اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
رسالة المجالس الحسينية -1
المجالس الحسينية كما الثورة الحسينية، مدرسة جامعة للعلم والمعرفة، منبع صافي متدفق بالأخلاق والفضائل الكريمة، تحوط حتى المناوأين لها بالألفة والرحمة. فلم يؤثر عن الإمام الحسين(ع) معاملة مخالفيه بالقسوة والشدة، حتى في أحلك الظروف التي مرت عليه. بل كان كجده رسول الله(ص) الذي لم يرسل إلا رحمة للعالمين.
فهو لم يبدأ القوم بقتال، بل كان يحاول تأخير المعركة قدر المستطاع، كما فعل ليلة العاشر من المحرم. قد تكون من أهدافه، الصوم والصلاة والدعاء ليلتها. ولكن على ما اعتقده، لعل احد من المغرر بهم أو المخدوعين بالمناصب، يؤوب إلى رشده، فيهديه إلى الصراط المستقيم، كما حصل بالفعل مع الحر في طريقه إلى كربلاء وغيره، من جيش ابن سعد.
كما كان قبل كل حملة له أو لأحد أصحابه، يبين لهم أهداف خروجه. وانه لم يخرج أشرا ولا بطرا، وإنما لطلب الإصلاح في امة جده رسول الله(ص)، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. ثم يدعوهم إلى كتاب الله جل جلاله، والى سنة نبيه(ص)، معتبرا ذلك واجبا شرعيا عليه تجاههم، وإلقاء للحجة عليهم.
لكن وللأسف نرى البعض من منابرنا الحسينية، بدل من تؤلف بيننا وبين من يختلف معنا في بعض مواقفه. تفرق بيننا وبين من يتفق معنا، في اغلب مواقفه. وبل تظهره وكأنه لا يوجد لديه نقطة ايجابية واحدة، بل كله سلبيات.
فبدل من إيصال مآسينا ومظلومياتنا إلى الآخرين، يصل إليهم اهتمامنا بالاختلافات المذهبية الفرعية. وبدل من مشاهدتهم لجانبنا الايجابي، لا يرو إلا سلبياتنا والجانب المعور منا. وهذا بخلاف سنة الرسول(ص)، والتي بزعمنا نقتدي بها.
فأول شيء فعله (ص) بوصوله المدينة، آخى بين المهاجرين والأنصار. ثم عقد المعاهدات مع القبائل المحيطة بالمدينة، ملزما نفسه بالدفاع عنها، ما دامت متمسكة ببنود المعاهدة. كما عقد المعاهدات مع اليهود، وهو الرسول المطلع على خفيات الصدور، وما تنطوي عليه النيات. وما دعي إلى شيء فيه صلاح أو إصلاح، إلا سبق في المبادرة إليه. حتى قريش التي آذته وعذبت أصحابه، عندما طلبت الهدنة للهدوء وكف الحرب، لم يتوانى ولم يتلكأ في الموافقة.
فمتى يجعل البعض من مجالسه الحسينية فضاء للألفة والمحبة، بدل من الدعوة للتشتت والفرقة، بدعوى المحافظة على العقائد والانتماءات!؟ فنحن لسنا مسؤولين عن ذلك، وإنما علينا الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة. ثم من شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر، وما نحن عليهم بوكلاء. وما علينا هداهم، فالله يهدي من يشاء الهداية.
بقلم: حسين نوح مشامع