آية المباهلة ..... - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: القرآن الكريم والعترة الطاهرة صلوات الله عليهم :. ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام

إضافة رد
كاتب الموضوع خاتم سليمان مشاركات 2 الزيارات 2230 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

خاتم سليمان
الصورة الرمزية خاتم سليمان
مشرف سابق
رقم العضوية : 6307
الإنتساب : Oct 2009
الدولة : بين زهور البنفسج
المشاركات : 1,315
بمعدل : 0.23 يوميا
النقاط : 239
المستوى : خاتم سليمان is on a distinguished road

خاتم سليمان غير متواجد حالياً عرض البوم صور خاتم سليمان



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
Thumbs down آية المباهلة .....
قديم بتاريخ : 16-Oct-2009 الساعة : 02:20 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


بسم الله الرحمن الرحيم


﴿ فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ


(( آية المباهلة ))
تسمى الآية ( 61 ) من سورة آل عمران بآية المباهلة ، و هي : ﴿ فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾[1] .

أما المعنى اللغوي للمباهلة فهي الملاعنة و الدعاء على الطرف الآخر بالدمار و الهلاك ، و قوله عَزَّ و جَلَّ { نَبْتَهِلْ } أي نلتعن .
و قد نزلت هذه الآية حسب تصريح المفسرين جميعاً في شأن قضية و قعت بين رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) و نصارى نجران ، و اليك تفصيلها .
قصة المباهلة :
كتب النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) كتابا إلى " أبي حارثة " أسقف نَجران دعا فيه أهالي نَجران إلى الإسلام ، فتشاور أبو حارثة مع جماعة من قومه فآل الأمر إلى إرسال وفد مؤلف من ستين رجلا من كبار نجران و علمائهم لمقابلة الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) و الاحتجاج أو التفاوض معه ، و ما أن وصل الوفد إلى المدينة حتى جرى بين النبي و بينهم نقاش و حوار طويل لم يؤد إلى نتيجة ، عندها أقترح عليهم النبي المباهلة ـ بأمر من الله ـ فقبلوا ذلك و حددوا لذلك يوما ، و هو اليوم الرابع و العشرين [2] من شهر ذي الحجة سنة : 10 هجرية .
لكن في اليوم الموعود عندما شاهد وفد نجران أن النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) قد إصطحب أعز الخلق إليه و هم علي بن أبي طالب و ابنته فاطمة و الحسن و الحسين ، و قد جثا الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) على ركبتيه استعدادا للمباهلة ، انبهر الوفد بمعنويات الرسول و أهل بيته و بما حباهم الله تعالى من جلاله و عظمته ، فأبى التباهل .
قال العلامة الطريحي ـ صاحب كتاب مجمع البحرين ـ : و قالوا : حتى نرجع و ننظر ، فلما خلا بعضهم إلى بعض قالوا للعاقِب و كان ذا رأيهم : يا عبد المسيح ما ترى ؟ قال والله لقد عرفتم أن محمدا نبي مرسل و لقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم ، والله ما باهَل قومٌ نبيًّا قط فعاش كبيرهم و لا نبت صغيرهم ، فإن أبيتم إلا إلف دينكم فوادعوا الرجل و انصرفوا إلى بلادكم ، و ذلك بعد أن غدا النبي آخذا بيد علي و الحسن و الحسين ( عليهم السَّلام ) بين يديه ، و فاطمة ( عليها السَّلام ) خلفه ، و خرج النصارى يقدمهم أسقفهم أبو حارثة ، فقال الأسقف : إني لأرى و جوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا لأزاله بها ، فلا تباهلوا ، فلا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة ، فقالوا : يا أبا القاسم إنا لا نُباهِلَك و لكن نصالحك ، فصالحهم رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) على أن يؤدوا إليه في كل عام ألفي حُلّة ، ألف في صفر و ألف في رجب ، و على عارية ثلاثين درعا و عارية ثلاثين فرسا و ثلاثين رمحا .
و قال النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) : " و الذي نفسي بيده إن الهلاك قد تدلّى على أهل نجران ، و لو لاعنوا لمسخوا قردة و خنازير و لأضطرم عليهم الوادي نارا ، و لما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا " [3] .
في من نزلت آية المباهلة :
لقد أجمع العلماء في كتب التفسير و الحديث على أن هذه الآية نزلت في خمسة هم :
1. النبي الأكرم محمد رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) .
2. الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) .
3. السيدة فاطمة الزهراء ( عليها السَّلام ) .
4. الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) .
5. الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) .
ففي صحيح مسلم : و لما نزلت هذه الآية : ﴿ ... فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ ... ﴾[4] دعا رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) عليا و فاطمة و حسنا و حسينا فقال : " اللهم هؤلاء أهلي " [5] .
و في صحيح الترمذي : عن سعد بن أبي وقَّاص قال : لما أنزل الله هذه الآية : ﴿ ... نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ ... ﴾[6] دعا رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) عليا و فاطمة و حسنا و حسينا ، فقال : " اللهم هؤلاء أهلي " [7] .
و في مسند أحمد بن حنبل : مثله [8] .
و في تفسير الكشاف : قال في تفسير قوله تعالى : ﴿ ... فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ ... ﴾[9] ، فأتى رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) و قد غدا محتضنا الحسين ، آخذا بيد الحسن ، و فاطمة تمشي خلفه و علي خلفها ، و هو يقول :
" إذا أنا دعوت فأَمّنوا " فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى لأرى و جوها لو شاء الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها فلا تباهلوا فتهلكوا و لا يبقى على وجه الأرض نصارى إلى يوم القيامة ... " [10] .
و هناك العشرات من كتب التفسير و الحديث ذكرت أن آية المباهلة نزلت في أهل البيت ( عليهم السَّلام ) لا غير ، و لا مجال هنا لذكرها .
نقاط ذات أهمية :
و ختاماً تجدر الإشارة إلى نقاط ذات أهمية و هي :
1. إن تعيين شخصيات المباهلة ليس حالة عفوية مرتجلة ، و إنما هو إختيار إلهي هادف و عميق الدلالة ... و قد أجاب الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) حينما سئل عن هذا الإختيار بقوله : " لو علم الله تعالى أن في الأرض عبادا أكرم من علي و فاطمة و الحسن و الحسين لأمرني أن أباهل بهم ، و لكن أمرني بالمباهلة مع هؤلاء فغلبت بهم النصارى " [11] .
2. إن ظاهرة الإقتران الدائم بين الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) و أهل بيته ( عليهم السَّلام ) تنطوي على مضمون رسالي كبير يحمل دلالات فكرية ، روحية ، سياسية مهمة ، إذ المسألة ليست مسألة قرابة ، بل هو إشعار رباني بنوع و حقيقة الوجود الامتدادي في حركة الرسالة ، هذا الوجود الذي يمثله أهل البيت ( عليهم السَّلام ) بما حباهم الله تعالى من إمكانات تؤهلهم لذلك .
3. لو حاولنا أن نستوعب مضمون المفردة القرآنية { أنفسنا } لأستطعنا أن ندرك قيمة هذا النص في سلسلة الأدلة المعتمدة لإثبات الإمامة ، إذ أن هذه المفردة القرآنية تعتبر علياً ( عليه السَّلام ) الشخصية الكاملة المشابهة في الكفاءات و الصفات لشخصية الرسول الأكرم ( صلَّى الله عليه و آله ) بإستثناء النبوة التي تمنح النبي خصوصية لا يشاركه فيها أحد مهما كان موقعه و منزلته .
4. فالإمام علي ( عليه السَّلام ) إنطلاقاً من هذه المشابهة الفكرية و الروحية هو المؤهل الوحيد لتمثيل الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) في حياته و بعد مماته لما يملكه من هذه المصداقية الكاملة .
و قد أكَّد رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) هذه الحقيقة في أحاديث واضحة الشكل و المضمون
.



