اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم .
عقيدتنا في صفات الاِمام وعلمه
ونعتقد: أنّ الاِمام كالنبي يجب أن يكون أفضل الناس في صفات الكمال، من شجاعة، وكرم، وعفّة، وصدق، وعدل، ومن تدبير، وعقل وحكمة وخلق.
والدليل في النبي هو نفسه الدليل في الامام...
أمّا علمه؛ فهو يتلقّى المعارف والاَحكام الاِلهية وجميع المعلومات من طريق النبي أو الاِمام من قبله.
وإذا استجدّ شيء لا بدَّ أن يعلمه من طريق الاِلهام بالقوة القدسية التي أودعها الله تعالى فيه، فإنْ توجّه إلى شيء وشاء أن يعلمه على وجهه الحقيقي، لا يخطىَ فيه ولا يشتبه، ولا يحتاج في كلّ ذلك إلى البراهين العقلية، ولا إلى تلقينات المعلِّمين ، وإن كان علمه قابلاً للزيادة والاشتداد، ولذا قال صلّى الله عليه وآله في دعائه: «رَبِّ زدني علماً».
أقول: لقد ثبت في الاَبحاث النفسيّة أنّ كل انسان له ساعة أو ساعات في حياته قد يعلم فيها ببعض الاَشياء من طريق الحدس الذي هو فرع من الاِلهام؛ بسبب ما أودع الله تعالى فيه من قوّة على ذلك، وهذه القوّة تختلف شدّة وضعفاً، وزيادة ونقيصة في البشر باختلاف أفرادهم، فيطفر ذهن الانسان في تلك الساعة إلى المعرفة من دون أن يحتاج إلى التفكير وترتيب المقدّمات والبراهين أو تلقين المعلّمين، ويجد كل إنسان من نفسه ذلك في فرص كثيرة في حياته.
وإذا كان الاَمر كذلك، فيجوز أن يبلغ الانسان من قوّته الالهامية أعلى الدرجات وأكملها، وهذا أمر قرَّره الفلاسفة المتقدّمون والمتأخرون.
فلذلك نقول ـ وهو ممكن في حدِّ ذاته ـ : إنّ قوّة الالهام عند الامام ـ التي تسمّى بالقوة القدسية ـ تبلغ الكمال في أعلى درجاته، فيكون في صفاء نفسه القدسية على استعداد لتلقّي المعلومات في كلّ وقت وفي كل حالة، فمتى توجَّه إلى شيء من الاَشياء وأراد معرفته استطاع علمه بتلك القوّة القدسية الالهامية بلا توقّف ولا ترتيب مقدمات ولا تلقين معلِّم، وتنجلي في نفسه المعلومات كما تنجلي المرئيات في المرآة الصافية، لاغطش فيها ولا إبهام.
ويبدو واضحاً هذا الاَمر في تاريخ الاَئمّة كالنبي محمد صلّى الله عليه وآله؛ فإنّهم لم يتربَّوا على أحد، ولم يتعلَّموا على يد معلِّم، من مبدأ طفولتهم إلى سن الرشد، حتى القراءة والكتابة، ولم يثبت عن أحدهم انه دخل الكتاتيب، أو تلمذ على يد استاذ في شيء من الاشياء، مع ما لهم من منزلة علمية لا تجارى . وما سُئلوا عن شيء إلا أجابوا عليه في وقته، ولم تمر على ألسنتهم كلمة (لا أدري) ، ولا تأجيل الجواب إلى المراجعة أو التأمّل أو نحو ذلك.
في حين أنّك لا تجد شخصاً مترجماً له من فقهاء الاِسلام ورواته وعلمائه إلاّ ذكرت في ترجمته تربيته وتلمذته على غيره، وأخذه الرواية أو العلم على المعروفين، وتوقّفه في بعض المسائل، أو شكِّه في كثير من المعلومات، كعادة البشر في كلِّ عصر ومصر.
عقيدتنا في طاعة الاَئمّة
ونعتقد: أنّ الاَئمة هم أولو الاَمر الذين أمر الله تعالى بطاعتهم ، وأنّهم الشهداء على الناس ، وأنّهم أبواب الله، والسبل إليه، والاَدلاّء عليه، وأنّهم عيبة علمه، وتراجمة وحيه، وأركان توحيده، وخُزّان معرفته ، ولذا كانوا أماناً لاَهل الاَرض كما أنّ النجوم أمان لاَهل السماء ـ على حد تعبيره صلّى الله عليه وآله وكذلك ـ على حدِّ قوله أيضاً ـ «إنّ مثلهم في هذه الاُمّة كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق وهوى»
وأنّهم ـ حسبما جاء في الكتاب المجيد ـ (بَلْ عِبادٌ مُكرَمُون * لا يَسبِقُونَهُ بالقَولِ وَهُم بأَمرِه يَعمَلُونَ).
