|
عضو مميز
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
المنتدى :
إضاءات من نور المراجع والعلماء
\\|توصيات شهر رجب ......
بتاريخ : 21-Jun-2010 الساعة : 09:08 PM
![](http://www.mezan.net/forum/salam/6.gif)
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
هو العليم
توصيات سماحة آية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني بخصوص شهر رجب و ليلة الرغائب
مقطع من المحاضرة الحادية و الأربعين من سلسلة محاضرات شرح حديث عنوان البصري
سماحة آية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني
__________________________________________________ _____________
أعوذُ بالله منَ الشيطانِ الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين
ولعنةُ الله على أَعدائِهم أجمَعين
تم انتخاب النص التالي من المحاضرة الحادية و الأربعين من سلسلة محاضرات شرح حديث عنوان البصري، و يتحدث هذا المقطع عن خصوصيات شهر رجب و أعماله بالإضافة إلى أعمال ليلة الرغائب، و لأهميّة هذا الموضوع فقد قمنا بانتخاب هذا القسم من المحاضرة و عرضه للأخوة المؤمنين:
شهر رجب أهم للسالك حتى من شهر رمضان
لقد اقتربت أيّام شهر رجب، و قد كان دأب المرحوم الوالد (العلامة الطهراني) – رضوان الله عليه – أن يتحدث في مثل هذه الأيام عن شهر رجب، فقد كان يجمع رفقاءه و يبيّن لهم أهمية شهر رجب و يوصيهم بالاهتمام به.
و الذي رأيناه حتى بدون الالتفات إلى الروايات و الأحاديث الواردة في فضيلة شهر رجب من خلال تجربتنا الشخصيّة و من خلال ما تفضل به المرحوم الوالد – رضوان الله عليه – و جميع العلماء العظام ، أنّهم كانوا يهتمّون بشهر رجب أكثر من بقيّة أيّام السنة كلّها، حتّى أنّ هؤلاء العظماء كانوا يهتمّون بشهر رجب أكثر من شهر رمضان المبارك و كانوا يقولون أنّ شهر رمضان لعامّة الناس أنفع، أمّا شهر رجب ففائدته لسالكي طريق الله بالخصوص أكبر و التأثيرات التي يتركها في نفس السالك أعمق و آثاره أساسيّة أكثر من تأثيرات أيّام الله الأخرى من شعبان و رمضان و كذلك ذو القعدة و العشرة الأولى من ذي الحجة ، مع كلّ ما في هذه العشرة الأولى من ذي الحجة من الجذبات و التجلّيات العظيمة، مع كلّ هذا فشهر رجب أهمّ منها جميعاً.
العلامة الطهراني كان يوصي بتشديد المراقبة في شهر رجب
و قد كان ملحوظاً أنّ نفس العلامة –رضوان الله عليه- كان يتغيّر في هذا الشهر بشكل واضح سواء في نمط حياته أو أعماله الخاصة، و كان يوصي رفقاءه و أصدقاءه بزيادة المراقبة في هذا الشهر و كان يقول: شهر رجب شهر إلهي، و في شهر الله يجب ألّا يسمح الإنسان لغير الله بالدخول، ويجب على الإنسان في هذا الشهر أن يزيد مراقبته، و يجب أن يضبط لسانه في الكلام فلا يتحدّث بأيّ شيء، و لا يتكلّم بكلّ موضوع، إذ في هذا الشهر حتّى الكلام في المسائل العاديّة، حتّى الكلام العادي مضر، و كلّما زاد سكوت الإنسان و سكونه في هذا الشهر كلّما زادت وارداته، فالملائكة لا تدخل إلى المكان المليء بالاضطراب و التشويش، بل تأتي إلى المحل الساكن الهادئ، أمّا المكان المليء بالتخيُّل و الأوهام و جولان الفكر فلا ... (فلان قال كذا ... و ذاك قال كذا، و فلان قال لي كذا ، و لماذا يقول عني هذا الكلام ؟ و أنا رددت عليه بكذا .. و سأقول له كذا ..) مثل هذا الكلام لا ينفع في شهر رجب، و إذا دخل الإنسان إلى شهر رجب بهذه التصورات و الأوهام فلن يكون له أي نصيب منه.
