|
أديب وشاعر
|
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
المنتدى :
ميزان الغدير في ولاية الأمير ( صلوات الله عليه )
إعلان الغدير ليس الإعلان الأول بل الإعلان الأخير !
بتاريخ : 02-Dec-2009 الساعة : 10:21 PM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
كل عام وأنتم بألف خير
تعاهد خطباء المسلمين أن يبدؤوا خطبهم بذكر الله وحمده والثناء عليه ، وذكر رسول الله والصلاة عليه وعلى آله وأصحابه ؛ كافتتاح مبارك لكلامهم ، ومن ثم ينتقلون إلى أغراض خطبتهم وأهدافها والتي قد لا تكون دينية أو إرشادية ، لكن أول رجل خالف هذا العهد وهذا التقليد كان زياد بن أبيه عندما بدأ خطبة مشهورة له دون ذكر الله وذكر رسوله ، ولم يضمن خطبته أية آية أو إشارة إلى الله تعالى ورسوله الكريم فسميت تلك الخطبة بالخطبة البتراء ، واتفق أهل الخطابة بعد ذلك أن ينعتوا كل خطبة تخلو من ذكر الله ورسوله بالبتراء ، وكما أن الخطب قد تكون بتراء فإن الصلاة على محمد تكون بتراء إذا لم تقترن بالصلاة على آل محمد الغر الميامين ، أهل بيت الوحي ومختلف الملائكة ومعدن العلم والكهف الحصين وغياث المضطر المستكين ، فبأعلى أصواتنا إذهاباً للنفاق من قلوبنا نرفع الصلاة الدائمة على محمد وآل محمد .
إن تأكيدنا وإصرارنا على ذكر آل البيت (ع) ، وذكر آثارهم وأفعالهم والتغني بمحامدهم ومناقبهم والاحتفاء بمناسباتهم ؛ والذي يفهمه البعض على أنه تغليب لهم وهم فرع النبوة على أصل النبوة حبيبنا وشفيعنا وسيدنا وقائدنا رسول رب العالمين وخاتم النبيين أبي القاسم محمد (ص) ما هو إلا امتثال لما أمرنا به رب الخليقة على لسان سيد الخليقة : قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ، إذ أن لنا في كل ذكر نذكر به واحداً منهم وأثراً من آثارهم درجة تقربنا من الأصل وتهدينا إلى آثاره ، وإن كل خطوة نخطوها باتجاه أهل البيت (ع) هي خطوة في درب محمد(ص) ، وإن كل آه نطلقها عند ذكر علي أمير المؤمنين إعجاباً وعنفواناً هي آه توصلنا إلى أخيه وحبيبه ونفسه محمد ،
وإن كل تفاعل مع الزهراء وحزنها هو تفاعل مع أبيها والتي هي بضعة من محمد ، وإن كل دمعة نذرفها على الحسن والحسين هي دمعة مواساة لجد الحسنين ، وتحبباً وتقرباً ممن كان لا يحب على وجه الأرض أحداً بمثل ما أحبهما وكرمهما محمد ، وإن استنهاضنا ودعاءنا لسمي النبي وحفيده المنتظر في كل صباح وكل ساعة ، وتعلق مهجنا بظهوره وقيامه ؛ ما هو إلا استنهاض لدولة النبي وعدالة النبي ، وتحفزاً وانتظاراً لرسالة جده السمحاء تنتشر في الأرض من غير اعوجاج ، لتمتلئ الأرض رغداً وهناء ورفاهاً وعدلاً وقسطاً .
فنور الهداية المحمدية هو نور الولاية الإمامية ، وهدي الإمامة الحيدرية هو جوهر الرسالة النبوية ، وربيع المولد شق في تربة الإسلام غديراً يرويها ، لتستمر زاهرة مخضرة عطرة ، وبغير الغدير تعود الأرض قاحلة جدباء ، لا تسر الناظرين ولا تروي الظامئين ولا تنعش المحرومين ولا تعز المستضعفين ، وإن أي استبعاد للغدير هو بتر للربيع ، وقبول برسالة ناقصة أراد الله بحكمته وفضله أن تكتمل بالغدير ، وهو جحود لنعمة تمم الرحمن العزيز بها شرعته .