المصادر:
[1] القران الكريم : سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية : 61 ، الصفحة : 57 .
[2] ما ذكرناه هو المشهور بين المفسرين و المؤرخين ، و هناك أقوال أخرى .
[3] مجمع البحرين : 2 / 284 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي ، المولود سنة : 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق ، و المتوفى سنة : 1087 هجرية بالرماحية ، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق ، الطبعة الثانية سنة : 1365 شمسية ، مكتبة المرتضوي ، طهران / إيران .
[4] القران الكريم : سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية : 61 ، الصفحة : 57 .
[5] صحيح مسلم : 4/1871 ، طبعة : دار إحياء التراث العربي/ بيروت .
[6] القران الكريم : سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية : 61 ، الصفحة : 57 .
[7] صحيح الترمذي : 5/225 حديث : 2999 ، طبعة : دار الكتاب العربي / بيروت .
[8] مسند أحمد بن حنبل : 1/ 185 ، طبعة : دار صادر / بيروت .
[9] القران الكريم : سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية : 61 ، الصفحة : 57 .
[10] تفسير الكشاف : 1/ 193 ، طبعة : دار الكتاب العربي / بيروت .
[11] المباهلة : 66 ، لعبد الله السبيتي ، طبعة : مكتبة النجاح ، طهران / إيران






نسألكم الدعااااااااااااااااااااء
اختكم في الله
خاتم سليمان


توقيع خاتم سليمان

إن كَآن قَــد جَــنًّ مَــن يَهـوَى أبــآ حَـسَـن فـ جنــة الخُلــدِ " مَـشّـفَـى " لِـ الْمَجَــآنِيـن ..!



خادمة المرتضى
الصورة الرمزية خادمة المرتضى
مشرفة
رقم العضوية : 1129
الإنتساب : May 2008
الدولة : يا من بابُك مقصدنا وبُغيتنا، دربُك محفِلُ قلبنا الولهان، ومسكننا ومنزلنا ومأوانا...
المشاركات : 892
بمعدل : 0.15 يوميا
النقاط : 239
المستوى : خادمة المرتضى is on a distinguished road

خادمة المرتضى غير متواجد حالياً عرض البوم صور خادمة المرتضى



  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : خاتم سليمان المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 16-Oct-2009 الساعة : 06:06 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين



والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نسألكم الدعاء


توقيع خادمة المرتضى

...يا محمد لولاك لما خلقت الأكوان... ولولا علي لما خلقتك... ولولا فاطمة لما خلقتكما...
اللهم العن الجبت والطاغوت والنعثل بعدد فضائل حيدر

يا رب الزهراء بحق الزهراء اشف صدر الزهراء بظهور الحجة

... يا لثـــــــــارات الــــــزهـــــراء ...




منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.86 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : خاتم سليمان المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 17-Oct-2009 الساعة : 11:29 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم .

