اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
تتويج الإمام المهدي (ع)
قل أن نرى ملك في عصرنا يتوج، دون أن يكون له ولي عهد. ومن يعمد إلى فعل ذلك، يوصم بالجهل وقلة الحيلة. وحتى في الحالات الاستثنائية، عندما يضطر الملك لترك مملكته لبعض الوقت. يعمد عندها ولي عهده، ليخلفه ويتقلد منصبه، لحين عودته من مهمته، أو سفرته تلك. كل هذا حفاظاً على ذلك الملك من الضياع، وتلك المملكة من الانهيار.
وندر أن ينصب رئيساً لجمهورية ما، إلا ويكون له نائباً، ممن يأمن جانبه، ويضمن ولائه. يكون ذلك مستشاره - ومعينه، في تدبير أمور دولته. يخلفه عندما يكون في مهمة خارج البلاد، ويستلم منصبه عندما تداهمه مصيبة الموت. لأن لا يجتاح البلاد الفوضى، وأن لا يعمها الفساد. ومن لا يلتفت إلى ذلك، لا يأمن أن تداهمه المصيبات - وتنقلب عليه الدواهي -ويخرج منها كما دخل.
و ها هو محمد (ص) وهو النبي المرسل - والرسول المسدد – والمصطفى الأحمد. لم يكن ليخرج من المدينة، لحرب - أو لغزوة – أو لمهمة خاصة، دون أن يعين نائباً له. نائباً يخلفه خلال مدة خروجه، ليصلي بالناس – ويدير أمورهم. وعندما وافته المنية (ص)، لم يكن ليترك الناس هملا، يختارون من يشاءون. بل اختار لهم من ارتضاه الله جل جلاله، و يرضاه رسوله. خير من يعتمد عليه، القوي في دينه - والأمين على أعراض الناس وأموالهم - لا تأخذه في طاعة الله لومة لائم.
ولكن ما حدث لإمامنا الحسن العسكري ، يصعب تحمله، إلا لنبي مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه بالإيمان. فلقد أحاطت الظروف القاسية به، من مختلف الاتجاهات - ومختلف الاعتقادات - ومختلف المصالح والتوجهات.
فلقد كانت الخلافة العباسية، وراءه بالمرصاد، تعد عليه خطواته، وتحسب عليه أنفاسه. تعده من أكبر معارضيها، رغم عدم إظهاره مخالفتها، وعدم سعيه للانقلاب عليها، واستلاب حكومتها. ومع ذلك كانت تعد العدة، للتخلص منه، بأي طريقة كانت. فلقد تعدد أنواع إيذائها له، وتفننت في ذلك. فجربت الهجوم على منزله، ثم الحبس والبعد عن أهله. وعندما لم يصلون لما يريدون منه بذلك، وضعوا له السم، وتخلصوا منه نهائياً.
وكان على إمامنا الحفاظ على نفسه حياً، حتى ولادة الحجة المنتظر . والحفاظ عليه حياً، لان لا تطاله أيدي السلطة العباسية. والقائم بالأمر، هو آخر الأئمة الاثني عشر . ويتوجب إخفاءه عن العيون القريبة والبعيدة، حتى يحين وقت خروجه. ليملأ الأرض قسطا وعدلا ، بعد أن ملأت ظلما وجورا.
ومع كل ذلك التيقض للحكومة العباسية، واهتمامها في القضاء على أبي محمد وابنه عليهما السلام. خوفا على ملكها وسلطانها، من الضياع والانهيار. كان يتوجب عليه، إعلام الشيعة والمقربين من هم على الخصوص، بولادة الإمام المنتظر(ع).
ورغم ما قام به، وكل ما عمله . ظهرت ثغرات وهنات، لم يتمكن الإمام من سدها وإحكامها. كل ذلك بسبب حراجة موقفه، وصعوبة الوضع القائم آن ذاك. فلقد اهتز الكثير من الشيعة وزلزلوا، وظهرت فيهم عدة فرق، كل منها له رأيه وتأويله. ولكن الله متم نوره ولو كرها المشركون.
ونجح الإمام العسكري (ع)، في إتمام مهمته العظمى التي وكل بها. وتكلل عمله بالنجاح في الحفاظ على حياة (أبو القاسم) المهدي (ع)، وتتويجه إماماً من بعده، وإعلام من يثق بهم من كبار الشيعة - والموالين بمولده.
فنرى الفرق الشاسع لما يقوم به ؤلئك، من اجل الحفاظ على دنياهم. فهم يقتلون أنفسهم ومن حولهم، من أجل أن يحافظوا على ملك يفنى. كما قال هارون العباسي لابنه المأمون "الملك عقيم ولو نازعتني فيه لأخذت الذي فيه عيناك".
وبين من قام به الإمام (ع)، من أجل الحفاظ على أمة جده رسول الله (ص)، وإبقاء لدينها - والحيطة لمستقبلها - وضمان لأخرتها. فهو لم يقتل أحداً في سبيل ذلك، ولم ينتقم من أحد. بل أهلك نفسه - وأجهدها - وأتعب من بعده، في سبيل إعلاء كلمة الله، وإحياء لدينه. لذا ليس هناك وجه للمقارنة، وليس هناك أي نوع من التقارب بين العملين، لنتمكن من عقد موازنة عادلة.
بقلم: حسين نوح مشامع – القطيف - السعودية
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اللهم صل على محمد وآل محمد
مشكوووور عزيزي على هذه السطور الراااائعة
إلهي يوفقكم في خدمة آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين
نور الله طريقكم دنيا وآخرة
شعاع المقامات.
توقيع شعاع المقامات
قال رسول الله :
(لا يُعذِّبُ الله الخلق إلا بذنوبِ العلماء الذين يكتمون الحقَّ من فضل عليٍّ وعترته. ألا وإنّه لم يَمشِ فوق الأرض بعد النبيين والمرسلين أفضل من شيعةِ عليٍّ ومحبيه الذين يُظهرون أمره وينشرون فضله، أولئك تغشاهم الرحمة وتستغفر لهم الملائكة. والويلُ كلّ الويل لمن يكتم فضائله وينكر أمره، فما أصبرهم على النار). كتاب (الدمعة الساكبة) ص82.