اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
حقوق المجتمع
الإسلام ليس منهج اعتقاد وايمان وشعور في القلب فحسب ، بل هو منهج حياة إنسانية واقعية ، يتحول فيها الاعتقاد والايمان إلى ممارسة سلوكية في جميع جوانب الحياة لتقوم العلاقات على التراحم والتكافل والتناصح ، فتكون الأمانة والسماحة والمودة والاحسان والعدل والنخوة هي القاعدة الأساسية التي تنبثق منها العلاقات الاجتماعية .
وقد جعل الإسلام كل مسلم مسؤولاً في بيئته الاجتماعية ، يمارس دوره الاجتماعي البنّاء من موقعه ، قال رسول الله وسلم : « كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته » .
ودعا وسلم إلى الاهتمام باُمور المسلمين ومشاركتهم في آمالهم وآلامهم ، فقال : « من أصبح لا يهتم باُمور المسلمين فليس بمسلم » .
ودعا الإمام الصادق إلى الالتصاق والاندكاك بجماعة المسلمين فقال : « من فارق جماعة المسلمين قيد شبر ، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه » .
وقال وسلم : « مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى سائره بالحمى والسهر » . ( خاص بمواقع الميزان)
وأمر الإمام الصادق بالتواصل والتراحم والتعاطف بين المسلمين ، وذلك هو أساس العلاقات بينهم ، فقال : « تواصلوا وتباروا وتراحموا وتعاطفوا » .
ودعا الإمام علي إلى استخدام الأساليب المؤدية إلى الاُلفة والمحبة ، ونبذ الأساليب المؤدية إلى التقاطع والتباغض ، فقال : «لاتغضبوا ولا تُغضبوا افشوا السلام وأطيبوا الكلام » .
والاُسرة بجميع أفرادها مسؤولة عن تعميق أواصر الود والمحبة والوئام مع المجتمع الذي تعيش فيه ، ولا يتحقق ذلك إلاّ بالمداومة على حسن الخلق والمعاشرة الحسنة ، وممارسة أعمال الخير والصلاح ، وتجنب جميع ألوان الاساءة والاعتداء في القول والفعل .
ولذا وضع الإسلام منهاجاً متكاملاً في العلاقات قائماً على أساس مراعاة حقوق أفراد المجتمع فرداً فرداً وجماعة جماعة ،
وتتمثل هذه الحقوق العامّة في :
(حقّ الاعتقاد ، وحقّ التفكير وإبداء الرأي ، وحق الحياة ، وحق الكرامة ، وحق الأمن ، وحق المساواة ، وحق التملك) وتنطلق بقية الحقوق من هذه القواعد الكلية ، لتكون مصداقاً لها في الواقع العملي .
والالتزام بالاوامر الالهية كفيل باحقاق حقوق المجتمع ، ومن الأوامر الالهية الجامعة لجميع الحقوق قوله تعالى : ( إنّ اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وايتاء ذي القُربى ويَنهى عَنِ الفَحشَاءِ والمُنكَرِ والبَغي يَعِظُكم لَعلَّكُم تَذَكَّرونَ).
فالتقيد بهذا الأمر الالهي يعصم الإنسان من التقصير في حقوق المجتمع ، ويدفعه للعمل الجاد الدؤوب لتحقيق حقوق الآخرين وأداء مسؤوليته على أحسن وجه أراده الله تعالى منه .
حقوق المجتمع في القرآن الكريم :
القرآن الكريم دستور البشرية الخالد ، يمتاز بالشمول والاحاطة الكاملة بجميع شؤون الحياة ، وقد وضع أُسساً عامة في علاقة الفرد بالمجتمع ، ووضع لكلِّ طرف حقوقه وواجباته للنهوض من أجل إتمام مكارم الأخلاق ، وإشاعة الود والحب والوئام في ربوع المجتمع الإنساني ، وفيما يلي نستعرض جملة من حقوق المجتمع على الفرد والاُسرة ، الخلية الاجتماعية الاُولى ،( خاص بمواقع الميزان)
وأهم تلك الحقوق هو التعاون على البر والتقوى وعدم التعاون على الاثم والعدوان قال تعالى : ( وَتَعَاونوا على البرِّ والتَقوى ولا تَعاونُوا على الإثمِ والعُدوانِ ) . وأمر القرآن الكريم بالاحسان إلى أفراد المجتمع : ( واعبُدُوا اللهَ ولاتُشرِكُوا بهِ شَيئاً وبِالوالدينِ إحساناً وبذي القُربى واليتَامى والمسَاكينِ والجارِ ذي القُربى والجارِ الجُنُبِ والصَّاحبِ بالجنبِ وابنِ السبيلِ وما مَلكَت أيمانُكُم ) .
