عضو
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
المنتدى :
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
اعلم
بتاريخ : 21-Oct-2007 الساعة : 03:20 PM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقال للعلامة المهتدي نقلاً عن كتابه (100 سؤال وجواب فيما يحتاجه الشباب)
إعلم ـ وفّقك الله ـ أنّ شهر محرم قد حرّمته الجاهلية قبل الإسلام بأن تبتدأ فيه الحرب وتُسفك فيه الدماء, وجاء الإسلام الذي هو السِّلم كافّة, فأكبر هذه الحُرمة وزيّنها بأعمال عظيمة, وجعل لها ثواباً عظيماً, ورغّب المسلمين إلى ذلك تكريساً للسِّلْم والصُّلْح وافرازاته البناءة, وكان رسول الإسلام محمد (ص) قد دعى فيه إلى الخير, وعيّنه مبدأ سنته الهجرية تتويجاً للأشهر الكريمة الأخرى. ولكن آل حرب (من بني أمية) لم يلتزموا حتى بجاهليتهم, فبالغوا في انتهاك حرمة هذا الشهر الحرام, وفتكوا بأقرب حبيب لرسول الله (ص) وأحبّ سبطٍ إلى قلبه الكبير النابض بحبّ الأمة.. فقد قتلوا حسيناً فلذة كبده بأبشع قتلة, واوحش طريقة واقبح مثلة, لم يذكر التاريخ مجزرة كالتي صنعها يزيد بن معاوية في العاشر من محرم عام (61 هـ).
واعلم ـ رحمك الله ـ أنّ المواساة للنبي, وابنته فاطمة, وخليفته علي بن ابي طالب, والمنتقم الموعود, وكل الذين أحزنتْهم هذه المصيبة الأليمة أمر في غاية الحكمة والتعقّل وقد دعى إليه القرآن, وسنة الرسول, والعترة الطاهرة, وسيرة الصلحاء والأوفياء, واصحاب الولاء في طول التاريخ, فلا تفوتك المشاركة في مجالس العزاء ولا تَبْخَل على نفسك بدمعةِ البكاء, فإنها تُطفِئ النار وترويك يوم العطش الأكبر.
واعلم ـ هداك الله ـ أنّ للمواساة مع الطيّبين الذين قُتِلوا واوذوا لأجل هدايتك آداب.. فمن تلك الآداب أن لا تَضْحَك في شهرٍ قد أبكاهم بدل الدموع دماً, ولا تتزيّن والطاهرون من الرجس في عزاءٍ, إذهب إلى المآتم واستمع بإصغاء جيد وتواضع خاشع إلى احاديث اهل البيت (ع) التي قالوها في هذه المناسبة الحزينة. وشارِك في كل عملٍ حسيني لإحياء ذكرى ما مرّ على بهجة قلب المصطفى واهله وعياله في أرض كربلا, فتُعلِن البراءة ممّن اجْرَوا ذلك الظلم الفجيع عليهم, فالبراءة من أعداء الله والرسول واولي الأمر ـ المعصومين ـ شرط الولاء لهم وهو شرط العروج إلى الله تعالى.
واعلم ـ نوّرك الله ـ أنّ فلسفة العزاء تكمُن في إعلان المودّة للقربى, والوقوف مع ظُلامتهم بوجه أهل العدى, ولا تجهل ما وعدك الله في هذا العمل الصالح مِن أجرٍ ومكرمات, فإنه الأساس في قبول الطاعات.
ثم أشْعِر نفسَك أنك صاحب عزاء حقيقي, وكأنّ عزيزاً عليك قد فقدتَه قبل ساعة, فإنك بهذا الشعور إنْ تحرّكتَ مع أيام هذا الشهر صِرْتَ ممّن أدرك فلسفة العزاء الحسيني, وتفاعل مع اشاراتها الهادية إلى مفاهيم الوفاء, وعند ذلك دَعِ الذين لا يتفاعلون مع رسالة النُبَلاء ومظلومية الشهداء...
واعلم ـ ثبّتك الله ـ أنّ الإنسان كلّما حَلّق بروحِه وفكره إلى أعلى درجات المعاني الغيبية كلّما استطاع كشف حقائق موصلةٍ له إلى الرُّتب العالية, والعكس صحيح أيضاً. فلا تكن ممّن أضلّهم الله فاسودّتْ قلوبُهم قبل أن تسود وجوههم يوم تُبلى أمام الأشهاد سرائرهم, فذلك لأنهم تفاعلوا مع العقل الظاهري ففهموا الأمور بسطوحها المادّية, ولم يفتح الله عليهم أبواب العقل المعنوي وعجائبها العميقة وقلوب البصيرة, وهذا ما أرادوه لأنفسهم ولم يكن ربَّك بظلّام للعبيد.
واعلم ـ شرّفك الله ـ أنّ الإسلام وَصَلَنا على ظهر سفينة الحسين (ع) فمَن أخَذَه منها نجى من أمواج الفتن المتلاطمة, ومَن أخذه من غيرها خاب وخسر, ثُمّ لا يلومنّ إلا نفسه.
فيا أيها الشيعي خُذْ بيدك مصباح الهدى واركَبْ سفينة الحسين ولا تخشى, ثُم تَفَكّرْ كيف تُوصِّل الآخرين إلى هذه السفينة الناجية فتُبلِغهم معك إلى شاطئ النجاة في يوم لا ينفع الظالمين معذرتُهم ولا ينفع الجاهلين ندامتهم.
وأخيراً.. إعلمْ وتيقّن أنّ الحق رفيق المتواضعين له, فإياّك أن تتكبّر وتكون ممن يناقشون الحق وأهله بأدوات لا ولن تصل مستوى الكشف. إنما الحق يُعرَف بالحق, وأهلُهُ يُكشَفون بأدوات الحق فقط.
وختاماً.. نحن رَكْبُ (المجانين) قد أقْسَمْنا السير مع الحسين (ع), فمَن كان حُبّ الحسين (ع) قد أجنّه فَلْيَرحَل معنا فإنّا راحلون.. وليخسأ الجاهلون.. (وقُلِ اعْمَلوا فسيرى اللهُ عًمًلًكُم ورسولُه والمؤمِنُون).
|