وأنّهم الّذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً بل نعتقد: أنّ أمرهم أمر الله تعالى، ونهيهم نهيه، وطاعتهم طاعته، ومعصيتهم معصيته، ووليّهم وليّه، وعدوَّهم عدوّه.
ولا يجوز الرد عليهم والراد عليهم كالراد على الرسول، والراد على الرسول كالراد على الله تعالى.
فيجب التسليم لهم والانقياد لاَمرهم والاَخذ بقولهم.
ولهذا نعتقد: أنّ الاَحكام الشرعية الاِلهية لا تستقى إلاّ من نمير مائهم، ولا يصحّ أخذها إلاّ منهم، ولا تفرغ ذمّة المكلَّف بالرجوع إلى غيرهم، ولا يطمئنّ بينه وبين الله إلى أنّه قد أدّى ما عليه من التكاليف المفروضة إلاّ من طريقهم . إنّهم كسفينة نوح؛ من ركبها نجا، ومن تخلَّفعنها غرق في هذا البحر المائج الزاخر بأمواج الشبه والضلالات، والادّعاءات والمنازعات.
ولا يهمّنا من بحث الامامة في هذه العصور إثبات أنّهم هم الخلفاء الشرعيون وأهل السلطة الإلهية؛ فإنّ ذلك أمر مضى في ذمّة التأريخ، وليس في إثباته ما يعيد دورة الزمن من جديد، أو يعيد الحقوق المسلوبة إلى أهلها، وإنّما الذي يهمّنا منه ما ذكرنا من لزوم الرجوع إليهم في الاَخذ بأحكام الله الشرعية، وتحصيل ما جاء به الرسول الاَكرم على الوجه الصحيح الذي جاء به.
وإنّ في أخذ الاَحكام من الرواة والمجتهدين الذين لا يستقون من نمير مائهم، ولا يستضيئون بنورهم، ابتعاداً عن محجّةالصواب في الدين، ولا يطمئن المكلَّف من فراغ ذمته من التكاليف المفروضة عليه من الله تعالى؛ لاَنّه مع فرض وجود الاختلاف في الآراء بين الطوائف والنحل فيما يتعلَّق بالاَحكام الشرعية اختلافاً لا يرجى معه التوفيق، لا يبقى للمكلَّف مجال أن يتخيَّر ويرجع إلى أي مذهب شاء ورأي اختار، بل لا بدَّ له أن يفحص ويبحث، حتى تحصل له الحجة القاطعة بينه وبين الله تعالى على تعيين مذهب خاص يتيقّن أنّه يتوصِّل به إلى أحكام الله، وتفرغ به ذمّته من التكاليف المفروضة؛ فإنّه كما يقطع بوجود أحكام مفروضة عليه يجب أن يقطع بفراغ ذمّته منها؛ فان الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني.
والدليل القطعي دالّ على وجوب الرجوع إلى آل البيت، وأنّهم المرجع الاَصلي بعد النبي لاَحكام الله المنزلة، وعلى الاَقل قوله عليه أفضل التحيات: «إنّي قد تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً؛ الثقلين، وأحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الاَرض، وعترتي أهل بيتي، ألا وإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض»
وهذا الحديث اتّفقت الرواية عليه من طرق أهل السنَّة والشيعة.
فدقّق النظر في هذا الحديث الجليل تجد ما يقنعك ويدهشك في مبناه ومعناه، فما أبعد المرمى في قوله: «إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً» والذي تركه فينا هما الثقلان معاً؛ إذ جعلهما كأمر واحد، ولم يكتف بالتمسُّك بواحد منهما فقط، فبهما معاً لن نضل بعده أبداً.
وما أوضح المعنى في قوله: «لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض»، فلا يجد الهداية أبداً من فرَّق بينهما ولم يتمسّك بهما معاً، فلذلك كانوا «سفينة النجاة»، و«أماناً لاَهل الاَرض»، ومن تخلَّف عنهم غرق في لجج الضلال، ولم يأمن من الهلاك.
وتفسير ذلك بحبّهم فقط من دون الاَخذ بأقوالهم واتّباع طريقهم هروب من الحق، لا يلجىء إليه إلاّ التعصُّب والغفلة عن المنهج الصحيح في تفسير الكلام العربي المبين.
تم وبحمد من الله وتوفيقه
ثبتكم الله على ولاية أمير المؤمنين