وأقرّ القرآن حق النصرة : ( وإن استَنصرُوكُم في الدِّينِ فَعَليكُمُ النَّصرُ...) .
وأمر بالاعتصام بحبل الله وعدم التفرّق : ( واعتَصِموا بِحبلِ اللهِ جَميعاً ولاتَفَرَّقُوا ) .
وأمر بالسعي للاصلاح بين المؤمنين : ( إنّما المؤمِنُونَ إخوةٌ فاصلِحُوا بينَ أخوَيكُم واتقُوا اللهَ لَعلّكُم تُرحَمُونَ ) .
وأمر بالعفو والمسامحة : ( خُذِ العَفو وأمُر بالعُرفِ وأعرِض عَن الجَاهِلينَ) .
وأمر بالوفاء بالعقود : ( يَا أيُّها الذِينَ آمنُوا أوفُوا بالعُقُودِ )
وأمر باداء الامانة : ( إنّ اللهَ يأمُرُكُم أن تُؤدّوا الأماناتِ إلى أهلِهَا ) .
وأمر باداء حق الفقراء والمساكين وابن السبيل وعدم تبديد الثروة بالتبذير والاسراف : ( واتِ ذا القُربى حَقّهُ والمسكِينَ وابن السّبيلِ ولاتُبذّر تَبذيراً ) .
وقال أيضاً : ( وفي أموالِهم حقٌ لِلسّائِلِ والمحرُومِ ) .
ومن أجل إشاعة مكارم الأخلاق ، والسير على النهج القويم ، أمر القرآن بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر : ( وَتَواصوا بِالحقِّ وتَواصَوا بالصّبرِ ) .
ومن حقوق المجتمع على الفرد أن يقوم بواجب الاصلاح والتغيير للحفاظ على سلامة المجتمع من الانحراف العقائدي والاجتماعي والأخلاقي ، وأن يقابل الاساءة والمصائب التي تواجهه بصبر وثبات ، فمن وصية لقمان لابنه : ( يا بُنيّ أقِم الصَّلاةَ وأمُر بالمعرُوفِ وانه عَنِ المنكَرِ واصبِر على ما أصابَكَ إنَّ ذلكَ مِن عزمِ الاُمُورِ )
ونهى القرآن الكريم عن الاعتداء على الآخرين ، بالظلم والقتل وغصب الأموال والممتلكات والاعتداء على الأعراض : ( ولا تَعتدُوا إنَّ اللهَ لا يُحبُّ المُعتَدينَ ) .
(خاص بمواقع الميزان )
وحرّم الدخول إلى بيوت الآخرين دون إذن منهم : ( يا أيُّها الذينَ آمنُوا لا تَدخُلوا بُيُوتاً غَير بُيُوتِكُم حتى تَستأنِسُوا وتُسلِّموا عَلى أهلِها ).
ونهى عن بخس الناس حقوقهم : ( ولا تَبخَسُوا الناسَ أشياءَهُم ) .
وحرّم التعامل الجاف مع الآخرين : ( ولا تُصعِّر خَدَّكَ للناسِ ولا تَمشِ في الأرضِ مَرَحاً... ) .
وحرّم جميع الممارسات التي تؤدي إلى قطع الأواصر الاجتماعية ، (يَا أيُّها الذِينَ آمنُوا لا يَسخَر قومٌ مِن قَومٍ عَسى أن يَكُونُوا خَيراً مِنهُم ولانِساءٌ مِن نِساءٍ عَسى أن يَكُنَّ خَيراً مِّنهنَّ ولا تَلمِزُوا أنفسَكُم ولا تنابزُوا بالألقابِ بِئسَ الإسمَ الفسُوق بعدَ الإيمانِ... )
وحرّم الظن الآثم والتجسس على الناس واغتيابهم : ( يا أيُّها الّذينَ آمنُوا اجتَنبُوا كَثيراً مِن الظنّ إنّ بَعضَ الظنّ إثمٌ ولا تَجَسّسُوا ولا يَغتب بَعضُكُم بَعضاً ) . وحرّم إشاعة الفاحشة في المجتمع الإسلامي : ( إنّ الذينَ يُحبُّونَ أن تَشِيعَ الفَاحِشَةُ في الذينَ آمنُوا لَهُم عذابٌ أليمٌ... ) .