في تفسير القمي، عن الصادق (): أن نصارى نجران لما وفدوا على رسول الله ( وسلم)، و كان سيدهم الأهتم و العاقب و السيد، و حضرت صلاتهم فأقبلوا يضربون الناقوس و صلوا، فقال أصحاب رسول الله: يا رسول الله هذا في مسجدك؟ فقال دعوهم فلما فرغوا دنوا من رسول الله فقالوا إلى ما تدعو؟ فقال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله، و أني رسول الله، و أن عيسى عبد مخلوق يأكل و يشرب و يحدث، قالوا: فمن أبوه؟ فنزل الوحي على رسول الله ( وسلم) فقال: قل لهم: ما تقولون في آدم، أ كان عبدا مخلوقا يأكل و يشرب و يحدث و ينكح؟ فسألهم النبي، فقالوا نعم: قال فمن أبوه؟ فبهتوا فأنزل الله: إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب الآية، و قوله: فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم إلى قوله: فنجعل لعنة الله على الكاذبين فقال رسول الله: فباهلوني فإن كنت صادقا أنزلت اللعنة عليكم، و إن كنت كاذبا أنزلت علي فقالوا أنصفت فتواعدوا للمباهلة فلما رجعوا إلى منازلهم قال رؤساؤهم السيد و العاقب و الأهتم إن باهلنا بقومه باهلناه فإنه ليس نبيا، و إن باهلنا بأهل بيته خاصة لم نباهله فإنه لا يقدم إلى أهل بيته إلا و هو صادق فلما أصبحوا جاءوا إلى رسول الله ( وسلم) و معه أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهما السلام) فقال النصارى: من هؤلاء؟ فقيل لهم هذا ابن عمه و وصيه و ختنه علي بن أبي طالب، و هذا ابنته فاطمة، و هذا ابناه الحسن و الحسين ففرقوا فقالوا لرسول الله ( وسلم) نعطيك الرضا فاعفنا من المباهلة فصالحهم رسول الله ( وسلم) على الجزية و انصرفوا.

و في العيون، بإسناده عن الريان بن الصلت عن الرضا (): في حديثه مع المأمون و العلماء في الفرق بين العترة و الأمة، و فضل العترة على الأمة، و فيه قالت العلماء: هل فسر الله الاصطفاء في كتابه؟ فقال الرضا (): فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موضعا و ذكر المواضع من القرآن، و قال فيها: و أما الثالثة حين ميز الله الطاهرين من خلقه، و أمر نبيه بالمباهلة بهم في آية الابتهال فقال عز و جل فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم - فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم - و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم، قالت العلماء: عنى به نفسه، قال أبو الحسن: غلطتم إنما عنى به علي بن أبي طالب، و مما يدل على ذلك قول النبي: لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي يعني علي بن أبي طالب، و عنى بالأبناء الحسن و الحسين، و عنى بالنساء فاطمة فهذه خصوصية لا يتقدمهم فيها أحد، و فضل لا يلحقهم فيه بشر، و شرف لا يسبقهم إليه خلق إذ جعل نفس علي كنفسه، الحديث.


و عنه، بإسناده إلى موسى بن جعفر (): في حديث له مع الرشيد، قال الرشيد له: كيف قلتم إنا ذرية النبي، و النبي لم يعقب، و إنما العقب للذكر لا للأنثى، و أنتم ولد البنت و لا يكون له عقب. فقلت: أسأله بحق القرابة و القبر و من فيه إلا ما أعفاني عن هذه المسألة، فقال: تخبرني بحجتكم فيه يا ولد علي و أنت يا موسى يعسوبهم و إمام زمانهم، كذا أنهي إلي، و لست أعفيك في كل ما أسألك عنه حتى تأتيني فيه بحجة من كتاب الله، و أنتم تدعون معشر ولد علي أنه لا يسقط عنكم منه شيء لا ألف و لا واو إلا تأويله عندكم، و احتججتم بقوله عز و جل: ما فرطنا في الكتاب من شيء، و قد استغنيتم عن رأي العلماء و قياسهم. فقلت: تأذن لي في الجواب؟ فقال: هات، قلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم و من ذريته داود و سليمان و أيوب و يوسف و موسى و هارون و كذلك نجزي المحسنين و زكريا و يحيى و عيسى و إلياس، من أبو عيسى يا أمير المؤمنين؟ فقال: ليس له أب فقلت: إنما ألحقه بذراري الأنبياء من طريق مريم، و كذلك ألحقنا الله تعالى بذراري النبي من أمنا فاطمة، أزيدك يا أمير المؤمنين؟ قال: هات، قلت: قول الله عز و جل، فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم - فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم - و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم - ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين، و لم يدع أحد أنه أدخل النبي تحت الكساء عند المباهلة مع النصارى إلا علي بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين فكان تأويل قوله أبناءنا الحسن و الحسين، و نساءنا فاطمة و أنفسنا علي بن أبي طالب: و في سؤالات المأمون عن الرضا (): قال المأمون: ما الدليل على خلافة جدك علي بن أبي طالب؟ قال: آية أنفسنا قال: لو لا نساءنا قال لو لا أبناءنا.

أقول: قوله: آية أنفسنا يريد أن الله جعل نفس علي كنفس نبيه ( وسلم) و قوله: لو لا نساءنا معناه: أن كلمة نساءنا في الآية دليل على أن المراد بالأنفس الرجال فلا فضيلة فيه حينئذ، و قوله: لو لا أبناءنا معناه أن وجود أبناءنا فيها يدل على خلافه فإن المراد بالأنفس لو كان هو الرجال لم يكن مورد لذكر الأبناء.

و في تفسير العياشي، بإسناده عن حريز عن أبي عبد الله ()، قال: إن أمير المؤمنين () سئل عن فضائله فذكر بعضها ثم قالوا له زدنا فقال إن رسول الله ( وسلم) أتاه حبران من أحبار النصارى من أهل نجران فتكلما في أمر عيسى فأنزل الله هذه الآية: إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم إلى آخر الآية فدخل رسول الله فأخذ بيد علي و الحسن و الحسين و فاطمة ثم خرج و رفع كفه إلى السماء، و فرج بين أصابعه، و دعاهم إلى المباهلة، قال: و قال أبو جعفر () و كذلك المباهلة يشبك يده في يده يرفعهما إلى السماء فلما رآه الحبران قال أحدهما لصاحبه: و الله لئن كان نبيا لنهلكن و إن كان غير نبي كفانا قومه فكفا و انصرفا.

