اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
مذكرات مبتعث -23- المأدبة
ابتعاد مبتعثنا عن أهله وأقاربه، وعن بلده ودياره، جعل من العسير عليه تجنب الاختلاط بأفراد المجتمع الغربي، خاصة من يعاشرهم بشكل يومي، على مقاعد الدراسة أو في مقر سكناه.
لذا كان يحاول التهرب بكل ما أوتي من قوة، من حضور الحفلات الخاصة ومن قبول الدعوات لمآدب الطعام التي تقام خارج حرم الجامعة.
لكن هذه المرة لم يستطع المقاومة ورد الدعوة، كون الداعي احد الأصدقاء المقربين، ومن يبادله المصالح والمنافع.
كان الوقت عندها إجازة الفصل الدراسي، ولم يكن في عزم مبتعثنا العودة لبلده وأهله، لقصر الفترة وبعد المسافة.
صديقه هذا عاد لدياره، ليقضي فترة الإجازة بين أهله وأقاربه، في الريف القريب من الجامعة. كما تقدمه كموفد رسمي، لإبلاغ أهل وذويه بقدوم ضيفه.
توجه إليهم في اليوم المضروب بينهما، يقدم رجل ويؤخر أخرى، خوفا ووجلا مما سيواجهه، خاصة وان هذه أول مرة يزورهم فيها.
ذهب محاولا تخيل المكان الذي سيذهب إليه، والناس الذين سوف يقابلهم، كمن يساق لحتفه رغم انفه.
بهره ما شاهده، من الزينة التي نشروها، والأنوار الكاشفة التي علقوها على مدخل البيت، فاعتقد إنهم على استعداد لاستقبال نجم سينمائي، أو شخصية مرموقة.
دخل عليهم وقد اصطفوا رجالا ونساء، كأنهم في طابور عسكري يخضعون فيه للتفتيش والمعاينة.
بعد إنهاء مراسم الاستقبال، انهالوا عليه يستفسرون منه عن ما سمعوا عن تقاليد وعادات مجتمعه.
للتخفيف عن كاهله ولإزالة حرجه، طلب من الحضور الانتقال لقاعة الطعام.
هناك تكوم على مائدة الطعام، ما لذ وطاب من أصناف الأكل، مما يلبي جميع الأذواق.
بعد أن انتهى الجميع وامتلاء بطونهم، عافت عيونهم منظر الأكل، فرفعت المائدة ووضع مكانها، المرطبات والحلويات.
هنا شاهد مبتعثنا عجبا، ما كان ليراه إلا في الإعلانات وعلى شاشات التلفاز.
فاحتراما لمراسم الضيافة، واحتفاء بالضيف الكريم ـ حسب عادتهم ـ قام المضيف ووالد صاحبه، باختيار من بين المرطبات والحلويات، الشراب وهم بتقديمه إليه.
عندها دارت عيون مبتعثنا وحولت على حين غرة، ولم يدري ما هو فاعله، فأخذ ينظر لصاحبه طالبا النصرة والإنقاذ.
بقلم: حسين نوح مشامع