اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم ..
الصلاة على محمد واله الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين ..
أخوتي الموالين ..
في هذه السطور القليلة سوف نستعرض لكم بعض شذرات من حياة عالم جليل وقدير وكانت له بصمة واضحة في هذه الدنيا الفانية , وكانت له كلماته الواضحة وفكره المنير كخطيب منبر ومفكر وشاعر و....
اليكم احبتي.. اليسير من أعماله التي يشهد عليها كل من عاصره ومن تعامل معه رحمه الله...
ولادته ونشأته :
ولد في النجف الأشرف وفي الثالث عشر من شهر جمادى الآخر من السنة الثانية والثلاثين بعد الألف والثلاثمائة للهجرة ولد خطيبنا المترجم في أحضان أسرة علمية ليكون خطيبها المفوه ولسانها المعبر إذ ليس في الأسرة خطيب سواه فهو الدرة اليتيمة والمفخرة العظيمة حتى اختط ولده الأمين نهجه وسلك طريقته في خدمة سيد الشهداء .
ولج الأستاذ المترجم ساحة الحياة من أوسع أبواب العلم ، وافتتح مسيرته في ظل أبيه وريث المجد ، ونشأ تحت رعايته ، وتربى بعزه وتوجيهه ، فشب على الورع والتقوى ، وترعرع على العلم والمعرفة مقتبساً من سيرة أبيه نور الهدى والصلاح ، واغترب من علومه ، وانتهل من معارفه ، ثم توغل في تحصيله العلمي على نخبة من أكفاء الأساتذة وأمهر المدرسين الأفاضل في حوزة النجف الأشرف . وإلى جانب دراسته التقليدية ، انتسب لمدارس منتدى النشر الحديثة واجتازها بتفوق حتى أصبح من مدرسيها الأماثل وأساتذتها الأفاضل ، ثم شغل سكرتارية المجمع الثقافي للمنتدى المذكور . وبعد أن جمع بين الثقافتين التقليدية والعصرية اتجه بكل طاقاته الخلاقة وقدراته المتفوقة إلى خدمة المنبر الحسيني الشريف ، وكانت تراوده هذه الرغبة الملحة منذ سنة المبكر ، حتى حقق طموحه ، ونبغ في تخصصه ، واحتل موقع الصدارة في الطراز المتميز من خطباء المنبر الحسيني .
خطابته :
تعتمد شخصية الخطيب الحسيني المتفوقة ثلاثة مصادر أساسية في بلورة الملكة الخطابية ومقومات نجاحها وعناصر تأثيرها في الجماهير :
1ـ الموهبة والاستعداد الفطري : ويعتبر هذا المصدر القاعدة الصلبة لانطلاقة الخطيب وممارسة فن الخطابة .
2ـ الكفاءة العلمية والثقافية حيث أن الموهبة الفطرية مثلها كمثل الأرض الخصبة التي تحتاج إلى رعاية واهتمام لتعطي الناتج الجيد ، وكذلك المواهب الإنسانية تحتاج إلى صقل وتنمية وتهذيب لتنمو وتنطلق وتبدع ، وذلك باعتماد المنطق العلمي والثقافي أساساً متيناً وتوأماً شقيقاً للإستعداد الفطري .
3ـ التزود برصيد كبير من الشعر والأدب العربي عموماً على أن يكون لأدب الطف حصة الأسد في ذلك الرصيد ، حيث أن الشعر والأدب الحسيني يمثل المادة الخام والثروة الأدبية الكبرى التي يتحقق معها تكامل الخطيب ...
************
وقد كان متخصصاً بمجالس الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء ، حيث تبتدأ مجالسه أيام الفاطمية في النجف الأشرف منذ الساعات الأولى لطلوع الفجر في بيت المرحوم الفقيه المقدس السيد حسن الخرسان ثم تستمر حتى ساعات متأخرة من الليل ، وإن أنسى لا أنسى مجلس العالم الورع السيد نصر الله المستنبط في طرف البراق خلف المدرسة الشبرية الذي كان يغص بكبار مراجع الدين وحشود أهل البيت وسائر المؤمنين ، فترى الناس تبحث لها عن مكان حتى ولو على الشرفات والسلالم المؤدية إلى الطابق الثاني المليء هو الآخر بجمهرة المستمعين بالإضافة إلى السرادق والزقاق المؤدية إلى المأتم المنعقد بإسم الزهراء فإذا ما ارتقى الجواد صهوة الخطابة ، واعتلى منبر البراعة رأيت الكل آذناً صاغية ، وعيوناً شاخصة ، وقلوباً مفعمة بالحب والولاء ، سرعان ما تتفجر أنهاراً من الدموع الغزيرة لما جرى على سيد النساء من خطب فادح ومصاب جلل .
