اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
جنان عن يمين وشمال
كانت المنطقة في الماضي قرى زراعية يغطيها الخضار، من أقصاها إلى أقصاها. وبالفعل كانت جنان عن يمين وشمال، ممتدة كالعروس بكامل زينتها، على ساحل الخليج. والبيوت من القلة بحيث تعد على أصابع اليدين، متناثرة هنا وهناك.
عيون مليئة بالحيوية، تروي المناطق والمزارع التي حولها. يؤمها الناس من كل مكان، للاستحمام - وغسيل ملابسهم وأواني مطابخهم. يمشون على الأقدام، خلال بساط اخضر. من أول خروجهم من بيوتهم، إلى أن يصلوا إلى احد العيون القريبة. والمزارع والبساتين، تحوطهم من كل جانب. والفواكه والخضار والثمار تتدلى عليهم، وفي متناول أيديهم.
لكن تلك العيون لم تعد حتى معلما اثريا، يحافظ على ما بقي من تاريخها. فهي مع مرور الزمن، تنزوي بعيدا على استحياء. كمن به وباء، أو مرض عضال. أما لانخفاض منسوب مياهها، أو لضعف دخل الناتج الزراعي.
فتركها أهلها ملتحقين بالتجارة، لتعويض ما تكبدوه من خسائر. وتركها عمالها ملتحقين بالشركات، لتأمين معيشة عوائلهم. لتتكون مكانها مدن مستقلة، تكاد تنفصل عن بعضها. يغطيها العمران الإسمنتي، من أقصاها إلى أقصاها.
وها هي شواطئنا الجميلة، تواجه نفس المصير. مع ما تدره من خير ونعمة، دون أدنى جهد وتعب يبذله الإنسان. ودون رحمة ودون النظر، إلى العواقب والمشاكل البيئية.
تحولت إلى بنايات إسمنتية، تقتل الزرع والضرع. من غير اكتراث لأثار السلبية، التي تقوم بها هذه العمليات التخريبية. والتي أولها خسارة المحصول السمكي، الذي هو غذاء لسكان المنطقة، ومصدر رزق لأبنائها.
بقلم: حسين نوح مشامع - القطيف، السعودية