اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اعترافات مدخن (04) عدوان جديدان
تعدى محمود سن الطفولة وتجاوز سني المراهقة، وﻻ تزال عادة التدخين متأصلة فيه متمسكة به، تمسك الطفل بمحالب أمه.
لم يفلح العقاب الذي كان ينزله به أبيه بين الفينة والأخرى، عندما كان يصطاده وهو يستمتع بسيجارته، بين الأشجار الملتفة ببعضها، كخصلات شعر طويلة معقودة الأطراف، داخل احد مزارع الحي القريبة.
أو في احد زوايا بيتهم المعتمة، حينما يرى عمود الدخان يخرج إليه منها، كأشعة الشمس المتفلتة من بين أكوام ضباب الصباح. ويشم روائح التبغ المتطايرة تطاير الفراش والحشرات هربا من الضوء، إلى داخل غرف النوم والجلوس.
زواجه المبكر لم يمنعه أو يوقفه عن التدخين، بل أعطاه مجالا واسعا وفسحة اكبر، يستطيع من خلالها التصرف بحرية دون حساب أو عقاب.
إنجابه الأطفال لم يلهمه الامتناع عن التدخين حفاظا على صحتهم، وتجنيبهم استلهام هذه العادة السيئة منه.
صارت العلبة الواحدة التي تأخذ معه سبعة أيام في صغره اثنتان، يستهلكهما جميعا في يوم واحد.
بمرور السنوات والانهماك في العمل، صار التدخين مجالا للتنفيس وتغيير المزاج، وزادت معه عدد العلب التي كان يلتهمها التهام المحروم اﻻكل والشراب.
تطور اﻻمر مع تقدمه في العمر، فلم تعد السجائر تفي بمتطلبات حياته المرفهة، فادخل بيته عدوين جديدين، يلجأ إليهما عند حاجته للتغيير، كالمستجير من الرمضاء بالنار.
بقلم: حسين نوح مشامع