رسول الله الشهيد المسموم - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: القرآن الكريم والعترة الطاهرة صلوات الله عليهم :. ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام

إضافة رد
كاتب الموضوع خادم الزهراء مشاركات 0 الزيارات 1372 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

خادم الزهراء
الصورة الرمزية خادم الزهراء
.
رقم العضوية : 10
الإنتساب : Mar 2007
الدولة : رضا الزهراء صلوات الله عليها
المشاركات : 6,228
بمعدل : 0.95 يوميا
النقاط : 10
المستوى : خادم الزهراء تم تعطيل التقييم

خادم الزهراء غير متواجد حالياً عرض البوم صور خادم الزهراء



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي رسول الله الشهيد المسموم
قديم بتاريخ : 28-Jul-2008 الساعة : 04:12 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


اللهم صل على الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم واشفي قلب الزهراء صلوات الله عليها بظهور وليك الحجة بن الحسن صلوات الله عليه وعل آبائه الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين

رسول الله صلوات الله عليه وآله الشهيد المسموم
اغتيال الرسول الأكرم ()

قال الله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}( سورة آل عمران، الآية 144)..

فهذه الآية الكريمة قد بينت إمكانية ارتكاب جريمة قتل في حق الرسول الأكرم ()، وذلك يزيف أي ادعاء يهدف إلى تضليل الناس عن حقيقة موت الرسول ()، بدعوى أن استشهاده غير ممكن.. أياً كانت دوافع أو مبررات ادعاءات كهذه..

وقد جاءت الأحداث لتؤكد هذه الحقيقة، فبينت أنه () قد تعرض للاغتيال أكثر من مرة، ومن أكثر من جهة: من المشركين، ومن اليهود، ومن المتظاهرين بالإسلام أيضاً..
وقد يمكن القول أيضاً: بأن الفئات المختلفة ـ أحياناً ـ قد تعاونت على ذلك، بعد أن رأت أن مصالحها تلتقي على هذا الأمر. فبذلوا المحاولة، وربما فشلت مرة أو أكثر، ولكنهم استطاعوا في نهاية المطاف أن يصلوا إلى مبتغاهم، فمات () شهيداً بالسم، كما سيأتي..

نماذج من محاولات اغتياله:

وفي جميع الأحوال نقول: إنه قد بذلت محاولات كثيرة لاغتياله ()، نذكر منها ما يلي:

1ـ ما روي من تهديدات قريش لرسول الله () في بدء الدعوة، وعرضهم على أبي طالب أن يقتلوه، وأن يعطوه بعض فتيانهم بدلاً عنه.. وقد ذكرنا ذلك في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي () فراجع..

وذكرنا أيضاً: أن أبا طالب () حين حصر المشركون المسلمين في شعب أبي طالب، كان ينيم رسول الله () في موضع يراه الناس، ثم إنه حينما تهدأ الرِّجل يقيمه، وينيم ولده الإمام علياً () مكانه، حذراً من أن تغتاله قريش.

فقال له الإمام علي ()، إني مقتول؟!..
فقال له أبو طالب ():

اصبرن يـا بني، فالصبر أحجى كل حي مصيره لــشعوب
قــدر الله والــبلاء شـديـد لنداء الحبيب وابن الحبيب

[الأبيات] (راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص64 وما روته العامة من مناقب أهل البيت للشراوني ص61 و62 والدرجات الرفيعة ص42)..

2ـ محاولة اغتياله () ليلة الهجرة، حيث بات الإمام علي () في فراشه ().. وكانوا قد انتدبوا عشرة من الرجال من عشر قبائل في قريش ليقتلوا النبي ().. فأنجاه الله سبحانه منهم. وتتبعوه إلى الغار، فصرفهم الله عنه.

3ـ محاولة اغتياله من قبل بني النضير(راجع كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم () ج8 ص40 ـ 50)..

4ـ تنفيرهم برسول الله () ليلة العقبة(راجع: السيرة الحلبية ج3 ص143 ط دار التراث ـ بيروت، وأسد الغابة ج1 ص468 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص260 ـ 262 والمغازي للواقدي ج3 ص1042 ـ 1045 وإمتاع الأسماع ص477 ومجمع البيان ج3 ص46 وإرشاد القلوب للديلمي ص330 ـ 333 والمحلى ج11 ص225 وعثمان.. «وكان لا يصلي على من أخبره () بأمرهم».).. وقال «يعني ابن حزم»: إن حذيفة لم يصل على أبي بكر، وعمر،

5ـ محاولة قتله () في خيبر بالسم، وسنذكر بعض نصوص هذه الحادثة.. فيما يأتي إن شاء الله تعالى..

6ـ محاولة قتله () في المدينة بالسم أيضاً، وسنذكر النصوص المرتبطة بذلك أيضاً.

وبعدما تقدم نقول: إننا إذا أردنا الاقتراب من الإجابة على السؤال الوارد، فلا بد لنا من إيراد النصوص، والنظر فيها، ولذلك، فنحن نتابع الحديث على النحو التالي:

نصوص مأثورة عامة:

1ـ روي عن ابن مسعود أنه قال: لأن أحلف تسعاً: أن رسول الله () قتل قتلاً أحب إلي من أن أحلف واحدة.

وذلك أن الله سبحانه وتعالى، اتخذه نبياً، وجعله شهيداً(طبقات ابن سعد ج2 ص201 وسبل الهدى والرشاد ج12 ص303 ودلائل النبوة للبيهقي ج7 ص172 والمستدرك على الصحيحين ج3 ص58 وصححه على شرط الشيخين، هو والذهبي في تلخيص المستدرك (مطبوع بهامشه)، وراجع فيض القدير للمناوي ج5 ص448 وطبقات ابن سعد ج2 قسم2 ص7 ط دار التحرير بالقاهرة سنة 1388 هـ)..

