فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) نموذج المرأة الكاملة
بتاريخ : 05-Apr-2012 الساعة : 11:03 PM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
فاطمة الزهراء ( ) نموذج المرأة الكاملة
كان بيت علي وفاطمة ( عليهما السلام ) أروع نموذج في الصفاء والإخلاص والمودّة والرحمة ، تعاونا فيه بوئام وحنان على إدارة شؤون البيت وإنجاز أعماله .
إنّ الزهراء خرّيجة مدرسة الوحي ، وهي تعلم أنّ مكان المرأة من المواقع المهمّة في الإسلام ، وإذا ما تخلّت عنه وسرحت في الميادين الأُخرى عجزت عن القيام بوظائف تربية الأبناء كما ينبغي .
لقد كانت فاطمة الزهراء ( ) تبذل قصارى جهدها لإسعاد أُسرتها ، ولم تستثقل أداء مهام البيت ، رغم كلّ الصعوبات والمشاق ، حتّى أنّ علياً أمير المؤمنين ( ) رقّ لحالها وامتدح صنعها ، وقال لرجل من بني سعد : ( ألا أُحدّثك عنّي وعن فاطمة ، إنّها كانت عندي وكانت من أحبّ أهله ( ) إليه ، وإنّها استقت بالقربة حتّى أثّر في صدرها ، وطحنت بالرحى حتّى مجلت يداها ، وكسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها ، وأوقدت النار تحت القدر حتّى دكنت ثيابها ، فأصابها من ذلك ضرر شديد .
فقلت لها : لو أتيت أباكِ فسألتيه خادماً يكفيكِ ضرّ ما أنتِ فيه من هذا العمل ، فأتت النبي ( ) فوجدت عنده حدّاثاً فاستحت فانصرفت ) .
قال الإمام علي ( ) : ( فَعلم النبي ( ) أنّها جاءت لحاجة ) .
قال الإمام علي ( ) : ( فغدا علينا رسول الله ( ) ونحن في لِفاعنا ، فقال ( ) : السلام عليكم ، فقلت : وعليك السلام يا رسول الله أُدخل ، فلم يعد أن يجلس عندنا ، فقال ( ) : يا فاطمة ، ما كانت حاجتك أمس عند محمّد ) ؟
قال الإمام علي ( ) : ( فخشيت إن لم تجبه أن يقوم ، فقلت : أنا والله أُخبرك يا رسول الله ، إنّها استقت بالقربة حتّى أثّرت في صدرها ، وجرّت بالرحى حتّى مجلت يداها ، وكسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها ، وأوقدت النار تحت القدر حتّى دكنت ثيابها .
فقلت لها : لو أتيتِ أباكِ فسألتيه خادماً يكفيك ضرّ ما أنت فيه من هذا العمل ، فقال ( ) : أفلا أُعلّمكما ما هو خير لكما من الخادم ، إذا أخذتما منامكما فسبّحا ثلاثاً وثلاثين وأحمدا ثلاثاً وثلاثين ، وكبّرا أربعاً وثلاثين ) .
فقال أمير المؤمنين ( ) : ( مَضَيتِ تريدين من رسول الله ( ) الدنيا ، فأعطانا الله ثواب الآخرة ) .
وروي أنّه دخل رسول الله ( ) على علي ( ) فوجده هو وفاطمة ( عليهما السلام ) يطحنان في الجاروش ، فقال النبي ( ) : ( أيّكما أعيى ) ؟ فقال الإمام علي ( ) : ( فاطمة يا رسول الله ) .
فقال ( ) : ( قومي يا بنية ) ، فقامت وجلس النبي ( ) موضعها مع الإمام علي ( ) فواساه في طحن الحبّ .
وروي عن جابر الأنصاري أنّه رأى النبي ( ) فاطمة وعليها كساء من أجلة الإبل وهي تطحن بيديها وترضع ولدها ، فدمعت عينا رسول الله ( ) فقال : ( يا بنتاه ، تعجّلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة ) .
فقالت ( ) : ( يا رسول الله ، الحمد لله على نعمائه ، والشكر لله على آلائهِ ) ، فأنزل الله تعالى ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ) الضحى : 5 .
وقال الإمام الصادق ( ) : ( كان أمير المؤمنين ( ) يحتطب ويستقي ويكنس ، وكانت فاطمة ( ) تطحن وتعجن وتخبز ) .
وعن أسماء بنت عميس عن فاطمة ( ) : ( أنّ الرسول ( ) أتى يوماً فقال : أين ابناي ) ؟ يعني حسناً وحسيناً ، ( فقلت : أصبحنا وليس عندنا في بيتنا شيء يذوقه ذائق . فقال الإمام علي ( ) : اذهب بهما إلى فلان ؟ فتوجّه إليهما رسول الله ( ) فوجدهما يلعبان في مشربة بين أيديهما فضل من تمر ، فقال ( ) : يا علي ، ألا تقلب إبنيّ قبل أن يشتدّ الحرّ عليهما ؟ فقال الإمام علي ( ) : أصبحنا وليس في بيتنا شيء ، فلو جلست يا رسول الله حتّى أجمع لفاطمة تمرات ، فلمّا اجتمع له شيء من التمر جعله في حجره ثمّ عاد إلى البيت ) .
هذه هي الدنيا في عين فاطمة ( ) مواجهة للمعاناة ، وتألّم من الجوع ، وانهيار من التعب ، ولكن كلّ ذلك يبدو ممزوجاً بحلاوة الصبر وندى الإيثار ، لأنّ وراءه نعيماً لا انتهاء له ، حصة يوم يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب .
إنّ إلقاء نظرة فاحصة على حياة الزهراء ( ) توضّح لنا أنّ حياتها الشاقّة لم تتغيّر حتّى بعد أن أصبحت موفورة المال ، في سعة من العيش ـ خصوصاً بعد فتح بني النضير وخيبر وتمليكها فدكاً وغيرها ـ عمّا كانت عليه قبل ذلك رغم غلّتها الوافرة ، إذ روي أنّ فدكاً كان دخلها أربعة وعشرين ألف دينار ، وفي رواية سبعين ألف دينار سنوياً .
فالزهراء ( ) لم تعمّر الدور ، ولم تبن القصور ، ولم تلبس الحرير والديباج ، ولم تَقْتَنِ النفائس ، بل كانت تنفق كلّ ذلك على الفقراء والمساكين ، وفي سبيل الدعوة إلى الله ونشر الإسلام .