اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
موضع قبرها
قال الشيخ الصدوق رحمه الله : اختلفت الروايات في موضع قبر فاطمة سيدة نساء العالمين ، فمنهم من روى أنّها دفنت في البقيع ، ومنهم من روى أنّها دفنت بين القبر والمنبر ، وأنّ النبي وسلم إنّما قال : « ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة » لاَنّ قبرها بين القبر والمنبر ، ومنهم من روى أنّها دفنت في بيتها ، فلمّا زادت بنو أُمية في المسجد ، صارت في المسجد ، وهذا هو الصحيح عندي (3) .
ومستند الشيخ الصدوق رحمه الله في تصحيحه ما رواه عن أبيه بالاسناد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال : سألت أبا الحسن علي بن موسى
الرضا عن قبر فاطمة صلوات الله عليها ، فقال : « دفنت في بيتها ، فلمّا زادت بنو أُمية في المسجد صارت في المسجد » (1) وروي نحو ذلك عن الإمام الصادق (2) .
وذكر الشيخ الطوسي رحمه الله والعلاّمة الطبرسي الأقوال الثلاثة التي ذكرها الشيخ الصدوق رحمه الله واستبعدا الأول منها ، واستصوبا القولين الأخيرين .
قال الشيخ الطوسي رحمه الله : الأصوب أنها مدفونة في دارها ، أو في الروضة (3) ، وهاتان الروايتان كالمتقاربتين ، والأفضل عندي أن يزور الإنسان من الموضعين جميعاً ، فإنّه لا يضرّه ذلك ، ويحوز به أجراً عظيماً ، وأمّا من قال إنّها دفنت بالبقيع ، فبعيد عن الصواب (4) .
وقال العلاّمة الطبرسي رحمه الله : القول الأول بعيد ـ أي كونها مدفونة بالبقيع ـ والقولان الآخران أشبه وأقرب إلى الصواب ، فمن استعمل الاحتياط في زيارتها ، زارها في المواضع الثلاثة (5) .
ورجّح السيد ابن طاووس كونها مدفونة في بيتها (6) ، وكذلك عبدالعزيز بن عمران ، وقال : إنها دفنت في بيتها ، وصنع بها ما صنع برسول
الله وسلم ، إنّها دفنت في موضع فراشها ، واحتجّ على ذلك بكونها دفنت ليلاً ، ولم يعلم بها كثير من الناس (1) .
وقيل أيضاً : إنّها دفنت بالمسجد المنسوب إليها في البقيع ، وهو المعروف ببيت الحزن ، أو بيت الأحزان ، الذي آوت إليه والتزمت الحزن فيه عند وفاة أبيها المصطفى وسلم (2) ، والله العالم بحقيقة الحال .
قال الشاعر :
بأبـي التي ماتت ومـا * مـاتت مكارمهـا السنيهْ
بأبي التي دفنت وعفّي * قبـرها السـامي تقيهْ (3)
وقال ديك الجنّ :
يا قبر فاطمة الذي مـا مثلـه * قبـرٌ بطيبـةَ طـاب فيـه مبيتا
إذ فيك حلّت زهرة الدنيا التي * بحلـى محاسـن وجههـا حلّيتا
فسقى ثراك الغيث ما بقيت به * نـور القبـور بطيبةٍ وبقيتا (4)