اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
المسألة:
لماذا في سورة الفلق الاستعاذة من الغاسق إذا وقب؟، لماذا جاءت الاستعاذة في سورة الفلق من الغاسق بعد الاستعاذة من ﴿مِن شَرِّ مَا خَلَقَ﴾؟
--------------------------------------------------------------------------------
الجواب:
المراد من الغاسق ظاهراً هو الليل، ومعنى قوله: ﴿إِذَا وَقَبَ﴾ أي إذا اشتدَّت ظلمته.
والاستعاذة من الليل ليس لخصوصيةٍ في الزمان، وإنما لانَّ الليل يكون ظرفاً لأكثر الشرور نظراً لاكتنافه بالظلمة، فأغلب حوادث السطو والسرقة والاغتصاب والقتل غيلة وحرق المنازل والمزارع تقع في الليل كما انَّ الليل يكون مسرحاً للزواحف والحِشار والقوارض ومرتعاً للحيوانات المفترسة.
وأغلب هذه الشرور إنما تقع بعد ان تشتدَّ ظلمة الليل ويمضي منه وقت يكون معه الناس قد خلدوا إلى مضاجعهم، إذ ان أهل السوء والشرور لا يبدؤون عملهم عند بداية دخول الليل وإنما ينتظرون اشتداد الظلمة وخلود الناس إلى مناماتهم.
ولعلَّ ذلك هو منشأ الاستعاذة من الليل عند اشتداد ظلمته وليس إذ هو الوقت الذي تحدثُ فيه الشرور غالباً وتُدبَّر فيه المكائد وتحاك فيه المؤامرات فالاستعاذة من الليل إذا وقب هي استعاذة من الشرور التي تقع في الليل إذا وقب.
ثم إنَّ قوله ﴿إِذَا وَقَبَ﴾ ليس شرطاً وإنما هو وصف أي انَّ الاستعاذة تكون من الليل الموصوف بشديد الظلمة.
وأما منشأ الاستعاذة منه بعد الاستعاذة من ﴿مِن شَرِّ مَا خَلَقَ﴾ فهو لغرض التعبير عن أهميته فذكر الخاص بعد العام يكون لهذا الغرض.
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم .
ولو رأينا البحث الروائي لهذه السورة لوجدنا
في الدر المنثور، أخرج عبد بن حميد عن زيد بن أسلم قال: سحر النبي ( وسلم) رجل من اليهود فاشتكى فأتاه جبريل فنزل عليه بالمعوذتين و قال: إن رجلا من اليهود سحرك و السحر في بئر فلان فأرسل عليا فجاء به فأمره أن يحل العقد و يقرأ آية فجعل يقرأ و يحل حتى قام النبي ( وسلم) كأنما نشط من عقال:. أقول: و عن كتاب طب الأئمة، بإسناده إلى محمد بن سنان عن المفضل عن الصادق (): مثله و في هذا المعنى روايات كثيرة من طرق أهل السنة باختلاف يسيرة، و في غير واحد منها أنه أرسل مع علي () زبيرا و عمارا و فيه روايات أخرى أيضا من طرق أئمة أهل البيت ().
و ما استشكل به بعضهم في مضمون الروايات أن النبي ( وسلم) كان مصونا من تأثير السحر كيف؟ و قد قال الله تعالى: «و قال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا»: الفرقان: 9.
يدفعه أن مرادهم بالمسحور و المجنون بفساد العقل بالسحر و أما تأثره عن السحر بمرض يصيبه في بدنه و نحوه فلا دليل على مصونيته منه.
و في المجمع، و روي: أن النبي ( وسلم) كان كثيرا ما يعوذ الحسن و الحسين (عليهما السلام) بهاتين السورتين.
و فيه، عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله ( وسلم): أنزلت علي آيات لم ينزل مثلهن المعوذتان:، أورده في الصحيح.
أقول: و أسندها في الدر المنثور، إلى الترمذي و النسائي و غيرهما أيضا، و روي ما في معناه أيضا عن الطبراني في الأوسط عن ابن مسعود، و لعل المراد من عدم نزول مثلهن أنهما في العوذة فقط و لا يشاركهما في ذلك غيرهما من السور.
و في الدر المنثور، أخرج أحمد و البزار و الطبراني و ابن مردويه من طرق صحيحة عن ابن عباس و ابن مسعود أنه كان يحك المعوذتين من المصحف و يقول: لا تخلطوا القرآن بما ليس منه إنهما ليستا من كتاب الله إنما أمر النبي أن يتعوذ بهما، و كان ابن مسعود لا يقرأ بهما.
أقول: ثم قال السيوطي قال البزار: و لم يتابع ابن مسعود أحد من الصحابة و قد صح عن النبي ( وسلم) أنه قرأ بهما في الصلاة و قد أثبتنا في المصحف انتهى.
و في تفسير القمي، بإسناده عن أبي بكر الحضرمي قال: قلت لأبي جعفر () إن ابن مسعود كان يمحو المعوذتين من المصحف. فقال: كان أبي يقول: إنما فعل ذلك ابن مسعود برأيه و هو " هماظ " من القرآن.
أقول: و في هذا المعنى روايات كثيرة من طرق الفريقين على أن هناك تواترا قطعيا من عامة المنتحلين بالإسلام على كونهما من القرآن، و قد استشكل بعض المنكرين لإعجاز القرآن أنه لو كان معجزا في بلاغته لم يختلف في كون السورتين من القرآن مثل ابن مسعود، و أجيب بأن التواتر القطعي كاف في ذلك على أنه لم ينقل عنه أحد أنه قال بعدم نزولهما على النبي ( وسلم) أو قال بعدم كونهما معجزتين في بلاغتهما بل قال بعدم كونهما جزء من القرآن و هو محجوج بالتواتر.
و في الدر المنثور، أخرج ابن جرير عن أبي هريرة عن النبي ( وسلم) قال: الفلق جب في جهنم مغطى.
أقول: و في معناه غير واحد من الروايات في بعضها: قال ( وسلم): باب في النار إذ فتح سعرت جهنم: رواه عقبة بن عامر، و في بعضها: بئر في جهنم إذا سعرت جهنم فمنه تسعر:، رواه عمرو بن عنبسة إلى غير ذلك.
و في المجمع، و قيل: الفلق جب في جهنم يتعوذ أهل جهنم من شدة حره: عن السدي و رواه أبو حمزة الثمالي و علي بن إبراهيم في تفسيرهما.
و في تفسير القمي، عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله () قال: قال رسول الله ( وسلم): كاد الفقر أن يكون كفرا و كاد الحسد أن يغلب القدر:. أقول: الرواية مروية بلفظها عن أنس عنه ( وسلم).
و في العيون، بإسناده عن السلطي عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن النبي ( وسلم) قال: كاد الحسد أن يسبق القدر.
و في الدر المنثور، أخرج ابن أبي شيبة عن أنس قال: قال رسول الله ( وسلم): إن الحسد ليأكل الحسنات كما يأكل النار الحطب.