اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الأثار المترتبة على الأخلاق الحسنة
من الآثار العظيمة التي تترتّب على حسن الخلق :
الأثر الأوّل : تكامل الإيمان :
ذلك لأنّ الدين الإسلامي في نظر أهل البيت ( ) ليس مجرد علاقة بين العبد وربّه ، وإنّما هو علاقة بين العبد وبين أخيه العبد ، ولم تتم علاقة الإنسان مع ربّه لم تقبل أعماله وعباداته إلاّ إذا تمّت علاقة مع أخيه الإنسان .
عن الإمام الباقر ( علية السلام ) : ( إنّ أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ) .
وفي الخبر ذكرت امرأة عند الرسول الأكرم ( ) وأحسن الثناء عليها من جهة صيامها وقيامها ، فقال الرسول ( ) : ( كيف تعاملها مع جيرانها ) ؟ قيل : هي امرأة تسب وتشتم ! فقال ( ) : ( لا حاجة لله في قيامها وصيامها).
يقول الإمام الصادق ( ) : ( من أراد أن يعلم أقبلت صلاته أم لم تقبل ، فلينظر هل منعته عن الفحشاء والمنكر ، فبقدر ما تمنعه تقبل منه ) .
الأثر الثاني : مضاعفة الحسنات وغفران السيئات :
قال رسول الله ( ) : ( إنّ صاحب الخلق الحسن له مثل أجر الصائم القائم ) .
وعنه ( ) : ( ما يوضع في ميزان أمرئ يوم القيامة أفضل من حسن الخلق ) .
وعن الإمام الصادق ( ) : ( ما تقدّم المؤمن على الله عز وجل بعمل بعد الفرائض أحب إلى الله تعالى من أن يصنع الناس بخلقه ) .
وعنه ( ) : ( إنّ الخلق الحسن ليميت الخطيئة كما تميت الشمس الجليد ) .
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الأثار المترتبة على الأخلاق الحسنة (2)
ومن الآثار العظيمة التي تترتّب على حسن الخلق :
الأثر الثالث : السعادة الأبدية من خلال الفوز بالجنّة والنجاة من النار:
قال رسول الله ( ) : ( أكثر ما تلج به أمّتي الجنّة تقوى الله وحسن الخلق يعمّران الديار ويزيدان في الأعمار ) .
وجاء في الأثر أنّ الله تعالى أدخل كافراً الجنّة لأنّ أربعين رجل شهدوا له بحسن الخلق .
وقد قال العارفون قديماً : حسن الخلق حسنة لا تضر معها كثرة السيئات ، وسوء الخلق سيئة لا تنفع معها كثرة الحسنات .
والسؤال الذي نحاول الإجابة عليه من خلال هذه السطور المتواضعة : لماذا تترتّب على الأخلاق الحسنة مثل هذه الآثار العظيمة ؟
إنّه ومن خلال معرفة قيمة الأخلاق في نظر الإسلام يتجلّى لنا الجواب الأمثل على هذا السؤال ، ففي نظر الدين الإسلامي لا تشكّل الأخلاق الحسنة جانباً مهمّاً من جوانب الدين فحسب ، وإنّما هي تشكّل العمق والواقعية.
لماذا بعث الرسول ؟ ولماذا أنزل القرآن ؟ ولماذا ختمت الشرائع بشريعة الإسلام ؟ الجواب : يقول الرسول الأكرم ( ) : ( إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق ) .
وفي رواية : جاء رجل إلى رسول الله ( ) من بين يديه فقال : يا رسول الله ما الدين ؟ فقال : ( حسن الخلق ) ، ثمّ أتاه من قبل يمينه فقال : يا رسول الله ما الدين ؟ فقال : ( حسن الخلق ) ، ثمّ أتاه من قبل شماله فقال : يا رسول الله ما الدين ؟ فقال : ( حسن الخلق ) ... ، وفي الخبر : الدين المعاملة .
فالدين الإسلامي وإن تركّب من أصول تشكِّل جانب الاعتقاد ، وفروع تشكّل جانب العمل ، إلاّ أنّه في نظر أهل البيت ( ) ينصهر مع حقيقة واحدة ، وهي حقيقة الخلق الحسن والنبيل .
الخلق الحسن الذي يمكن أن يظفر به الإنسان في علاقته مع الله تعالى من خلال معرفته ومعرفة صفاته وأسمائه ، ومن خلال الالتزام بتطبيق جميع أوامره ونواهيه ، وفي علاقته مع الناس من خلال ترك جمع الصفات السيّئة والاتصاف بجمع الصفات النبيلة والفاضلة .
... يتبع ...
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الأثار المترتبة على الأخلاق الحسنة (3)
رحابة التعاليم الأخلاقية :
ولأنّ الأخلاق الحسنة تشكّل عمق الدين ، والتعاليم الإسلامية تحث المسلم نحو حسن الخلق ليس مع إخوانه المسلمين فحسب ؛ بل حتّى مع المخالفين له في المنهج والاعتقاد ، يقول الله تعالى : ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة : 8 .