2ـ روي عن الإمام الصادق () عن آبائه: أن الإمام الحسن () قال لأهل بيته: إني أموت بالسم، كما مات رسول الله ()..

قالوا: ومن يفعل ذلك؟!..

قال: امرأتي جعدة بنت الأشعث(مناقب آل أبي طالب ج3 ص25 والبحار ج44 ص153)..
3ـ عن الشعبي قال: لقد سم رسول الله ()، وسم أبو بكر الخ..( المستدرك على الصحيحين ج3 ص59 وتلخيص المستدرك للذهبي بهامشه).

ومن أقوال العلماء نذكر:
ما قاله الشيخ الطوسي (رحمه الله): قبض () مسموماً يوم الاثنين لليلتين بقيتا من الهجرة سنة عشر الخ(البحار ج22 ص514 وتهذيب الأحكام ج6 ص1)..

وقال الشيخ المفيد: قبض بالمدينة مسموماً(المقنعة ص456)..

وراجع ما قاله العلامة الحلي (رحمه الله) حول ذلك أيضاً(منتهى المطلب ج2 ص887)..
الروايات حول سم النبي ():

وبعدما تقدم نقول:
لقد وردت روايات محاولة اغتيال النبي () بواسطة السم عند السنة والشيعة على حد سواء، وهي تنقسم إلى قسمين:

أحدهما يقول: إن يهودية دست السم إلى النبي ()..

والآخر يقول: إنه () قد استشهد بالسم على يد بعض زوجاته..

ونحن نذكر هنا نصوصاً من هذا القسم وذاك.. مع بعض التوضيح أو التصحيح، فنقول:
روايات السنة في سم اليهودية لرسول الله ():

إننا نذكر من الروايات التي أوردها أهل السنة في مجاميعهم الحديثية والتاريخية، وتحدثت عن سم اليهودية له () ما يلي:

1ـ عن عائشة أنه () قال في مرضه الذي توفي فيه: إني أجد ألم الطعام الذي أكلته بخيبر، فهذا أوان انقطاع أبهري من ذلك السم(المستدرك على الصحيحين ج3 ص58، وتلخيص المستدرك للذهبي، وصححاه على شرط الشيخين، وذكر نحوه عن تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص169 وراجع: تاريخ الخميس 2/53 وكنز العمال ج11 ص466 وراجع ص467 ومجمع البيان ج9 ص121 و122 وفيه: ما أزال أجد ألم الطعام..)..

2ـ عن أبي هريرة أنه حين فتحت خيبر، أهديت له () شاة فيها سم، فقال (): إجمعوا من كان ههنا من اليهود، فجمعوا، فقال لهم: إني سائلكم عن شيء.. إلى أن قال: أجعلتم في هذه الشاة سماً؟

قالوا: نعم.

وفي نص آخر: ما زالت أكلة خيبر تعاودني كل عام..

وراجع البحار ج21 ص6 و7 والمحلى ج11 ص25 و27 والمصنف للصنعاني ج11 ص29 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج1 ص434 والبداية والنهاية ج3 ص400 والكامل لابن عدي ج3 ص402 وطبقات ابن سعد ج2 قسم2 ص32 ط دار التحرير بالقاهرة سنة 1388 هـ والسيرة النبوية لابن هشام المجلد الثاني ص338 سلسلة تراث الإسلام.

قال: فما حملكم على ذلك؟!..

قالوا: أردنا إن كنت كاذباً أن نستريح منك، وإن كنت نبياً لم يضرك(المغازي للذهبي ص362 وسنن الدارمي ج1 ص33)..

3ـ عن أنس: أن يهودية أتت النبي ()، بشاة مسمومة، فأكل منها، فجيء بها إلى رسول الله () فسألها عن ذلك، فقالت: أردت لأقتلك..

فقال (): ما كان الله ليسلطك على ذلك. أو قال: علي..

قالوا: ألا نقتلها؟

قال (): لا.

فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله ()( المغازي للذهبي، وعن صحيح البخاري ج5 ص179 والمحلى ج11 ص26 وصحيح مسلم ج7 ص14 و15 كتاب السلام)..

4ـ في سيرة ابن هشام: أن التي سمته هي زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم، وأن النبي () لاك من الشاة مضغة فلم يسغها، فلفظها، ثم قال: إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم.. وكان معه بشر بن البراء بن معرور، وقد أخذ منها وأساغها.. فسأل النبي () تلك اليهودية عن ذلك.. إلى أن قال: فتجاوز عنها رسول الله ()، ومات بشر من أكلته التي أكل(السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص337 تراث الإسلام، وتاريخ الخميس ج2 ص52.

في نص آخر أضاف قوله: فلما مات بشر أمر بها فقتلت، وقيل: صلبت كما في أبي داود وروى أبو داود: أنه () قتلها.)..

وفي كتاب شرف المصطفى: أنه قتلها وصلبها وقيل: تركها لأنها أسلمت، فلما مات بشر دفعها إلى أوليائه، فقتلوها به.. كما في الإمتاع، وفي صحيح مسلم أنه قتلها. وعند ابن إسحاق: أجمع أهل الحديث على ذلك، وقال مغلطاي: لم يقتلها(راجع فيما تقدم: السيرة الحلبية ج3 ص55 و56 وراجع تاريخ الخميس ج2 ص52 والمحلى ج11 ص26 و27 وطبقات ابن سعد ج2 قسم2 ص7 ط دار التحرير والمغازي للواقدي ج2 ص678.)..

وعند الدارمي، عن الزهري: أنه عفا عنها(سنن الدارمي ج1 ص33)..

5ـ زاد في بعض المصادر قوله: «فلما ازدرد رسول الله () لقمته ازدرد بشر ما كان في فيه، وأكل القوم.

فقال رسول الله (): ارفعوا أيديكم، فإن هذه الذراع، أو الكتف يخبرني: أنها مسمومة.

