بسم الله الرحمن الرحيم
الزهراء
![عليها السلام](images/smilies/ahs.gif.pagespeed.ce.JzPyrUZo8N.gif)
في حياة أبيها صلّى الله عليه وآله وسلم
المبحث الأول : في بيت النبي
![صلى الله عليه وآله](images/smilies/sa.gif.pagespeed.ce.MvwxkUgsdv.gif)
وسلم :
إنّ ركائز الفرد الروحية والأخلاقية تستند إلى بوادر تربيته وبيئته وبيته الذي نشأ فيه ، وكان منبت الصديقة الزهراء
![عليها السلام](images/smilies/ahs.gif.pagespeed.ce.JzPyrUZo8N.gif)
في أول بيت حمل لواء الإسلام ونشر راية التوحيد ونادى بمكارم الأخلاق ، وهو البيت الذي وصفه أمير المؤمنين
![عليه السلام](images/smilies/xas.gif.pagespeed.ic.jkQpikQJDg.png)
في خطبته القاصعة : « ولم يجمع بيت واحد يومئذٍ في الإسلام غير رسول الله
![صلى الله عليه وآله](images/smilies/sa.gif.pagespeed.ce.MvwxkUgsdv.gif)
وسلم وخديجة وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة ، وأشمّ ريح النبوة... » (1) .
فعميد البيت هو النبي العربي الخاتم
![صلى الله عليه وآله](images/smilies/sa.gif.pagespeed.ce.MvwxkUgsdv.gif)
وسلم أبو القاسم محمد بن عبدالله ابن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، الذي وصفه تعالى بقوله : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) (2) ونعته قومه وهم في غياهب جاهليتهم بالصادق الأمين ، واختصه الله تعالى بالوحي والكتاب الكريم ، وشرّفه بشرف الرسالة ، وشرح صدره بأنوار المحبة واللطف والكرامة.
هو الحبيب الذي تـرجى شفاعتــه * لكلِّ هـول مـن الأهوال مقتـحمِ
دعــا إلى الله فـالمستمسكون بـه * مستمسـكون بحبـلٍ غـير منفصمِ
فــاق النبييــن فــي خَلــْق * وفي خلقولم يدانوه في علمٍ ولا كرمِ
وكلّهم مـن رسـول الله ملتمس * غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ
فهـو الذي تـمّ معناه وصورته * ثــم اصطفاه حبيباً بارىء النسمِ
منزّه عـن شريك فـي محاسنه * فجوهر الحسن فيه غير منقسمِ (1)
أما سيدة البيت أُمّ الزهراء
![عليها السلام](images/smilies/ahs.gif.pagespeed.ce.JzPyrUZo8N.gif)
فهي أُمّ المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي جد النبي
![صلى الله عليه وآله](images/smilies/sa.gif.pagespeed.ce.MvwxkUgsdv.gif)
وسلم ، أوسط نساء قريش نسباً ، وأعظمهن شرفاً ، وكانت تدعى في الجاهلية الطاهرة (2) لشرفها وعفّتها ، وقد نشأت في بيت معروف بالمكانة واليسار والنفوذ والشرف في قريش.
كان جدها أسد بن عبد العزّى واحداً من أعضاء حلف الفضول ومؤسسيه والدعاة إليه ، وهو الحلف الذي بموجبه تعاقدت قبائل من قريش وتعاهدت على أن لا يجدوا بمكة مظلوماً من أهلها أو غيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلاّ نصروه ، وكانوا على من ظلمه حتى تردّ مظلمته ، وهو الحلف الذي قال فيه رسول الله
![صلى الله عليه وآله](images/smilies/sa.gif.pagespeed.ce.MvwxkUgsdv.gif)
وسلم
![عليهم السلام](images/smilies/a3.gif.pagespeed.ce.3Sn6T6Bd8d.gif)
« لقد شهدت في دار عبدالله بن جدعان حلفاً ما أحبُّ أن لي به حمر النعم ، ولو أُدعى به في الإسلام لاَجبت » (3) .
وكان ابن عمّها ورقة بن نوفل بن أسد من الأربعة الذي تنسكوا واعتزلوا عبادة الأوثان ، وهجروا قومهم فتفرقوا في البلدان يلتمسون الحنيفية دين إبراهيم
![عليه السلام](images/smilies/xas.gif.pagespeed.ic.jkQpikQJDg.png)
(4) .
وقد تزوج الرسول
![صلى الله عليه وآله](images/smilies/sa.gif.pagespeed.ce.MvwxkUgsdv.gif)
وسلم خديجة الكبرى
![عليها السلام](images/smilies/ahs.gif.pagespeed.ce.JzPyrUZo8N.gif)
قبل البعثة بنحو خمسة
عشر عاماً ، فلمّا بُعِث النبي
![صلى الله عليه وآله](images/smilies/sa.gif.pagespeed.ce.MvwxkUgsdv.gif)
وسلم دعاها إلى الإسلام ، فكانت أول امرأة آمنت بدعوته ، وبذلت كل ما بوسعها من أجل أهدافه المقدسة ، فكانت أموال خديجة ثالث أثافي دعوة الإسلام بعد تسديد العناية الإلهية لشخص الرسول
![صلى الله عليه وآله](images/smilies/sa.gif.pagespeed.ce.MvwxkUgsdv.gif)
وسلم ، وحماية أبي طالب
![عليه السلام](images/smilies/xas.gif.pagespeed.ic.jkQpikQJDg.png)
عم الرسول
![صلى الله عليه وآله](images/smilies/sa.gif.pagespeed.ce.MvwxkUgsdv.gif)
وسلم ونصرته ومؤازرته.
