|
عضو
|
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
المنتدى :
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
القرآن يحدد هوية خليفة الله في الارض
بتاريخ : 06-Jul-2008 الساعة : 12:16 AM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
القرآن يحدد هوية خليفة الله في الارض
حين نقرأ آيات الذكر الحكيم نجد في ظاهره القصص والأحكام، ونكتشف في واقعه العبر والمعارف، وهذه الازدواجية تمكن كافة الأطراف من الاستفادة من القرآن رغم تفاوت المستويات الفكرية، فهناك من ينبهر بانسياب القصص القرآنية وأسلوبها الجذاب، وهناك من يغور في عبر القرآن حتى يلتصق قلبه بالحقائق القرآنية التصاقا وثيقا وواعيا.
ومن بلاغة القرآن الحكيم أيضا، استخدام القصص الواقعية والواضحة في تبيين الحقائق المعقدة والمغيبة عن الأذهان، ومن أبرز القصص القرآنية التي تتكرر في آيات القرآن، وبالخصوص في سورتي البقرة والاعراف، قصة نبي الله آدم والاعتراض الذي قدمه الملائكة رب العزة والجلال بشأن خلافة آدم في الأرض، ولعل الملائكة استنتجوا من التركيبة البشرية من الروح والجسد، أو من عالمي المادة والمعنى، استنتجوا من طبيعة البشر ميله نحو سفك الدماء والافساد في الأرض، بيد ان الله عزوجل نهرهم عن هذا القياس الخاطئ، مؤكدا ان علمه محيط بكل شيء، وقال تعالي:"إني أعلم ما لا تعلمون"
فكيف كانت هذه الكلمة إجابة على الإشكال العريض الذي طرحته الملائكة بصدد خلافة الإنسان؟
ان علم الله ـ تعالي شأنه ـ محيط بطبيعة الإنسان، فكما ان عوامل الانحراف والضلالة تركسه في أسفل سافلين، فإن أسباب الهداية والصلاح قادرة على منزلة رفيعة, ولعل هذا الانموذج البشري كان زاخراً طوال التاريخ بقمم سامية مثل الأنبياء وبالخصوص حبيب الله محمد بن عبد الله (ص) الذي فاق الخلائق أجمعين وأصبح مثلا أسمى لقدرة الله، وهذا المثال يحدد مفهوم الخلافة في القرآن، كون الخلافة الأصلية لا تطلق على سّفاك الدماء أو على المفسد في الأرض، وإنما تطلق على الإنسان المتكامل الذي اعتمد في بصائره على الله عزوجل.
فالخليفة المنتخب من قبل الله عزوجل، كان آدم (ع) والخط الذي سار على نهجه هو هابيل (وليس قابيل) نوح وإبراهيم وسائر الأنبياء والمصلحين، وهنا تتأكد حقيقة ان الخلافة في الأرض إنما تكون للعالم بالله عزوجل."وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال: أنبئوني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا"
فالمراد (بأسماء هؤلاء) هم أهل البيت (ع)، ولعل الرواية التالية تبين هذه الحقيقة. قال الإمام أبو محمد العسكري (ع) لما قيل لهم"هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا"، قالوا متى كان هذا؟ فقال الله عزوجل وإذ قال ربك للملائكة: أنبئ هذا الخلق لكم ما في الأرض جميعا, حين قال ربك للملائكة الذين كانوا في الأرض:"إني جاعل في الأرض خليفة","فقالوا ربنا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء"، كما فعلته الجن بنو الجان الذين قد طردناهم عن هذه الأرض:"ونحن نسبح ونقدس لك"، أي ننزهك عما لا يليق بك من الصفات ونقدس لك نطهر أرضك ممن يعصيك قال الله تعالي إني أعلم مالا تعلمون إني أعلم من الصلاح الكائن فيمن أجعله بدلا منكم مالا تعلمون وأعلم أيضا ان فيكم من هو كافر في باطنه لا تعلمونه وهو إبليس لعنه الله, ثم قال: وعلم آدم الأسماء كلها أسماء أنبياء الله وأسماء محمد () وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من آلهما وأسماء رجال من شيعتهم وعتاة أعدائهم (ثم عرضهم) عرض محمداً وعلياً والأئمة على الملائكة أي عرض أشباحهم وهم أنوار في الأظلة فقال: "أنبئوني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين", ان جمعكم تسبحون وتقدسون وان ترككم ههنا أصلح من إيراد من بعدكم, أي فكما لم تعرفوا غيب من في خلالكم فالحري ان لا تعرفوا الغيب الذي اذا لم يكن, كما لا تعرفون أسماء أشخاص ترونها قالت الملائكة سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا انك أنت العليم بكل شيء الحكيم المصيب في كل فعل, قال الله عزوجل يا آدم أنبئ هؤلاء الملائكة بأسمائهم وأسماء الأنبياء والأئمة فلما أنبأهم فعرفوها أخذ عليهم العهود والمواثيق بالإيمان بهم والتفضيل لهم قال الله تعالي عند ذلك:
"ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون"
من هذه الرواية نستوحي حقيقة هامة، مفادها ان خلافة الإنسان في الأرض بمعنى الولاية والحاكمية وحق التشريع، لا يمكن ان يكون في هذا الكوكب إلا للعلماء العاملين الربانيين.