فقال له بشر: والذي أكرمك، لقد وجدت ذلك في أكلتي التي أكلت، فما منعني أن ألفظها إلا أن أنغص عليك طعامك، فلما أكلت ما في فيك لم أرغب بنفسي عن نفسك، ورجوت أن لا تكون ازدردتها..

فلم يقم بشر من مكانه حتى عاد لونه كالطيلسان [أي أسود]. وماطله وجعه سنة، لا يتحول إلا ما حول، حتى مات..

وطرح منها لكلب فمات(السيرة الحلبية ج3 ص45 وراجع: سنن أبي داود ج4 ص174 وطبقات ابن سعد ج2 قسم2 ص7 ط دار التحرير والمغازي للواقدي ج2 ص677 و678 وتاريخ الخميس ج2 ص52 عن الاكتفاء)..

6ـ وفي رواية: أنه بعد أن اعترفت اليهودية بتسميم الشاة، بسط النبي () يده إلى الشاة، وقال: كلوا باسم الله، فأكلوا وقد سموا بالله، فلم يضر ذلك أحداً منهم(السيرة الحلبية ج3 ص56)..

7ـ عن أبي هريرة: ما زالت أكلة خيبر تعتادني في كل عام، حتى كان هذا أوان قطع أبهري(وهو عرق مستبطن الصلب، [والظاهر: أنه هو ما يعرف بالنخاع الشوكي] والأبهران يخرجان من القلب، ثم يتشعب منهما سائر الشرايين ـ أقرب الموارد ج1 ص64 الجامع الصغير عن ابن السني، وأبي نعيم في الطب، وفيض القدير للمناوي ج5 ص448 ط دار المعرفة).

وفي المنتقى: ولاكها رسول الله () فلفظها، فأخذها بشر بن البراء، فمات من ساعته، وقيل: بعد سنة تاريخ الخميس ج2 ص52.

فأرادت الانتقام لهم(فتح الباري ج10 ص208)..

8ـ وعند ابن سعد، عن الواقدي: أن اليهودية اعتذرت عن ذلك بأنه () قد قتل أباها، وزوجها، وعمها، وأخاها، ونال من قومها.

9ـ وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن: أن النبي () أكل من الشاة المسمومة، هو وأصحابه، فمات منهم بشر بن البراء، وأن النبي () أمر باليهودية قتلت (طبقات ابن سعد ج2 قسم2 ص6 و7 ط دار التحرير بالقاهرة سنة 1388هـ)..

نظرة في النصوص المتقدمة:

ولا نريد أن نناقش في أسانيد الروايات المتقدمة، فإن لنا فيها مقالاً.. بل نكتفي بتسجيل الملاحظات التالية:

أولاً: إن النبي الأعظم () لم يكن من السذاجة بحيث يقبل هدية هذه اليهودية، ثم يأكل منها، ويأمر أصحابه بالأكل منها.. وهو قد فرغ لتوه من تسديد الضربة القاضية لقومها.. كما أنه كان قد قتل زوجها، سلام بن مشكم، وأخاها كعب بن الأشرف قبل ذلك، وعمها، وغير هؤلاء..

كما أن كل أحد قد رأى غدر اليهود المتكرر بالمسلمين، وتآمرهم على حياة رسول الله () أكثر من مرة، فلم يكن النبي () ليغفل عن هذا الأمر، ويتصرف بهذا الطريقة.

ولو فرض جدلاً أن رسول الله () قد سكت عن هذا الأمر، أو تغافل عنه لمصلحة رآها.. فإن من المتوقع جداً أن يبادر أحد المسلمين إلى الجهر بالاعتراض على الأكل من ذلك الطعام، وإبداء مخاوفه من أن يكون مسموماً..

ثانياً: إن من يقرأ الروايات المتقدمة، ويقارن بينها، يلاحظ: أنها غير منسجمة فيما بينها.. فلاحظ ما يلي:

1ـ إن بعضها يصرح بأن الله تعالى ما كان ليسلط تلك المرأة عليه ().
لكن بعضها الآخر يقول: إنه () في مرض موته: قد وجد ألم الطعام الذي أكله في خيبر، وأخبر أن مطاياه قد قطعت، أو أن ذلك هو أوان انقطاع أبهره..

2ـ يقول بعضها: إنه () قد قتل تلك المرأة، وبعضها الآخر يقول: إنه () قد عفا عنها.. وثالث يقول: إنه عفا عنها أولاً. ثم قتلت بعد موت بشر بن البراء..

3ـ بعضها يقول: إنه () لم يسغ ما تناوله من لحم الشاة.. لكن البعض يقول: إنه قد أساغ ما أكله منها..

4ـ وقالوا: إن الذي مات، هو بشر بن البراء؟!. وقيل: هو مبشر بن البراء؟!( راجع: مغازي الواقدي ج2 ص679. الآخر يضيف قوله: وأكل القوم)..

5ـ في بعض تلك الروايات: أنه () قد اتهم جماعة من اليهود بالأمر، فجمعهم، وسألهم عنه، فأقروا به..

وفي بعضها الآخر: أن المتهم هو امرأة واحدة منهم..

6ـ بعضها يقول: إن الذي أكل هو بشر بن البراء فقط، وبعضها

7ـ بعضها يقول: إن الذي حجم النبي () في هذه المناسبة هو أبو طيبة وقيل: بل حجمه أبو هند..

8 ـ بعضها يقول: أكل القوم. وبعضها الآخر يقول: كانوا ثلاثة، وضعوا أيديهم في الطعام، ولم يصيبوا منه..

9ـ بعض الروايات يقول: إنه بعد اعتراف اليهودية بما فعلت، أمرهم النبي () بالتسمية، والأكل من الشاة، فأكلوا فلم يضر ذلك أحداً منهم..