أقول: و هذا المعنى أو ما يقرب منه مروي في روايات أخر من طرق الشيعة و في جميعها أن الذين أتى بهم النبي ( وسلم) للمباهلة هم علي و فاطمة و الحسنان فقد رواه الشيخ في أماليه، بإسناده عن عامر بن سعد عن أبيه، و رواه أيضا فيه، بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير عن الصادق ()، و رواه فيه، أيضا بإسناده عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذر رضوان الله عليه، و رواه أيضا فيه، بإسناده عن ربيعة بن ناجد عن علي ()، و رواه المفيد في كتاب الاختصاص، بإسناده عن محمد بن الزبرقان عن موسى بن جعفر ()، و رواه أيضا فيه، عن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جده، و رواه العياشي في تفسيره، عن محمد بن سعيد الأردني عن موسى بن محمد بن الرضا عن أخيه، و رواه أيضا عن أبي جعفر الأحول عن الصادق () و رواه أيضا فيه، في رواية أخرى عن الأحول عنه ()، و عن المنذر عن علي ()، و رواه أيضا فيه، بإسناده عن عامر بن سعد، و رواه الفرات في تفسيره، معنعنا عن أبي جعفر و عن أبي رافع و الشعبي و علي () و شهر بن حوشب، و رواه في روضة الواعظين، و في إعلام الورى، و في الخرائج، و غيرها.

و في تفسير الثعلبي، عن مجاهد و الكلبي: أنه ( وسلم) لما دعاهم إلى المباهلة قالوا: حتى نرجع و ننظر فلما تخالوا قالوا للعاقب و كان ذا رأيهم يا عبد المسيح ما ترى؟ فقال: و الله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبي مرسل، و لقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم، و الله ما باهل قوم نبيا قط فعاش كبيرهم، و لا نبت صغيرهم و لئن فعلتم لنهلكن فإن أبيتم إلا ألف دينكم، و الإقامة على ما أنتم عليه فوادعوا الرجل و انصرفوا إلى بلادكم. فأتوا رسول الله و قد غدا محتضنا بالحسين آخذا بيد الحسن و فاطمة تمشي خلفه، و علي خلفها و هو يقول: إذا أنا دعوت فأمنوا، فقال أسقف نجران يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها فلا تباهلوا فتهلكوا، و لا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة، فقالوا: يا أبا القاسم رأينا أن لا نباهلك، و أن نقرك على دينك و نثبت على ديننا، قال: فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا، يكن لكم ما للمسلمين، و عليكم ما عليهم فأبوا، قال: فإني أناجزكم، فقالوا: ما لنا بحرب العرب طاقة و لكن نصالحك على أن لا تغزونا، و لا تخيفنا، و لا تردنا عن ديننا على أن نؤدي إليك كل عام ألفي حلة: ألف في صفر، و ألف في رجب، و ثلاثين درعا عادية من حديد فصالحهم على ذلك. و قال: و الذي نفسي بيده إن الهلاك قد تدلى على أهل نجران و لو لاعنوا لمسخوا قردة و خنازير، و لاضطرم عليهم الوادي نارا، و لاستاصل الله نجران و أهله حتى الطير على رءوس الشجر، و لما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا.

أقول: و روي القصة: قريبا منه في كتاب المغازي، عن ابن إسحاق، و رواه أيضا المالكي في الفصول المهمة، عن المفسرين قريبا منه، و رواه الحموي عن ابن جريح قريبا منه.

و قوله: ألف في صفر المراد به المحرم و هو أول السنة عند العرب و قد كان يسمى صفرا في الجاهلية فيقال صفر الأول و صفر الثاني و قد كانت العرب تنسىء في الصفر الأول ثم أقر الإسلام الحرمة في الصفر الأول فسمي لذلك بشهر الله المحرم ثم اشتهر بالمحرم.

و في صحيح مسلم، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال: ما يمنعك أن تسب أبا تراب، قال أما ما ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله ( وسلم) فلن أسبه، لئن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله ( وسلم) يقول حين خلفه في بعض مغازيه فقال له علي: يا رسول الله خلفتني مع النساء و الصبيان؟ فقال له رسول الله ( وسلم): أ ما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟ و سمعته يقول يوم خيبر: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله و رسوله، و يحبه الله و رسوله، قال: فتطاولنا لها، فقال: ادعوا لي عليا فأتي به أرمد العين فبصق في عينيه و دفع الراية إليه ففتح الله على يده. و لما نزلت هذه الآية: قل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم - و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل، دعا رسول الله عليا و فاطمة و حسنا و حسينا و قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي.

أقول: و رواه الترمذي في صحيحه، و رواه أبو المؤيد الموفق بن أحمد في كتاب فضائل علي، و رواه أيضا أبو نعيم في الحلية، عن عامر بن سعد عن أبيه، و رواه الحمويني في كتاب فرائد السمطين،.