وكان يقود موكب طلبة العلوم الدينية العزائي ، وهو ينطلق من جامعة النجف الأشرف في حي السعد بمناسبة تشييع جثمان فقيد العلم والولاء الشيخ عبد الحسين الأميني رضوان الله عليه وكانت وفاته قبل مرور أربعين يوماً على وفاة المرجع الأكبر السيد محسن الحكيم قدس سره سنة 1970م
.ومن خصاله وميزاته أنه كان بغاية التواضع في الخدمة الحسينية فهو لا يرد أحداً يدعوه ولو كان متواضعاً في حاله ومحله ، فقد يدعى إلى مناطق نائية وعرة الطريق صعبة الوصول ، ومع ذلك يتجشم العناء ويصل ويرقى المنبر ويؤدي خدمته ، فقد دعاء ذات مرة أحد الحمالين البسطاء في النجف الأشرف للقراءة في بيته المتواضع بمناسبة شرائه ، فسأله السيد عن موقع بيته ، فقال في منطقة الجدول وهي من المناطق المنهكة الوصول فقد استأجر السيد عربة تجرها الخيول كما هو المألوف هناك ، وصحبه ولده السيد أمين والدليل صاحب المجلس ، يقول ولد الأمين حتى وصلنا إلى أعماق الجدول وانقطع الطريق على العربة وضاق فلا يتسع لمرورها فترجلنا ومشيناً على الأقدام مسافة طويلة حتى وصلنا إلى بيت الرجل ، وهناك وقى السيد المنبر وبارك البيت وأهله بكل فرح وسرور ولم يبدو عليه أي تذمر برغم التعب والوعثاء ، ثم عاد بعد فراغه معتزاً بخدمة الحسين وإدخال السرور على قلب ذلك الإنسان المتواضع ، وهو الخطيب الذي يصقع الأسماع ويدهش العقول بمجالسه الجماهيرية الحاشدة في بغداد والبصرة والنجف والدجيل والخليج ولبنان وغيرها من البلاد الإسلامية .
ومن معتقداته الحسينية أن أطهر الأموال وأنقاها وأبعدها عن الشبهة تلك التي تصله عن طريق خدماته الحسينية ، فقد كان لا يطعن أولاده وعائلته إلا منها معرضاً عن موارده الأخرى كإيجارات البيوت التي كان يمتلكها .
يقول ولده السيد الأمين :
كنت أصحب والدي إلى السوق لنتبضع بعض احتياجاتنا اليومية فأراه يخرج كيساً خاصاً يدفع منه أموال اللوازم البيتية ، فسألته أبه ما هذا الكيس ؟ فقال ولدي : هذه أموال خالصة من الحسين أنا أطعمكم منها ليكون منبتكم ودمكم ولحمكم من المال الحلال بلا أدنى شك أو شبهة لأني لم أشترط على أحد عوضاً ولم أساوم أو أماكس على تقديم خدمتي وإنما هم يدفعون لي عن طيب نفس وهم راضون مرضيون .
ولئن قيل في السيد صالح الحلي بأنه خطيب العلماء وعالم الخطباء فالسيد الجواد معتمد العلماء ومفخرة الخطباء وقطب من أقطاب العقيدة والولاء .
الجواد والميدان الشعري ..
هذا ماسنعرفه عنه في الجزء الثاني من حياة هذا العالم الخطيب سيد جواد شبر(ق س)....
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم ..
الحمدالله رب العالمين والصلاة على محمد واله الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين ..
شكراا اخت منتظرة على المرور وعلى هذه الابيات الولائية الحسينية ..
