أرخيتُ لِلَيلِ دمعي والأسى أرقي
هذي الجراحُ التي سالتْ بواديها = تبقى حياةً ونبضاً عند أهليها
كأنّها الشمسُ تُعطي كلَّ باصرةٍ = روحَ الحياةٍ بعزٍّ كي تُنَمّيها
هذي الجراحُ مناراتٍ وألويةٍ = تعلو القبابَ ولا تَخفى معاليها
تبدو على الأرضِ عنواناً لمُعجزةٍ = يادهرُ دوّنْ لها ، يا نجمُ حيّيها
تبقى مدى الدهرِ تكبيراً ومأذنةً = عند الصلاةِ وللأحفادِ ترويها
وللسّماءِ محطّاتٍ وأدعيةٍ = لا حِقدَ يدفُنها لا قتلَ يفنيها
إنّ الكرامةَ للأوطانِ منزلةٌ = فليسَ غيرُ أُباةِ الضّيمِ تُبقيها
روحُ المجاهدِ تُستجلى الهمومُ بها = أصلُ العزيمةِ والإصرارِ يكفيها
إنْ كانت الناسُ لا تروي معاجزَها = لاقولَ يقنعُها ، لا فعلَ يكفيها
يا شمسُ قُرّي ، ويا ترنيمتي انبعثي = مِنْ لمْ يرَ الشمسَ لمْ يُدرِكْ دراريها
أأَدركُ الغربَ لمْ أصعدْ لهُ جبلاً = وأنزلُ الشامَ لم أعرفْ أراضيها
دَعَوْتُ لو أنَّها فوقي فأنظُرَها = وفي اليدينِ عروسٌ كي أُمَنِّيها
وددتُ لو أنّها زهراً فأُلْثِمَهُ = وفي الحدائِقِ غيداً كي أُناجيها
وددتُ لو أنني ظلٌ فأسترها = وفي المرابعِ شيئٌ مِنْ أقاحيها
وكيفَ تغرُبُ عن قلبي لها صِورٌ = وما لجنّتها شيءٌ يُحاكيها
ظلّتْ حبائلُ قلبي عندَ ساحتِها = والنفسُ يحضِنُها سحرٌ ويطويها
فكمْ سَعِدتُ وفي عيني محطّتها = فهْي َ الوسيلةُ ، مالي لا أُفدّيها ؟
ياقبلةَ القلبِ لمْ أتركْ محبّتها = فصارَ كلُّ كياني هائمٌ فيها
أدنو إليها وأحبو كلّما ذُكِرَتْ = مَنْ علّمَ النفسَ ، أنّ الطَّفَ يُحييها
كمْ حاولَ الدهرُ أنْ يُدمي أحبّتها = فحطمتهُ الرواسي مِنْ أعاليها
ياحاملَ الحقدِ قلْ لي هل عشِقتَ بهِ = ريماً تُمنيكَ أو ريماً تُمنيها
لايَنبُتُ الزرعُ لمْ تُحرَثْ منابِتَهُ = والأرضُ إنْ حبستْ يوماً سواقيها
أرخيتُ لِلّيلِ دمعي والأسى أرقي = وكانَ يعزفُ ألحاني ويُبديها
الحزنُ أحملهُ كأساً لأشربَهُ = مثلُ العبادةِ لمْ أتركْ أقاصيها
وكمْ بكيتُ ووِرقي فوقَ أعمدتي = وكمْ نزِفتُ وأنفاسي تُمنِّيها
نامَ الحَمامُ وخُبزي عند زاويتي = والجوعُ يدفعُها والدّهرُ يُضنيها
والغدرُ أهونُهُ سهمٌ بخاصرتي = لا نارَ في بلدةٍ عاثتْ بأهليها
فالنجمُ باصرها والصُّبحُ عاتبها = والدارُ غادرها ضيفٌ وما فيها
قفرى المدائنِ لم يظهرْ بها إرجٌ = وتَخرُجُ الناسُ قسْراً مِنْ أراضيها
أكان للدينِ صوتٌ نستجيرُ بهِ = لو الطفوفِ طوَتْ عنا أضاحيها ؟
القتلُ للحُرِّ يحييهِ ويرفعهُ = إنّ الرسالةَ لا تفنى معانيها
أرمي الليالي سهاماً ثمَّ تسبقني = وصار كلُّ ذليلٍ مِنْ جواريها
إنّ الليوثَ ترى في الغابِ صولتها = تأبى الرجوعَ ، وتأبى الذئبَ يحميها
حتى مَ ، يادهرُ ترمينا وتغدُر بنا = لعلَّ في الغدرِ ترويعاً وتمويها
مصائبٌ أتلظى حينَ أذكُرها = ويُلهبُ الحزنُ قلبي حينَ أرويها
يا أرضُ عُدّي ، ويا أحلامنا انطلقي = فليس غيرُ صليلِ البيضِ يشفيها
أطلقتُ للحربِ سهمي والمنى كفني = والحربُ فارسُها يجني رواسيها
أمضي إليها وزحفُ الجُندِ مكتملٌ = والحربُ يسْجُرُها ليثٌ وَيُطفيها
زحفٌ كتائبنا ضربٌ سواعدُنا = فكنتُ أوّلهم دلْواً وساقيها
نصرٌ تقدُّمُنا ، أُسْدٌ فرائسُنا = لبيكَ قائدُنا للطفِّ نهديها
عزمٌ أوائلها نصرٌ أواخِرُها = فجرٌ بدايتها صبحٌ دواجيها
قبَّلتها وحروفُ الضّادِ تسبقني = في القولِ نعياً كأني مِن قوافيها
أبو حسين الربيعي دبي 12/9/2013 – 5 ذو القعدة 1434هـ