و في حلية الأولياء، لأبي نعيم بإسناده عن عامر بن أبي وقاص عن أبيه قال: لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله ( وسلم) عليا و فاطمة و حسنا و حسينا فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي و فيه، بإسناده عن الشعبي عن جابر قال: قدم على رسول الله ( وسلم) العاقب و الطيب فدعاهما إلى الإسلام فقالا: أسلمنا يا محمد فقال: كذبتما إن شئتما أخبرتكما ما يمنعكما من الإسلام فقالا: فهات إلينا، قال: حب الصليب و شرب الخمر و أكل لحم الخنزير، قال جابر: فدعاهما إلى الملاعنة فواعداه إلى أن يفداه بالغداة فغدا رسول الله ( وسلم) و أخذ بيد علي و الحسن و الحسين و فاطمة فأرسل إليهما فأبيا أن يجيباه و أقرا له، فقال رسول الله ( وسلم) و الذي بعثني بالحق لو فعلا لأمطر عليهم الوادي نارا قال جابر: فيهم نزلت: ندع أبناءنا و أبناءكم، قال جابر: أنفسنا و أنفسكم رسول الله و علي، و أبناءنا الحسن و الحسين، و نساءنا فاطمة.

أقول: و رواه ابن المغازلي في مناقبه، بإسناده عن الشعبي عن جابر، و رواه أيضا الحمويني في فرائد السمطين، بإسناده عنه، و رواه المالكي في الفصول المهمة، مرسلا عنه، و رواه أيضا عن أبي داود الطيالسي عن شعبة الشعبي مرسلا، و رواه في الدر المنثور، عن الحاكم و صححه و عن ابن مردويه و أبي نعيم في الدلائل، عن جابر.


و في الدر المنثور، أخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: أن وفد نجران من النصارى قدموا على رسول الله ( وسلم) و هم أربعة عشر رجلا من أشرافهم منهم السيد و هو الكبير، و العاقب و هو الذي يكون بعده و صاحب رأيهم ثم ساق القصة نحوا مما مر و فيه، أيضا أخرج البيهقي في الدلائل من طريق سلمة بن عبد يشوع عن أبيه عن جده: أن رسول الله ( وسلم) كتب إلى أهل نجران قبل أن ينزل عليه طس سليمان: بسم الله إله إبراهيم و إسحاق و يعقوب من محمد رسول الله إلى أسقف نجران و أهل نجران إن أسلمتم فإني أحمد إليكم الله إله إبراهيم و إسحاق و يعقوب، أما بعد فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد، و أدعوكم إلى ولاية من الله من ولاية العباد فإن أبيتم فالجزية، و إن أبيتم فقد آذنتكم بالحرب و السلام، فلما قرأ الأسقف الكتاب فظع به و ذعر ذعرا شديدا، فبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له: شرحبيل بن وداعة فدفع إليه كتاب النبي ( وسلم) فقرأه، فقال له الأسقف: ما رأيك؟ فقال شرحبيل. قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة فما يؤمن أن يكون هذا الرجل؟ ليس لي في النبوة رأي، لو كان رأي من أمر الدنيا أشرت عليك فيه، و جهدت لك، فبعث الأسقف إلى واحد بعد واحد من أهل نجران فكلهم قالوا مثل قول شرحبيل فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا شرحبيل بن وداعة، و عبد الله بن شرحبيل و جبار بن فيض فيأتونهم بخبر رسول الله ( وسلم). فانطلق الوفد حتى أتوا رسول الله ( وسلم) فسألهم و سألوه فلم نزل به و بهم المسألة حتى قالوا له: ما تقول في عيسى بن مريم؟ فقال رسول الله ( وسلم) ما عندي فيه شيء يومي هذا فأقيموا حتى أخبركم بما يقال في عيسى صبح الغد، فأنزل الله هذه الآية: إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب إلى قوله: فنجعل لعنة الله على الكاذبين، فأبوا أن يقروا بذلك، فلما أصبح رسول الله ( وسلم) الغد بعد ما أخبرهم الخبر أقبل مشتملا على الحسن و الحسين في خميلة له و فاطمة تمشي خلف ظهره للملاعنة، و له يومئذ عدة نسوة، فقال شرحبيل لصاحبيه: إني أرى أمرا مقبلا إن كان هذا الرجل نبيا مرسلا فلاعناه لا يبقى على وجه الأرض منا شعر و لا ظفر إلا هلك فقالا له: ما رأيك؟ فقال: رأيي أن أحكمه فإني أرى رجلا لا يحكم شططا أبدا، فقالا له: أنت و ذلك، فتلقى شرحبيل رسول الله ( وسلم) فقال: إني قد رأيت خيرا من ملاعنتك، قال: و ما هو؟ قال حكمك اليوم إلى الليل و ليلتك إلى الصباح فمهما حكمت فينا فهو جائز، فرجع رسول الله ( وسلم) و لم يلاعنهم و صالحهم على الجزية: و فيه، أخرج ابن جرير عن علباء بن أحمر اليشكري، قال: لما نزلت هذه الآية، قل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم الآية، أرسل رسول الله ( وسلم) إلى علي و فاطمة و ابنيهما الحسن و الحسين، و دعا اليهود ليلاعنهم، فقال شاب من اليهود: ويحكم أ ليس عهدتم بالأمس إخوانكم الذين مسخوا قردة و خنازير؟ لا تلاعنوا فانتهوا.

أقول: و الرواية تؤيد أن يكون الضمير في قوله تعالى: فمن حاجك فيه، راجعا إلى الحق في قوله: الحق من ربك، فيتم بذلك حكم المباهلة لغير خصوص عيسى بن مريم (عليهما السلام)، و تكون حينئذ هذه قصة أخرى واقعة بعد قصة دعوة وفد نجران إلى المباهلة على ما تقصه الأخبار الكثيرة المتظافرة المنقولة أكثرها فيما تقدم.