وبعضها الآخر يقول: لم يأكلوا.. وتضرر الرسول ()، وتضرر بشر بن البراء..
ثالثاً: كيف يحسُّ بشر بن البراء بالسم، ثم لا يخبر النبي () بالأمر، ويتركه يمضغ ما تناوله، ثم يبتلعه؟!.. فهل كان يعتقد أن النبي () لا يموت؟!.. أو أنه كان يعرف أنه يموت، وأراد له ذلك؟!. أم أنه لم يرده له.. ولكنه سكت عن إعلامه بالأمر؟!. فكيف سكت؟!. ولماذا؟!.

رابعاً: يقول بشر: إنه خاف أن ينغص على النبي () طعامه.. وهذا غريب حقاً إذ كيف رضي من لا يحب أن ينغص على النبي () طعامه: أن يتناول هذا النبي ذلك السم، ويموت به؟!..

وهل تنغيص الطعام على الرسول أعظم وأشد عليه من موته ()؟!.

خامساً: إنه كيف أقدم بشر على ازدراد ما يعلم أنه مسموم؟!.

وما معنى هذه المواساة منه للنبي () بنفسه؟!..

وهل يجوز له أن يقتل نفسه لمجرد المواساة؟!.

وما هي الفائدة التي توخاها من ذلك؟!..

سادساً: هل الحجامة تنجي من السم حقاً؟!.. ولو كانت كذلك، فلماذا إذن لا يستفاد منها في معالجة من تلدغه الحية.. أو من يشرب سماً خطأ، أو عمداً؟!..

ولماذا أمر النبي () الذين وضعوا أيديهم في الطعام ولم يأكلوا منه أن يحتجموا؟! فإنهم لم يأكلوا من ذلك الطعام شيئاً!!

سابعاً: ما معنى قوله (): هذا أوان انقطاع أبهري، فهل إن تناول السم يقطع العرق الأبهر، حتى بعد أن تمضي على تناول ذلك السم سنوات عدة؟!..

وما هو الربط بين هذا العرق، وبين ذلك السم؟!..

ثامناً: إن زينب بنت الحارث اليهودية قد اعتذرت للنبي () عن فعلتها الشنعاء تلك، بأنه () قد قتل أباها، وعمها، وزوجها، وأخاها..

وأخوها هو مرحب اليهودي، الذي قتله الإمام علي () في حصن السلالم، الذي فتح بعد حصن القموص.. بل كان آخر ما افتتح من تلك الحصون(راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص347 والكامل في التاريخ ج2 ص217 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص50)..

وقصة الشاة المسمومة إنما كانت في حصن القموص حيث قتل مرحب هناك، كما قاله ابن إسحاق(تاريخ الخميس ج2 ص52).

هذا كله مع غض النظر عن الشك في صحة كون مرحب أخاً لتلك المرأة.. فإن هناك من يقول: إنه عمها(راجع: المغازي للذهبي ص437 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص263 وإمتاع الأسماع ج1 ص316)..

تاسعاً: إن بعض الروايات تحدثت عن أن اليهودية قد قُتلت وصُلبت، حين مات بشر، كما في شرف المصطفى. لكن عند أبي داود: أنه صلبها(السيرة الحلبية ج3 ص56)..


غير أننا نعلم: أنه ليس في العقوبات الإسلامية الصلب للقاتل.. لاسيما إذا أخذنا بروايات العفو عنها من قِبل الرسول () قبل ذلك..

حيث لا يحتمل أن تكون عقوبة قاتل غير النبي القتل والصلب..

هذا كله.. مع غض النظر عن أن روايات العفو عنها تناقض الروايات القائلة بأن بشراً مات من ساعته، ولم يبق إلى سنة..

عاشراً: أما ما ذكره أنس من أنه ما زال يعرف ذلك ـ أي السم أو أثره ـ في لهوات رسول الله ()!!! فهو غريب، إذ كيف يمكن أن يرى أنس ـ باستمرار ـ لهوات رسول الله ()؟!. فإن اللهاة لا تكون ظاهرة للناس، إذ هي لحمة حمراء معلقة في أصل الحنك..

ولو أنه كان يرى لهواته ()، فما الذي كان يراه فيها، هل كان يرى السم نفسه، أو يرى صفرة أو خضرة، أو أي شيء آخر فيها؟!..

حادي عشر: ظاهر رواية المنتقى: أن بشراً قد التقط اللقمة التي لفظها الرسول ()، فأكلها، فمات منها..

فلماذا فعل ذلك يا ترى؟!. ألم يلتفت إلى أن لفظ رسول الله () لها قد كان لأمر غير محبب دعاه إلى ذلك؟!.

ولنفترض: أنه إنما أخذها ليتبرك بأثر رسول الله ()، وبريقه الشريف، فإن السؤال هو: ألم يكن ينبغي أن ينهاه الرسول () عن أكلها، بعد أن أحس بما فيها من سم قاتل؟!..

هذا الحديث من طرق الشيعة:

أما ما رواه الشيعة في مصادرهم حول محاولة سم اليهودية له ()، فنذكر منه ما يلي:

1ـ لقد جاء في التفسير المنسوب للإمام العسكري () ما ملخصه:

إنه لما رجع النبي () من خيبر، جاءته امرأة من اليهود ـ قد أظهرت الإيمان ـ بذراع مسمومة، وأخبرته أنها كانت قد نذرت ذلك..

وكان مع رسول الله () البراء بن معرور، والإمام علي ()، فطلب النبي () الخبز، فجيء به، فأخذ البراء لقمة من الذراع، ووضعها في فيه..

فقال الإمام علي (): لا تتقدم رسول الله ().

فقال له البراء: كأنك تبخِّل رسول الله ().

فأخبره الإمام علي (): بأنه ليس لأحد أن يتقدم على رسول الله () بأكل ولا شرب، ولا قول ولا فعل..

فقال البراء: ما أبخِّل رسول الله ()..