وحرّم ارتكاب الفواحش الظاهرية والباطنية : ( ولا تَقربُوا الفواحِشَ ماظَهرَ مِنها وما بَطنَ ) .
وهكذا يوفر القرآن في هذه اللائحة الطويلة والعريضة ، ما يضمن توفير الحصانة للمجتمع البشري ، وهو يضع النظام الدقيق والشامل ، من أحكام وقيم أخلاقية ، ليكون الامان والتآلف والتعايش والتكافل معالم أصيلة في الحياة الاجتماعية .
آخر تعديل بواسطة منتظرة المهدي ، 11-Feb-2009 الساعة 01:49 PM.
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
حقوق المجتمع الاسلامي
فضل المجتمع الاسلامي:
كان المجتمع الاسلامي إبّان رقيه وازدهاره، نموذجاً فذاً ونمطاً مثالياً بين المجتمعات العالمية المتحضرة ، بخصائصه الرفيعة، ومزاياه الغر التي بوأته فمم المفاخر والأمجاد، وانشأت من أفراده اسرة اسلامية مرصوصة الصف، خفّاقة اللواء، مرهوبة الجانب، موصوفة بالفضائل والمكرمات.
لقد كان فذاً في عقيدته التي حوت اسرار التوحيد واوضحت خصائص الألوهية وصفاتها الحقة، وجلّت واقع النبوة والانبياء، وفصلت حقائق المعاد، وما يجيش به من صور النعيم والعذاب.
حوت كل ذلك، وصورته تصويراً رائعاً يستهوي العقول والقلوب ويقنع الضمائر حتى باركها اللّه واصطفاها بين العقائد والاديان.
«ومن يبتغ غير الاسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين»(آل عمران: 85)
وكان فذاً في شريعته الغراء، تلك التي تكاملت بها شرائع السماء وبلغت قمة الوحي الالهي ما جعلها الشريعة الخالدة عبر الحياة، والدستور الامثل للبشرية جمعاء.
وكان فذاً في اخلاقه، فقد ازدهرت في ربوعه القيم الاخلاقية وتكاملت حتى اصبحت طابعاً مميزاً للمسلم الحق كما وصفه الرسول الاعظم صلى اللّه عليه وآله بقوله:
«المؤمن من امنه الناس على اموالهم ودمائهم، والمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه، والمهاجر من هجر السيئات».
وكان مثلاً رفيعاً في آدابه الاجتماعية:
قال امير المؤمنين : «يا بني اجعل نفسك ميزاناً بينك وبين غيرك، فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لها، ولا تظلم كما لا تحب ان تُظلم، واحسن كما تحب ان يُحسن اليك، واستقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك، وارض من الناس بما ترضاه لهم من نفسك، ولا تقل ما لا تعلم، وإن قلّ ما تعلم، ولا تقل ما لا تحب ان يقال لك».
وكان فريداً في تآخيه: فقد اعلن مبدأ المؤاخاة وحققه بين افراده بأسلوب لم تستطع تحقيقه سائر الشرائع والمبادئ «انما المؤمنون اخوة» (الحجرات:10) واصبح المجتمع اسرة واحدة تستشعر روح الإخاء، وتتجاوب في عواطفها ومشاعرها، وكان ذلك من اعظم منجزات الاسلام وفتوحاته الاصلاحية.
وكان مثالياً في اريحته وتكافله: فالمسلم معني بشؤون المجتمع والاهتمام بمصالحه والعطف على بؤسائه ومعوزيه.
فعن أبي عبد اللّه قال: «قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: من اصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم».
وعنه قال: «قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: الخلق عيال اللّه، واحب الخلق الى اللّه من نفع عيال اللّه، وأدخل على بيت سرور اً» .