ثم انها قد اجتباها الله تعالى لكرامة لا توصف نالت بها سعادة الأبد ، وذلك بأن منّ الله تعالى على الإسلام بأن حفظ في نسلها ذرية الرسول المصطفى
![صلى الله عليه وآله](images/smilies/sa.gif.pagespeed.ce.MvwxkUgsdv.gif)
وسلم فهي أُمّ آل البيت الكبرى ، الذين كانوا نفحةً من عطر شذاه ، وقبساً من سنا نوره ، إذ انحصرت في ابنتها الزهراء
![عليها السلام](images/smilies/ahs.gif.pagespeed.ce.JzPyrUZo8N.gif)
نسبة كل منتسب إلى رسول الله
![صلى الله عليه وآله](images/smilies/sa.gif.pagespeed.ce.MvwxkUgsdv.gif)
وسلم ، فأعظم بها من مفخرة!
وتوفيت خديجة
![عليها السلام](images/smilies/ahs.gif.pagespeed.ce.JzPyrUZo8N.gif)
في السنة العاشرة من المبعث الشريف بعد خروج بني هاشم من الشعب (1) ، أي قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين ، وذلك بعد أن عاشت مع رسول الله
![صلى الله عليه وآله](images/smilies/sa.gif.pagespeed.ce.MvwxkUgsdv.gif)
وسلم نحو ربع قرن كانت فيها أُمّ عياله وربة بيته ومؤازرته على دعوته ، ولم يتزوج رسول الله
![صلى الله عليه وآله](images/smilies/sa.gif.pagespeed.ce.MvwxkUgsdv.gif)
وسلم امرأة في حياتها قط إكراماً لها وتعظيماً لشأنها بخلاف ما كان منه
![صلى الله عليه وآله](images/smilies/sa.gif.pagespeed.ce.MvwxkUgsdv.gif)
وسلم بعد وفاتها.
وقد جاء في فضلها عنه
![صلى الله عليه وآله](images/smilies/sa.gif.pagespeed.ce.MvwxkUgsdv.gif)
وسلم أنّه قال : « سيدات نساء أهل الجنة أربع : مريم بنت عمران ، وفاطمة بنت محمد ، وخديجة بنت خويلد ، وآسية امرأة فرعون » (2) .
ولم ينس ذكرها رسول الله
![صلى الله عليه وآله](images/smilies/sa.gif.pagespeed.ce.MvwxkUgsdv.gif)
وسلم حتى في أواخر حياته كما في قول عائشة : كان رسول الله
![صلى الله عليه وآله](images/smilies/sa.gif.pagespeed.ce.MvwxkUgsdv.gif)
وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة ، فيحسن الثناء عليها ، فذكرها يوماً من الأيام ، فأخذتني الغيرة ، فقلت : هل
كانت إلاّ عجوزاً قد أبدلك الله خيراً منها ، فغضب حتى اهتزّ مقدم شعره من الغضب ، ثم قال : « لا والله ما أبدلني خيراً منها ، آمنت بي إذ كفر الناس ، وصدّقتني إذ كذّبني الناس ، وواستني في مالها إذ حرمني الناس ، ورزقني الله منها أولاداً دون غيرها من النساء » قالت عائشة : فقلت في نفسي : لا أذكرها بعدها بسبّة أبداً (1) .
وفي هذا النص دليل واضح على أفضليتها
![عليها السلام](images/smilies/ahs.gif.pagespeed.ce.JzPyrUZo8N.gif)
على سائر أزواج النبي
![صلى الله عليه وآله](images/smilies/sa.gif.pagespeed.ce.MvwxkUgsdv.gif)
وسلم وكونها أحبهن إلى قلبه الشريف.
ففي هذا البيت الذي اختاره الله سبحانه مهبطاً للوحي ومقراً للنبوة لتبليغ رسالته والانذار بدعوته ، ولدت ونشأت وترعرت الزهراء
![عليها السلام](images/smilies/ahs.gif.pagespeed.ce.JzPyrUZo8N.gif)
بين أقدس زوجين في ذلك العالم الذي يلفّه الظلام والضلال ، فكان البيت بما يحتويه من عميده النبي
![صلى الله عليه وآله](images/smilies/sa.gif.pagespeed.ce.MvwxkUgsdv.gif)
وسلم وزوجته خديجة الكبرى ، وابن عمه الوصي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وابنته الطاهرة الصديقة (سلام الله عليهم أجمعين) هالةً من النور وبيرقاً للهداية ، وماهي إلاّ سنين قلائل حتى تبدّدت سحب الضلال بنور الإيمان ، وشملت راية التوحيد أمُّ القرى وماحولها.
قال الشاعر :
شبت بحجر رسول الله فـاطمة * كما تحــبّ المعالي أن تلاقيها
وفي حمى ربّة العليا خديجة قد * نشت كما الطهر والآداب تشهيها
ونفسها انبثقت من نفس والدها * وأُمّها فهـي تحكيـه ويحكيها (2)
ونسئلكم الدعاء