إن معرفة هذه الحقيقة المتقدمة ـ مفهوم الخلاقية والقيادة والحكومة ـ يعدّ الأساس في المعارف القرآنية والثقافة الإسلامية، وتشكل هذه المعرفة حجر الزاوية فيما يرتبط بوضع الاستراتيجية السليمة للدولة الإسلامية كون القيادة هي نظام سياسي متكامل، يعدّ تجليا لروح المجموعة ورمزا لطبيعة المجتمع، والاهتمام بالقيادة لا ينحصر في مثال شخص فقط، وإنما الاهتمام بالقيادة, يعني ادراك طبيعة النظام الاجتماعي، وفهم الخلفيات واستنتاج طرق العمل والوسائل، ثم تعيين طبيعة الاستراتيجية المناسبة للمرحلة الراهنة، باعتبار ان القيادة الفاسدة لا يمكن ان تهدي الناس الصلاح.. كما الغراب لا يمكن ان يهدي الناس المدينة، لأن الغراب اذا كان هاديا، فإنما يهدي دار البوار!!
إننا نعيشوم في عصر النهضة الدينية أو ـالصحوة الدينيةـ في العالم كله، وبالذات بين المسلمين في العراق والخليج وأفريقيا وآسيا، وهذه الصحوة لم تأت عبثا، وإنما جاءت نتيجة جهود كبيرة بذلها المسلمون الرساليون، وشكلت ثمرة أربعة عشر قرنا من الجهاد والبطولات والتضحيات، وبالخصوص من بركات دماء أبي عبد الله الحسين (ع) ودماء كل من خط في الأمة نهج الرسالة والجهاد. وهذه الثمرة كانت تركة أورثها النبي الأعظم (ص) أهل بيته و الإمام الحسين (ع) حيث قال الرسول: (حسين مني وأنا من حسين) ثم أورثها الإمام الحسين العلماء الربانيين والمجاهدين الذين أراقوا دماءهم في سبيل بقاء الرسالة، أن أثمرت شجرة الإسلام الخالدة على شكل صحوة إسلامية تمتد عبر العالم الإسلامي أجمع.
من جانب آخر يشكل التخطيط والبرمجة لهذه الصحوة، دعامة بقائها واستمرارها، كون هذه الصحوة تعد كالغيث، اذا لم يخصص له روافد يتحول سيل جارف، يأخذ الجيد والرديء، أو يرجع الوراء فيعود البحر ويضيع هناك، والقنوات القادرة على حفظ هذه الصحوة هم العلماء الربانيون الذين لا يرتبطون بالانظمة والحكام المستبدين ، واختيار هؤلاء العلماء من قبل الجماهير، ينبغي ان يكون مستندا على أساس إلهي رصين، بمعنى لا يكون الاختيار لعالم يدعو الناس السكوت والاستسلام والهزيمة وفصل الدين عن السياسة، اذ قد يكون له عذر يطرحه على الله عزوجل يوم القيامة، وإنما يكون الاختيار لعالم توافق تعاليمه تعاليم الإسلام، يتبع أمر مولاه، ويقف أمام الظلم والظالمين، ويسير على خطى الأنبياء، ويقتدي بأهل البيت .
وهناك ظرف استثنائي وخاص يمكن ان يربط العالم بالنظام الحاكم ، مثلما حدث للإمام الرضا (ع) حين قبل ولاية العهد في نظام المأمون العباسي، ومع ذلك نقل المؤمنون أجمع روايات كثيرة تدل على أن الإمام الرضا”لم يكن راضيا على تلك الحالة.
من جهة اخرى عندما يكون الفكر حكرا على مجموعة من الفاشلين وأصحاب المطامع الرخيصة الذين فشلوا في حياتهم العلمية والمعيشية، فالتحقوا بالكليات والمعاهد الدينية، وعينتهم مراسيم السلطات من قبل وزارة الأوقاف أئمة لمساجد، اذا كان كذلك، فإن هؤلاء لا يصلحون للتضحية في سبيل الله ولقيادة الأمم، كون بذرة التوجه فاسدة من الأساس.
ومن الجدير ذكره هنا ان الصحوة الاسلامية تواجه منذ عقود وما تزال محاولات مستمرة من معاهد ومؤسسات دينية وعلمية مرتبطة بالحكومات لتربية واعداد جيل من العلماء المرتبطين والمواظفين والذين يقومون بمهام تبليغية دينية مقابل رواتب واجور ثابتة ، الامر الذي يدعو الحركة الإسلاميةوم وأكثر من أي يوم مضى تعلم الفقه والتفسير وبصائر التاريخ وسائر المعارف الإسلامية بعيداً عن قنوات الأنظمة، ثم يقودون الجماهير بصفة العلماء وبمساعدة أصحاب المال والثروة. فالبرمجة لهذه الصحوة الإسلامية، يجب ان تكون مستقلة، وبعيدة عن رقابة السلطات ومؤسساتها، وبهذا تنمو القيادات الرشيدة في الأوساط الإسلامية.
لقد اثبتت الايام وتتابع الازمنة ان العاقبة كانت للمتقين وليس للنهج الذي اتبعه اولئك العلماء المرتزقة ، والعراق خير شاهد ومثال مهم امامنا ، طبعاً التجربة مستمرة والعبرة قائمة فهي ليست خاصة بشخص صدام وجماعته بل بكل جهة أياً كانت قوتها العسكرية والسياسية بحيث توهم الناس بانها هي المنقذ الوحيد؛ والحركة الاسلامية تنظر تجارب ثرية في التاريخ يجسدها لنا القرآن الكريم ، فالاندثار والانقراض كان دائماً من نصيب الحضارات المادية وذلك بسبب تلك القوة المادية التي اعتمت عليها, فحين اشتهر قوم عاد بنحت بيوتهم في الصخور والجبال ، فان هذه الصخور هي التي خنقتهم ، ولما افتخر فرعون بالانهار التي تجري من تحته ، فان هذه الانهار والمياه هي التي ابتلعته.
|
|
|
|
|