[منتظرة المهدي]

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم .

الجنة والنار

عن أمير المؤمنين : ( ما خير بخير بعده النار ، وما شر بشر بعده الجنة ، وكل نعيم دون الجنة محقور ، وكل بلاء دون النار عافية ) .

إن من روائع كلمات حكم أمير المؤمنين هي هذه الكلمات النيرة بيد أيدينا ، وسنتطرق من خلالها إلى مختصر من الحديث عن الجنة والنار .

أولا : الجنة و أقسامها :

1- الجنة بالمفهوم الظاهري ( العام ) .
وهي كما يصفها ظاهر القرآن الكريم في آيات كثيرة بجنات تجري من تحتها الأنهار ، وهذه الأنهار متعددو الصنوف والأشكال ، فنهر من خمر وآخر من لبن وغير ذلك مما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ، وهذا الوصف هو باعتبار التقريب إلى أذهان الناس وحسب مستوياتهم ، أما الحقيقة ففي الجنة ما لا يخطر على قلب بشر .
2- جنة اللقاء :

وهي التي يفهمها أولئك الناس الذين يقول عنهم الحديث الشريف ( إن روح المؤمن لأشد اتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها ) .
وعلى سبيل المثال : من يحب إنسانا حبا جما فلا ينتفع بما يعطيه مهما غلا ثمنه وعظمت قيمته ، مع علمه بسخطه عليه ، وبالعكس لو منعه كل شيء فلا يضر ذلك علمه بحبه له ، وفي رسالة الحق إلى أهل الجنة خلاصتها : ( من الحي الأبدي الذي لا يموت إلى الحي الأبدي الذي لا يموت ، إذا أردت شيئا قلت له كن فيكون جعلتك هذا اليوم في مستوى إذا أردت شيئا قلت له كن فيكون ) .
ولكل من هذين القسمين درجات ومراتب ، أما القسم الأول فتتضح المراتب فيه من خلال أحاديث كثيرة نكتفي بذكر واحد فقط عن الإمام علي : ( إن أهل الجنة ليتراءون منازل شيعتنا كما يتراءى الرجل منكم الكواكب في أفق السماء ) .


وكذلك القسم الثاني فإن درجات القرب إلى الله تعالى تختلف بحسب أعمال المرء في عالم الدنيا .

وأفضل شيء في الجنة هو شعور المؤمنين برضا الله تعالى عنهم كما ورد في القرآن الكريم { وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنت تجري من تحتها الأنهار خلدين فيها ومسكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم } .

وكما ورد عن الإمام زين العابدين أنه قال ( إذا صار الجنة في الجنة ودخل ولي الله إلى جنانه ومساكنه ... إن الجبار يشرف عليهم فيقول لهم : هل أنبئكم بخير مما أنتم فيه ؟) .

فيقولون : ربنا وأي شيء خير مما نحن فيه ؟ ... رضاي عنكم ومحبتي لكم خير وأعظم مما أنتم فيه ....)

ثانيا : النار وأقسامها :


1- نار الأعمال :
وهي الصورة الملكوتية لكل عمل سيء وبالعكس العمل الصالح ، ممكن أن تكون هناك أيضا جنة الأعمال ، وهذه النار أبرد من جميع النيران .

2- نار الملكات :
وهي لأولئك الذين تحولت المعاصي عندهم إلى ملكوت ولا يمكن تصور هذه النار لعدم إمكان تصور تلك الملكات ، وهي تظهر يوم القيامة ومن شدتها أن أهل النار يفرون من حرها ، كما روى عن الإمام الصادق ( فإن جهنم لواديا للمتكبرين يقال له سقر ، شكا إلى الله عز وجل شدة حره وسأله أن يأذن له أن يتنفس فأحرق جهنم ) .

3- نار الكافر :

وهي التي يقول القرآن بأنها أعدت للكافرين وهي أشد من تلكما النارين .
ومن الممكن أن تصيب المؤمن أيضا لأنه ما لم يتب يتحول شيئا فشيئا إلى الكفر وأوله الخطئية { بلى من كسب سيئة وأحطت به خطيئته } . لذا نرى أئمتنا كانت تتقطع قلوبهم عند ذكر الله تعالى والمناجاة ، فنرى مولانا أمير المؤمنين عندما جاءه عقيل يسأله شيئا من بيت المال حمى له حديدة وأدناها منه وقال له ( أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعب ، وتجزني إلى نار سجرها جبارها لغضبه ، أتئن من أذى ولا أئن من لظى ) .
وهذا الحسين في عرفة كان يقول وأول ما يبتدي بقوله ( الحمد الله الذي ليس لقضائه دافع ولا لعطائه مانع ولا كصنعه صنعن صانع إلى أن يقول إلهي أسألك حاجة إن أعطيتنيها لا يضرني ما منعتني وإن منعتنيها ما أعطيتني أسألك فكاك رقبتي من النار ) .

وهناك تقسيم آخر روي عن الإمام الباقر لنار جهنم وقد قسمها إلى سبع دركات : ( أولها الجحيم والثانية : لظى والثالة : سقر ، والرابعة الحطمة ، والخامسة : الهاوية ، و السادسة : السعير ، والسابعة : جهنم وفيها الفلق وهو جب في جهنم إذا فتح أسعر النار سعرا ، وهو أشد النار عذابا ) .