و لذا فأوّل شرط كان يذكره المرحوم السيّد الوالد هو أن يطهّر الإنسان قلبه من كلّ ما فيه، و بغير هذا فلا فائدة ترجى، و مهما قام بالأذكار فلن يستفيد، و مهما توجّه فلن ينتفع، لماذا؟ لأن هذا التوجّه و الذكر ليس إلا توجّهاً و ذكراً صوريا لا عمق له، عمقه و باطنه خراب و تشويش، باطنه الأهواء النفسيّة و التوغّل في الكثرات، و لذا فلا فائدة فيه، إنّ مثل هذا العمل يظهر بصورة و ينتهي عند هذه الصورة لا أكثر.
و تبعا لذلك فأوّل ما يجب على السالك أن يفعله هو أن يتصوّر نفسه أنّه قد وُلد لتوّه في شهر رجب، هل لدى الطفل حديث الولادة أعداء؟ أصلاً هو لم يقترف شيئاً في هذه الدنيا كي يعادي أحداً. هل انتقد أحدٌ هذا الرضيع ؟ هل اغتابه أحد؟ لا طبعاً، فهو قد ولد لتوّه و لم يجد الفرصة أصلاً ليكوّن أصدقاء و لا أعداء، لم يضرب أحداً و لم يقلل من احترام أحد، و لم يقلل أحد من احترامه، فهو أصلاً لم يبنِ أيَّ علاقة بأحد. و هكذا على الإنسان أن يتصوّر أنّه قد ولد في شهر رجب و كما أن قلب الطفل خالٍ من كل شيء فهو كذلك عليه أن يفرّغ قلبه من كل شيء.
الطفل لا يفهم شيئاً إلّا أنّه عندما يجوع فإنه يبكي حتى يشرب الحليب، و غير هذا فلا يفهم شيئا ولا حتّى أمّه، بلى، هو عنده إحساس خاص بها ، و لكن غير هذا فلا ... فهو ليس عنده حقد و لا بغض و لا حسد ، ليس عنده حسابات و لا أي شيء. و لهذا كان المرحوم العلّامة يقول أنّ الرضيع فانٍ حتّى يمضي من عمره بضعة أشهر، فليس عنده أيّ تعلّق بالكثرات، فإذا أردتم أن تنظروا إلى الفناء فانظروا إلى الطفل الرضيع. هل ترون عنده حقداً؟ أبداً، على من يحقد؟! هل يبغض أحداً؟ كلّا، أبدا ً، هو فقط كلّما جاع يبكي، و هل الإنسان الفاني غير هذا؟ لا يوجد في قلبه حقد و لا حسد، لا يوجد في قلبه تعلّق بالدنيا و لا بالماديّات و الكثرات، لا يتعلّق بهذا الشخص و لا بذاك، و ليس شخصا نفعيّاً.
افرضوا أنّنا قلنا لطفل رضيع: يا سيّد! لقد وقع زلزال في المنطقة الفلانيّة، و قد حصل فيها دمار كبير؛ فإنّه أصلاً لن يفهم و سيجيب: عزيزي، ماذا تقول؟ أنا جائع، أريد حليباً، لأرضع و أنام. فإذا قيل له: يا سيّد الشخص الفلاني صار نائباً، و فلان صار كذا ..، فإنه سيجيب: يا عزيزي، أعطني حليبي لأرضع، فهذه الأمور تخصكم أنتم، بارك الله لكم فيها.
إنّ حاجته للتعلّق بالمبدأ هي فقط المحفوظة و الباقية و كلّ شيء سواها لا شيء بالنسبة له، و هكذا الإنسان الفاني ليس عنده إلّا التعلّق بالمبدأ و لا يوجد شيء في نفسه سوى ذلك. و الفرق بين الرضيع و بين الفاني أن الرضيع عندما يأتي إلى هذا العالم فإنّ الكثرات ستُقبل عليه من كلّ جانب و ستزداد تعلّقاته بها يوماً بعد يوم، أمّا الفاني فعندما يصل إلى مرحلة البقاء بعد الفناء فإنّه سيكون قد تخلّى عن كلّ شيء و لن يبقى عنده أيّ تعلّق بالكثرات. هذا هو الفرق، و نحن يجب علينا أن نرجع إلى هنا، أي إلى ذلك المكان الذي جئنا منه.
