|
عضو مميز
|
|
|
|
الدولة : العـــــــــــــراق
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
المنتدى :
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
تفسير آيةلولا ينهاهم الربانيون والأحبار
بتاريخ : 16-Mar-2010 الساعة : 07:34 PM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
: تفسير آية
قال تعالى في الآية 63من سورة المائدة : ( لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون)
يجد المتدبّر أن في هذه الآية عتاب مشحون بالإنكار متوجّهٌ إلى طائفتين هما: (الربانيون) و(الأحبار) ، فلنأتي أولاً للتعرّف على معنى هاتين المفردتين .
الربانيون : مفردها(ربّاني) وهي مأخوذة من الربا أي بمعنى الزيادة . قال العلامّة الطريحي في المجمع:(قوله : [والربّانيين] /المائدة :44أي الكاملون العلم والعمل. قال أبو العباس أحمد بن يحيى : إنما قيل للفقهاء الربانيون لأنهم يربون العلم،أي يقوّمونه. وفي الكشاف : الرباني شديد التمسك بدين الله تعالى وطاعته .وفي القاموس الرباني: المتألّه العارف بالله تعالى. وقال الطبرسي : الذي يربي أمر الناس بتدبيره واصلاحة ) .
أقول: لا غنى لأي مجتمع بشري عن هؤلاء الربانيين ،فهم قادتهم وسادتهم ،والناس يتبعونهم فيما هم عليه .
فلو صلح هؤلاء صلحت الرعيّة ،أمّا لو فسدوا فانّ الرعية تكون فاسدة بلا ريب .
الأحبار: جمع(حـَبْر) أو(حـِبْر) والمعنى العام هو العالـِم العارف ،ولكن انصرف معنى هذه اللفظة إلى علماء اليهود ، وهو انصراف غير صحيح . وقد جاء في الحديث عن ابن عباس أنه حبر الأمة وترجمان القرآن . وقد سمعت من أحد الدكاترة أن هذا الحديث هو من صنع المنصور العبّاسي وهو ما يبعث على العجب .
أما معنى الأداة (لولا) في المقام فهي بمعنى هلاّ التي تفيد الاستحثاث .
أما القائل للإثم والآكل للسحت فهو ليس من الربانيين أو الأحبار؛ بل هم جماعة أخرى غيرهم على حدّ تعبير الآية السابعة والخمسون من نفس السورة وهم : الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار ، فضلاً عن صفاتهم الأخر التي ذكرتها الآيات اللاحقات لغاية الآية الثانية والستين التي جاء في ذيلها : لبئس ما كانوا يعملون . ومعنى ذلك أن قول الإثم وأكل السحت فعلين لهم لا للربانيين ولا للأحبار ،بمعنى آخر أن التابعين هم الذين يقولون الإثم ويأكلون السحت . أما الربّانيون والأحبار فهم قادة أولئك .
وأما (الصنع) المأخوذ من ذيل الآية : لبئس ما كانوا يصنعون انما يعنى أن هذا الصنع يلتحق بالربّانيين وبالأحبار بعدما كان الفعل المذكور في الآية الثانية والستين من سورة المائدة يلتحق بالمنافقين والكفار. والصنع المقصود هو النهي عند قوله : ينهاهم ، ذلك أن وظيفة النهي عن المنكرات هي وظيفة العلماء كونهم يعلمون بالمنكر فينهون عنه ،لكن هؤلاء ساكتون عن ذلك فاستحقوا التوبيخ العريض الطافح من الآية .ولا يخلو المقام من تعجّب جرّاء سكوتهم وعدم قيامهم بواجبهم الإلهي باعتبارهم قادة الأمة بما عندهم من العلم والدراية .حتى وكأنّ الآية تريد أن تقول : لماذا لا ينهى الربّانيون والأحبارُ الناسَ الذين يقولون الإثم ويأكلون السحت وهم كذلك أي ربانيين وأحبار ؟
والعجيب أن طائفة من المفسرين يجعلون اليهود مصداقاً أوحداً لهذه الآية باعتبار ألفاظها ، ويقصرون مورد السحت على الرُّشا والإثم على الظلم ، والحال أن الآية تقدم مفهوماً عاماً يستغرق جميع النماذج المماثلة لما ذكر في روايات أسباب النزول .
ويُستفاد من الآية أن العلماء هم قادة المجتمعات في كل حين ولذا جاء في الحديث الشريف :إذا ظهرت البدع في أمتي فعلى العالـِم أن يظهر علمه فإن لم يفعل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .
وبلغة اليوم أقول: أن على قادة الرأي في المجتمع أن يعوا هذه الحقيقة القرآنية وهي أن الله تعالى سائلهم عن هذه المنحة التي منحها لهم ويحملّهم تبعة تسافل التابعين لهم نتيجة سكوتهم عن فعلهم المنكر .
لكن الذي يمكن أن يقال أن التابعين الذين ذكرت الآية أنهم يقولون الإثم ويأكلون السحت هم رؤوس التابعين لا سَوَقتهم . وأما مورد قول الإثم في زماننا هذا فينصرف إلى ما تسوّقه الأجهزة الإعلامية المتنوعة من أكاذيب وتشويه للحقائق من أجل أن تزداد مساحة التغييب أكثر فأكثر . أما أكل السحت فلا يعني في الوقت الحاضر إلاّ الاستحواذ على مقدرات الآمة وثرواتها التي تمارسها الحكومات الحالية التي ترعى مثل أولئك الربانيين والأحبار الذين يشيعون بين الأمّة ثقافة السكوت عن الحاكمين عند قولهم الإثم وأكلهم السحت عِياناً بدعوى أنهم أولو الأمر الذين أمر القرآن طاعتهم .
إن قادة الرأي عبر التأريخ الإنساني لعبوا دوراً فاعلاً في حمل الجماهير التي يقودونها باتجاه الوقوف بوجه الأنبياء والرسل عليهم السلام والقادة المصلحين من أجل خذلانهم وإفشال مشاريعهم التي تباركها السماء في كلّ حين ، وهم لاشكّ يتعاطون أجراً يحصلون عليه من الحكّام السياسيين جرّاء سكوتهم عن اقتراف المنكر ومداهنتهم لأهله ؛ لذا نجد أن الآية تشدد عليهم النكير لتقاعسهم عن حمل تابعيهم على إتيان الإثم والسحت وبالنحو الذي جاء فيها .
هذا وقد يكون من موارد النكير هو تسميتهم بالربّانيين وبالأحبار نكاية بهم .
وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربّ العالمين
|
آخر تعديل بواسطة جارية العترة ، 16-Mar-2010 الساعة 10:39 PM.
|
|
|
|
|