الثلاثية الخالدة .. عاشوراء ، كربلاء ، والحسين
.
عاشوراء، كربلاء والحسين ، زمان ومكان وشخصية ربانية عظيمة ، عقدت بينهما وصال أبدي لا ينفك وشدتهما برباط وثيق ، فلاتكاد تذكر أحد أركان هذا الثلاثي إلا وانساقت إلى ذهن السامع أركانه الأخرى. فتماسكت فيما بينها وأحكمت حتى صارت وحدة واحدة محكمة ومتماسكة قد أخذت لنفسها حيّزا بوسعها في الضمائر والقلوب وكانت مادة ثبوتها غريبة من نوعها، فهي مزيج من الدماء الزاكيات المسالة من جباه نورانية وقلوب قدسية تيمّمت بقداستها ثرى الغاضرية ، ثم غذتها يد المظلومية العظيمة والآلام الفادحة والأحزان الثقيلة والتضحيات الجسام فأكستها طابع الخلود مادام لابن آدم وجود في هذه الدنيا والى قيام الساعة وأسكنتها حنايا الأفئدة وكتبتها على ألواح القلوب وأحتضنها الأثير فدفعها إلى كل عصر ومصر وجعل منها كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء.
عاشوراء، كربلاء والحسين ثالوث رباني عظيم رسم أضلاعه قلم علوي بمداد دماء زاكيات نزفها قلب الحسين ونحر علي الأكبر ووريد عبد الله الرضيع و صدر القاسم وعين أنبل وأوفى أخ في العالم بأسره، أبو الفضل العباس ومُزجت هذه الدماء بآلام زين العابدين وعويل اليتامى والأرامل وخدر زينب شرف وناموس عالم الإمكان ولوعة الرباب وحزنها العميق، من كل هذا خطت ملحمة ثالوثنا المقدس .
عاشوراء، كربلاء والحسين حقيقة ومعنى شهدها عالمنا، أنصهرت فيها معدن التضحية وجوهر الإيثار وبرزت فيها روعة الممارسة الواقعية لأشرف شعيرة إلهية هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . . فكانت ملحمة الجهاد المقدس في سبيل الله تعالى وحقيقة الإباء المستمدة من القدرة اللامتناهية وإصرار منقطع النظيرعلى إعلاء كلمة الله وجعلها العليا ودحض كلمة الباطل وجعلها السفلى.. وكانت تجلّي عظيم لعزّ ربوبية الرب لعبده وذلّ عبودية العبد لربه فهو العزيز وحده وبعزته أعزّ المؤمنين والمجاهدين في سبيله والحسين عزيز الله وحبيبه كما أكدت ذلك الروايات الشريفة.
عاشوراء، كربلاء والحسين : لوحة رائعة التخطيط عرضت للوجود حقيقة الإنسانية ألتي سجدت لها الملائكة وسمت على كل المخلوقات فتسنمت سيادتها وعلياءها وارتدت جلباب كرامة الرب الجليل وترسخت فيها أسماءه الحسنى وصفاته العليا بعمق وشمولية فصارت مظهرا للرحمة الواسعة التي وسعت كل العالم، وجوهرا للحكمة المتعالية،فكانت من خلال هذا المجموع ممارسة عادلة تامة وكاملة لمعدن اللطف المرصع بالهيبة المحمدية والغيرة العلوية والأنوار الفاطمية والمكارم الحسنية والإباء والشهامة الحسينية في كل أبعادها مع كل محتوياتها.
عاشوراء، كربلاء والحسين : كشفت للملأ مدى الإنزلاق الخطير الذي وصل إليه الإنغماس المتواصل في الذنوب والمعاصي والإنجراف صوب الأهواء والنزوات والملذات والشهوات وموت القلوب وقساوتها لحد يندى له جبين الحجر.
عاشوراء، كربلاء والحسين واقعة تقابل فيهاعمليا الخير والشر، فتسامى الخير بعرض كل صفاته الفاضلة وإبرز قدراته الهائلة والفائقة على كسر شوكة الشر ودحره عاجلا أم آجلا .
عاشوراء، كربلاء والحسين : عرض ليس لـه مثيل لقدرة الدم على لي عنق السيوف الشريرة وكسرها في إغمادها .