و قال ابن طاووس في كتاب سعد السعود، رأيت في كتاب تفسير ما نزل من القرآن في النبي و أهل بيته تأليف محمد بن العباس بن مروان: أنه روى خبر المباهلة من أحد و خمسين طريقا عمن سماه من الصحابة و غيرهم، و عد منهم الحسن بن علي (عليهما السلام) و عثمان بن عفان و سعد بن أبي وقاص و بكر بن سمال و طلحة و الزبير و عبد الرحمن بن عوف و عبد الله بن عباس و أبا رافع مولى النبي و جابر بن عبد الله و البراء بن عازب و أنس بن مالك.

و روي ذلك في المناقب، عن عدة من الرواة و المفسرين و كذا السيوطي في الدر المنثور،.

و من عجيب الكلام ما ذكره بعض المفسرين حيث قال: إن الروايات متفقة على أن النبي ( وسلم) اختار للمباهلة عليا و فاطمة و ولديهما، و يحملون كلمة نساءنا على فاطمة، و كلمة أنفسنا على علي فقط، و مصادر هذه الروايات الشيعة، و مقصدهم منها معروف، و قد اجتهدوا في ترويجها ما استطاعوا حتى راجت على كثير من أهل السنة، و لكن واضعيها لم يحسنوا تطبيقها على الآية فإن كلمة نسائنا لا يقولها العربي و يريد بها بنته لا سيما إذا كان له أزواج و لا يفهم هذا من لغتهم.

و أبعد من ذلك أن يراد بأنفسنا علي، ثم إن وفد نجران الذين قالوا: إن الآية نزلت فيهم لم يكن معهم نساؤهم و أولادهم، و كل ما يفهم من الآية أمر النبي ( وسلم) إن يدعوا المحاجين و المجادلين في عيسى من أهل الكتاب إلى الاجتماع رجالا و نساء و أطفالا و يجمع هو المؤمنين رجالا و نساء و أطفالا، و يبتهلون إلى الله تعالى بأن يلعن الكاذب فيما يقول عن عيسى.

و هذا الطلب يدل على قوة يقين صاحبه، و ثقته بما يقول كما يدل امتناع من دعوا إلى ذلك من أهل الكتاب سواء كانوا نصارى نجران أو غيرهم على امترائهم في حجاجهم و مما رأتهم فيما يقولون و زلزالهم فيما يعتقدون، و كونهم على غير بينة و لا يقين، و إني لمن يؤمن بالله أن يرضى بأن يجتمع هذا الجمع من الناس المحقين و المبطلين في صعيد واحد متوجهين إلى الله في طلب لعنه و إبعاده من رحمته و أي جرأة على الله و استهزاء بقدرته و عظمته أقوى من هذا؟.

قال: أما كون النبي ( وسلم) و المؤمنين كانوا على يقين مما يعتقدون في عيسى () فحسبنا في بيانه قوله تعالى: من بعد ما جاءك من العلم، فالعلم في هذه المسائل الاعتقادية لا يراد به إلا اليقين، و في قوله: ندع أبناءنا و أبناءكم «الخ» وجهان: أحدهما: أن كل فريق يدعو الآخر فأنتم تدعون أبناءنا، و نحن ندعو أبناءكم، و هكذا الباقي.

و ثانيهما: أن كل فريق يدعو أهله فنحن المسلمون ندعو أبناءنا و نساءنا و أنفسنا، و أنتم كذلك.

و لا إشكال في وجه من وجهي التوزيع في دعوة الأنفس، و إنما الإشكال فيه على قول الشيعة، و من شايعهم على القول بالتخصيص، انتهى.

أقول: و هذا الكلام - و أحسب أن الناظر فيه يكاد يتهمنا في نسبته إلى مثله، و اللبيب لا يرضى بإيداعه و أمثاله في الزبر العلمية - إنما أوردناه على وهنه و سقوطه ليعلم أن النزعة و العصبية إلى أين يورد صاحبه من سقوط الفهم و رداءة النظر فيهدم كل ما بنى عليه و يبني كل ما هدمه و لا يبالي، و لأن الشر يجب أن يعلم ليجتنب عنه.

و الكلام في مقامين أحدهما: دلالة الآية على أفضلية علي ()، و هو بحث كلامي خارج عن الغرض الموضوع له هذا الكتاب، و هو النظر في معاني الآيات القرآنية.

و ثانيهما: البحث عما ذكره هذا القائل من حيث تعلقه بمدلول آية المباهلة، و الروايات الواردة في ما جرى بين النبي ( وسلم) و بين وفد نجران، و هذا بحث تفسيري داخل في غرضنا.

و قد عرفت ما تدل عليه الآية، و أن الذي نقلناه من الأخبار المتكثرة المتظافرة هو الذي يطابق مدلول الآية، و بالتأمل في ذلك يتضح وجوه الفساد في هذه الحجة المختلقة و النظر الواهي الذي لا يرجع إلى محصل، و هاك تفصيلها: منها: أن قوله: و مصادر هذه الروايات الشيعة - إلى قوله: و قد اجتهدوا في ترويجها ما استطاعوا حتى راجت على كثير من أهل السنة، بعد قوله: إن الروايات متفقة، ليت شعري أي روايات يعني بهذا القول؟ أ مراده هذه الروايات المتظافرة التي أجمعت على نقلها و عدم طرحها المحدثون، و ليست بالواحدة و الاثنتين و الثلاث أطبق على نقلها و تلقيها بالقبول أهل الحديث، و أثبتها أرباب الجوامع في جوامعهم، و منهم مسلم في صحيحه و الترمذي في صحيحه و أيدها أهل التاريخ.

