اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
محنة مدرس
كان ينظر إلى المستقبل بعيون خبير، ويشعر بإحساس تحري. يرى خلف الأفق شيء ذا شأن ينتظرهم، ليسوطهم سوط القدر. يغير الموازين، ويقلب المعايير. يجعل حياتهم جحيما، وأيامهم ألما مستديما.
يهلك فيها من هلك، عن غير بينة. وينجو من نجا، على غير هدى. سفينة ربانها غير مؤهل، يسير بهم في بحر لجي على غير وجهة. خافضة رافعة، ترج ركابها رجا، وتبسهم بسا، فتجعلهم هباء منبثا.
ما هي إلا فترة وجيزة، حتى تحققت رؤيته وأطلت على ارض الواقع محنته. لا تعطي مجالا للتفكير، ولا وقتا للتأمل. كان يراها تحديا صعبا لهم. فيناقش زملاؤه في أهميتها، والفائدة المرجوة منها!
كلما تقدم إليها احدهم، فكأنما قطعة منه توضع تحت المجهر. ليكشف عن جوهرها ومعدنها، وليقاس قوة احتمالها وصلابتها.
عندما ينجو، يعده نجاحا له ساهم في الإعداد له، يتبجح به أمام أقرانه. وعندما يخفق - يخفق معه قلبه، فيتوارى عن الأنظار. مخافة أن تسلقه الألسن بمشافرها، أو تناله العيون بسهامها. لعدم أداء دوره المراد منه.
فبعد أن كانوا يدخلون الجامعة، بجهدهم ومعدلاتهم التي يحصلون عليها. أضيف إليهم هذا الاختبار، ليكون احد شروط القبول. فهذا إلى حد ما مقبول، ويحتويه شيء من المنطق ولو كانت نسبته قليلة.
أما أن يجلس قرابة ثمانية ألاف مدرس، خرجت ما لا يقل عن جيلين لاختبار القياس، فتلك الطامة الكبرى - والمصيبة العظمى. فما هو الهدف من هدر كرامتهم أمام أبنائهم، بعد ذلك العمر من التوجيه؟
بقلم: حسين نوح مشامع - القطيف، السعودية