اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
طلاسم
أنهى المرحلة المتوسطة، وانتقل إلى أول عتبات الدراسة الثانوية. انتقال طفل صغير، من رياض الأطفال إلى مدرسة نظامية. لذا تراه يتهيب، من كل شيء حوله. ويلج إليها ولوج حمل وديع، إلى غابة موحشة.
رغم شهادة التفوق التي حصل عليها، لم يتمكن من تقبل نظام الساعات الجديد. لتخوفه من عدم مواكبته، ومن مغبة حمل بعض المواد إلى سنة قادمة - لا سمح الله. خوف من تلبسته هيبة منظر الأمواج، قبل دخوله غمرات البحار. لذا قرر مغادرة مدرسته إلى أخرى، لا تزال تعمل بالنظام السائد.
أخذت عملية الانتقال بين المدرستين، مدة أسبوع من حين تقديمه لطلبه. وخلال تلك الرحلة والفترة الانتقالية، لابد وان فاته بعض الدروس.
رحب به مدير المدرسة في أول يوم انتظام، واستقبله استقبال الفرسان الشجعان. وأثنى على نجاحه وتفوقه، المنقطع النظير. فاعتقد حينها، انه فاتح همام - وملهم مقدام.
ما إن دخل احد الحصص، حتى تغيرت أحواله - وتبدلت أوضاعه. كأنما خر عليه السقف من فوقه، أو أهوت به الريح إلي مكان سحيق. المدرس على النقيض من المدير. شدة لا حدود لها، وقسوة لا قعر لها. شرح كنقر الغراب، وكلام كطلاسم لغة غريبة. رغم محاولاته الوصول معه، إلى حل يرضي الطرفين.
لكنه لم يستطع النزول إلى مستوى الطلاب، فيرفعهم إليه. ولم يستطع الطلاب الارتقاء إلي مستواه، ليتمكنوا من مجاراته. لاعتقاده أن انتقال الطلاب من مرحلة إلى أخرى، هو إكمال بناء - وتطوير أساس. ولفهم الطلاب الانتقال، على النقيض من ذلك. انفصال عن مرحلة سابقة، إلى أخرى لاحقة. دون أن يكون بينهما ارتباط، ولا يوجد بينهما اتصال.
لذا ينبغي البناء من جديد، ووضع أساسات حديثة. كجنين للتو قطع حبله السري، ليواجه حياة جديدة لا علم له بها. والمدرس لم يكن على استعداد لتفهم لذلك، فرمى كامل الحمل على الطلاب. فكانت القشة التي قصمت ظهر البعير.
هنا لم يكن أمامه للخروج من هذا المأزق - وتفادي هذه المعضلة، إلا اللجوء إلى دروس التقوية. فوقع في ورطة أعظم من سابقتها، وهي إقناع ذويه بمشكلته. فكان كالمحتمي، من الرمضاء بالنار. فكيف يقنعهم بذلك بعد حيازته على شهادة التفوق، وكونه من الأوائل في المراحل السابقة!
بقلم: حسين نوح مشامع – القطيف، السعودية