اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
مفكرة مبتعث 21- -
مشاجرة في مسجد
لم ينسى مغتربنا رغم وجوده بعيدا عن دياره، وبعيدا عن العيون الرقيبة، أن يؤم دور العبادة، ويؤدي ما افترض عليه من واجبات. لذا كان يتفق مع زملاء الدراسة وشركاء السكن، ليذهبوا جميعا إلى أحد المراكز الدينية، في أحد المدن القريبة.
في أحد تلك الزيارات ذهبوا يحدوهم الأمل بمقابلة بني جنسهم وبني دينهم. مسلمون من مختلف المذاهب والجنسيات، مجتمعون في مكان واحد، ويصلون خلف إمام واحد، لا فرق بين أبيضهم ولا أسودهم إلا بالتقوى.
ذهبوا فرحين مستبشرين يحدوهم الأمل بتلقي جرعات روحانية، ترفع لديهم نسبة الإيمان واليقين الذي قد يفقدونه، بابتعادهم عن مجتمعهم وعن ما تربوا عليه وألفوه.
فمع دورة عجلات السيارات على الإسفلت، يشعرون أن قلوبهم هي التي تدور، ومع كل ميل يقطعونه ويمضي بعيدا، يشعرون بزيادة الشوق لديهم، كأنما يرون الجنة أمامهم عيانا، أو في انتظارهم.
يعدون الشوارع - شارع ...شارع، ويحسبون المنعطفات – منعطف....منعطف. ليس بالأميال والكيلومترات، بل بالبوصات والسنتمترات، من خلال اللوحات الإرشادية المنتصبة على جنبات الشوارع، كأنها فرقة تشريف وقفت لاستقبالهم ولتأدية واجب الضيافة.
عند وصولهم المدينة المعنية، أودعوا سياراتهم أحد المواقف القريبة، وتوجهوا مسرعين. هناك استمعوا لخطبة الجمعة مباشرة من فم الخطيب، وهو يعظ المصلين بتقوى الله والتمسك بحبله، ويحثهم على التعاون والتحاب فيما بينهم. والمصلون كلهم آذان صاغية، يتطلعون إليه بإنشداد بقلوبهم قبل عيونهم، كأنما يتلقون الرحمة ويغترفون من الروحانية. ثم أدو الصلاة في خشوع وتضرع، يتقربون بها إلى الله.
وما أن قال الإمام السلام عليكم ورحمة الله، وهم المصلون بالسلام على بعضهم، تاركين المركز عائدين لأعمالهم اليومية، خرج من بين الجموع صوت نشاز. صوت أزعج ذلك الجو المفعم بالروحانية، وهز ذلك المكان المشدود بالأخوة والمحبة. صوت يدعو إلى الشك في نوايا الآخرين، ويروج للاحتراب في ما بين الأخوة والأصحاب.
بقلم: حسين نوح مشامع