ثم أطبق المفسرون على إيرادها و إيداعها في تفاسيرهم من غير اعتراض أو ارتياب، و فيهم جمع من أهل الحديث و التاريخ كالطبري و أبي الفداء بن كثير و السيوطي و غيرهم ثم من الذي يعنيه من الشيعة المصادر لهذه الروايات؟ أ يريد بهم الذين تنتهي إليهم سلاسل الأسناد في الروايات أعني سعد بن أبي وقاص و جابر بن عبد الله و عبد الله بن عباس و غيرهم من الصحابة؟ أو التابعين الذين نقلوا عنهم بالأخذ و الرواية كأبي صالح و الكلبي و السدي و الشعبي و غيرهم، و أنهم تشيعوا لنقلهم ما لا يرتضيه بهواه فهؤلاء و أمثالهم و نظراؤهم هم الوسائط في نقل السنة، و مع رفضهم لا تبقى سنة مذكورة و لا سيرة مأثورة، و كيف يسع لمسلم أو باحث حتى ممن لا ينتحل بالإسلام أن يبطل السنة ثم يروم أن يطلع على تفاصيل ما جاء به النبي ( وسلم) من تعليم و تشريع و القرآن ناطق بحجية قول النبي ( وسلم) و سيرته، و ناطق ببقاء الدين على حيوته، و لو جاز بطلان السنة من رأس لم يبق للقرآن أثر و لا لإنزاله ثمر.


أو أنه يريد أن الشيعة دسوا هذه الأحاديث في جوامع الحديث و كتب التاريخ، فيعود محذور سقوط السنة، و بطلان الشريعة بل يكون البلوى أعم و الفساد أتم.

و منها: قوله: و يحملون كلمة نساءنا على فاطمة، و كلمة أنفسنا على علي فقط، مراده به أنهم يقولون بأن كلمة نساءنا أطلقت و أريدت بها فاطمة و كذا المراد بكلمة أنفسنا علي فقط، و كأنه فهمه مما يشتمل عليه بعض الروايات السابقة: قال جابر: نساءنا فاطمة و أنفسنا علي الخبر، و قد أساء الفهم فليس المراد في الآية بلفظ نسائنا فاطمة، و بلفظ أنفسنا علي بل المراد أنه ( وسلم) إذ لم يأت في مقام الامتثال إلا بها و به كشف ذلك أنها هي المصداق الفرد لنسائنا، و أنه هو المصداق الوحيد لأنفسنا و أنهما مصداق أبنائنا، و كان المراد بالأبناء و النساء و الأنفس في الآية هو الأهل فهم أهل بيت رسول الله و خاصته كما ورد في بعض الروايات بعد ذكر إتيانه ( وسلم) بهم إنه قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فإن معنى الجملة أني لم أجد من أدعوه غير هؤلاء.

و يدل على ما ذكرناه من المراد ما وقع في بعض الروايات: أنفسنا و أنفسكم رسول الله و علي، فإن اللفظ صريح في أن المقصود بيان المصداق دون معنى اللفظ.

و منها: قوله: و لكن واضعيها لم يحسنوا تطبيقها على الآية فإن كلمة نساءنا لا يقولها العربي و يريد بها بنته لا سيما إذا كان له أزواج و لا يفهم هذا من لغتهم، و أبعد من ذلك أن يراد بأنفسنا علي، و هذا المعنى العجيب الذي توهمه هو الذي أوجب أن يطرح هذه الروايات على كثرتها ثم يطعن على رواتها و كل من تلقاها بالقبول، و يرميهم بما ذكره و قد كان من الواجب عليه أن يتنبه لموقفه من تفسير الكتاب، و يذكر هؤلاء الجم الغفير من أئمة البلاغة و أساتيذ البيان، و قد أوردوها في تفسيرهم و سائر مؤلفاتهم من غير أي تردد أو اعتراض.

فهذا صاحب الكشاف - و هو الذي ربما خطأ أئمة القراءة في قراءتهم - يقول في ذيل تفسير الآية: و فيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء () و فيه برهان واضح على صحة نبوة النبي ( وسلم) لأنه لم يرو أحد من موافق و لا مخالف: أنهم أجابوا إلى ذلك، انتهى.

فكيف خفي على هؤلاء العظماء أبطال البلاغة و فرسان الأدب أن هذه الأخبار على كثرتها و تكررها في جوامع الحديث تنسب إلى القرآن أنه يغلط في بيانه فيطلق النساء و هو جمع في مورد نفس واحدة؟.

لا و عمري، و إنما التبس الأمر على هذا القائل و اشتبه عنده المفهوم بالمصداق فتوهم: أن الله عز اسمه لو قال لنبيه ( وسلم): فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم «الخ» و صح أن المحاجين عند نزول الآية وفد نجران و هم أربعة عشر رجلا على ما في بعض الروايات ليس عندهم نساء و لا أبناء، و صح أيضا أن رسول الله ( وسلم) خرج إلى مباهلتهم و ليس معه إلا علي و فاطمة و الحسنان كان لازم ذلك أن معنى من حاج وفد نجران، و معنى نسائنا المرأة الواحدة، و معنى أنفسنا النفس الواحدة، و بقي نساؤكم و أبناؤكم لا معنى لهما إذ لم يكن مع الوفد نساء و لا أبناء!.

و كان عليه أن يضيف إلى ذلك لزوم استعمال الأبناء و هو جمع في التثنية و هو أشنع من استعمال الجمع في المفرد فإن استعمال الجمع في المفرد ربما وجد في كلام المولدين و إن لم يوجد في العربية الأصيلة إلا في التكلم لغرض التعظيم لكن استعمال الجمع في المثنى مما لا مجوز له أصلا.

