إن الله سبحانه وتعالى بعد أن خلق الإنسان ومنحه العقل لم يتركه كالبهائم بلا نظام , بل أصدر له العديد من الأحكام والأوامر والإرشادات التي تُنظم معيشته وسيره الحياتي الخاص والعام العبادي والأخلاقي والاجتماعي , وقد أدرك الإنسان لزوم إطاعة المولى الخالق والمنعم سبحانه وتعالى وذلك باتباع أوامره وامتثالها, وأدرك أيضاً , إن في ذلك حفظ النظام العام والتكامل للفرد والمجتمع .
وبخلاف ذلك يحصل هتك النظام الاجتماعي وفساد الفرد وانحطاطه النفسي والأخلاقي , فيحصل طغيان القوى الشهوية الحيوانية الشريرة مما يؤدي إلى عدم الأمان في الدنيا وخسرانها, والشقاوة وسعير النار في الآخرة , وفيما بين الدنيا والآخرة سيتعرض الإنسان إلى الكثير والكثير من العقبات والأهوال الجسدية والنفسية والروحية كالتي يواجهها عند الإحتضار والموت وفي القبر من وحشة وظلمة وعُتمة وضغطة , وسؤال منكر ونكير, وصيرورة القبر حفرة من حفر جهنم وفي البرزخ والقيامة والفزع الأكبر والميزان والحساب والصراط وغيرها , وقد أشار إمام المتقين وسيد الوصيين الإمام علي(ع) في خطبة إلى بعض تلك الشدائد والأهوال , حيث قال(ع): { وبادروا الموت في غمراته , وامهدوا له قبل حلوله, وأعدوا له قبل نزوله ... وقبل بلوغ الغاية ما تعلمون من ضيق الأرماس (القبور) , وشدة الابلاس الاصلاع , واستكاك الأسماع , وظلمة اللحد , وخيفة الوعد , وغم الضريح , وردم الصفيح (الحجر العريض) ...
وأنتم والساعة في قرن , وكأنها قد جاءت بأشراطها , وأزفت بإفراطها ... ووقفت بكم على صراطها , وكأنها قد أشرقت بزلاتها, وأناخت بكلاكلها (أثقالها) , وانصرمت الدنيا بأهلها , وأخرجت من حضها ...
فكانت كيوم مضى أو شهر انقضى , وصار جديدها رثـّاً وسمينها غـّثاً , في موقف ضنك المقام , وأمور مشتبهة عظام ....
ونار شديد كلبها ( تأكل ولا تشبع) , ذاكٍ (اشتد) وقودها , مُخيف وعيدها , غمٌّ قرارها , مُظلمة أقطارها , حامية قدورها فظيعة أمورها .... ) .
ونستعرض في المقام إلى بعض تلك العقبات والأهوال عند الإحتضار والموت والقبر وسؤال منكر ونكير , وبالرغم من شدتها وعظمها وهولها فإن ما بعدها من عقبات أشد وأعظم وأكثر, وقد أشار النبي الأكرم(
وسلم) إلى ذلك كما ورد في الرواية : { إن النبي(
وسلم) قال: كفى بالموت طامة يا جبرائيل . فقال جبرائيل
(ع): ما بعد الموت أطمّ وأعظم من الموت }.
والكلام في عدة محطات : وسوف أذكرها على شكل مواضيع للفائده