اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
مبتعث إلى الآخرة
في أوائل العشرينات، والابن الأوحد لأبويه. ومع محدودية دخلهم ومستورية حالهم، استطاعوا توفير الأساسيات ليتمكن ن إتمام تعليمه. التحق بأحد الجامعات المحلية المرموقة،
وقطع شوطا طويلا حصل في نهايته على درجات جيدة، تجعله من أوائل المتفوقين.
سمع عن المنح الملكية للابتعاث الخارجي، فقرر ترك دراسته وتقديم مستنداته وتجربة حظه، متعللا بتعلم لغة أجنبية من لسان هلها، وحصوله على شهادة من جامعة دولية تأهله لمركز مرموق، يسهل عليه الحصول على مستوى من العيش المريح الرغيد.
لم يثنه عدم موافقة أهله وإظهارهم الخوف والجزع، من ضياعه في الغربة أو الانحراف وسط مجتمع غريب. ولم يوقفه تثبيط أصحابه وعدم مجاراته في رأيه. فباءت محاولات من حوله بالفشل، وذهبت توسلاتهم أدراج الرياح، فرفعوا راية الاستسلام، ووضعوا كل دفاعاتهم تحت تصرفه.
اجتاز جميع الاختبارات المقررة، وقدم كافة الأوراق المطلوبة. ومر الشهر تلو الشهر وهو في ذهاب وإياب، وبين مخابرات هاتفية وردود خطية، في محاولة مستميتة للحصول على تلك البعثة.
أهمل دروسه ونسي جامعته، حتى عد من المقصرين، فصارت تصله رسائل وإنذارات تطالبه بالرجوع إلى مقاعد الدراسة، قبل اعتباره من المقصرين، وينهى وضعه بأخذ القرار النهائي في فصله.
كان مصرا على رأيه، متمسكا بموقفه حتى يأذن الله ويستجيب لطلبه. استلم الرد بالموافقة، وأعطي موعدا لاستلام تذاكر السفر. عندها تضاعف خوف أهله وعدم تقبلهم سفر ابنهم الوحيد، وكانوا يخفون ذلك عنه قدر استطاعتهم، متمنين له التوفيق والنجاح.
أخذ الوقت على الأفول، واقترب موعد استلام التذاكر، فأخذ الشوق منه كل مأخذ، وقارب صبره على النفاذ. في ليلة الموعد لم تقبل عينية النوم، ولم يرضى جسمه الاستسلام إلى الراحة. كمن به داء عضال، أو من يتقلب على فراش من شوك. لم يجرؤا على نصحه، مخافة خروجه عن اتزانه وثورته عليهم.
في صبيحة ذلك اليوم خرج محمر العينين، ودون أن يبل ريقه بشربة ماء.قبله والديه وأخواته البنات، متمنين له الخير من أعماقهم. فطار به قلبه وعقله قبل رجليه وجسمه إلى مكتب الحجوزات، فأخذ يقفز الشوارع والأرصفة، كما تتقل العصافير ناشرة أجنحتها بين الأشجار، حتى صار قاب قوسين أو أدنى.
نسي نفسه وفقد الشعور بالزمان والمكان، وأطلق لرجليه العنان فتسمرت عينيه على واجهة المكتب، ولم يعد يشعر بحركة الشارع، ولا يسمع أبواق السيارات التي كانت تزاحم الناس في محاولة لاستباقهم. وما إن وضع أحد رجليه على طرف الشارع حتى وجد متكوما أمام الواجهة، وأهله في قلق ينتظرون رجوعه.
بقلم: حسين نوح مشامع – القطيف، السعودية
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
حزينة لماذا هذه النهاية الموت مؤلم مع انه حق علينا؟
جميل لن نترك للفرح مكانا في زمن مليء بالضغط على النفس
لماذا لايكون مع الخاطرة او القصة نوع من الجمال