فهذا هو الذي دعاه إلى طرح الروايات و رماها بالوضع، و ليس الأمر كما توهمه.

توضيح ذلك أن الكلام البليغ إنما يتبع فيه ما يقتضيه المقام من كشف ما يهم كشفه فربما كان المقام مقام التخاطب بين متخاطبين أو قبيلين ينكر أو يجهل كل منهما حال صاحبه فيوضع الكلام على ما يقتضيه الطبع و العادة فيؤتى في التعبير بما يناسب ذلك فأحد القبيلين المتخاصمين إذا أراد أن يخبر صاحبه أن الخصومة و الدفاع قائمة بجميع أشخاص قبيله من ذكور و إناث و صغير و كبير فإنما يقول: نخاصمكم أو نقاتلكم بالرجال و الظعائن و الأولاد فيضع الكلام على ما تقتضيه الطبع و العادة فإن العادة تقتضي أن يكون للقبيل من الناس نساء و أولاد و الغرض متعلق بأن يبين للخصم أنهم يد واحدة على من يخاصمهم و يخاصمونه، و لو قيل: نخاصمكم أو نقاتلكم بالرجال و النساء و ابنين لنا كان إخبارا بأمر زائد على مقتضى المقام محتاجا إلى عناية زائدة و تعرفا إلى الخصم لنكتة زائدة.

و أما عند المتعارفين و الأصدقاء و الأخلة فربما يوضع الكلام على مقتضى الطبع و العادة فيقال في الدعوة للضيافة و الاحتفال: سنقرئكم بأنفسنا و نسائنا و أطفالنا، و ربما يسترسل في التعرف فيقال: سنخدمكم بالرجال و البنت و السبطين الصبيين، و نحو ذلك.

فللطبع و العادة و ظاهر الحال حكم، و لواقع الأمر و خارج العين حكم، و ربما يختلفان، فمن بنى كلامه على حكاية ما يعلم من ظاهر حاله، و يقضي به الطبع و العادة فيه ثم بدا حقيقة حاله و واقع أمره على خلاف ما حكاه من ظاهر حاله لم يكن غالطا في كلامه، و لا كاذبا في خبره، و لا لاغيا هازلا في قوله.

و الآية جارية على هذا المجرى فقوله: فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم «الخ» أريد به على ما تقدم: ادعهم إلى أن تحضر أنت و خاصتك من أهلك الذين يشاركونك في الدعوى و العلم، و يحضروا بخاصتهم من أهليهم، ثم وضع الكلام على ما يعطيه ظاهر الحال أن لرسول الله في أهله رجالا و نساء و أبناء و لهم في أهليهم رجال و نساء و أبناء فهذا مقتضى ظاهر الحال، و حكم الطبع و العادة فيه و فيهم، أما واقع الأمر و حقيقته فهو أنه لم يكن له ( وسلم) من الرجال و النساء و البنين إلا نفس و بنت و ابنان، و لم يكن لهم إلا رجال من غير نساء و لا أبناء، و لذلك لما أتاهم برجل و امرأة و ولدين لم يجبهوه بالتلحين و التكذيب، و لا أنهم اعتذروا عن الحضور بأنك أمرت بإحضار النساء و الأبناء و ليس عندنا نساء و لا أبناء، و لا أن من قصت عليه القصة رماها بالوضع و التمويه.

و من هنا يظهر فساد ما أورده بقوله ثم وفد نجران الذين قالوا إن الآية نزلت فيهم لم يكن معهم نساء و لا أبناء.

و منها: قوله و كل ما يفهم من الآية أمر النبي ( وسلم) أن يدعو المحاجين و المجادلين في عيسى من أهل الكتاب إلى الاجتماع رجالا و نساء و أطفالا، و يجمع هو المؤمنين رجالا و نساء و أطفالا، و يبتهلون إلى الله بأن يلعن الكاذب فيما يقول عن عيسى - إلى قوله -: و أنى لمن يؤمن بالله أن يرضى أن يجتمع مثل هذا الجمع من الناس المحقين و المبطلين في صعيد واحد متوجهين إلى الله تعالى في طلب لعنه و إبعاده من رحمته؟ و أي جرأة على الله و استهزاء بقدرته و عظمته أقوى من هذا؟.

و ملخصه أن الآية تدعو الفريقين إلى الاجتماع بأنفسهم و نسائهم و ذراريهم في صعيد واحد ثم الابتهال بالملاعنة، و ينبغي أن يستبان ما هذا الاجتماع المدعو إليه؟ أ هو اجتماع الفريقين كافة أعني المؤمنين بأجمعهم و هم يومئذ عرب ربيعة و مضر جلهم أو كلهم من اليمن و الحجاز و العراق و غيرها، و النصارى و هم أهل نجران من اليمن و نصارى الشام و سواحل البحر الأبيض و أهل الروم و الإفرنج و الإنجليز و النمسا و غيرهم.

و هؤلاء الجماهير في مشارق الأرض و مغاربها تربو نفوسهم بالرجال و النساء و الذراري يومئذ على الملائين بعد الملائين و لا يشك ذو لب أن من المتعذر اجتماعهم في صعيد واحد فالأسباب العادية تأبى ذلك بجميع أركانها، و لازم ذلك أن يندب القرآن الناس إلى المحال، و ينيط ظهور حجته، و تبين الحق الذي يدعيه على ما لا يكون البتة، و كان ذلك عذرا و نعم العذر للنصارى في عدم إجابتهم دعوة النبي ( وسلم) إلى المباهلة، و كان ذلك أضر لدعواه منه لدعواهم.


تسلمي أخنتي خاتم سليمان
جعله الله في ميزان حسناتك


إضافة رد


أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

بحث متقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc