اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
نستعد لاستقبالك
كلم المدير العام ليخبره، انه على استعداد لبدأ العمل. فقال له بعد أن عرفه: أعطنا بعض الوقت لنستعد لاستقبالك، وأغلق الهاتف بعد أن ودعه. قبل شهر من هذه المكالمة استلم اتصالا طال انتظاره، فاجتاحه شعور غريب. اجتياح المد لساحل البحر عند هيجانه. وإحساس من فتح عينيه، بعد غيبوبة طويلة.
بعد انحسار الموج، حدث نفسه كمن أصابه مس من جنون: هل من الممكن تحقق حلمي، بعد أن طويت عنه كشحا. وأغمضت عنه عينا، واستسلمت للأمر واقعا. فواقعه لا يمكن تبديله، وليس بالإمكان تغيره. خبرات عملية كثيرة، مع بلوغه من العمر عتيا. وجرب كثيرا، وجرى طويلا. فهل يمكن أن يفتح له بابا، يتغير عبره مسار حياته من جديد.
حلمه ترك عمله الحالي، إلى آخر أفضل منه. مع حصوله على راتب أفضل، يلبي كل التزاماته المالية ويفيض. ومسئوليات جسام، تناسب مع طموحاته. وأعمال كبيرة، تتأقلم مع تطلعاته. لذا لم يترك الفرصة تتفلت من بين أصابعه، فتشبث بها بأسنانه.
كان المتصل احد رفاق العمل القدامى، يبلغه بوجود وظيفة تناسبه. فجرى إليها مقدما سيرته الذاتية، مبرزا أحسن مظهره، وأجود خبراته. وأنهى عدة مقابلات شخصية، بعضها مع صاحب العمل، والأخرى مع المدير العام. ووافق الطرفان بعد حوار طويل - ونقاش مضني، على تفاصيل العمل وحدد الدخل. رغم محاولات المدير، ثنيه عن عزمه - وتهويل الأمر عليه. لحاجة في نفسه، أراد أن يقضيها.
طلب إعطاءه فرصة كافية، ليتخلص من عمله الحالي، والمبادرة في توقيع العقد. فكانت فرصة مواتية، ينتظرها المدير. فرفض توقيع العقد، إلا عند مباشرته للعمل. فوافق على شرطهم، وودعهم على أمل اللقاء بعد شهر من ذلك اليوم. وتركهم وكله أمل، بحصوله على مبتغاه. كطائر استرد ريشه - واستعاد حريته، بعد طول الأسر. لم يصدق أن باب قفصه قد فتح، وان بإمكانه الطيران من جديد. فأخذ يقدم رجل ويؤخر أخرى، مخافة أن يكون في الأمر خدعة.
في طريق كانت الأفكار تتطاير أمام عينيه، تطاير الأوراق في يوم عاصف. لا يعرف بأيها يتشبث، وأيها يتركه يذهب هباء. وذهب إلى أهله مسرورا، منشرح الصدر - مقبل على الحياة. أتم الشهر وتخلص من جميع ما بيده من واجبات، وسلمها إلى مساعده. واخبر رئيسه وودعه، استعدادا لاستلام عمله الجديد.
بقلم: حسين نوح مشامع – القطيف، السعودية