اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الامن الاجتماعي -2 -
عندما تتوفر المادة بين أيدي الناس، يظهر الاختلاف جليا بينهم في طريقة تعاطيهم معها، وفي طريقة استغلالها وصرفها.
فالبعض يتطلع إلى استثمار ما لديه من مال، ويفكر في كيفية تنميته وتكثيره. والبعض الآخر ينظر إلى استغلاله في الزواج، وتوسيع رقعة عائلته. والبعض يتمنى رؤية بلاد غريبة لم يرها من قبل، فيسافر ويسيح في الأرض بحثا عن الغريب والممتع.
لكن البعض منهم يشذ عن هذه القواعد ويخالف الآخرين، في توجهاتهم ورغباتهم. فيتوجه للتوسعة على نفسه وعلى عياله. فيقوم ببناء بيت العائلة، ليضم تحت سقفه جميع من ينتمون إليه من بنين وبنات وأحفاد، ليحفظهم قريبا منه، وينقذهم من التمزق والتشتت.
لذا تراه يجوب الشوارع والطرقات، بحثا عن أفضل ارض، وأفضل موقع، وأفضل سعر. يتطلع إلى البيوت من حوله، يدرس هندستها ويختبر موديلاتها وألوانها. ويلجأ إلى المهندسين المعمارين، والى من سبقه في التشييد والبناء، ليجمع المعلومات، ويسأل عن كيفية اختيار الموديلات والتصاميم.
فيقرر تصاميم ومقاسات مختلف الغرف والساحات، ومقاسات المجالس والتشريفات، دون أن ينسى أي تفاصيل ولو كانت صغيرة غير مهمة.
لكن لا يدور في خلده، ما يدور في خلد ذلك الأسيوي المسلم، فهو رغم فقره وضعف وضعه المادي - مقارنة بنا - لا ينسى عند بناء بيته تخير موقعا صالحا ليكون دارا للعبادة، يضع فيه سجادات الصلاة وعدة نسخ من القرآن الكريم وكتب الأدعية.
فهو لا يصلي في اقرب مكان من الحمام، ولا في اقرب مكان من السرير، ولا في الطرقات الضيقة في المنزل. بل يجتمع مع عائلته في ذلك المكان المخصص لأداء الصلاة، وإذا ارتقى وعيهم الديني أدوا الصلاة جماعة.
وهذا هو الفرق بين من يفكر في مأكولة، وبين من هو يفكر في معقولة!!.
وهو ما علق عليه الأستاذ والمفكر - محمد المحفوظ - قائلا: ولهذا السبب نحن لا نعيش في بيئة روحانية، ولا نعيش في بيئة فيها إقبال على الله تعالى.
بقلم: حسين نوح مشامع