ومن الربيع إلى الغدير تساؤلٌ * أتداس أزهار الربى ونعجبُ
كيف الربيع بغير ماء غديرهٍ * وعلي عن أمر الخلافة يُحجب
أتناقض في الله أم في شرعه * حاشى فشرع محكم ومرتب
لكنه في معشر ما ميزوا * بين الذي هو صادق أو يكذب
بين الذي هو طاهر ومطهرٌ * من ربه ، أو بين من هو يذنب
وحادثة الغدير ، وإن كانت حادثة إعلانية إعلامية ، أراد الله من رسوله أن ينهي ويتوج رسالته بهذا المرسوم الأخير ، وهو المرسوم الذي ينتظره كل المسلمين ، بعد أن نعى رسول الله نفسه ، وهو الإعلان الذي يرسم ويخطط ويقرر مسار الرسالة من بعده ، ولا أدري إن كان هناك أهم من هذا القرار وأخطر منه ، فاختيار موسم الحج واختيار الغدير عند مفترق الطرق ، حيث أهل كل مصر تتجه إلى مصره ، وحيث أهل كل قبيلة تتجه إلى مضاربها ، هذا الإعلان كان بمثابة التأكيد النهائي في موضوع الولاية والحكم والخلافة ، لكنه بالطبع لم يكن الإعلان الأول ولا الإذاعة الأولى له ، وهذا يردُّ على المشككين الذين أرادوا أن يبخسوا من أمر الغدير ، وينتقصوا من أثره عبر ترهات لا تقوى أمام تواتر الأحاديث وقوة أسانيدها ، بل تتهالك وتتساقط مظهرة عنت المغرضين وأهواءهم الضالة ، ولم تكن البخبخات والتبريكات إلا خير شاهد على وهن حجج الذين أرادوا المساس من قوة الغدير ، وإن تحايل البعض في تفسيرهم لكلمة المولى يصب في نفس الدرب حيث لا قوة على نفي الحديث وانتقاص صحته ، فيلجأ الجاحدون إلى الدوران والالتفاف ، لكن ما يعنينا في الرد على الذين يقولون أن مئة ألف حاج ونيف وقفوا في الغدير ليسمعوا خطبة رسول الله وتوليته لعلي لم يبق منهم إلا القليل الذين وقفوا مع علي ليبايعوه ويناصروه ، وتلك مفارقة عجيبة يدعيها البعض على أنها ضعف في الرواية ، لكن الخطبة كانت في الحجيج القادم من كل الأصقاع ، وأمر الخلافة كان حاصلاً في المدينة وحدها ، ومحصوراً بيد بعض المهاجرين والأنصار ، ولا دخل لتلك الألوف التي عادت إلى ديارها وهي تظن أن الأمر سيؤول لعلي كما نص الرسول ...