فلنكمل سيرة هذا الخطيب الموسوعة كما يطلق عليه ولده السيد امين فقد قال عنه ..
*************************************************
ـ السيد جواد شبر بنظري من دون تعصب أو تأخذني وشيجة القرابة هو الخطيب الأول لأنه كان يمتلك الثقافة كونه موسوعة بمعنى الكلمة ، لا توجد حادثة تاريخية إلا وهو يرويها .
أما الأدب فهو يحفظ الآف الأبيات وأنا سألته كم تحفظ من الشعر ؟ فقال أنت ماذا تقول ؟ عشرة الآف . قل مئة ألف ولا تخاف ، وموسوعة ثقافية وموسوعة فقهية ومن مؤسسين منتدى الشعر في الثلاثينيات من القرن الماضي مع الشيخ أحمد الوائلي والشيخ محمد رضا المظفر والقاموسي وغيرهم .
ومن مشاريعه التاريخية موضوعة مسابقة التأليف حول شخصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( ع ) وقبله لم تكن هكذا مسابقات موجودة .
ومن نشاطاته أنه تصدى للمد الأحمر الذي غزا العراق سنة 1959 وهدد بالقتل والسحل في الشوارع ، وعندما أصدر الأمام الحكيم فتوى ( الشيوعية كفر والحاد ) والدي هو الذي أنجح هذه الفتوى وتعرض لمحاولات اغتيال عدة مرات .
ولما أبتلي الشعب العراقي بمجيء حزب البعث عام 1968 تعرض محيط السيد جواد شبر لحقد وظلم العفالقة لعنهم الله ، فكان أول اعتقال لولده زيد عام 1969 فبقي في السجن لعدة أيام ثم خرج وهو محطم الأعصاب والبدن . أما الوالد فقد أعتقل لثلاث مرات والثالثة لم يعد إلا أن سقط النظام علمنا من عدة مصادر أنه تم إلقاءه في أحواض التيزاب في زنزانة الأمن العامة .
( فجواد شبر صرخة علوية للحق تخفق باسمه الأعلام )
ومن مؤلفاته المطبوعة أول كتاب ( الى ولدي ) مجموعة قصائد أهداها الى أخي الأكبر كاظم وطبع عام 1954 وكتاب ( قبس من حياة أمير المؤمنين ( ع ) ) وزع بمناسبة الاحتفال بمولد الأمام علي ( ع ) الذي يقام في كربلاء من كل عام برعاية السيد الحكيم ، وكتاب ( أشعة من حياة الأمام الصادق ( ع ) ومن أبرز مؤلفاته ( موسوعة أدب الطف وشعراء الحسين ) وهو عشر مجلدات ، و ( مقتل الأمام الحسين ( ع ) ) في الخمسينيات وقد حققته وطبعته في عام 1999.
أما كتبه المخطوطة ( المطالب النفسية ) ثلاث مجلدات ، ( ما تشتهي الأنفس ) ، ( الأخلاق الإسلامية ) ، ( الإسلام دين ودولة ) وقد جمعت أشعاره وحققتها وطبعت ديوانه مؤخراً أسميته ( ديوان السيد جواد شبر ) ومن كتبه المخطوطة الرائعة ( الضرائح والمزارات ) .
السيد جواد شبر لا يخفى على الجميع أنه من الأبطال والمجاهدين وأنه من أهل الجرأة في الحق فقد قارع بلسانه وقلمه أعتى طاغية عرفه التاريخ ومضى شهيداً في سبيل الله وفي حب الحسين ( ع ) ومن أجل هذا الشعب وقد أدى الوالد ما عليه وبقي ما علينا كما قال الأمام الحسين ( ع ) عند مقتل مسلم بن عقيل ( ع ) .
وأخيراً قال :
خمدت هذه الشعلة الوهاجة ، وانطفأت هذه الشمعة الوقادة فقد استشهد السيد جواد في السجون البعثية بعد ان وضعوه في حوض من التيزاب ....!!
ولكن أثره في القلوب وأنواره لم تزل تنير العقول وكأنه لم يمت .
وسوف اضع ايدكم اخوتي هذا الرابط وهو يحمل احد مؤلفات السيد جواد (ق س)