اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الوظيفة في خطر
عزم على الزواج، وتنشئة عائلة صغيرة. بعد تجاوزه سن المراهقة، ووضع قدميه على أعتاب مرحلة الرجولة. استجابة لنداء الفطرة، والحاجة إلى من تشاركه حياته.
أتخذ عدة قرارات، لتذليل تلك المهمة. ومن بينها ملابس العمل، التي أرقته طويلا، ولا تتناسب مع تفكيره - ولا تنسجم مع أناقة الشباب. فهي توحي لمن ينظر إليه، أنه مجرد أجير ومستخدم. خاصة لونها الذي يذكره كلما نظر إليها، أو نظر إليه الآخرون، بعمال نظافة الشوارع.
بعد أن تم نقله للعمل في المختبر، تقدم إلى رئيسه طالبا إذنه، بارتداء ملابسه العادية. فوافق على مضض، وهو يتوجس خيفة طلبه مستقبلا، زيادة أو ترقية. فتردد طويلا، فراجعه كثيرا، حتى تم له ما أراد. أخذ يذهب إلى عمله في كامل أناقته، كأنه عريس في ليلة زفافه. يبهر بها منهم حوله، ويستثير دواخلهم.
منهم من يهنيه ويتمنى له كل خير وازدهار، كأنه أخ شقيق شفيق.
آخرون لم يتمكنوا من أخفاء مشاعرهم، فبانت على صفحات وجوههم - وفلتات ألسنتهم. فخرجت أضغانهم، وبرزت أحنهم. كأنهم ثعابين سامة، تصدر حفيفا خفيا، من ظلمة جحورها.
فكانت تتغير اللوانهم - وتحمر عيونهم - وتحتقن وجوههم، حقدا وحسدا، كلما تعمد المرور من أمامهم. هذا إذا لم يسمع كلمة طائرة نابية، أو تعليق عام جارح.
البعض كانوا يتطلعون الى مرتتبه، والحصول على منصبهم. لاقتناعهم بأن وراء تلك القيافة، منصب جديد - و زيادة في الراتب.
مجموعة ابدوا تخوفا شديدا، من هذه الخطوة. واضعون أيديهم على قلوبهم، محاولين إخفاء ما تكنه صدورهم. ولكن نفاقهم كان يظهر للعيان، من خلال تأنيبهم لمديره، بمزاح ثقيل. لعدم إخبارهم - وأخذ بمباركتهم، على هذه الخطوة.
وجلون من أن يكون ورائها، استحواذا على منصب، هم قد احتفظوا به لمن تهمهم مصلحته، وتفيدهم وظيفته. أما لقريب لصيق، أو لصديق حميم.
فهم ينتظرون به الغلطة، ويسجلون عليه الزلة. لإعاقة تطوره وتقدمه، أو ثنيه عن ما هو عازم عليه.