اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
هل نحن نفكر -3
كما قلنا سابقا ان عدم وصولنا الى رأي واضح ومقبول، هو استعجالنا في طلب النصيحة، وعدم اعطائنا العقل الوقت الكافي للتحليل والمقارنة. وإذا اتبعنا الاسلوب الامثل للتفكير، تمكنا من الاهتداء الى سواء السبيل.
لكن مع قيامنا بذلك خير قيام، ووصول العقل الى رأي مقبول ومرضي من قبلنا، تبقى في نفوسنا أشياء، تصعب في بعض الاحيان تجاوزها، وتمنعنا من الاخذ بالنتائج التي توصلنا اليها.
ومن بين تلك الامور التي تعيق هذه العملية، البحث عن المبررات. وذلك ان رجوعنا الى العقل، ليس للوصول الى الحق والأخذ به. فلماذا نجري وراء المبررات؟
هذا ما يتضح جليا عندما يتواجه طرفان، على طاولة النقاش والمحاورة. وقد اتى كل منهما نافشا ريشه، معتقدا انه قد حوى علوم الاخرين والأولين، واتى بما لم يأتوا به. ويتناسى انه فوق كل ذي علم عليم.
مبعدا عن ذهنه التفكير القرآني، إنا وإياكم على هدى او في ظلال مبين. ولا يعطي كل منهما للآخر مساحة، ان اعتقاده صوابا ويحتمل الخطأ، واعتقاد الاخر خطأ ويحتمل الصواب.(1)
وخلال المناظرة، يتبين قوة وحجة أحدهما وضعف حجة الاخر. فيستقوي على صاحبه وتظهر انياب الشر على وجهه، كوحش كاسر قد انهكه الجوع. فيكيل الصاع صاعين للطرف المهزوم، كأنهما في حلبة مصارعة، ويصر على اخراجه ذليلا، يجر اذيال الهزيمة.
وبطبيعة البشر لا يرضى الطرف المهزوم، ولا يعترف بضعف حجته، ولا يطلب التوضيح والشرح في مسألة الحوار. ولا هو يرجع الى نفسه ويستشيرها، ولا يبحث في الادلة التي طرحها منافسه، ليتبين له الحقيقة.
بل يعمل على ثلاث جبهات، الاولى الانتصار لنفسه، ومهاجمة الطرف المقابل ولو بالألفاظ النابية والكلمات البذيئة. بعدها يتوسل بالمبررات، التي تؤيد موقفه، وإجبار عقله على تلفيقها له ان لم توجد. ليضمن اسكات صوت الضمير، والتهرب من واجب البحث والتنقيب.
(1) ص 30 الحداثة كحاجة دينية – الدكتور توفيق السيف
بقلم: حسين نوح مشامع