|
عضو نشيط
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
المنتدى :
ميزان المنبر الحر
لماذا غرست الأفعى أنيابها في لسان الأم في أول يوم قبرها؟
بتاريخ : 24-Feb-2010 الساعة : 08:11 AM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركات
لماذا غرست الأفعى أنيابها في لسان الأم في أول يوم قبرها؟!
احد الاشخاص بعد ما دفن والدته
تذكـّر بعد حين أن محفظته المليئة بالأسرار والأموال قد وقعت بالقبر أثناء دفن جثمان والدته التي تركت لوعة ما بعدها لوعة في حياته وهدّت جسمه هدّا، وبقي محتارا ماذا يفعل؟! أينبش القبر للحصول على ضالته أم يترك المحفظة ويقبر ما فيها احتراما لمن ثوت فيه!! بقي على هذا المنوال تؤرقه حرمة النبش وغنيمة ما تحت الثرى، وأخيرا أعطى العنان لنفسه بالذهاب إلى عالم الدين وامكانية أخذ القرار منه للنبش والحصول على ما سقط هناك على حين غفلة.
وبعد أن ذهب إلى عالم الدين قاصا عليه ما جرى، أعطى له الضوء الأخضر بالنبش بقدر استرداد المحفظة وهو ما حصل، إذ هبّ إلى المقبرة في الصباح الباكر وبينما هو يحفر القبر حتى وصل بعد هنيهة إلى الألواح الإسمنتية في اللحد، ما أن حمل اللوحة الأولى وتلتها الثانية والثالثة حتى ظهر الثلث الأمامي من الكفن، وإذا به قد أغمي عليه لشدة هول المنظر الذي شاهد فيه ثعبانا كبيرا التف حول جسد والدته وقد غرس أنيابه في فمها وبالتحديد في لسانها.
يا للهول، إن أمي الحبيبة لا أعلم منها إلا خيرا ما الذي أشاهده أمامي هل أنني في حلم أم يقظة؟! ما هذا المنظر البشع الذي أراه؟! هل أنها مسألة عابرة أم فيها من العبرة ما لم أقف على دوافعها وتداعياتها؟!
أخذت عشرات الأسئلة والإستفهامات تتقاطر على مخيلته وبينما هو على تلك الحالة التقط محفظته على عجل والقلق والإزدراء باد على وجهه! وأخذ منه مأخذا عظيما فهدّه إلى الإسترخاء والنحول هدّا، أهال التراب على اللحد والقلق باديا على محياه، وانطلق مسرعا إلى عالم الدين قاصا عليه غريب ما شاهده في اللحد مستفسرا عن سبب ذلك؟! أجابه عالم الدين بكل رباطة جأش وطمأنينة...
- كيف كانت علاقة والدتك بك وببقية أفراد العائلة؟
- إنها علاقة مبنية على الإحترام المتبادل، وإننا وطبقا لتعاليم الإسلام نعاملها بلطف ومحبة وطالما نخفظ لها جناح الذل ونطلب الرحمة لها كما بذلت من مصاعب ومتاعب في سبيل بلوغنا على أشدنا أسوياء أقوياء.
- فكـّر بالأمر هل بدر منها فعل أو قول ترك لوعة في قلب أحد منكم؟
- على ما أتذكر أنني وأولادي وزوجتي كنا نكن لها كل الإحترام والتقدير من بداية زواجنا الثلاثيني حتى لحظة الوداع.
- كيف كانت علاقة والدتك بكنتها والحال أنه غالبا ما تكون العلاقة متوترة بينهما؟
- العلاقة طيبة وهي كانت على ما يرام حسبما أعلمه من خلفيات زوجتي الثقافية فإنها بعيدة عن القيل والقال، وهي قائمة على أساس الإحترام المتبادل بل المبالغ فيه في بعض الأحايين.
- كيف كانت بدايات العلاقة بينهما؟!