ويقول رسول الله ( ) : ( ألا ومن ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلّفه فوق طاقته ، أو أخذ منه شيئاً على غير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة ) .
وجاء في عهد الإمام علي ( ) : ( وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبّة لهم ، واللطف عليهم ، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم ، فإنّهم صنفان : إمّا أخ لك في الدين ، وإمّا نظير لك في الخلق ).
ويقول ( ) : ( يا مالك ، الناس ينقسمون إلى قسمين :
القسم الأوّل : وهم الذين يتّفقون معك في الفكر والعقيدة ، وعليك أن تحترمهم وتقدرّهم لوحدة الفكر والهدف .
القسم الثاني : وهم الذين يختلفون معك في العقيدة ، وعليك أن تحترمهم وأن لا تعتدي عليهم ، لأنّهم بشر يملكون مشاعر وأحاسيس ، فهم وإن اختلفوا معك في الاعتقاد إلاّ أنّ هذا الاختلاف يجب أن لا يكون مسوقاً لسوء الخلق ) .
وقال الإمام الصادق ( ) لشيعته : ( ردّوا الأمانة إلى أهلها وإن كانوا مجوساً ) .
وقال له أحد أصحابه واتباعه : وقع لي مال عند يهودي فكابرني عليه وحلف ، ثمّ وقع له عندي مال فهل آخذه عوضاً وأجحده وأحلف عليه كما صنع ؟ فقال الإمام ( ) : ( إذا خانك فلا تخنه ، ولا تدخل فيما عبته عليه ) .
أهل البيت ورحابة الخلق :
وقد سجّل لنا التاريخ وقائع كثيرة تتجلّى لنا من خلالها رحابة الإسلام في تعاليمه الخلقية ، فهذه أخلاق أهل البيت ( ) شاهدةً بعد أن جسّدت لنا معنى أن يحافظ الإنسان على قيمه وأخلاقه حتّى مع المخالف في المذهب والدين .
فقد شكا يهودي علي بن أبي طالب ( ) للخليفة عمر ، فقال عمر لعلي ( ) : قم يا أبا الحسن واجلس بجنب خصمك اليهودي ، ففعل الإمام علي ( ) وعلى وجهه علامة التأثّر ، فلمّا فصل عمر قال للإمام علي ( ) : أكرهت أن تساوي خصمك ؟
قال : ( لا ، ولكن تألّمت لأنّك ناديتني بالكنية ، فلم تساوي بيننا ، فخشيت أن يظن اليهودي أنّ العدل ضاع بين المسلمين ) .
وعن الإمام الباقر عن أبيه ( عليهما السلام ) : ( إنّ علياً ( ) صاحب ذمّياً ، فقال الذمّي أين تريد يا عبد الله ؟ قال : أريد الكوفة ، فلمّا عدل الطريق بالذمّي عدل معه علي ( ) .
فقال له الذمّي : أليس زعمت تريد الكوفة ؟ قال ( ) : بلى .
فقال الذمّي : فقد تركت الطريق ، فقال ( ) : علمت .
فقال له : فلم عدلت معي وقد علمت ذلك ؟ فقال ( ) : هذا من تمام حسن الصحبة ، أن يشيع الرجل صاحبه هنيهة إذا فارقه ، بكذا أمرنا نبينا ( ) ، فقال له : بهذا ؟ فقال : نعم .
فقال الذمّي : لا جرم إنّما تبعه من تبعه لأفعاله الكريمة ، وأنا أشهد أنّي على دينك ، فرجع الذمّي مع علي ( ) وأسلم ) .
وممّا ينقل في ذلك أنّ ابن عباس أمر غلامه بعد سلخ شاة أن يبدأ بجاره اليهودي ، وكرّر أمره له حتّى قال الغلام : كم تقول ذلك ؟ فقال : إنّ رسول الله ( ) لم يزل يوصينا بالجار ، حتّى خشينا أنّه سيورّثه .
ليس من العجب أن تتمتّع الشريعة الإسلامية بهذه التعاليم العالية ، فالخلق الحسن يشكّل واقع الدين ، والإنسان مطالب بحفظ دينه وتديّنه في كل الأحوال وعلى جميع الأصعدة في معاملاته وأخلاقه ، سواء كان التعامل مع الموافق في المذهب والاعتقاد أو لم يكن .
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
لو لم يكن للأخلاق الحسنة مكانة هظيمة لم يمدح رب العزة حبيبه المصطفى بها
أحسنت يا حبيب وهذا أملنا بكم
توقيع ماهرالصندوق
يا سائلي عن مذهبي وعقيدتي *** وتوجهي وعن الكرام أئمتي
أنا بالنبي محمد متعلق *** وبشطه أرسيت حمل سفينتي
وأبو تراب مفزعي وهو الوقا *** يوم الحساب إذا نشرت صحيفتي
وبفاطم أرجو الجواز على الصرا*** ط إذا ذنوبي أثرت في مشيتي
وإذا الجنان أبين أن يفتحن لي *** فأبو محمد الزكي وسيلتي
وبسيد الشهداء أرجو رفعة *** في جنة قد أزلفت للشيعة