فقال الإمام علي (): ما لذلك قلت. ولكن هذا جاءت به يهودية، ولسنا نعرف حالها، فإذا أكلتها بدون إذنه وكلت إلى نفسك..

هذا.. والبراء يلوك اللقمة، إذ أنطق الله الذراع، فقالت: يا رسول الله، إني مسمومة، وسقط البراء في سكرات الموت، ومات.

ثم دعا () بالمرأة فسألها.. فأجابته بما يقرب مما نقلناه من مصادر أهل السنة، فأخبرها النبي () بأن البراء لو أكل بأمر رسول الله () لكفي شره وسمه..

ثم دعا بقوم من خيار أصحابه، فيهم سلمان، والمقداد، وأبو ذر، وصهيب، وبلال، وعمار، وقوم من سائر الصحابة تمام العشرة، والإمام علي () حاضر..

فدعا رسول الله () الله تعالى، ثم أمرهم بالأكل من الذراع المسمومة، فأكلوا حتى شبعوا، وشربوا الماء.

وحبس المرأة، وجاء بها في اليوم التالي.. فأسلمت..

ولم يصلِّ رسول الله () على البراء حتى يحضر الإمام علي () ليُحِلَّ البراء مما كلمه به حين أكل من الشاة.. وليكون موته بذلك السم كفارة له..

فقال بعض من حضر: إنما كان مزحاً مازح به علياً، لم يكن جداً فيؤاخذه الله عز وجل بذلك.
فقال (): لو كان ذلك منه جداً لأحبط الله أعماله كلها. ولو كان تصدق بمثل ما بين الثرى إلى العرش ذهباً وفضة, ولكنه كان مزحاً وهو في حل من ذلك، إلا أن رسول الله يريد أن لا يعتقد أحد منكم: أن علياً () واجد عليه، فيجدد بحضرتكم احلالاً، ويستغفر له، ليزيده الله عز وجل بذلك قربة ورفعة في جنانه.. الخ(راجع: البحار ج17 ص318/320 و396 والتفسير المنسوب للإمام العسكري ص177 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص128)..

2ـ وفي رواية أخرى: أن امرأة عبد الله بن مشكم أتت النبي () بشاة مسمومة، ومع النبي () بشر بن البراء بن عازب.. فتناول النبي () الذراع فلاكها، ولفظها، وقال: إنها لتخبرني أنها مسمومة.

أما بشر فابتلعها فمات.. ثم سأل النبي () اليهودية فأقرت(البحار ج17 ص408 وراجع ص406 عن الخرائج والجرائح. وراجع: الخرائج والجرائح ج1 ص27 والخصائص الكبرى ج2 ص63 ـ 65)..

3ـ وفي رواية عن الأصبغ، عن الإمام علي (): أنه يقال للمرأة اليهودية: عبدة. وأن اليهود هم الذين طلبوا منها ذلك، وجعلوا لها جعلاً.

فعمدت إلى شاة فشوتها، ثم جمعت الرؤساء في بيتها، وأتت رسول الله ()، فقالت: يا محمد، قد علمت ما توجَّب لي من حق الجوار، وقد حضر في بيتي رؤساء اليهود، فزيني بأصحابك..

فقام () ومعه الإمام علي ()، وأبو دجانة، وأبو أيوب، وسهل بن حنيف، وجماعة من المهاجرين..

فلما دخلوا، وأخرجت الشاة، سدت اليهود آنافها بالصوف، وقاموا على أرجلهم، وتوكأوا على عصيهم..

فقال لهم النبي (): اقعدوا..

فقالوا: إنا إذا زارنا نبي لم يقعد منا أحد، وكرهنا أن يصل إليه من أنفاسنا ما يتأذى به.
وكذبت اليهود لعنهم الله، إنما فعلت ذلك مخافة سَوْرة السم.. ودخانه..

ثم ذكرت الرواية تكلُّم كتف الشاة، وسؤال النبي () لعبدة عن سبب فعلها، وجوابها له.. وأن جبرئيل هبط إليه وعلَّمه دعاء، فقرأه النبي ()، وكذلك من معه، ثم أكلوا من الشاة المسمومة، ثم أمرهم أن يحتجموا(راجع: الأمالي للصدوق ص135 والبحار ج17 ص395 و396 عنه. ومناقب آل أبي طالب ج1 ص128)..

4ـ عن إبراهيم بن هاشم، عن جعفر بن محمد، عن القداح، عن إبراهيم، عن الإمام الصادق (): سمت اليهودية النبي () في ذراع ـ إلى أن قال: فأكل ما شاء الله، ثم قال الذراع: يا رسول الله، إني مسمومة، فتركتها. وما زال ينتقض به سمه حتى مات ()( البحار ج17 ص406 وج22 ص516 وبصائر الدرجات ص503)..

5ـ أحمد بن محمد، عن الأهوازي، عن القاسم بن محمد، عن علي، عن أبي بصير، عن الإمام الصادق (): سم رسول الله () يوم خيبر، فتكلم اللحم، فقال: يا رسول الله، إني مسموم.

قال: فقال النبي ()، عند موته: اليوم قطعت مطاياي الأكلة التي أكلت بخيبر، وما من نبي ولا وصي إلا شهيد(بصائر الدرجات ص503 والبحار ج22 ص516 وج17 ص405 وإثبات الهداة ج1 ص604).

نقد الروايات:
وكما لم نتعرض لمناقشة أسانيد روايات أهل السنة، رغم ما فيها من هنات، فإننا سوف نغض النظر عن الحديث عن أسانيد روايات الشيعة أيضاً، وإن كنا نجد من بينها ما هو معتبر من حيث السند، ونكتفي بمناقشة متونها، فنقول:

أولاً: قد ذكرت الرواية الأولى: أن البراء بن معرور هو الذي أكل من الشاة المسمومة فمات.
مع أن البراء بن معرور، قد توفي قبل أن يهاجر رسول الله () إلى المدينة بشهر(أسد الغابة ج1 ص174 والإصابة ج1 ص144 و145 والاستيعاب بهامشها ج1 ص136)..