- وبعد أن فكر هنيهة تذكر قائلا: في الأيام الأولى لزواجنا طلبت الوالدة قدحا من الشاي، فبادرت بإحضاره بنفسي وعندما قدمته إليها قالت لماذا لم تقدم زوجتك الشاي لي، فأجبتها بأنها مصابة بوعكة ألا ترين أنها مستلقية بالقرب منك؟! فصرخت الوالدة نحن لم نأت بالكنة إلى البيت إلا لخدمتك وخدمتي ورغما عنها ينبغي أن تأتيني هي بالشاي، قامت زوجتي من فراشها بالرغم من علتها وذهبت إلى المطبخ وهي تكفكف دموعها وأحضرت الشاي وقدمته لوالدتي من دون أن تنبس ببنت شفة!!
- هنا انتفض رجل الدين قائلا: إن ما رأيته في القبر هو سببا لتلك اللوعة والجرح الذي خلفه كلام والدتك لكنتها طيلة الفترة السابقة، اطلب من زوجتك بأن تعفو وتستغفر لها عسى أن يرفع عنها عذاب القبر وأهوال الآخرة وهي بلا شك آلم منه وأخزى.
- مولانا هل أعد الله سبحانه للذي يجرح الآخرين بلسانه كل هذا العذاب؟
- نعم وأشد من ذلكأما سمعت الحديث القائل: (وهل تكب الناس على مناخرهم فى النار إلا حصائد ألسنتهم ! فمن أراد السلامة فليحفظ ما جرى به لسانه، ويحرس ما انطوى عليه جنانه، ويحسن عمله، ويقصر أمله).
- وهل ينطبق هذا الكلام على الوالدة وعلاقتها حيالنا؟!
- نعم إن الأحكام تطبق على جميع المكلفين، ومثلما حفظ الله سبحانه تعالى احترام الوالدين والإحسان اليهما أوجب عليهما كذلك احترام أبناؤهم ومن يلوذ بهم دونما إيذاء سواء بغيبة أو نميمة أو غيرهما وسواء صدر من الأبن حيال أبويه أو بالعكس، فكل هذه الأمور محرمة ينبغي الإجتناب عنها، والله سبحانه إنما يثيب باللسان ويعاقب به.
- هل من المعقول إن هذه اللحمة الصغيرة تقرر مصير الإنسان لاسيما في الآخرة؟!
- اعلم إن اللسان من أجل نعم الله تعالى إذ به تميز الإنسان عن سائر الحيوان وهو أفضل الحواس جميعها فإن العين لا تصل إلى غير الألوان والصور، والأذن لا تصل إلى غير الأصوات، واليد لا تصل إلى غير الأجسام وكذلك سائر الأعضاء، واللسان رحب الميدان ليس له مرد ولا لمجاله منتهى ولا حد، فله في الخير مجال رحب، وله في الشر مجر وسحب، فمن أطلق عذبة عنان لسانه ساقه إلى شفا جرف هار إلى أن يضطره إلى البوار، فلا ينجى منه إلا أن يقيد بلجام الشرع ولا يطلقه إلا فيما ينتفع به في الدنيا والآخرة، فإن الرسول الكريم قال: من صمت نجا.
- الذنوب كلها تودي بمقترفيها إلى المصير المخزي والمحتوم، فما الأثر الذي تخلفه آفة اللسان لإفراده دون غيره من المرديات؟!
- التجريح بالكلمات والعبارات النابية من مكدرات المعاشرة الإجتماعية يصيبها بسهام مسمومة قاتلة لا يندمل جرحها وإن مرت سنوات، لأنه - وبكل بساطة - يشبه الأثر في الآنية المتكسرة لن تستطيع ترميمه ولا إخفاء عيبه وتكون فضلا عن ذلك مهددة بإعادة التكسر لكن هذه المرة لن يملك أحد لها إصلاحا، يقول الشاعر:
وقد يرجى لجرح السيف برء *** ولا برءٌ لما جرح اللسان
|
|
|
|
|