حقوق المجتمع الاسلامي:
للفرد قيمته ومنزلته في المجتمع، بصفته لبنة في كيانه، وغصناً من اغصان دوحته، وبمقدار ما يسعد الفرد، وينال حقوقه الاجتماعية يسعد المجتمع، وتشيع فيه دواعي الطمأنينة والرخاء ، وبشقائه وحرمانه يشقى المجتمع وتسوده عوامل البلبلة والتخلف.
لذلك كان حتماً مقضيا ً على المجتمع رعاية مصالح الفرد، وصيانة كرامته ومنحه الحقوق الاجتماعية المشروعة، ليستشعر العزة والسكينة والرخاء في اطار اسرته الاجتماعية، واليك أهم تلك الحقوق:
1 - حق الحياة:
وهو حق طبيعي مقدس يجب رعايته وصيانته، ويعتبر الاسلام هدره والاعتداء عليه جناية نكراء وجرماً عظيماً يتوعد عليه بالنار: «ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها ، وغضب اللّه عليه ولعنه واعدّ له عذاباً عظيماً» (النساء: 93).
ولم يكتف الاسلام بانذار السفاكين ، ووعيدهم بالعقاب الاخروي ، فقد شرع القصاص من القاتل عمداً، والدية عليه خطاءً، حماية لدماء المسلمين، وحسماً لاحداث القتل وجرائمه «ولكم في القصاص حياة يا اولي الألباب لعلكم تتقون» (البقرة: 129).
وليس للانسان ان يفرط في حياته ويزهقها بالانتحار، وانما يجب عليه حفظها وصيانتها من الأضرار والمهالك «ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة» (البقرة: 195).
وقد بالغ الاسلام في قدسية الارواح وحمايتها، حتى حرّم قتل الجنين واجهاضه تخلصاً منه، وفرض الدية على قاتله.
2 - حق الكرامة:
لقد شرف اللّه المؤمن وحباه بصنوف التوقير والاعزاز ، والوان الدعم والتأييد. فحفظ كرامته، وصان عرضه، وحرّم ماله ودمه، وضمن حقوقه، ووالى عليه الطافه، حتى اعلن في كتابه الكريم عنايته بالمؤمن ورعايته له في الحياة العاجلة والآجلة: «إن الذين قالوا ربنا اللّه ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ان لا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن اولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ولكم فيها ما تشتهي انفسكم ولكم فيها ما توعدون» (حم السجدة: 30 - 31).
«الذين آمنوا وكانوا يتقلون، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة» (يونس: 63-64)
«إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد» (غافر:51).
وحرّم الاسلام بعد هذا كل ما يبعث على استهانة المؤمن وخدش كرامته وتلويث سمعته باغتيابه والتجسس عليه، والسخرية منه ليطهر المجتمع الاسلامي من عوامل التباغض والفرقه. وليشع في ربوعه مفاهيم العزة والكرامة
«يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن، إنّ بعض الظن إثم، ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً، أيحب احدكم ان يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه» (الحجرات: 12).
«يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيراً منهم ، ولا نساء من نساء عسى ان يكنّ خيراً منهنّ، ولا تلمزوا انفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون» (الحجرات: 11).
وهكذا حرص الاسلام على اعزاز المؤمن وحماية شرفه وكرامته حتى بعد وفاته، فجعل حرمته ميتاً كحرمته حياً، وفرض على المسلمين تجهيزه بعد الممات وتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، وحرم كلما يثلب كرامته كالمثلة به ونبش قبره، واستغابته والطعن فيه.
وقد جهد الاسلام في حماية المسلمين وضمان كرامتهم فرداً ومجتمعاً، مادياً وأدبياً:
فشرع الحدود والديات صيانة لارواحهم وأموالهم وحرماتهم، وردعاً للمجرمين العابثين بأمن المجتمع ومقدراته.
«ولكم في القصاص حياة يا أولي الالباب، لعلكم تتقون» (البقرة: 129)
«إنما جزاء الذين يحاربون اللّه ورسوله ويسعون في الارض فساداً، أن يقتّلوا أو يصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف أو ينفوا من الارض» (المائدة: 33).
وبالغ الاسلام في عقوبة الزاني لاستهتاره بقدسية أعراض الناس، وانتهاكه صميم كرامتهم وشرفهم.
«الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة، ولاتأخذكم بهما رأفة في دين اللّه» (النور: 2).
وقرر الحد الصارم على السارق حسماً لإجرامه وحرصاً على أمن المسلمين واطمئنانهم.
«والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما جزاء بما كسبا نكالاً من اللّه». (المائدة: 38)
وهكذا اعلن اهل البيت شرف المؤمن وعزته، واحاطوه بهالة من التوقير والاجلال والوان الحصانة والصيانة:
فعن ابي جعفر قال: «قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر، وأكل لحمه معصية، وحرمة ماله كحرمة دمه».
وعن أبي عبد اللّه قال:«قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: قال اللّه عز وجل: من اهان لي ولياً، فقد ارصد لمحاربتي. وما تقرب الي عبد بشيء أحب إلى مما افترضت عليه، وإنه ليتقرب إلي بالنافلة حتى احبه، فاذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به، ويده التي يبطش بها ، إن دعاني أجبته، وإن سألني اعطيته، وما ترددت عن شيء انا فاعله كترددي عن موت عبدي المؤمن، يكره الموت وانا اكره مساءته».
وعنه قال:«قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: يامعشر من أسلم بلسانه، ولم يخلص الايمان الى قلبه، لا تذموا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فانه من يتبع عوراتهم يتبع اللّه عورته، ومن يتبع اللّه عورته يفضحه ولو في بيته».
وعنه قال:«قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: من اذاع فاحشة كان كمبتدئها ومن عيّر مؤمناً بشيء لم يمت حتى يركبه.
3 - حق الحرية:
والحرية هي: انعتاق الانسان وتحرره من اسر الرق والطغيان، وتمتعه بحقوقه المشروعة. وهي من أقدس الحقوق وأجلها خطراً، وأبلغها أثراً في حياة الناس.
لذلك اقر الاسلام هذا الحق وحرص على حمايته وسيادته في المجتمع الاسلامي.
وليست الحرية كما يفهمها الاغرار هي التحلل من جميع النظم والضوابط الكفيلة بتنظيم المجتمع، واصلاحه وصيانة حقوقه وحرماته، فتلك هي حرية الغاب والوحوش الباعثة على فساده وتسيبه. وانما الحرية الحقة هي:
التمتع بالحقوق المشروعة التي لا تناقض حقوق الآخرين ولا تجحف بهم. واليك طرفاً من الحريات:
أ - الحرية الدينية:
فمن حق المسلم ان يكون حراً طليقاً في عقيدته وممارسة عباداته ، واحكام شريعته. فلا يجور قسره على نبذها أو مخالفة دستورها، ويعتبر ذلك عدواناً صارخاً على أقدس الحريات، وأجلها خطراً في دنيا الاسلام.
وعلى المسلم ان يكون صلباً في عقيدته، صامداً أزاء حملات التضليل التي يشنها اعداء الاسلام، لاغواء المسلمين واضعاف طاقاتهم ومعنوياتهم.
ب - الحرية المدنية:
ومن حق المسلم الرشيد ان يكون حراً في تصرفاته، وممارسة شؤونه المدنية، فيستوطن ما احب من البلدان، ويختار ما شاء من الحرف والمكاسب ويتخصص فيما يهوى من العلوم، وينشئ ما أراد من العقود، كالبيع والشراء والاجارة والرهن ونحوها. وهو حر في مزاولة ذلك على ضوء الشريعة الاسلامية.
ج - حرية الدعوة الاسلامية:
وهذه الحرية تحض الاكفاء من المسلمين القادرين على نشر التوعية الاسلامية، وارشاد المسلمين وتوجيههم وجهة الخير والصلاح. وذلك ما يبعث على تصعيد المجتمع الاسلامي ورقيه دينياً وثقافياً واجتماعياً ، ويعمل على وقايته وتطهيره من شرور الرذائل والمنكرات.
«ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون» (آل عمران: 104).
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله:
«لا
عت منهم البركات، وسلط بعضهم على بعض، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء» .
4 - حق المساواة:
كانت الامم العالمية تعيش حياة مزرية، تسودها الاثرة والانانية، وتفرقها نوازع الامتيازات الطبقية. فكان التفاوت الطبقي من ابرز مظاهر العرب الجاهليين، اذ كانوا يضطهدون الضعفاء ويستعبدونهم كالارقاء، ولا يؤاخذون الاشراف على جناية او جرم تمييزاً لهم عن سوقة الناس.
وحسبك ما كان عليه ملوك العرب يومذاك من الانانية واستذلال الناس.