ولم يحضر رسول الله () موت البراء، لكنه () حين هاجر زار قبره. ويقال: إنه قد صلى على قبره(راجع: أسد الغابة ج1 ص174 والإصابة ج1 ص144 و145 والاستيعاب بهامشها ج1 ص136)..

وقضية خيبر إنما كانت في السنة السابعة بعد الهجرة، فكيف يكون البراء بن معرور قد مات من أكلة خيبر، إذا كان قد مات قبلها بسبع سنوات؟!.

وقد يعتذر عن ذلك بأن ثمة سقطاً من الرواية. وأن الصحيح هو: بشر بن البراء.. لكن تكرر كلمة البراء في الروايات مرات عديدة يأبى قبول هذا الاعتذار، فإن السهو لا يتكرر في جميع الموارد عادة كما هو واضح.

ثانياً: إن هذه الروايات التي رواها الشيعة تختلف مع بعضها البعض:
1ـ فرواية التفسير المنسوب للإمام العسكري ()، تقول: إن الضحية هو البراء بن معرور، وروايات أخرى تقول: إنه بشر بن البراء بن معرور، ورواية ثالثة تقول: إنه بشر بن البراء بن عازب..

2ـ رواية التفسير المنسوب للإمام العسكري () تقول: إن الذي مات، قد مات وهو يلوك اللقمة.

والرواية التي بعدها تقول: إنه قد ابتلع اللقمة.

3ـ يظهر من بعض تلك الروايات: أن النبي () لم يأكل من الذراع..
ومن رواية أخرى: أنه () قد لاك اللقمة ولم يسغها..

وبعضها يقول: إنه () قد أكل منها ما شاء الله..

4ـ بعضها يقول: إن إخبار الذراع له () بأنها مسمومة كان قبل أن يسيغ اللقمة، وغيرها يقول: إن الذراع تكلمت قبل أن يبدأ هو وأصحابه بالأكل منها، وبعض آخر يقول: إنه () قد أكل منها ما شاء الله، ثم أخبرته الذراع بأنها مسمومة..

5ـ الروايات تصرح بأن اليهودية هي زوجة سلام بن مشكم، لكن رواية الخرائج والجرائح تقول: إنها امرأة عبد الله بن مشكم، ولا نعرف أحداً بهذا الاسم فيما بين أيدينا من مصادر..
6ـ الروايات تقول: إن اسمها زينب، ورواية الأصبغ عن الإمام علي () تقول: إنها يقال لها عبدة..

7ـ رواية التفسير المنسوب للإمام العسكري () تقول: إن القضية كانت في المدينة. وسائر الروايات تقول: في خيبر..

8ـ الروايات تتحدث عن أن اليهودية جاءته بذراع أو شاة مسمومة، لكن رواية الأصبغ تقول: إن اليهودية دعته للاجتماع مع الرؤساء في بيتها، حيث قدمت له الشاة المسمومة.
9ـ وأخيراً.. هل جاءته بذراع؟! أم جاءته بشاة؟! إن الروايات قد اختلفت في ذلك.
إلى غير ذلك من موارد الاختلاف، التي تظهر بالتتبع والمقارنة..

ثالثاً: إنه إذا كان الإمام علي () قد صرح بأنه يشك في هدية تلك اليهودية، كما ذكرته رواية التفسير المنسوب للإمام العسكري ()، معللاً ذلك بقوله: ولسنا نعرف حالها..

فلماذا لم يشك رسول الله () فيها أيضاً، ولم يحذِّر من معه من الأكل منها. بل بادر إليها فأكل منها ما شاء الله، أو أنه لاك ما تناوله منها، ثم أساغه، أو لم يسغه، حسب اختلاف الروايات؟!..

ولماذا لم يحذر الإمام علي () النبي ()، من الأكل منها، كما حذر البراء بن معرور؟!

وإذا كان النبي () حاضراً في المجلس ينتظر إحضار الخبز، وكان يسمع الحوار بين الإمام علي ()، وبين ابن معرور، فلماذا لم يأخذ تحذير الإمام علي () بعين الاعتبار؟!..

بل لماذا لم يؤثر هذا التحذير بالبراء نفسه أيضاً؟!..

رابعاً: قد ذكرت رواية التفسير المنسوب للإمام العسكري (): أنه () دعا قوماً من خيار أصحابه.. ثم عددتهم، وذكرت من بينهم صهيباً. مع أن صهيب الرومي كما ذكرته الروايات والنصوص، كان عبد سوء، وهو ممن تخلف عن بيعة أمير المؤمنين ()، وكان من أعوان المعتدين على الزهراء ()، والغاصبين لحق الإمام علي ()، بل كان من المعادين لأهل البيت ()( راجع: قاموس الرجال ج5 ص135 ـ 137 وغيره من كتب التراجم)..

خامساً: إنه كيف يدعو النبي () خيار أصحابه ليأكلوا من الشاة، فيأكلون إلى حد الشبع، ثم لا يصيبهم أي شيء. ويبقون أحياءً بعد موته () عشرين عاماً وأكثر من ذلك.. لكنه هو () وحده الذي يصاب.

حيث تذكر الروايات الأخرى: أنه () بعد ثلاث سنوات قد وجد ألم أكلته بخيبر، وأن عرقه الأبهر قد انقطع.. بل بعض الروايات تقول: فما زال ينتقض به سمه حتى مات ()؟!.

سادساً: إن رواية التفسير المنسوب للإمام العسكري () قد ذكرت أيضاً أمراً خطيراً، نجل عنه رسول الله () كل الإجلال.. وهو:

أنه () لم يصلِّ على البراء بانتظار حضور الإمام علي ()، لكي يُحِلَّه مما كلمه به. وليكون موته بذلك السم كفارة له..

