اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
هل نحن نفكر -2
خلاصة ما قلناه في الحلقة السابقة، إننا لا نفكر بالشكل الصحيح للتفكير، لاعتمادنا على الذاكرة المؤقتة في اخذ قراراتنا. وهذه الذاكرة ليست مهيأة لإعطائنا نتائج دقيقة، وإنما دورها ينحصر في تخزين وتريب المعلومات. ليتمكن العقل بعدها من استغلالها، في عملياته المعقدة. وبعد أن يأخذ العقل وقته، في التحليل والمقارنة بين مختلف المعلومات، يعطينا رأيه النهائي. وفي نهاية المطاف يرجع إلينا الأمر، في اخذ القرار. فليس دوره إجبارنا، على ما يتوجب علينا فعله، وهنا يكمن موقع الخطر!
فهل هناك عوامل، تسول لنا عدم إتباع واخذ رأي العقل، رغم رؤيتنا لأحقية مقترحه جهارا نهارا. كالذي يترك السير في خط مستقيم، رغم قصره وسرعة وصوله إلى الهدف. ويأخذ خطا ملتويا، فيه الكثير من التعرجات والحواجز، ليقضي حاجة في نفسه.
السبب في ذلك يرجع إلى عدة عوامل، منها كراهية التغيير، وما يتطلبه التغيير من جهد ومشقة. لذا وفي بعض الأحيان نلجأ إلى العقل، لا لعدم رؤيتنا لخط سيرنا وطريقنا الذي نمشي فيه. بل نلجأ إليه ونحن على علم أن ما نقوم به هو خطأ، ولكن بحثا عن المبررات والأعذار.
ولان التغيير يتطلب الخروج عن المألوف، ذلك الذي اعتدناه وتعودنا عليه. وقد يكون لأننا وجدنا آبائنا على امة، ونحن على آثارهم مقتدون. كما أن التغيير يتطلب جهدا ووقتا، للتأقلم مع المتغيرات. وليس لدينا النفس الطويل، ولا نتحلى بالصبر، لنجني ثمرة التغيير الناضجة. أو لقناعتنا أن ما نحن فيه، هو أفضل ما يمكن الوصول إليه. فليس بالإمكان الوصول إلى أحسن مما كان، وهذه هي قمة التخلف.(1)
(1) الحداثة كحاجة دينية - الدكتور توفيق السيف
بقلم: حسين نوح مشامع