اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
كشر عن أنيابه
كانا يعملان في شركة واحدة، ولكن في وظيفتين مختلفتين. احدهما (ز.) مضافا إلى خبرته الإشرافية التي اكتسبها خلال عمله، صغر سنه الواضح. والآخر (ح.) لديه خبرات إدارية كثيرة ومختلفة، اكتسبها على امتداد حياته العملية، وتقلبه في عدة وظائف متفرقة.
واجه الأمرين مع رؤساءه، الذين وقفوا كجدار أصم - وحجر عثرة، في طريق تطوره الذاتي - وتقدمه الوظيفي. البعض منهم لجهله بقدراته الإدارية، لذا كان دأبهم إقصائه ومحاصرته في زاوية مظلمة. كمحجور عليه لإصابته بمرض معدي، خوف انتقاله إلى من حوله. وآخرون تحاشيا لتطلعاته المستقبلية، التي لا يرون لهم فيها كثير فائدة. فقرر أن يهدئ اللعب وينسحب من أمامهم، ليبحث في ساحة أخرى عن فريق يقدر مواهبه.
كما أن عمره لم يرحمه - ولم يرأف به، ووقف إلى جانبهم حائلا وسدا منيعا، يمنع وصوله إلى أهدافه.
السيد (ز) حصل على وظيفة في احد الشركات، لذا قرر تقديم استقالته. وفي ذات الوقت ودون سابق تخطيط، صادف أن حصل السيد (ح) على عرض وظيفي من تلك الشركة، عن طريق احد زملاؤهما القدامى. وكان السيد (ز) هو همزة الوصل، ومنسق المقابلات بين الطرفين. يحضر معه كل اجتماعاته ومقابلاته، كمستشار يملي عليه ما ينبغي عمله.
استبشر السيد (ح) خيرا، واعتبرها بارقة أمل، تبدد خبايا الظلام الذي خيم على حياته العملية. ولفرحته لم يترك احد من أهله وأصدقائه، إلا وابلغه بهذا الخبر السعيد. كمن رزق بطفله الأول، بعد طول حرمان.
خلال تلك الفترة كان السيد (ز) يراجعه ليلا ونهارا - وخلال دوامه الرسمي وخارجه. في أي وقت يروق له، ودون ملاحظة للضيق الذي يسببه لزميله. وذلك لانتظاره حقوق نهاية خدمته، وتوقعه الحصول على شهادة شكر.
بقي الحال على ما هو عليه، دون أن يظهر تذمره السيد (ح). ولم تكن لديه النية لإبداء ردة فعل، قد تؤثر على علاقتهما.
طال انتظاره لعدة أسابيع، دون حصوله على جواب محدد. بغض النظر عن كونه، ايجابيا أو سلبيا. ولم يجد أذن صاغية، ولم يلق إلا المماطلة والتسويف.
اسقط في يده، وتاهت عليه السبل. وضاقت عليه نفسه، فكان كمن يصعد في السماء. فلم يبقى من يلجأ إليه ويعينه، إلا صاحبه وابن بلدته. لا ليتوسط ويسيل لعابه توسلا، ولا ليضغط على المسئولين ويكشر عن أنيابه. ولكن ليعرف هل هم باقون عليه، أم تغير رأيهم فيه.
حينها كان السيد (ز) قد استلم كامل حقوقه، وكل ما يصبوا إليه. ولم يعد بحاجة إلي رفيقه، ولا لمساعدته.
طلب السيد (ح) منه العون، إتماما للخير الذي بدأه. فأجابه بكل برود: خيرا إن شاء الله، سوف أرى ما يمكنني القيام به، وأنهى المكالمة من ناحيته.
بقلم: حسين نوح مشامع – القطيف، السعودية