ولكنه () حين اعترضوا عليه، بأن البراء قد قال ذلك مزاحاً، ولم يكن ليؤاخذه الله بذلك، تراجع () عن ذلك، وقال: «.. ولكنه كان مزحاً، وهو في حل من ذلك»..

ثم اعتذر لهم عن موقفه الأول بأنه يريد أن لا يعتقد أحد منهم بأن الإمام علياً () واجد عليه، فأراد أن يجدد بحضرتهم إحلالاً له، ويستغفر له.. ليزيده الله بذلك قربة ورفعة في جنانه..

وهذا معناه: أن هذه الرواية تنسب إلى رسول الله ـ والعياذ بالله ـ التدليس، والإخبار بغير الحق.. ثم التراجع عن الموقف بعد ظهور الأمر.. و.. و الخ.. وحاشاه من ذلك كله..
سابعاً: هل صدَّق رؤساء اليهود بنبوة رسول الله () حتى قالوا له: إذا زارنا نبي لم يقعد منا أحد؟!

وكيف صدقهم رسول الله () والمسلمون في قولهم هذا؟!. ألم يكن النبي () قد زارهم قبل ذلك، واجتمع بهم؟! فهل كانوا يقومون أيضاً، ويسدَّون آنافهم بالصوف..حتى لا يتأذى بأنفاسهم؟!.

وحين سدوا آنافهم بالصوف مخافة سَوْرة السم، هل تنفسوا من أفواههم بعد سد الآناف؟!.. وهل أن التنفس من الفم يمنع من سَوْرة السم حقاً؟! أم أنهم سدوها بالصوف، والتزموا بأن يتنفسوا منها أيضاً؟ إن الرواية لم توضح لنا ذلك!!

وإذا كان السم يؤثر إلى هذا الحد، فلا حاجة بهم إلى إطعام الرسول () من الشاة، بل يكفي أن يضعوها أمامه.. ويدخل السم إلى بدنه الشريف عن طريق التنفس.
ثامناً: إذا كان النبي () قد علم بالسم، وقرأ الدعاء، وأمرهم بأكل ما هو مسموم، ليظهر المعجزة، والكرامة بذلك، فما معنى أمره لمن معه بالاحتجام بعد ذلك؟!..

فهل أثّر الدعاء في حجب أثر السم أم لم يؤثر؟ فإن كان قد أثّر، فما الحاجة إلى الحجامة؟!. وإن كان لم يؤثر، فلماذا كان الدعاء؟! وكيف أقدم على تناول سم يؤدي إلى الموت من دون تثبُّت من تأثير الدعاء في منع تأثيرالسم؟!..

تاسعاً: إن بعض تلك الروايات تقول: إنه بعد أن أكل النبي () ما شاء الله، كلمته الذراع، وقالت: إني مسمومة.. فلماذا أخرت الذراع كلامها إلى حين أكل النبي () منها ما شاء الله؟!.

ولماذا لم يمت النبي () من ذلك السم من ساعته، إذا كان ذلك السم مؤثراً؟!.. بل تأخر أثره إلى ثلاث سنوات؟!.. ولماذا إن لم يكن مؤثراً، وجد النبي () ألم أكلة خيبر، ثم انقطعت مطاياه، أو انقطع أبهره؟!..

هل سم المسلمون رسول الله ()؟!..

وبعدما تقدم نقول: إن أصابع الاتهام لا تتوجه في هذا الأمر إلى اليهود وحسب، فإن هناك روايات تلمِّح، وأخرى تصرح بأنه () قد مات مسموماً بفعل بعض نسائه..
فمن الروايات التي ربما يقال: إنها تلمح إلى ذلك، الرواية المتقدمة عن الإمام الصادق (): أن الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام) قال لأهل بيته: إني أموت بالسم، كما مات رسول الله ().. ثم ذكر لهم: أن زوجته هي التي تسممه..

فربما يقال: إنه () يريد الإشارة إلى هذا الأمر بالذات، وإلا فقد كان يكفيه أن يقول: إن امرأتي تقتلني بالسم.. ولكنه لم يفعل ذلك، بل شبه ما يجري له بما جرى لرسول الله ().. فكما أن زوجتيه () قد سمتاه، فإن زوجة الإمام الحسن () سوف تدس له السم أيضاً..

وعهدة هذا الفهم للرواية بهذه الطريقة تبقى على مدّعيه..

أما الروايات التي تصرح بذلك، فهي:
1ـ ما روي عن الإمام الصادق ()، في تفسير قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}( سورة آل عمران، الآية 144)..
حيث قال (): «أتدرون، مات رسول الله () أو قتل؟! إنهما سقتاه قبل الموت»..

2ـ وروي أيضاً عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي عبد الله ()، قال: «أتدرون مات النبي () أو قتل؟!.. إن الله يقول: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}( سورة آل عمران، الآية 144).. فسم قبل الموت، إنهما سمتاه»، أو سقتاه(راجع: البحار ج28 ص20 وج22 ص516 وتفسير العياشي ج1 ص200 وتفسير البرهان ج1 ص320 وتفسير الصافي ج1 ص359 و389 ونور الثقلين ج1 ص33.)..

3ـ وروي عن الإمام الصادق (): في حديث الحسين بن علوان الديلمي، أنه حينما أخبر النبي () إحدى نسائه، لمن يكون الأمر من بعده، أفشت ذلك إلى صاحبتها، فأفشت تلك ذلك إلى أبيها، فاجتمعوا على أن يسقياه سماً، فأخبره الله بفعلهما. فهمَّ () بقتلهما، فحلفا له: أنهما لم يفعلا، فنزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ(سورة التحريم، الآية 7)}( البحار ج22 ص246 عن الصراط المستقيم)..
أي ذلك هو الصحيح؟!