معنى الحديث (رجب شهر الله ..)
شهر رجب هو شهر الفناء في الله، هو شهر الله. قال الرسول الأكرم : (رجَبُ شَهرُ اللهِ و شَعبَانُ شَهرِي و رَمَضَانُ شَهرُ أمّتِي)، رجب شهر الله، شعبان شهري و المقصود من ذلك الولایة و رمضان شهر أمتي، شهر عموم أمّتي. أي یتحقّق في شهر رمضان ارتباط خاص بین النفوس و بین الله تعالی بحیث یصدق علیه أنّه شهر الأمّة. لكن رجب هو شهر الله، و أن یكون رجب شهر الله یعني حصول حالة خاصة فیه بحیث لا یستفید منها إلّا أهل الله، لا غیرهم؛ استفادة الآخرین ضعیفة، أهل الله هم الذین یُمكنهم فهم و إدراك هذا الشهر؛ یعني أنّ جذبات المقام الربوبي و التوحیدي و بوارق التوحید التي یتقلّب فیها السالك فتقطع تعلّقه بحمیع الأشیاء و توجّه نظره نحو حقیقة التوحید فقط و تخلّصه من جمیع تلك المفرِّقات و الفروع و التشعّبات و التعلّقات و الارتباطات، كلّها تحصل في شهر رجب. و حتّی شهر رمضان لا یقوم بهذا العمل؛ شهر رمضان هو شهر الرحمة، شهر البركة، شهر الانشراح، شهر الغفران، و الله تعالی یغفر فیه كلّ شيء. أمّا ذلك العمل البنیوي و الأساسي فهو لشهر رجب. السالك لا یهمّه غفران الذنوب، فغفران الذنوب هو أوّل شيء نتوقعه من الأئمة و الشفعاء و ذلك بأن یأتوا و یشفعوا لنا. ما ینفع السالك لیست هي حالة الانبساط و ما شابهها، لیست هي حالة البهجة، و هذا لا یعني أنّها أمور سیّئة، بل هي جیّدة كما أنّها لیست في متناول كلّ أحد، لا تتوهموا ذلك، لكن ما یهمّ السالك الحقیقي الذكي الذي یرید أن يتخلّى عن كل شيء في سبیل الله و أن یغضّ الطرف عن كل شيء و یأتي إلی حرمه أشعثَ أغبر عاري الرأس و حافي القدمین؛ فلا یكون هناك معنی لمغفرة الذنوب و الانشراح و البهجة و غیرها، إنّ ما یطلبه هو نار تشعل وجوده و تحیله إلی رماد، هذا هو الأمر الذي یهمّ السالك و هو متحقّق في شهر رجب، و لهذا یُسمّی رجب بشهر الله.
تأثير العلاقات الاجتماعية في نفس السالك
إنّ أوّل شيء كان یأمر به السيّد العلّامة رضوان الله عليه لكي یستعدّ الإنسان لشهر رجب هو تشديد المراقبة، فعلی السالك أن یزید في مراقبته، یزید في سكوته، ویكتفي في ارتباطه بالنّاس بالحدّ الأقلّ من التواصل و المعاشرة، فلا یتحدّث مع كلّ شخص كیفما كان ، فنفوس العُصَاة تترك أثرها علی الإنسان عند الارتباط بها، كلّ شيء یترك أثره الخاص سواء رغبت في ذلك أم لم ترغب. فالذهاب إلی كلّ مكان و الالتقاء بكل شخص كیفما اتفق أمرٌ غیر صحیح. و علی العكس من ذلك، فإنّ زیارة المرضی و عیادتهم و قضاء حوائجهم تسرّع من سیر الإنسان، صلة الرحم تسرّع ذلك، إذا أصلح الإنسان النزاع الموجود بین شخصین فإنّ لذلك أثرٌ عجیب جداً. كان رضوان الله عليه یقول -ولمرّات عدیدة-: إنّ السعي في إصلاح ذات البین؛ یمكن أن يفتح بعض الأبواب الموصدة في وجه الإنسان. إنّ لإصلاح ذات البین أثراً عجیباً جداً، إصلاح ذات البین یعني: أن یطرد الإنسان الشیطان الموجود بین شخصین ویُحلّ الله تعالی محله، هذا هو معنی إصلاح ذات البین.
|
|
|
|
|