لكننا نعود لنذكر بأن إعلان الغدير كان الإعلان الأخير والحاسم ، ولم يكن الإعلان الأول ، لأن كتب الصحاح وكتب الحديث عند كل المسلمين ذكرت نصوصاً مشابهة لنص الغدير في أن من كنت مولاه فهذا علي مولاه في غير مكان ، وفي أكثر من مناسبة متباعدة في الزمن ، ويحضرها الكثير من الناس ، وإليكم ذكراً لبعضها :
روى الترمذي في باب المناقب الحديث 3645 وهو حديث مطول نختصر مقدمته بأن علياً أصاب جارية في أحد الجيوش ، فأنكر عليه البعض ذلك ، وجاء أربعة إلى رسول الله وقالوا له : ألا ترى إلى علي فعل كذا وكذا ، فأعرض رسول الله عنهم ، ثم أقبل والغضب يُغرف في وجهه فقال : ما تريدون من على ، ما تريدون من علي ، ما تريدون من علي ، إن علياً مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي ( وروى أحمد في مسنده نفس الحديث بتفصيل وتغيير في بعض الألفاظ وجاء في المقطع الأخير : فأقبل رسول الله على الرابع وقد تغيَّر وجهه ، فقال : دعوا علياً ، دعوا علياً ، إن علياً مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن بعدي ) ، ولننظر إلى كلمة بعدي ، فهي تعني أنه ليس ولياً للمؤمنين بوجود رسول الله الأولى ، فإذا أخذنا بتفسير الولي على أنه المحب وليس الوالي فهل يتوقف حب المؤمنين لعلي لحين وفاة رسول الله ، ثم يصبح ساري المفعول بعده ؟..
وفي مسند أحمد حديث آخر ، قال – أي النبي – لبني عمه : أيكم يواليني في الدنيا والآخرة
إذن أعلن رسول الله موقفه من الولاية بعده ، وحسم الأمر في الغدير ، ولكن القوم أرادوها شرعة بتراء ناقصة ، فيكفينا أو حسبنا كتاب الله كان هو الرد على أوصيكم بالثقلين الذين لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فسيوف البتر وألسنته لم توفر فرصة إلا وكانت تغتنمها ، لتغمد في جسد الرسالة الإلهية شفارها ، فمن الشانئ الأبتر إلى الإصرار على الصلاة على النبي دون ذكر الصلاة على آله مسيرة واضحة فاصلة لمن قبل أو رفض مقولة من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله .
والسر يبقى في علي ، ومفتاحه مع علي ، لأن علياً لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق ، والمنافقون هم أهل البتر والجحود ، وسر علي في حديه : حد العشق والجذب وحد الرفض والدفع ، وعلي صاحب الحوض وقسيم النار والجنة ، وسيفه ذو الحدين والفقارين هو الذي فقر وفرق الناس بين قابل به مولع ومتيم وموال ، وبين غاصب لحقه وكاره وساب ومقاتل وقاتل له .
علي صاحب الحدين وجامع الضدين : أواه أواب ، كرار بتار ، فقير جائع ، بطين أنزع ، خاصف راقع ، جاذب دافع .. علي في قوتيه ملك القلوب وأسر العقول ، حيّر الناس ، فإذا النفوس لا تملك عنده سوى أن تخضع في مملكته إلى حديه ، دون أن يكون لها عند التهاب السر الإلهي إرادة القرار في أن تختار عبر سلاسل التفكير والتحليل والتجريد ، عند أي من الضفتين سترسو مراكب العقل ، لأن سفينة علي سفينة ربانية لا قوة لأمواج البغض أن تعاندها ، وليس لرياح العشق إلا أن توافقها ، وعندما تشق سفينة النجاة طريقها في اللجج الغامرة فعلى المسافرين أن يكونوا إما على متنها لازمين لاحقين ، وإما أن يتقدموها فيمرقوا ، أو يتأخروا عنها فيغرقوا ...
" اللهم يا من خصَّ محمداً وآلَه بالكرامة ، وحباهُم بالرسالة ، وخصَّصهم بالوسيلة ، وجعلهم ورثةَ الأنبياء ، وختم بهم الأوصياء والأئمة ، وعلَّمَهم علمَ ما كان وعلم ما بقي ، وجعل أفئدةً من الناس تهوي إليهم ، فصل على محمد وآله الطاهرين ، وافعل بنا ما أنت أهله في الدين والدنيا والآخرة ، إنك على كل شيء قدير " ( الصحيفة السجادية ، دعاؤه (ع) في ذكر آل محمد (ص) ص 261 ) .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
|
آخر تعديل بواسطة خادم الزهراء ، 02-Dec-2009 الساعة 11:14 PM.
|
|
|
|
|