بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله كما هو أهله حمداً يوازي نعمه ويوافق كرمه يحصيه دون سواه حمداً دائماً أبدا وله الشكر خالصاً كما ينبغي الشكر له من مبتدإ للنعم والمتفضل كرما
وصلى الله على أشرف خلقه وأعز رسله وأطهر عباده وأفضل أنبيائه محمد ابن عبد الله البشير النذير والسراج المنير وعلى آله الطيبين وأصحابه المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والأولياء والأصفياء والصديقين وعلى عباد الله الصالحين إلى قيام يوم الدين
رسولٌ ليس كمثلهِ في الرسلِ *** ونبيٌ فاق الفضل وليس له مثلِ
محبو الكرامة من سالفِ الأزلِ *** ومنتجبٌ من بين الخلق ولم يزلِ
مات ولم يمت ولم تنضوي منه الخصلِ *** وكيف يموت من أسس التقوى والمُثُلِ
إنما مات شخصهُ وذكرهُ بالقلوب مُمتثَلِ *** وهذا الكتاب فيه من الله تنزُّلِ
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ . سورة آل عمران 144
لما كان رسول الله
وسلم في فراش الممات وعلى باب وداع الحياة كانت عنده بضعته فاطمة ونساؤه وأحفاده وأحباؤهوكان في حضن أمير المؤمنين علي كانت فاطمة تجلس بجنبه نائحة نادبة فراق حبيب قلبها وذخر عمرها فأتى من يطرق عليهم الباب مستأذناً للدخول وهو ينادي غريب هل تأذنون للغرباء بالدخول وكان رسول الله يغشى عليه ساعة بعد ساعة فقالت فاطمة إن رسول الله في شغل عنكَ فمضى ثم أتى ثانيةً ونادى غريب هل تأذنون للغرباء بالدخول فقالت فاطمة يا هذا إن رسول الله لا يستطيع استقبالك فامضي يرحمك الله ثم أتى ثالثة وكان رسول الله
وسلم قد أفاق من غشوته ونادى أنا غريب أتأذنون للغرباء بالدخول فقال رسول الله بنية فاطمة إفتحي له الباب فهذا الذي ما أتى مستأذناً على أحدٍ قبلي ولن يأتي مستأذناً على أحدٍ بعدي هذا هادم اللاذات هذا مفرق الجماعات هذا ملك الموت أتى قابضاً لروحي فقامت فاطمة وفتحت الباب على وقع الحزن والجوى فأتى عزرائيل مخاطباً رسول الله قائلاً له العلي الأعلى يقرؤك السلام ويخيرك بين الموت ولقائه والبقاء في الدنيا فماذا تختار أنت يا حبيب الرحمن فقال النبي يا عزرائيل أمهلني حتى يحضرني حبيبي جبرئيل فذهب عزرائيل والتقاه جبرئيل بين السماء والأرض وقال له يا ملك الموت هل قبضت روح محمد أما ترى الجنان قد تزينت لروح محمد ألا ترى الملائكة قد تهيأت لاستقبال روح محمد فقال عزرائيل يا جبرئيل إن محمداً أمهلني حتى يلتقيكَ فاهبط إليه فهبط جبرئيل وهو يقول يا رسول الله العلي الأعلى يقرأك السلام ويقول لك ولسوف يعطيكَ ربُّكَ فترضى فقال رسول الله يا جبرئيل لا تفارقني حتى تفارق روحي بدني وأتى ملك الموت قابضاً لروحه الطاهرة فعندها صاحت فاطمة يا أبتاه يا رسول الله
أبا من للقبلة والمصلى *** ومن لإبنتكَ الوالهة الثكلى
ولما جهز علي ابن أبي طالب رسول الله
وسلم ودفنه في حجرته التي توفي فيها أتت فاطمة وأخذت من تراب القبر قبضة ووضعتها على وجهها وأنشأت تقول
ماذا على من شم تربة أحمدٍ *** أن لا يشمَّ مدى الزمان غواليا
صبتْ عليَّ مصائبٌ لو أنها ******** صبتْ على الأيامِ صرنَ لياليا