«اللهمّ أحِبَّه؛ فإنّي أُحبّه» فيهما شهادةٌ وتكليف:
شهادة بأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قد عَهِد براية الإسلام الذي أُنزِل عليه إلى سِبطه الحسين الذي هو بضعةٌ منه.
وتكليف: للابن الذي أحبّه الرسول وطلب من ربّه أن يُحبّه، بالاستشهاد صَوناً للعقيدة،
ودفاعاً عن روح الدين من العبث والاستهتار اللَّذينِ كادا يؤدّيانِ إلى اضمحلاله،
فكانت هذه الشهادة وهذا التكليف هما العنوانَ الضخم والرمز الخالد
لنهضة الابن في سبيل عقيدة الجدّ، حتّى استحقّ ـ عن جدارة ـ مغزى قولة:
الإسلام.. بَدؤُه محمّديّ، وبقاؤه حسينيّ ».
فالحسين.. البضعة الرسوليّة، قام بمهمّةٍ لا تقلّ خطراً عن مهمّة جَدّه،
فأبقى الإسلامَ كما بشّر به جدُّه الكريم، وأودع في صدور المسلمين وديعةً ثمينةً
تنبّئهم بوجوب الحفاظ عليها، كأندرِ وأغلى ما يملكون.
مما قرأت وراق لي
|
|
|
|
|