بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدالله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين ..
أحبتي ..
أيام وساعات ودقائق ويحل علينا هلال محرم الحرام , فهل تهيأنا روحانيا ونفسيا لهذه الأيام _ مع أن الموالي حزنه في قلبه طواال العام فعين فيها دمعة وعين فيها فرحة _ , ومن هذا الباب أنقل لكم هذه الرواية ولعلها ليست جديدة ولكن نقلها في مثل هذا الوقت فيه العٍبرة والعًبرة ..
موالين إقرؤوا معي هذه الرواية....
روى مرسلاً ان رجلاً من بلاد بلخ في نواحي ايران هذا الرجل البلخي تزوج بأبنة عم له وكان ذلك في آخر ذي الحجة الحرام فلم تمضي على زواجه بضع ليالي واذا بشهر المحرم قد اقبل ومناديه ينادي :
هذا المحرم قد وافتك صارخة مما استحلوا به ايامه الحُرُم
ومن الصدف ان زوجته كان على سطح دارها في مثل هذه الليلة وقت الغروب اذ حانت منها التفاتة الى السماء فنظرت هلال المحرّم كاسف اللون متغيّر الهيئة وانه على غير هيئته في ساير الشهور فسألت بعض الجيران ما اسم هذا الشهر فقيل لها هذا شهر المحرم الذي قتل فيه الحسين () بنو أمية عطشاناً وقتلوا رجاله وذبحوا اطفاله ويسروا حريمه من بلد الىبلد من كربلا الى الكوفة ومنها الى الشام ومن مجلس الى مجلس ، فلما سمعت الامرأة لطمت جبينها وبكت ونزلت من السطح وا اماماه واحسيناه وا ذبيحاه وا مظلوماه .
وكانت متجلبيبة جلباب الفرح مرتدية ثياب العرس متزيّنة فنزعت ثياب الأفراح ولبست ثياباً سوداء وجلست في ناحية من المنزل بتكي وتندب قتلى الطفوف فبينما هي كذلك واذا بزوجها قد اقبل ففتحت له الباب وبمجرد ان نظر اليها ارتبك وذعر من حالتها وهيئتها فسألها قائلاً يابنت العم ما دهاك فهل ابوك مات قالت اعظم قال امك ماتت قالت اعظم اخوك مات قالت اعظم قال اذاً ماالذي حدث اخبريني فقد قطّعتي نياط قلبي ، قالت لقد كان من امري كذا وكذا واني اريد منك يابن العم ان تأذن لي بالمضي الى المأتم كـل يـوم فقال :
لك ذلك فجعلت كل يوم تمضي الى المأتم وتجلس للعزاء عـلى الحسين () ومواسات فاطمة () .
وفي خلال ايام العَشَرة طرق زوجها ضيوف فقال : يا بنت العم لا تذهبي اليوم الى التعزية لكي تصنعي لنا طعاماً فقد طرقنا ضيوف هذا اليوم فقالت سمعاً وطاعة لله ولك يا بن العم ، غير اني اطلب منك ان امضي الى المأتم قليلاً واعود مسرعة الى البيت فان قلبي لا يدعني ان اترك يوماً من ايام العشرة لا اذهب فيهالى المأتم فأذن بالمضي الى التعزية سويعة .
فمضت الى المأتم وبدأت القارئة بذكر الطفوف شعراً ونثراً والإمرأة تبكي وبلغ بها حب الحسين () انها لم تشعر بالوقت الاّ والمؤذن على المنارة ينادي أشهد أن محمّداً رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وذلك وقت الظهر فأحسّت بحلول الوقت ومجيء زوجها واضيافه الى المنزل فقالت :
واخجلتاه من زوجي واضيافه ثم قامت مسرعة ووجّهت وجهها الى جهة كربلا منادية ادركني يا غريب ادركني يا غريب الزهراء «اي خلّصني كم غضب زوجي » .
وجائت الى منزلها واذا بأمرأة جالسة وبين يديها اربع قدور مركبة يفوح منها رائحة المسك والعنبر وهي توقد تحتهنّ ناراً فسلمت عليها وقبلت يديها وقالت :
من انتِ ايتها المحسنة فلقد صنعتي معي معروفاً لا استطيع مقابلته وجزائه فحنّت تلك الإمرأة وأنت وبكت وقالت :
انا ام من مضيت الى مأتمه يا هذه انت جئتي لمساعدتي ومواساتي في مأتم ولدي المظلوم وانا جئت الى مساعدتك ومامن احد ساعدنا الاّ ساعدناه ولسان الحال:
اريد انشد الركبان عنهابالمرعنه محد دفنهااو زينب حد الحادي ابعظمهاتحن والنياق اتحن لحنها
وبينما هي كذلك واذا بالمرأة الجليلة قد غابت عن بصرها ثم جاء زوجها ومعه ضيوفه فوضعت لهم الطعام فلما ذاقوا طعمه وانتشقوا رائحته سألوا زوجها قائلين من الذي عمل هذا الطعام فاننا لم نأكل الذّ وائهى واطيب رائحة منه ، فقال لهم ان زوجتي صنعته ، قالوا :
فأسألها ولما سألها واخبرته بالخبر واخبر اضيافه بكوا لذكر الحسين () والزهراء () :
كل البلا بمحرّم ياليته لاكان هلاً
وبه بنات محمّد حملت على الأكوارثكلى
(( اشهد انّك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهّرة لم تنجسك الجاهليّة بأنجاسها ولم تلبسك من مدلهمّات ثيابها وأشهد أنّك من دعائم الدين وأركان المسلمين)) .
بعض القبسات من كتاب منهاج البكاء في فجائع كربلاء