موقف عمر وأبي بكر من جريمة خالد ابن الوليد التي ارتكبها في حق المسلمين
بتاريخ : 05-Mar-2009 الساعة : 03:11 PM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرج قائم ال محمد
م / موقف عمر وأبي بكر من جريمة خالد ابن الوليد التي ارتكبها في حق المسلمين :-
أخرج ابن سعد عن ابن أبي عون وغيره، أن عمر لما بلغة الخبر قال لأبي بكر: إنه زنى فارجمه، فقال أبو بكر: ما كنت لأرجمه، تأول فأخطأ، قال: فإنه قتل مسلماً فاقتله، قال: ما كنت لأقتله تأول فأخطأ، قال: فاعزله: قال: ما كنت لأشيم (أي لأغمد) سيفاً سلّه الله عليهم أبداً(1).
فلننظر الآن:
- إن كان موقف عمر من خالد في تلك الواقعة صحيحاً - وهو صحيح فعلاً - وكان اتهامه له بالقتل والزنى واقعاً - وهو واقع كما يؤكد التاريخ - فيكون أبو بكر قد أخطأ خطأً فادحاً يستحق عليه العذاب والعقاب من الله عز وجل يوم القيامة، لأنه فرط في حدود الله وتهاون في إنزال العقاب الذي يستحقه ابن الوليد من القتل أو الرجم لكن أبا بكر يعلم تمام العلم أن خالد بن الوليد - إضافة لدوافعه الشخصية الجاهلية - قد فعل ما فعل بموجب الميزان الثاني الذي أوصاه به أبو بكر، وهو لهذا السبب لا يستطيع أن يأخذه بجريرة هو سببها والدافع إليها ظاهراً، خلافاً لحكم الإسلام بأن من أدى الصلاة فهو مسلم وليس بكافر ، والواقع أن أبا بكر نفسه مقتنع بإسلام مالك بن نويرة وقومه، بدليل أنه ردّ السّبي وأعطى الدية من بيت المال.
- وإن كان موقف أبي بكر من خالد بن الوليد صحيحاً - وهو قطعاً ليس بصحيح - فقد أخطأ عمر باتهام خالد بالقتل والزنى وعليه حد القذف على أقل تقدير. فأي الخليفتين هو المخطئ وأيهما المصيب؟
على أن عمر - وهذا خطأ جاهلي منه - لم يستطيع أن يتناسى هذا الردّ والانكسار الذي حلّ به أمام أبي بكر وابن الوليد، واشتدت الحفيظة في أعماق قلبه على ابن الوليد - لهذا السبب ولأسباب أخرى يروي المؤرخون أنها حدثت بينهما في الجاهلية - فما أن واتته الفرصة حين أصبح خليفة بعد أبي بكر، حتى بادر لعزله عن قيادة الجيش، وجعله مجرد جندي تحت إمرة أبي عبيدة بن الجراح، إلى أن مات حتف أنفه منفياً في حمص.
والغريب أن عمر لم يقف مثل هذا الموقف، ولم يتبع هذه السنة مع معاوية بن أبي سفيان، وإنما أبقاه عاملاً له على دمشق سنين طويلة، ولم يعجزه بالعزل كما فعل مع غيره، مما أعان معاوية على طغيانه، ومهد لأن يقف معاوية في وجه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وابنه الإمام الحسن (عليهما السلام)، وأن يغتصب خلافة المسلمين ويحولها إلى ملك عضوض، وأن يحكم الدولة الإسلامية حكماً قيصرياً استبدادياً، بقي سُنةً متبعة في المسلمين حتى يومنا الحاضر.
ولكل هذه الأمور علل وأسباب، بعضها في الجاهلية وبعضها في الإسلام، لكن التاريخ غيبها عنا بما مارس من إخفاء وتقطيع للأوصال وتشويه للحقائق. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
______________________________________
المصدر :-
15- حياة الصحابة ج 2 ص 467 ينقله عن كنز العمال ج 3 ص 132 - الكامل في التاريخ لأبن الأثير ج 2 ص 258 و 259 - تاريخ الأمم والملوك للطبري ج 2 ص 274 - الإصابة ج 5 ص 560.