ونحن، رغم أننا قد ذكرنا بعض الإشكالات على الطائفتين المتقدمتين أولاً، من روايات السنة والشيعة حول سم اليهود له ().. فإننا لا نريد أن نتسرع في إصدار الحكم النهائي على أي من الطوائف الثلاث من الروايات..

وذلك لأننا نجد في الطائفة الثانية روايات معتبرة، لا ترد عليها الإشكالات في مضمونها، إذا أخذت بمفردها، وهي أيضاً تتوافق مع بعض روايات أهل السنة في أصل المسألة، ولأجل ذلك، نقول: إن النظرة المنصفة لهذه الطوائف الثلاث تدعونا إلى أن نقول:

إنه ربما يظهر من مجموع ما ذكرناه: أن المحاولات التي بذلها اليهود لقتله () قد تعددت، ولعل بعضها قد حصل في خيبر، وبعضها حصل بالمدينة..

ولعل التي سمته في خيبر هي زينب بنت الحارث اليهودية، والتي سمته في المدينة هي تلك اليهودية التي يقال لها: عبدة..

وربما تكون الذراع قد كلمت النبي () مرتين: إحداهما في خيبر، والأخرى في المدينة.

ولعله أهديت له () ذراع تارة، وأهديت له () شاة أخرى..
ثم لعل الذي مات في إحداهما هو مبشر بن البراء، وأما أخوه بشر بن البراء فمات في حادثة أخرى..

وربما يكون بشر قد مات في إحداهما، ولم يمت أحد من المسلمين في المحاولة الأخرى..
ويمكن أن يقال أيضاً: إن المحاولة التي جرت في المدينة ربما تكون قد جرت بالتواطؤ مع بعض نسائه.. وربما تكون محاولة بعض نسائه قد جاءت منفصلة عن قصة اليهودية واليهود..

وربما تكون محاولة بعض نسائه قد فشلت مرة، وذلك في قضية إفشاء سره () في موضوع سورة التحريم، إذ إن الرواية تقول: إن الله قد أخبره بذلك، ثم نجحت في المحاولة الثانية، واستشهد رسول الله () بفعل السم الذي دسسنه له..

وإنما فضح الله أمرهن في المرة الأولى ليعرف الناس: أنهن قد يقدمن على هذا الأمر الشنيع، حتى إذا فعلن ذلك بعد ذلك، وذلك حين وفاته ()، فتصديق الناس بهذا الأمر يصبح أسهل وأيسر.. كما أن تعريف الناس بحقيقة أولئك النسوة يحصِّن الناس من الاغترار بهن، من حيث كونهن زوجات له ()..

نعم.. إن ذلك كله.. وسواه محتمل في تلك الروايات..

ونحن وإن لم نستطع الجزم بأي من تلك الوجوه.. ولكن لا شك في أنها لا تكون متعارضة فيما بينها، لأنها إنما تكون متعارضة متنافرة، لو فرض أنها كلها تحكي عن قضية واحدة دون سواها..
ولكن هذا أعني أن تكون القضية واحدة مما لا سبيل إلى إثباته أبداً..

وإن تعدد محاولات اغتياله مما دلت عليه النصوص الكثيرة، وسياق كثير من تلك الروايات التي ذكرناها يؤيد هذا الأمر..

وتبقى حقيقة واحدة لا مجال لإنكارها من أحد أيضاً..

وهي أنه في ظل هذا الذي ذكرناه، لا بد أن تسقط كل الآراء التي تسعى لتبرئة هذا الفريق أو ذاك.. وتبقى الشبهة القوية تحوم حول كل الذين ذُكرت أسماؤهم في الروايات في الطوائف الثلاث المتقدمة. لاسيما مع وجود نصوص صحيحة السند عند الشيعة والسنة.. بل إنه حتى أولئك الذين كانوا من المعروفين. فإن التاريخ قد أثبت لنا كيف شنوا حرباً ضارية ضد علي () وقد قتل فيها 7 ألوف من المسلمين، ولو استطاعوا قتله لقتلوه، مع أنه وصي رسول الله () وأخوه..

بل إنه حتى بالنسبة إلى النصوص التي لم توفق لسند صحيح، فإنه لا يمكن دفع احتمالات صحتها، بل هي تبقى قائمة في ظل الظروف التي أحاطت برسول الله () من أول بعثته، وإلى حين وفاته.

خصوصاً وأن الجهر بالحقيقة كان يساوق المجازفة بالحياة وبالأخص بالنسبة لبعض الشخصيات التي كانت تحتل مكانة خاصة في قلوب بعض الفئات، التي كانت هي الحاكمة عبر أحقاب التاريخ..

ولتفصيل هذا الأمر، محل ومجال آخر..
والحمد لله رب العالمين..
سماحة آية الله المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
نسألكم الدعاء

اللهم اجعلنا من شيعة الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها ولا تفرق بيننا وبينهم في الدنيا والآخرة


توقيع خادم الزهراء

قال الرسول صلوات الله عليه وآله : ( إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة ، وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم ، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة ) .

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه : يا سلمان نزلونا عن الربوبية ، وادفعوا عنا حظوظ البشرية ، فانا عنها مبعدون ، وعما يجوز عليكم منزهون ، ثم قولوا فينا ما شئتم ، فان البحر لا ينزف ، وسر الغيب لا يعرف ، وكلمة الله لا توصف ، ومن قال هناك : لم ومم ، فقد كفر.
اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك
اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك
اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني
قال إمامنا السجاد زين العابدين صلوات الله عليه:
إني لأكتم من علمي جواهره * كيلا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا
وقد تقدم في هذا أبو حسن * إلى الحسين وأوصى قبله الحسنا
فرب جوهر علم لو أبوح به * لقيل لي : أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا

للتواصل المباشر إضغط هنا لإضافتي على المسنجر



إضافة رد


أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

بحث متقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc